جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-15@07:01:02 GMT

ما بعد اللقاح؟!

تاريخ النشر: 3rd, June 2024 GMT

ما بعد اللقاح؟!

 

غنية الحكمانية

"آمن وفعّال" جرعتَا أمل لمأمونية وفاعلية حقنة التطعيم لكوفيد 19، كلمتان خفيفتان على مجرى اللسان ثقيلتان في ميزان صّحة الإنسان، فتهافتَ النَّاس على ما يدرأ عنهم مصيبة الموت كما يتهافت الفراش على ألسنة اللهب مظنة منه بإزاحة الظلام وانبلاج النور.

الأجساد غير المُلقّحة هي القنبلة الموقوتة ناقلة العدوى ومستودع السلالات الجديدة، فزاد التمسك بالممارسات السّلوكية الصحية كارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي والالتزام بالتدابير والإجراءات الصارمة كالإغلاقات وحظر التجوال؛ حمايةً من مضاعفات الكوفيد ومجابهةً لمتحوارته المتطورة وسلالاته المتعاقبة.

وذكر الدكتور ويليم ساغارن في كتابه "معركة من أجل العقل": "يمكن زرع معتقدات مُختلفة في عقول الناس بعد تعطيل مُهمة العقل عرضيًا أو عمدًا عبر الخوف والغضب أو الإثارة. ومن نتائج هذا الخلل الأكثر شيوعاً نجد الحكم الضعيف المؤقت وسهولة التأثر بأفكار الآخرين. وتحدد أشكاله الجماعية المختلفة أحياناً تحت عنوان "غريزة الجماعة" وتظهر في زمن الحرب وأثناء انتشار الأوبئة وفي كافة الفترات المشابهة حيث الخطر جماعياً، مما يزيد حالة القلق وبالتالي سهولة تأثر الفرد والجموع".

وللترويج لدعاية اللقاح جُنّد العاملون الصحيّون والرموز الثقافية والدينية في التسويق لنجاعة اللقاح وأهميته في تطهير الجسد من دنَس الفيروس المباغت، قبل تمكنّه من الوظائف الحيويّة في الجسم، أو يكون أقّل ضررا بعد تسللّه عبر منافذه الخاصة. مع توظيفٍ لحملات إعلامية وتوعوية واسعة النّطاق عبر موجات الأثير السّمعي والمرئي لجذب إصغاء جماهيري كبير، سواء خطابات في المنابر أو في المعابر. ويقول جوبلز رائد: " إن سرّ الدعاية المؤثرة، والفعالة لا يكمن في بياناتٍ تتناول آلاف الأشياء المتشعبة والمتنوعة، وإنما في التركيز على بضع حقائق فقط وتوجيه آذان الناس وعيونهم إليها بإلحاح وتكرار".

مع شنّ حملة شعواء على أصحاب الخرافات الشّائعة وناشري المعلومات المُضلّلة حول اللقاحات، واحتقار من ادّعى أنها نظرية مؤامرة مدسوسة، وأنّه عملٌ مخططٌ ومدبّرٌ حيكت خيوطه وحبكت قصته بواسطة قوى خفيّة كبرى. فالمؤامرة كما ذكرها دايفيد أيكه في كتابه "السر الأكبر"، حين قال: "تأتي عبر التلاعب بالأشخاص والأحداث لضمان تنفيذ البرنامج، وتأخذ أشكالاً ثلاثة: التواطؤ على استبعاد الأشخاص والمنظمات التي تهدد البرنامج، التواطؤ على إيصال الأشخاص الذين سينفذون البرنامج إلى مراكز القوة والسلطة، والتواطؤ على خلق الأحداث التي ستدفع النَّاس إلى طلب اعتماد البرنامج عبر منطق "مشكلة- رد فعل- حل"، كل هذه الأحداث غير المرتبطة ببعضها ظاهريا تصبح من أوجه الموامرة نفسها لتنفيذ البرنامج نفسه". ومنطق "مشكلة- رد فعل- حل" يقع ضمن استراتيجية "اصطناع المشاكل وتقديم الحلول" وهي من ضمن 10 استراتيجيات للتحكم في الشّعوب كما ذكرها نعوم تشومِسكي.

