تحركات جديدة.. ماذا تريد مصر من مؤتمر القوى المدنية السودانية؟
تاريخ النشر: 3rd, June 2024 GMT
في تحرك مصري جديد في الأزمة السودانية، أعلنت القاهرة عقد مؤتمر للقوى السياسية المدنية السودانية، نهاية يونيو، وأشارت إلى أن المؤتمر يهدف للوصول إلى توافق بين تلك التشكيلات على “سبل بناء السلام الشامل والدائم في السودان”، عبر حوار سوداني – سوداني.
التغيير ــ وكالات
وتأتي التحركات المصرية بعدما فشلت مبادرات عدة في إعادة الجيش وقوات الدعم السريع إلى طاولة الحوار مجددا، ودخلت الحرب عامها الثاني دون إحراز أي تقدم في المفاوضات منذ مايو 2023.
ووقع الجيش وقوات الدعم السريع في 11 مايو 2023، اتفاقا في مدينة جدة، برعاية من السعودية والولايات المتحدة، ينص على “حماية المدنيين، وحماية كافة المرافق الخاصة والعامة والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية”.
ولم يتم تنفيذ الاتفاق. ويتبادل الطرفان الاتهامات بعدم الالتزام بما تم التوافق عليه في جدة.
ورحبت قوى سياسية سودانية من تيارات متعددة بالمؤتمر، وأكدت مشاركتها في فعالياته “بما يقود إلى إنهاء الحرب في السودان”.
وتشير مديرة تحرير صحيفة الأهرام المصرية، أسماء الحسيني، إلى أن المؤتمر “فرصة مهمة” لا يجب أن تضيعها الأطراف السودانية، وأن تحرص على نجاحه “لإخراج السودان من النفق المظلم”.
وقالت الحسيني، المتخصصة في الشؤون الأفريقية، لموقع “الحرة” إن “المؤتمر يمكن أن يقود إلى توافق بين المكونات السودانية على الحد الأدنى، إذا قدمت التنازلات المطلوبة وتخلت عن الخلافات الحزبية”.
وشددت على ضرورة أن “تترك المكونات السياسية السودانية المواقف المسبقة، وأن تدخل إلى الحوار دون شروط، وأن تضع نصب أعينها المعاناة التي يعيشها السودانيون”.
على الرغم من الدعوات الدولية لوقف القتال، استمرت المواجهات في مدينة الفاشر بإقليم دارفور، بين قوات الدعم السريع من جهة والجيش السوداني والحركات المتحالفة معه من جهة أخرى، ما فاقم أوضاع المدنيين في المدينة التي تعد الملاذ الأخير لضحايا الحروب في الإقليم المضطرب.
بدوره، يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية، عز الدين المنصور، أن مصر تحركت في جانب مهم، لأن اتفاق القوى السياسية السودانية على المرتكزات الرئيسية سيقود طرفي الحرب إلى طاولة المفاوضات مجددا.
وقال المنصور بحسب موقع “الحرة”، إن مصر تملك علاقات مميزة مع معظم القوى السياسية السودانية، كما أن أغلب قادة الأحزاب يقيمون الآن على أراضيها، وهذا يزيد من فرص نجاح المؤتمر.
وأشار المنصور إلى أن “مصر تكاد تقف الآن على مسافة متساوية من كل المكونات السياسية، بعد أن تمكنت من ترميم علاقتها الفاترة مع القوى المدنية التي حكمت السودان عقب سقوط نظام البشير.
وكان رئيس الوزراء السوداني السابق، رئيس تنسيقة القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، عبد الله حمدوك، أجرى في مارس الماضي، مباحثات مع عدد من المسؤوليين المصريين، تناولت سبل إنهاء الحرب في السودان.
في المقابل، يشير المحل السياسي السوداني، عبد المنعم الزاكي، إلى أن “فرص نجاح مؤتمر القاهرة تبدو ضئيلة، لأن التجربة والممارسة دللت على استحالة اتفاق القوى السياسية السودانية حتى على الثوابت”.
وقال الزاكي إن المؤتمر واجه عقبات كثيرة، حتى قبل انطلاقه، وأخطر تلك العقبات موقف الحكومة االتي طالبت بشروط تبدو مستحيلة، وبعضها مستفز، على حد تعبيره.
