إيرث كير مهمة أوروبية لدراسة السحب وفهم ظاهرة احترار الأرض
تاريخ النشر: 30th, May 2024 GMT
في مركز التحكم في دارمشتات بوسط ألمانيا، جلس موظفو وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) أمام شاشاتهم وهم في حالة تركيز شديد. فعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، كانوا يتدربون على إطلاق مهمة "إيرث كير" (EarthCARE) ويستعرضون جميع الأعطال الممكنة التي قد تحدث بعد إطلاق القمر الاصطناعي الذي يبلغ طوله حوالي 17 مترًا وعرضه 2.
ينبغي ألا يحدث أي خطأ، لأن الأمر يتعلق بمستقبل أبحاث الطقس والمناخ: "البيانات التي سنجمعها يمكن استخدامها لتحسين توقعات الأحوال الجوية"، كما يقول نيكولاوس هانوفسكي من إدارة مراقبة الأرض والبيئة التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية. لأنه لا يزال هناك الكثير من الألغاز، على سبيل المثال التأثير الدقيق للسحب على تغير المناخ.
أهمية دراسة السحب
وكان دومينيك جيّيرون، رئيس قسم مشاريع مراقبة الأرض في وكالة الفضاء الأوروبية، قد قال لوكالة فرانس برس "تُعد (السحب) من العناصر الرئيسية المساهِمة في طريقة تغير المناخ، ومن أقلها فهما".
والسحب هي ظاهرة متنوعة ومعقدة، ويعتمد تركيبها على مكان وجودها في طبقة التروبوسفير، وهي الطبقة الأدنى من الغلاف الجوي للأرض، وفق جيّيرون.
تبدأ طبقة التروبوسفير على ارتفاع نحو ثمانية كيلومترات فوق المناطق القطبية، لكن قرب خط الاستواء، تبدأ على ارتفاع نحو 18 كيلومترا. وهذا يعني أن السحب تؤثر على المناخ بشكل مختلف بحسب ارتفاعها وموقعها على خطوط العرض.
على سبيل المثال، تكون السحب الركامية البيضاء الفاتحة والتي تتكون من قطرات ماء، منخفضة جدا وتعمل مثل مظلة، ما يعيد عكس إشعاع الشمس إلى الفضاء ويبرد الغلاف الجوي.
أما السحب الرقيقة المكونة من بلورات جليد فتسمح للإشعاع الشمسي بالمرور عبرها ما يسبب رفع درجة حرارة الكوكب.
وقال جيّيرون إن السحب الرقيقة تحبس الحرارة مثل "البطانية". وبالتالي، أصبح فهم طبيعة السحب أمرا مهما للغاية، وفق سيمونيتا تشيلي، رئيسة برامج مراقبة الأرض التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية.
وسيصبح "إيرث كير" أول قمر اصطناعي لقياس التوزيع الرأسي والأفقي للسحب، كما أوضحت في مؤتمر صحافي.
محاولة فهم سبب احترار كوكب الأرض
وستركزّ أداتان من أدوات القمر الاصطناعي على السحب لاستكشاف أعماقها.
ستستخدم أداة "ليدار" ليزر نبضي لقياس السحب والهباء الجوي، وهي جزيئات صغيرة في الغلاف الجوي مثل الغبار وحبوب اللقاح أو الملوثات المنبعثة من البشر مثل الدخان أو الرماد.
ولفت جيّيرون إلى أن الهباء الجوي هو "بوادر" للسحب.
وسيخترق رادار القمر الاصطناعي السحب لقياس كمية المياه التي تحتويها، كما سيتتبع سرعة تحرك السحب عبر الغلاف الجوي، على غرار الطريقة التي تساعد بها الرادارات الشرطة في رصد السيارات المسرعة. وستقيس الأجهزة الأخرى للقمر الاصطناعي شكل السحب ودرجة حرارتها.
وستساهم كل هذه البيانات في إنشاء أول صورة كاملة عن السحب من منظور قمر اصطناعي.
وينتظر المجتمع العلمي هذه المعلومات بفارغ الصبر حتى يتمكن من تحديث النماذج المناخية التي تقدر مدى سرعة احترار الكوكب، وفق وكالة الفضاء الأوروبية.
وبالتالي فإن كمية الإشعاع الشمسي التي تخترق السحب قد تكون حاسمة لفهم ظاهرةاحترار الأرض الناجمة عن النشاط البشري والتخفيف من تأثيرها.
وتهدف المهمة إلى معرفة "ما إذا كان التأثير الحالي للسحب، وهو تبريد في الوقت الحالي، سيصبح أقوى أو سيتراجع". وقالت تشيلي "سيطلق برنامج إيرث كير في وقت أكثر أهمية مما كان عليه عندما تم تصوّره في العام 2004".
"ألمانيا مركز عالمي مهم لأبحاث الطقس والمناخ"
وقبل انطلاق القمر الاصطناعي "إيرث كير" من قاعدة فاندرنبرغ في ولاية كاليفورنيا الأمريكية بصاروخ "فالكون 9" التابع لشركة "سبايس إكس" يوم الثلاثاء (28 مايو/ أيار) بالتوقيت المحلي للولايات المتحدة ويقابله بعد منتصف ليل الأربعاء بقليل بتوقيت وسط أوروبا، أشارت التقديرات إلى أن المهمة كلفت وكالة الفضاء الأوروبية عدة مئات الملايين من اليورو حتى الآن.