وتعدّدت أساليب التّلاعب بوعي الجماهير باستخدام خداع اللغة لمواراة سوءة اللقاح وتأكيد حسن الظنّ به، فكان الاختلاف حول مصطلح مناعة القطيع بدلا من المناعة المجتمعية فحظي المصطلح الآخر شرَف الانتقاء، ليكون أكثر تهذيبا وهنداما لحرمة الإنسان وكيانه، باعتبار أن القطيعَ مصطلح بيطري ولا يصحّ للبشر. ومشاهد تمثيلية مؤلمة لتساقط النّاس وتكدّس الجثث غير المحقونة باللقاح أو الرافضة للتطعيم، وتنافس الدّول في حجز اللوازم والمعدّات الطبيّة مبكّرا وصفقات السّوق السوداء في القرصنة عليها.

استفاقت الدّول بعد غفلة سقطت في وحْلها وتداركتْ أنه تدّخل في سياستها وتنازل عن سيادتها ونزع لاستقلاليتها لصالح منظمة الصحة العالمية التي سيصبح لاحقاً لها حقّ الولاية والوصاية على كل شيء في العالم والمرجع العالمي لمنظومة الصحة والمتحكم في أسلوب حياة البشرية. صحوة متأخرة ولكنها كافية لمواجهة الطّغيان المكشوف وكسر أجندة الشرّ.

انتهت مفاوضات منظمة الصحة العالمية بشأن معاهدة الأوبئة المستقبلية المزعومة دون التوصل إلى أيّ اتفاق، يعني تعثر الجهود المبذولة في سبيل إنجاح "حجة التأهب للأوبئة وتضمين الأمن البيولوجي" وفي كيفية الاستجابة لحالات الطوارئ المحتملة في وقوع أي وباء أو كوارث صحية أخرى. فمحاولاتهم الخبيثة باءت بالخسران، فما كان سيترتب على تلك المعاهدة الدولية من توظيفٍ لمؤسسات الدولة وحتى الاستعانة بقواتٍ دولية وفق بنودها مع فرض نشر اللقاحات والأدوية. فتلك البنود ظاهرها خدمة صحة الإنسان وتحسين كفاءته الجسدية، لكن باطنها إحكام السيطرة على البشر وفرض الرقابة وقمع التعبير عن الرأي وزيادة دائرة الإذلال والاستعباد، "وسهولة التحكم الكامل بوعي الأفراد وأجسادهم ووضعهم تحت المراقبة الدائمة وتوظيفهم كمادّة وأداوات لصالح السلطة الشمولية"، مقتبس لجورج أورويل في روايته 1984 التي ذكر فيها تأسيس عالم جديد وأنظمة سياسية قيد التكوين.

إنّ حماية الكرامة البشرية وحرمة الجسدَ هو ما نص عليه النظام الأساسي لسلطنة عُمان طبقًا للمادة 26 والتي تقضي أنه: "لا يجوز إجراء أي تجربة طبية أو علمية على أحد دون رضاه الحر"؛ فالإنسان "ليس حقل تجارب للعمليات الطبية أو الاكتشافات العلمية"، ومسألة إجبارية التلقيح والإكراه على التطعيم والمنع من حريّة الاختيار أو الرضا الحر مع عدم وجود ضمانات طبيّة تعد إعدامًا لإنسانيّة الإنسان وانتهاكًا لسلامته الجسدية وامتهانًا لكرامته البشرية، وهو ما يتنافى مع ما تنص عليه تلك المواثيق؛ فالضرر لا يُزال بالضرر.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يوقع اتفاقية مع وزارة الصحة اليمنية

الجزيرة – عوض مانع القحطاني

وقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن اتفاقية مع وزارة الصحة اليمنية، وذلك في مقر البرنامج في مدينة الرياض، بهدف التعاون لإنشاء صندوق لدعم المرافق الصحية النوعية في اليمن، وبناء قدرات وزارة الصحة اليمنية، وتعزيز التعاون بينها وبين الجهات النظيرة في المملكة العربية السعودية.