وأضاف “طلبت الخارجية السودانية من مصر في بيان رسمي، تحديد الشركاء الإقليميين والدولييين الذين يمكن أن يشاركوا في المؤتمر، وأبدت رفضا لمشاركة الاتحاد الأفريقي ومنظمة إيغاد، ومن سمتهم داعمي مليشيا الدعم السريع”.
وأشار المحلل السياسي السوداني إلى أن “بيان وزارة الخارجية طالب بإشراك ممثلي المقاومة الشعبية، وهي لجان تشكلت بعد الحرب لدعم الجيش، يتهمها كثيرون بأنها واجهة لنظام الرئيس السابق عمر البشير”.
وتابع قائلا “لا اعتقد أن القوى السياسية السودانية يمكن أن تسمح بمشاركة ممثلين لنظام البشير في المؤتمر، سواء من خلال المشاركة المباشرة، أو من خلال واجهات شعبية أو سياسية، مما يضع عقبات أخرى في طريق المؤتمر”.
ولم تحدد القاهرة الجهات المشاركة في المؤتمر، وقالت في بيان لوزارة خارجيتها، الثلاثاء، إن “المؤتمر سيجري بحضور الشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين، ومشاركة كافة القوى السياسية المدنية السودانية”.
وتعلن أحزاب سودانية عدة مواقف رافضة لمشاركة نظام البشير في أي مفاوضات لإيقاف الحرب، وفي أي عملية سياسية بعد توقف القتال.
وعقب إعلان مصر عن المؤتمر، أصدرت وزارة الخارجية السودانية بيانا رحبت فيه بالفعالية، لكنها طالبت القاهرة بتوضيح الشركاء الإقليميين والدوليين الذين سيحضرون المؤتمر وشددت على ضرورة أن “لا يتجاوز دورهم دور المراقب”.
وتمسكت الخارجية السودانية بمشاركة المقاومة الشعبية في المؤتمر، وأعلنت رفضها مشاركة الاتحاد الأفريقي ومنظمة إيغاد ما لم يسبق ذلك خطوات فعلية لرفع تجميد نشاط السودان بالمنظمة القارية.
وكان الاتحاد الأفريقي علّق عضوية السودان عقب سيطرة الجيش على السلطة في 25 أكتوبر 2021، وطالب بإعادة الحكومة المدنية بقيادة حمدوك.
في خضم الحرب الطاحنة التي يخوضها الجيش السوداني مع قوات الدعم السريع، يعتزم رئيس مجلس السيادة، الفريق عبدالفتاح البرهان، طرح وثيقة دستورية جديدة للبلاد.
وفي حين يرى الزاكي أن كثيرا من مطالب الخارجية السودانية “غير منطقية”، وأنها قد تعرقل المؤتمر، أشار المنصور إلى أن “الخارجية لا تريد أن يكون المؤتمر تكرارا لمبادرات سابقة لم تحقق اختراقا في الأزمة، ولذلك وضعت تلك المطالب”.
ولفت إلى أن مصر تتحرك في الأزمة من منطلق أنها من أبرز المتضررين من تداعيات استمرار القتال، ومن تدفق السودانيين إلى أراضيها، بخاصة في ظل الوضع الاقتصادي الذي تعيشه حاليا، مما يعطي تحركاتها فاعلية أكثر.
ووفق إحصاءات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد بلغ عدد السودانيين الذين وصلوا إلى مصر منذ اندلاع الحرب في السودان، أكثر من 317 ألف لاجئ.
من جانبها، تشير الصحفية المصرية المتخصصة في الشأن السوداني، صباح موسى، إلى أن مصر تعمل على جمع مكونات سياسية سودانية داعمة للجيش، مع أخرى متهمة بأنها تساند قوات الدعم السريع، للوصول إلى مشتركات تسهم في إنهاء الحرب.
وقالت موسى إن فرص نجاح المؤتمر تبدو كبيرة، لكن ينبغي تحديد أجندته بدقة، حتى لا ينزلق المشاركون لمناقشة قضايا جدلية معروف أنها تفرق بين المكونات السياسية السودانية.