وسيدور القمر الاصطناعي الذي يبلغ وزنه طنين على ارتفاع نحو 400 كيلومتر فوق الأرض لمدة ثلاث سنوات، ما من شأنه إعطاء صورة كاملة عن السحب، في مهمة كانت نتيجة تعاون بين وكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء اليابانية "جاكسا".
وتتم مراقبة "إيرث كير" من مركز التحكم التابع لوكالة الفضاء الأوروبية في دارمشتات. وهذا يعني أن ألمانيا ستظل مركزًا مهمًا عالميًا لأبحاث الطقس والمناخ خلال السنوات المقبلة، كما يقول سيمون بلوم، رئيس مركز التحكم التابع لوكالة الفضاء الأوروبية.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: لوکالة الفضاء الأوروبیة وکالة الفضاء الأوروبیة القمر الاصطناعی الغلاف الجوی مرکز ا
إقرأ أيضاً:
مقدمة لدراسة صورة الشيخ العربي في السينما الأمريكية «24»
لما تقدم، فإنه تنبغي العودة إلى أفلام شبه منسيَّة، أو مفقودة حرفـيَّا فـي حالات، ومجازا فـي حالات أخرى (تجدر الإشارة هنا إلى ما هو حقيقة معروفة وقد تكون مثيرة لدهشة البعض، وهي أن من 70٪ إلى 90٪ من الأفلام الأمريكية الصَّامتة -خاصة تلك التي أنتجت قبل عام 1929- مفقود من الإرشيف السِّينمائي لأسباب متعددة، وليس هذا مقام الخوض فـيها)، أو غائبة عن النَّقد، بما فـي ذلك العديد من «أفلام الشَّيخ» التي أُنتجت فـي عشرينيَّات القرن الماضي مثل «حُب عربي» [Arabian Love] (جيروم ستورم Gerome Storm، 1922[، و«رمال حارقة» [Burning Sands] (جورج مِلفورد George Melford، 1922)، و«تحت عَلمين» [Under Two Flags] (تود براوننغ، Tod Browning، 1923)، و«ليلة واحدة مسروقة» [One Stolen Night] (روبرت إنزمِنجر Robert Ensminger، 1929)، وأيضًا فـيلم آخر بنفس العنوان: «ليلة واحدة مسروقة» (سْكوت آر دَنلاب Scott R. Dunlap، 1929)، و«أغنية الحُب» [The Song of Love] (فرانسِس ماريون Frances Marion، 1923)، و«ابن صحارى» [The Son of the Sahara] (إدوِن كيروEdwin Carewe ، 1924).
وسأعيد القول هنا انه فـي وقت مبكِّر من تاريخ السِّينما الأمريكيَّة (أعني تاريخ إصدار فـيلم «الشَّيخ»)، فإن «السرديَّات الشَّيخيَّة»، فـي طاعتها الخنوع لمقتضيات ومتطلَّبات الاستشراق، إنما كانت تعمل بوصفها استجابة لأنواع القلق المحلي، والدَّاخلي، الأمريكي. ولا شك أن العزف المشترك لأسئلة العِرق والجندر بوصفها مقولات للهويَّة والرَّغبة هو المظهر الأكثر بروزا فـي تلكم السرديَّات الشَّيخيَّة؛ فكما يحاجج دانييل بِرنانردي Daniel Bernardi فـي الأنثولوجيا المهمة التي حرَّرها عن البياض فـي السِّينما الهوليووديَّة الكلاسيكيَّة فإن «العِرق» هو «أداء يتعلَّق بالظُّهور» (1). إن السرديَّات الشَّيخيَّة.
كما تقدمها أفلام الشَّيخ فـي عشرينيَّات القرن الماضي (وحتَّى، بدرجات متفاوتة ومتباينة، ما بعد ذلك التَّاريخ) تعرض علينا طيفاً واسعاً من «التَّجريبيَّات» مع العِرق، والجندر، والرَّغبة، وذلك من خلال الشَّخصيَّات وأفراد الجمهور معاً؛ فالجندر، على سبيل المثال، يتبدَّى باعتباره ليس أقل ولا أكثر من مقولة مبدئيَّة، وتفاوضيَّة، ومتحوِّلة يجري تعقيدها، واللعب بها، بصورة نموذجيَّة، عبر تقنيَّات وأحابيل سرديَّة من قبيل التَّنكُّر، ونشر وتداول الأمكنة والأسماء، والمطاردات، وعمليَّات الإنقاذ الحَرِج التي تحدث فـي اللحظة الأخيرة أمام جمهور محبوس الأنفاس. وفـي هذا السِّياق، فإن الأنثى الغربيَّة تظهر باعتبارها مختلفة بصورة واضحة عن مثيلتها العربيَّة، وهذا ما ينبغي تحليله. ولذلك فإنه يجدر تفكيك أفلام من قبيل «بلاد العَرَب» [Arabia] الذي يُعرَف أيضا بعنوان «توم مكس فـي بلاد العرب» [Tom Mix in Arabia] (لِن رِنولدز Lynn Reynolds، 1922)، و«خِيام الله» [The Tents of Allah] (تشارلز أي لوغ Charles A. Logue، 1923)، و«خادمة فـي المغرب» [Maid in Morocco] (تشارلز لامونت Charles Lamont، 1925) و«سيِّدة الحريم» [The Lady of the Harem] (راؤول وولش Raul Walsh، 1926)، و«إنَّها شيخ» [She›s a Sheik] (كلارِنس جي باجر Clarence G. Badger، 1927).
