ما سرّ ثقوب المريخ التي حيرت العلماء؟
تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT
منذ عقود عدة حظيت الثقوب الموجودة على سطح المريخ باهتمام كبير من العلماء، ليس فقط لأنها توفر بيانات ممتازة عن جيولوجيا الكوكب الأحمر، ولكن كذلك لأنها ربما تكون يوما ما أفضل مكان يمكن لرواد الفضاء السكن فيه.
ولا تزال هذه النوعية من الثقوب إلى الآن غير مفهومة كليا، لكنّ العلماء يعتقدون أنها لا تختلف كثيرا عن نفس نوعية الثقوب على الأرض أو القمر، والتي تتكون على هيئة أنابيب أو أنفاق كانت الحمم البركانية تتدفق فيها قبل مليارات الأعوام، ثم نضبت البراكين تاركة تلك الأنفاق خلفها.
وربما تكون هذه الثقوب مداخل لكهوف تحت سطح الأرض، ومن الممكن أنها تكونت نتيجة نشاط بركاني أو عمليات جيولوجية أخرى أو اصطدام النيازك بالمريخ، أو ربما تكون مجرد بقايا انهيار أرضي بسبب ضعف البنية الصخرية في بعض مناطق سطح الكوكب.
ثقوب عجيبةوالتقطت الأقمار الصناعية (مثل المركبة المدارية لاستطلاع المريخ التي انطلقت في 2005) صورا عالية الدقة لبعض هذه الثقوب، وأوضحت الكثير عن تركيبها الداخلي، وبشكل خاص أعطت كاميرا هايرايز على متن المركبة العلماء فرصة لدراسة الفوهات المريخية حديثة التكوين بتفاصيل غير مسبوقة.
ووجد العلماء واحدا من أشهر الثقوب التي رصدتها كاميرا هايرايز في "بافونيس مونس"، وهو بركان درعي كبير يقع في مِنطقة ثارسيس على كوكب المريخ.
ويبلغ عرض هذا الثقب نحو 35 مترا، في حين تشير زاوية الظل الساقط داخله إلى أن عمقه يبلغ نحو 20 مترا. وبحسب وكالة الفضاء الأميركية "ناسا"، يظل سبب وجود حفرة دائرية أكبر تحيط بهذه الحفرة موضوعا للتكهنات.
ثقب آخر نال اهتمام العلماء، فمنذ عقدين تقريبا وُجد هذا الثقب في بركان "أرسيا مونس" -وهو واحد من ثلاثة براكين خاملة في مِنطقة ثارسيس كذلك- بقطر 100 متر، ويمثل هذا الثقب أعجوبة مريخية أخرى نظرًا لأنه يفتقر إلى حافة مرتفعة، وبالتالي استبعد العلماء أن يكون بسبب تصادم نيزكي، وربما كان نفقا جرت فيه البراكين قديما، أو أنه نتج عن انهيار صخري طبيعي.
وفي المنطقة نفسها رصد باحثون من جامعة أريزونا الأميركية ثقبا شبيها يعكس نشاطا تكتونيا أو بركانيا حديثا نسبيا يبلغ عرضه بضعة أمتار فقط، والتقطت صوره كذلك من المركبة المدارية لاستطلاع المريخ، ويعتقد فريق جامعة أريزونا أن حفرة كهذه يمكن يوما ما أن تمثل ملجأ لرواد الفضاء.
تمتلك هذه الثقوب أهمية خاصة بالنسبة للعلماء الذين يدرسون إمكانية سفر البشر إلى المريخ مستقبلا، لأن كهوفها الداخلية محمية نسبيا من مناخ المريخ القاسي، فمتوسط درجة الحرارة على هذا الكوكب هي في حدود -53 درجة مئوية، مع غلاف جوي غير قابل للحياة.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للأنفاق أن تحمي جسد رواد الفضاء بشكل أكبر من الأشعة الكونية وأشعة الشمس الضارة التي تخترق غلاف المريخ الخفيف بسهولة، ولذا يقترح فريق من الباحثين أن تصبح أهدافا رئيسية للمركبات الفضائية والروبوتات مستقبلا.