وأضافت يتوجب على القوى السياسية السودانية التخلي عن مناقشة القضايا الخلافية مثل الهوية وعلاقة الدين بالدولة وما إلى ذلك، وأن تركز على بحث كيفية إيقاف القتال، وأن تترك تلك القضايا لما بعد انتهاء الحرب.
وأشارت إلى أن معظم المكونات السياسية تقول إنها مع وقف الحرب، ولذلك سيختبر المؤتمر صدقية تلك القوى، خاصة تنسيقية تقدم التي ترفع شعار لا للحرب.
ولفتت الصحفية المصرية إلى أن كثيرين وصفوا ما ورد في بيان الخارجية السودانية بأنه شروط، لكن عندما تواصلنا مع الخارجية السودانية، قالت إنها حريصة على نجاح المؤتمر، لذلك طالبت بتلك النقاط.
وتابعت اعتقد أن نجاح المؤتمر سيمهد الطريق أمام إنعاش مفاوضات منبر جدة في السعودية بين الجيش وقوات الدعم السريع، بما يقود لإنهاء الحرب.
وأدت الحرب في السودان إلى مقتل آلاف السودانيين، بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء في الأمم المتحدة.
كما دفعت الحرب البلاد، البالغ عدد سكانها 48 مليون نسمة إلى حافة المجاعة، ودمرت البنى التحتية المتهالكة أصلا، وتسببت بتشريد أكثر من 8.5 مليون شخص، حسب الأمم المتحدة.
نقلاً عن الحرة
الوسومالقوى السياسية المدنية تحركات مصرية تقدم مبادرة
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: القوى السياسية المدنية تحركات مصرية تقدم مبادرة
إقرأ أيضاً:
أزمة تجنيد الحريديم تعصف بالحياة السياسية في إسرائيل.. هل تسقط حكومة نتنياهو؟
يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحديًا جديدًا مع اقتراب تصويت حاسم في الكنيست الأربعاء قد يؤدي إلى حل البرلمان، وذلك على خلفية أزمة حادة مع شركائه من الأحزاب اليهودية الأرثوذكسية المتشددة (الحريديم)، الذين يلوّحون بإسقاط الحكومة في حال عدم تمرير قانون يُعفي مجتمعهم من الخدمة العسكرية. اعلان
ورغم تصاعد التوتر، يستبعد المراقبون أن تكون هذه نهاية الطريق لنتنياهو – أطول رؤساء الوزراء خدمة في تاريخ إسرائيل – أو لحكومته اليمينية المتطرفة، التي لا تزال تمسك بزمام السلطة رغم الفشل الأمني المدوي خلال هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023.
قانون التجنيد: القشة التي قد تقسم ظهر الائتلافيأتي التصويت بدعوة من المعارضة، لكنه لن يمرّ إلا إذا قررت الأحزاب الأرثوذكسية المتشددة الانشقاق عن الائتلاف الحاكم، وقد يكون هذا الانقسام وشيكًا في حال لم يتم تمرير قانون يُجدّد الإعفاء من الخدمة العسكرية لشباب الحريديم، وهي قضية شائكة تُثير انقسامًا واسعًا في الداخل الإسرائيلي، خصوصًا مع استمرار العمليات العسكرية في قطاع غزة.
ورغم أن بعض المحللين يرون تهديدات الحريديم مجرد مناورة سياسية، فإن هذا التصويت يُعدّ التحدي الأخطر لحكومة نتنياهو منذ اندلاع الحرب، وقد يؤدي انهيار التحالف إلى هزة سياسية لها تداعيات كبيرة على مسار الحرب وأزمة الرهائن.
خلفية الأزمة: الحريديم والخدمة العسكريةمنذ تأسيس إسرائيل عام 1948، حظي طلاب المعاهد الدينية الأرثوذكسية بإعفاءات من الخدمة العسكرية، كنوع من التعويض التاريخي عن خسائر التعليم الديني خلال المحرقة، آنذاك، كان عدد المُعفيين محدودًا، لكن بمرور الوقت وبدعم من الأحزاب الدينية، ارتفعت أعدادهم إلى عشرات الآلاف.