ومثل وزارة الصحة اليمنية خلال توقيع الاتفاقية معالي الدكتور قاسم بحيبح، فيما مثّل البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن المشرف العام السفير محمد بن سعيد آل جابر.

وتهدف الاتفاقية إلى رسم رؤية مشتركة نحو استدامة تشغيل المرافق الصحية النوعية في اليمن وتبادل الدراسات والمعلومات والخطط المتصلة لتنمية القطاع الصحي في اليمن, إلى جانب التعاون في مشاريع وبرامج تدريب وتمكين الكوادر الصحية والفنية والإدارية في الجمهورية اليمنية.

اقرأ أيضاًالمملكةلبحث الجهود المبذولة لإنهاء التصعيد العسكري بين البلدين.. وزير الخارجية يجري اتصالَين هاتفيَين بنظيريه الهندي والباكستاني

وينتظر أن يحظى صندوق دعم المرافق الصحية النوعية في اليمن بدعم القطاعين العام والخاص في اليمن والمنظمات والمؤسسات الدولية والمنظمات غير الهادفة للربح.

وقدم البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن مشاريع ومبادرات تنموية أسهمت في تقديم خدمات الرعاية الصحية لأكثر من 4 ملايين مستفيد، ودعم 26 منشأة طبية في مختلف المحافظات اليمنية، وتعزيز قدرات القطاع الصحي في اليمن، وتوفير التدريب وخلق فرص عمل في القطاع الصحي.

وتشمل مشاريع ومبادرات البرنامج بناء وتجهيز المستشفيات والمراكز الطبية، وإعادة تأهيلها وتشغيلها، وبناء قدرات الكوادر الطبية، منها: مشروع إنشاء مدينة الملك سلمان الطبية والتعليمية بمحافظة المهرة، ومستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن الذي يعد من أبرز الصروح الطبية في اليمن، إذ بلغ إجمالي الخدمات الطبية المقدمة في المستشفى أكثر من 2,7 مليون خدمة طبية، في تأكيد حجم الأثر المتحقق من المشروع وخدماته النوعية المقدمة للمرضى من المحافظات اليمنية كافة.

الجدير بالذكر أن البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن قدم 264 مشروعًا ومبادرة تنموية في 8 قطاعات أساسية وحيوية، وهي: التعليم، والصحة، والمياه، والطاقة، والنقل، والزراعة والثروة السمكية، وتنمية ودعم قدرات الحكومة اليمنية، والبرامج التنموية، وذلك في مختلف المحافظات اليمنية.

مقالات مشابهة

  • الصحة: اجتماع الرئيس السيسي يعكس اهتمامه بالتنمية البشرية
  • السيسي: بناء الإنسان أولوية وطنية شاملةالسيسي: بناء الإنسان أولوية وطنية شاملة
  • قد تؤدي إلى السكتات الدماغية.. «العواصف الترابية» خطر يهدد صحة الإنسان
  • وزير الصحة: الاستثمار في الإنسان أساس التنمية الشاملة والمستدامة
  • وزير الصحة يبحث مع البنك الدولي التعاون في ملف التنمية البشرية
  • وزير الصحة يبحث مع وفد البنك الدولي تعزيز التعاون في ملف التنمية البشرية
  • البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يوقع اتفاقية مع وزارة الصحة اليمنية
  • الإمارات الأولى إقليميا والـ 15 عالميا في تقرير مؤشر التنمية البشرية
  • الإمارات الأولى إقليمياً والـ 15 عالمياً في تقرير مؤشر التنمية البشرية
  • الإمارات الأولى إقليمياً والـ15 عالمياً في تقرير مؤشر التنمية البشرية