كما أن العلماء في هذا النطاق يريدون تحقيق فهم أفضل لتوزيع الجليد (وربما المياه) تحت سطح المريخ، وهي موارد ربما يمكن أن تتوفر داخل تلك الثقوب، ويعد أمرا ضروريا للتخطيط للوجود البشري المستدام على المريخ في المستقبل المتوسط إلى البعيد.
ويأتي ذلك في سياق صعوبة سفر الموارد للمريخ، ويكفيك أن تعرف أن نقل قالب طوب واحد فقط إلى هناك يكلف بالتقنيات الحالية أكثر من مليوني دولار، ولذا يفضل أن يستغل العلماء كل الموارد المتاحة على سطح الكوكب الأحمر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فضاء على سطح المریخ
إقرأ أيضاً:
الصواريخ المدارية جسر فضائي لنقل البشر والأقمار الصناعية
الصواريخ المدارية هي مركبات موجهة تُستخدم لنقل الحمولات الفضائية مثل الأقمار الصناعية والمسابير العلمية إلى مدارات ثابتة حول الأرض، وتتميز بقدرتها على إيصال هذه الحمولات إلى سرعات ومدارات تُمكنها من الاستمرار في الدوران حول الكوكب من دون العودة أو السقوط مجددا.
تاريخ الظهورظهرت الصواريخ المدارية في منتصف القرن الـ20، ضمن سياق التنافس الفضائي بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي أثناء فترة الحرب الباردة.
وقد سطر الاتحاد السوفياتي أول نجاح في هذا المجال بإطلاق الصاروخ المداري "آر-7 سميوركا"، الذي حمل القمر الصناعي "سبوتنك 1" إلى مدار الأرض في الرابع من أكتوبر/تشرين الثاني 1957.
في المقابل نجحت الولايات المتحدة في إطلاق أول قمر صناعي لها وهو "إكسبلورر 1" بصاروخ "جونو 1" في يناير/كانون الثاني 1958، وذلك بعد محاولات عدة غير ناجحة.
التصنيعيُصنع الهيكل الخارجي للصواريخ المدارية من مواد تجمع بين القوة وخفة الوزن، أبرزها الألمنيوم والتيتانيوم، ومعادن مقاومة للصدأ (ستانلس ستيل)، كما تُستخدم سبائك نحاسية عالية الكفاءة في توصيل الحرارة، إلى جانب مواد أخرى مقاومة لدرجات الحرارة المرتفعة.
وتُختار هذه المواد بعناية فائقة لتحمّل الظروف القاسية أثناء الإطلاق، من قوى ديناميكية هوائية عنيفة وحرارة شديدة، مع الحفاظ على وزن إجمالي منخفض قدر الإمكان، لضمان قدرة الصاروخ على تجاوز الجاذبية الأرضية والوصول إلى المدار المطلوب بكفاءة.
إعلان آلية العملتعتمد الصواريخ المدارية على مبدأ الدفع الناتج عن احتراق المواد الدافعة داخل محركاتها، وتولّد هذه العملية غازات ساخنة تُطرد بسرعة عالية عبر الفوهة العادمة، مما يُنتج قوة تدفع الصاروخ إلى الأمام، ونتيجة لذلك يتمكّن الصاروخ من اختراق الغلاف الجوي والوصول إلى المدار المطلوب.
ولتحقيق رحلة مدارية ناجحة، لا يكفي مجرد تجاوز الغلاف الجوي، بل يجب أن تبلغ المركبة السرعة المدارية، وهي السرعة التي تتيح للجسم أن يبقى في مدار مستقر حول الأرض من دون أن يسقط متأثرا بالجاذبية.
وتُعرّف السرعة المدارية بأنها السرعة التي تجعل الجسم في حالة توازن ديناميكي بين قوتين متضادتين، قوة القصور الذاتي التي تدفع الجسم في خط مستقيم، وقوة الجاذبية التي تجذبه نحو مركز الكوكب أو الجسم السماوي، ونتيجة لهذا التوازن يتخذ الجسم مسارا مداريا إما دائريا أو بيضاويا.
نماذج صواريخ مدارية آر-7 سميوركاصاروخ باليستي عابر للقارات، تم اختباره لأول مرة في 21 أغسطس/آب 1957، يتميز بقدرته العالية على رفع الحمولات الثقيلة، بفضل تصميم الرؤوس النووية السوفياتية الثقيلة.
ومع تحويله إلى قاذفة فضائية، كسب الاتحاد السوفياتي أفضلية مبكرة في مجال إطلاق الحمولات إلى المدار، وإرسال بعثات إلى القمر والكواكب القريبة.
شهد الصاروخ "آر-7" تطوير عدد من النسخ اختلفت أسماؤها تبعا لطبيعة المهام التي صُممت لأجلها. فقد استُخدمت النسخة الأصلية لإطلاق "سبوتنيك 1″، أول قمر صناعي في التاريخ، في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول 1957.
أما النسخة المعدلة "فوستوك"، فقد كانت مسؤولة عن إرسال أول رواد الفضاء السوفيات، وعلى رأسهم يوري غاغارين، أول إنسان يدور حول الأرض في 12 أبريل/نيسان 1961.
مركبة إطلاق فضائية مثّلت أول نجاح فعلي للولايات المتحدة في إيصال قمر صناعي إلى مدار الأرض، وهو نسخة مطورة من صاروخ "ريدستون" متوسط المدى، بعد تعديله لنقل حمولات خفيفة إلى مدار الأرض.
وبلغ طول صاروخ جونو1 نحو 20.9 مترا، وقطره 1.78 مترا، وأُطلق للمرة الأولى من قاعدة كيب كانافيرال في يناير/كانون الثاني 1958، حاملا القمر الصناعي "إكسبلورر 1″، وذلك بعد سلسلة من المحاولات الفاشلة.
نيوغلينصاروخ مداري بدأت شركة "بلو أوريجن" عملية تطويره عام 2010 وأعلنت عنها رسميا عام 2016، يبلغ ارتفاعه نحو 98 مترا، وهو مدعوم بمحركات قادرة على توليد قوة دفع عالية.
ويتكون صاروخ نيو غلين من جزأين ينفصلان في الهواء، يعود أحدهما إلى قاعدة إطلاق مثبتة في المحيط من أجل إعادة استخدامه، والجزء الثاني ينطلق إلى هدفه في الفضاء، وهو مصمم لنقل رواد الفضاء والحمولات المدارية، وكذا لنقل البشر الآخرين غير رواد الفضاء، وهو نسخة مطورة من الصاروخ "نيو شيبرد".
أول صاروخ مداري يُطلَق من أوروبا، وتحديدا من قاعدة أندويا الفضائية النرويجية في القطب الشمالي، ابتكرته شركة "إسار أيروسبايس" الألمانية.
وفي رحلته التجريبية الأولى التي جرت في مارس/آذار 2025، أقلع الصاروخ من دون حمولة، لكنه بدأ في التأرجح والانحراف عن مساره قبل أن يتحطم على الأرض، محدثا انفجارا عنيفا، كما أظهرت مشاهد بثّت عبر مواقع التواصل.
أصغر صاروخ مداريفي عام 2018، نجحت وكالة استكشاف الفضاء اليابانية بإطلاق أصغر صاروخ مداري وهو "إس إس -520-5".
يتميز هذا الصاروخ بحجمه الصغير، إذ يبلغ طوله 9.54 مترات، بينما لا يتجاوز قطره 0.52 متر (قدم و8 بوصات)، أما وزنه فيبلغ 2600 كيلوغرام، وهو وزن يُعد ضئيلا مقارنة بالصواريخ الفضائية التقليدية.
إعلانانطلق الصاروخ من مركز أوتشينورا الفضائي في محافظة كاجوشيما في اليابان، في الثالث من فبراير/شباط 2018، وكان يحمل قمرا صناعيا صغيرا من نوع كيوب سات، أطلق عليه حينها اسم "تريكوم- آر 1" يزن 3 كيلوغرامات، ثم أعيدت تسميته إلى "تاسُكي" بعد وصوله إلى المدار بنجاح.