اليوم، تُعد هذه الإعفاءات إحدى أكثر القضايا إثارة للجدل، فمع أن جميع الرجال اليهود يُجبرون على الخدمة لمدة 3 سنوات، والنساء لمدة سنتين، يستفيد طلاب الحريديم من الإعفاء التام، فضلًا عن تلقيهم مخصصات مالية من الحكومة حتى سن 26. وقد أثار هذا الوضع غضبًا شعبيًا متزايدًا، خصوصًا بعد التعبئة العسكرية غير المسبوقة في أعقاب هجوم حماس، والتي شملت 360 ألف جندي احتياطي.
في المقابل، يرفض كثير من الحريديم الانخراط في الجيش، معتبرين أن الالتحاق بالخدمة يُشكّل تهديدًا على نمط حياتهم الديني، يقول الحاخام إفرايم لفت من مدينة بني براك: "الخدمة العسكرية تخلط بين أشخاص من خلفيات وأفكار متباينة، وبعضهم يحمل قيَمًا لا أخلاقية، نحن نحمي الدولة من خلال التزامنا بالوصايا، وهذا لا يقل أهمية عن حماية الجيش."
شركاء نتنياهو يُلوّحون بالانسحابتُعد أحزاب "شاس" و"ديغيل هتوراه" من الركائز الأساسية في ائتلاف نتنياهو، وقد أعلن متحدث باسم "شاس" أن الحزب سيصوّت لصالح حل الكنيست إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق خلال الأيام المقبلة، بينما تُهدد "ديغيل هتوراه" بالانسحاب منذ أسبوع.
يرى الباحث شوقي فريدمان، نائب رئيس معهد سياسة الشعب اليهودي في القدس، أن موقف هذه الأحزاب ينبع من "تركيزها المطلق على مصلحة مجتمعها"، مشيرًا إلى أن "القضية ليست الحرب أو الاقتصاد، بل الإعفاء من التجنيد."
ويضيف فريدمان أن استمرار الإعفاءات بهذا الشكل بات غير قابل للاستمرار، خصوصًا مع النمو السريع في عدد السكان الحريديم، الذين يُقدّر عدد من يبلغون سن التجنيد منهم سنويًا بـ13 ألفًا، لكن أقل من 10% منهم فقط يلتحقون بالخدمة.
هل ستمرّ خطوة حلّ البرلمان؟رغم الضجيج السياسي، يستبعد كثير من المحللين تمرير التصويت، إذ أوضحت أستاذة العلوم السياسية في الجامعة العبرية، غاييل تلشير، أن التصويت يحتاج لحضور الأحزاب الأرثوذكسية بكاملها، وأن غياب أحدها يُسقط المقترح ويمنع إعادة طرحه لمدة 6 أشهر.
لكن تلشير تحذّر من سيناريو آخر أكثر خطورة: "إذا شعر الحاخامات الذين يقودون تلك الأحزاب أن الحكومة استنفدت مهلة الانتظار، فقد يُصدرون فتوى تدعو للانسحاب، خاصة مع ازدياد الضغط الشعبي داخل المجتمع الحريدي."
ويُشار إلى أن الجيش الإسرائيلي بدأ بإرسال آلاف أوامر الاستدعاء لشباب الحريديم، وأوقف بعضهم عند محاولتهم مغادرة البلاد أو بسبب مخالفات مرورية، وهو ما أثار موجة من القلق داخل هذا المجتمع المغلق.
ما علاقة ذلك بالحرب في غزة؟يرى نتنياهو في الحرب المستمرة ذريعة لبقاء حكومته موحّدة، لكن في المقابل، تتمنى الأحزاب الأرثوذكسية نهاية سريعة للقتال.. تقول تلشير: "يعتقد الحريديم أنه بعد انتهاء الحرب، ستتراجع الضغوط السياسية، وستكون لديهم فرصة أفضل لتمرير قانون الإعفاء."
لكن حتى ذلك الحين، تبقى إسرائيل عالقة بين جبهتين: جبهة مشتعلة في غزة، وجبهة سياسية لا تقل اضطرابًا داخل الكنيست، حيث تزداد التساؤلات: هل يستطيع نتنياهو البقاء في الحكم دون تقديم تنازلات؟ وهل ستكفي أدواته المعتادة لتجاوز هذا المنعطف الحرج؟.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة