:: فتاة فاتها قطار الزواج حتى شابت وفقدت عقلها، و صارت تتكلم اللامعقول، ورصدوها ذات ضُحى وهي تضع يديها على رأسها وتسأل نفسها حائرة : (عدم العرس ده عرفناه، لكن عدم الولادة ده من شنو؟)..وهكذا تقريباً لسان حال حكومة كامل إدريس، إذ بها – قبل أن تتشكّل – تسعى إلى تخطي المراحل، بالتفكير بصوت عال في مهام المرحلة الأخيرة .
:: فالخبر، أعلن رئيس الوزراء كامل إدريس عن عزمه عقد لقاء جامع يضم القوى السياسية والمجتمعية، لنقاش صريح ومسؤول حول مستقبل المرحلة الانتقالية، والسعي للتوافق على رؤى وطنية تسهم في تعزيز وحدة الصف وتماسك الجبهة الداخلية، موضحاً أن البلاد تمر بمرحلة تتطلب تغليب المصلحة الوطنية على الحسابات الضيقة..!!
:: وقبل أن يبلع كامل ريقه بعد إعلانه، أعلن القيادي بالكتلة الديمقراطية، مبارك أردول، ترحيبه بسوق النخاسة السياسية التي يفتتحها رئيس الوزراء للقوى السياسية، موضحاً إن استغلال هذه الفرصة هو الاتجاه الصحيح الذي لا يجب أن يفوت على الأحزاب، مُشيراً أن الحكومة الانتقالية مهامها معروفة، والتحضير لما بعدها يتم بواسطة تفاهم سياسي ..!!
:: يعلم كامل بأنهم جاءوا به رئيساً للوزراء ليكون فزعاً للشعب وليس وجعاً آخر، و ما أكثر الأوجاع.. وقد لايعلم، قبل أشهر، كاد هذا المجلس السيادي أن يفتح سوق النخاسة السياسية بحشد أحزاب – وعواطلية – بورتسودان في هرج سياسي، ولكن ذكرناهم بأن التحرير لم يكتمل، و أن الحرب لم تنته، و إن كانت هناك ثمة مشروع سياسي في خاطركم فإن هذا ليس أوان الطرح ..!!
:: ويبدو أن كامل بحاجة إلى ذات التذكير، لكي لا يغرق في بحر أحزاب بورتسودان، فالوقت والمال يجب أن يكونا لتشكيل الحكومة وإصلاح مؤسسات الدولة، وليس لمهرجان أحزاب – وجوكية – بورتسودان.. ثم أن الوقت والمال يجب أن يكونا لتأهيل محطات الكهرباء و المياه والمشافي والمدارس والجامعات وغيرها، لتعود حياة الناس..!!
:: هل زار رئيس الوزراء الخرطوم و وقف على حجم الدماربمرافق الشعب؟، (لا)، هل زار الجزيرة و سنار و شاهد على ما آل عليه حال مشاريعها الزراعية والصناعية؟، (لا)، هل إطلع على تقارير التعليم العام والعالي وتفاجأ بحجم التسرب والفاقد التعليمي؟، (لا)..دعك عن كل هذا، هل وجد حلاً لأزمة الشراكة وإختلاف الشركاء في مقاعد حكومته؟، (لا)..!!
:: فقه الأولويات يا حكومة المرحلة المسماة بحكومة الأمل، هو وضع كل شيء في مرتبته ( كما يجب)، بحيث لا يؤخرما يجب تقديمه ، ولايٌقدم ما يجب تأخيره..وليس عدلاً تقديم ما يشغل أردول ومبارك الفاضل و جعفر ميرغني – وحداشر نفر- على شواغل وقضايا شعب بحاله، هذا ( ليس أملاً )، بل ألم ..!!
:: تحسين المناخ السياسي للإنتخابات، بحوار الأحزاب ومكونات المجتمع للإتفاق على مشروع وطني، فان هذا يجب أن يُوضع على ذيل قائمة المهام، وليس على صدارة القائمة لحد التلويح به قبل تشكيل الحكومة، فهذا نوع من التفكير في الإنجاب قبل مراسم الزواج..فالشعب حالياً ليس بحاجة إلى عبث الأحزاب، بل بحاجة إلى إسترداد ما تبقى من وطنه بكردفان و دارفور، ثم إلى ديار تأويه بحياة كريمة عندما يعود إليها من منافي اللجوء والنزوح، فما لكم كيف تفكّرون ..؟؟
الطاهر ساتي
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: یجب أن
إقرأ أيضاً:
برحيل الأستاذ عوض بابكر، تُطوى صفحة من صفحات الذاكرة السياسية السودانية
علمتني الصحافة أن لكل حقبة سياسية شخصياتٍ مركزيةً في معرفة المعلومات النوعية عن تلك الفترة، لا تجدها إلا عندهم.
ولا يتأتى لهم ذلك بسبب قربهم الفيزيائي فقط من صناع القرار ومراكز صناعة السياسات، بل لما يتمتعون به من قدرةٍ خاصة على اكتناز المعلومات، وتصنيفها، وتحليلها، واستخلاص خلاصاتها.
ومن بين هؤلاء، كان الرجل الهادئ الرصين الذي رحل اليوم بمدينة عطبرة، الأستاذ عوض بابكر، السكرتير الخاص للدكتور حسن الترابي لهما الرحمة والمغفرة.
كان عوض من القلة النادرة في الدائرة المقرّبة من الدكتور الترابي، ممن يعرفون ما لا يعرفه الآخرون، خاصة في الفترة من منتصف التسعينيات إلى مطلع الألفية الثالثة.
وقد طلبت منه مرارًا إجراء مقابلات لتوثيق تلك المرحلة المهمة من التاريخ السياسي السوداني، لكنه كان يعتذر بلطف، وبتواضع المعايشين الكبار.
قلت لبعض الأصدقاء في حديث عابر إن من أبرز أسباب دوران تاريخنا السياسي في حلقة مغلقة من التجارب المعادة والأخطاء المتكررة، هو غياب التوثيق؛ فلا نكتب مذكراتنا، ولا نسجل تجاربنا، ولا نستفيد من عبرها.
في المكتبة المصرية، تزدهر كتب المذكرات والسير الذاتية، ولذلك تُناقَش القضايا والمواقف التاريخية هناك اليوم بوعي وحيوية، وكأنها وقائع اللحظة.
برحيل الأستاذ عوض بابكر، تُطوى صفحة من صفحات الذاكرة السياسية السودانية، وتغيب معها معلومات ثمينة كانت ستضيء كثيرًا من الزوايا المعتمة في فهم تلك الحقبة.
نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويحسن عزاء أسرته ومحبيه، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ضياء الدين بلال
إنضم لقناة النيلين على واتساب