وحين نتتبَّع الأمر بدقَّة، فإننا سنجد انه حتى فـي «الاستكتشات» البصريَّة الخام، بسبب بدائيَّة التَّعبير السِّينمائي عهدذاك، التي سبقت الظُّهور الأسطوري العارم لفـيلم «الشيخ»، فإن السرديَّات الشيخيَّة قد تضمنت بصورة نموذجيَّة حكايات وحكايات عن كل نوع من أنواع الاستعباد تقريبا. بمعنى معيَّن، أصبح «الشَّيخ» الشخصيَّة التي تُسقَط عليها، ويُتَفاوض من خلالها مع الإرث المشين للعبوديَّة فـي التَّاريخ الأمريكي نفسه، وذلك فـي نوع من «إعادة السَّيْقَنَة» (recontextualization) الأيديولوجيَّة والانتشار الاستراتيجي ثقافـيَّا، ولذلك فإنه ينبغي التَّركيز فـي الدِّراسة، مَثلاً وليس حصرا، على عمل مثل السِّلسلة الفـيلميَّة «المدينة المفقودة» [The Lost City] (هيري جي رِفَر Harry J. Revier، 1935)، والذي تدور أحداثه فـي داخل أفريقيا. يدور سرد الفـيلم حول تاجر عبيد، وهو شيخ عربي بالتَّأكيد، يستعبد ويعذِّب ضحاياه الأفارقة. وهذا الجزء من السرديَّات الشيخيَّة يتضمن أيضا أفلاما مثل «فـيلق الرجال المفقودين»Legion of Missing Men] [ (هاملتُن مكفادِن، Hamilton MacFadden، 1937)، و«انتقام طرزان» [Tarzan›s Revenge] (ديفد روس لِدرمن، 1938)، و«الرَّجل الأسد» [The Lion Man] (جون بي مكارثي John P. McCarthy، 1937)، و«الطَّريق إلى زنجبار» [Road to Zanzibar] (فِكتُر شرزنغر Victor Schertzinger، 1941).
عندما نُشرت رواية «الشَّيخ»، وكذلك عندما حوِّلت إلى فـيلم سينمائي، كانت الجزائر، موقع الأحداث، ترزح تحت نير الاستعمار الفرنسي، ولكن هذه الحقيقة السياسيَّة والتاريخيَّة البسيطة يغفلها سرد العملين بطريقة مباشرة (وكذلك يفعل استقبالهما لدى القرَّاء والجمهور).
فـي الحقيقة، كلا العملين يرمنسان الكولونياليَّة، وفـي أفلام الشَّيخ العربي اللاحقة (خاصة تلك التي أُنتجت فـي الثلاثينيَّات والأربعينيَّات من القرن الماضي)، ازداد اعتبار الشَّيخ باعتباره «مواطنا» (national) (بالمعنى السيئ للمفردة) وليس مجرد شخصيَّة «رومانسيَّة»، ويتضمن عدد معتبَر من أفلام الشَّيخ العربي مواجهات عسكريَّة مباشرة بين أفراد أو بلدان عربية من ناحية، وأفراد أو قوى غربية من ناحية أخرى، ولذا فإنه تنبغي دراسة فـيلم «مغامرة فـي العراق» [Adventure in Iraq] (ديفِد روس لِدرمَن David Ross Lederman، 1943) بصورة مستفـيضة، فأنا أعتقد بأهميته بكل معاني الكلمة، ومن كافة النَّواحي.
كما أن بعض الاهتمام البحثي ينبغي أن يُمنح أيضا للسرديَّة الشَّيخيَّة فـي أفلام «مواجهة» أخرى مثل «تحت علمين» [Under Two Flags] (فرانك لويد Frank Lloyd، 1936)، و«الرَّجل الأسد» [The Lion Man] )جون بي مكارثي، 1937)، و«مُغِيرو الصَّحراء» [Raiders of the Desert] (جون راولنس John Rawlins، 1941)، و«يانكيٌّ فـي ليبيا» [A Yankee in Libya] (ألبرت هِرمَن Albert Herman، 1924)، و«حرب فـي بلاد العرب» [Action in Arabia] (ليونِد مغوي Leonide Moguy، 1944).
---------------------
(1): Daniel Bernardi, “Introduction: Race and the Hollywood Style,” Classical Hollywood, Classical Whiteness (Minneapolis: University of Minnesota Press, 2001), xxi.
عبدالله حبيب كاتب وشاعر عماني