عربي21:
2025-08-01@14:50:26 GMT

احتواء حماس: كيف تدرس حركة عقائدية؟

تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT

* عام 2018، صدر كتاب رصين وجدير بالقراءة للباحث طارق بقعوني تحت عنوان "احتواء حماس: صعود وإخضاع المقاومة الفلسطينية". هذا اجتهادي على الأقل في ترجمة العنوان، فالعمل صدر بالإنكليزية لا العربية. "احتواء حماس" يحكي القصة الطويلة لحركة المقاومة الإسلامية منذ بدايتها، وصولا لما يسميه المؤلف "احتواءَها": أي محاصرتها في قطاع ضيق وتوريطها في مستلزمات الحكم المدني، واضطرارها للتراجع عن صلابتها العقائدية ورؤيتها الجهادية المؤسِّسة.

استغرق الأمر خمس سنوات حتى تُصدِر حركة حماس ردها على استنتاجات هذا العمل، لا بهيئة بيان ولا منشور، وإنما بهيئة اجتياح عسكري من خارج مألوف التاريخ؛ اجتياحٍ لم يتخيله كثيرون -قبل حصوله- ممكنا حتى على مستوى فيزيائي.

* أشياء كثيرة غمرها "الطوفان" منذ ذلك الوقت، حتى رفوف المكتبات بلغها الماء، ومئات الأبحاث والمنشورات لم تسلم هي الأخرى. تنظر في بعض ما كان مكتوبا قبل ذلك التاريخ (من كتابات بحثية في الوضع الفلسطيني) فلا يبدو للمكتوب صلة مفهومة بالواقع اليوم؛ ليس هذا انتقاصا من الكِتاب المذكور، على العكس، فهو مدخل مفيد للتفكير بالدور العقائدي في هوية حماس وكيف يمكن لبُعدٍ كهذا أن يصعّب على دارسيها دراستهم.

الذي ثبت لاحقا -كما ثبت سابقا بصورة أو أخرى- أن حماس لا تنتمي لعقلانية أكاديمية في تفكيرها وسلوكها، وأن بنيتها العقائدية كانت أشد تعقيدا (أو لربما حتى أشد بساطة) مما يستطيع المجهر البحثي الشائع والحساب العقلاني المباشر أن يدركه
* من المفارقات أن "احتواء حماس" كان قيد الترجمة عندما بدأت هذه الحرب، وقد أعلن مركز الدراسات الفلسطينية قرب صدور الترجمة قبل اندلاع المعارك ببضعة أسابيع. لليوم، لا يبدو أن هذه الترجمة قد صدرت، ولا أدري إن كان الناشر ماضيا بنيّته في نشرها، أو إن كان مستعدا أن يطبعها بذات عنوانها الأول. كيف لك أن تطوي السابع من تشرين الأول/ أكتوبر (أهم حدث عسكري لربما في تاريخ الثورة الفلسطينية منذ النكبة) في رؤية تحليلية عنوانها "احتواء حماس"؟

* لم يكن استنتاج الكتاب المذكور منافيا للمعطيات التي جمعها الباحث (بجهد مقدّر وكبير). التفكير العقلاني سيشير بالحد الأدنى إلى ذات النتيجة التي قدّمها المؤلف، بل أكثر من ذلك. إن تقييم الكيان العبري، بكامل منظومته الأمنية -التي هي مضرب المثل في جمع المعلومات ودراسة المخاطر- خلُصَ تماما لذات الأمر: أن حماس باتت أسيرة ظرفها، وأن حسابات الأرقام والمعطيات تعني أنها ليست في وارد الفعل والمبادرة. لكنّ الذي ثبت لاحقا -كما ثبت سابقا بصورة أو أخرى- أن حماس لا تنتمي لعقلانية أكاديمية في تفكيرها وسلوكها، وأن بنيتها العقائدية كانت أشد تعقيدا (أو لربما حتى أشد بساطة) مما يستطيع المجهر البحثي الشائع والحساب العقلاني المباشر أن يدركه. ويَصعب أمام وضعٍ كهذا أن تغالب سؤالا ملغوما يعِنّ بالذهن: أي نفعٍ للعمل البحثي -بمسطرته الأكاديمية المستقرة وصندوق عدّته التحليلي- مع حركات عقائدية كهذه؟ وهل في خامة هذه الحركات وجِبلّتها الفكرية ما يجعل دراستها أمرا مستعصيا على الأدوات التحليلية المعتادة؟

* في إحدى المراجعات التي نشرتها مجلة "سياسات عربية" عن كتاب "احتواء حماس"، يقول كُتّاب المراجعة: "تمتاز مساهمة المؤلف بتحررها من الحمولات الأيديولوجية، بل إنه كان محايدا إلى حدٍّ بعيد". وبالمعاني الشائعة للمفردات المذكورة، فالتوصيف في مكانه تماما. لكنّ التوصيف -من حيث كان يقصد الإشادة- يدلّنا على واحدة من إشكاليات البحث "العلمي" عندما يتعلق الأمر بظاهرة كظاهرة حماس:ما أكثر ما كُتب في الماضي عن حركة حماس بوصفها أسيرة أيديولوجيا ضيقة بزمن لم يعد يحتمل العقائدية الصلبة. وبمعنى من المعاني، فالسابع من أكتوبر كان ثأرَ هذه الأيديولوجيا لفكرتها وإدارة لأصبع الاتهام على أصحابه. لقد نجح العبور المفاجئ في السابع من أكتوبر لأن مسطرة الحساب والتحليل المباشر لم تكن قادرة أن تفشي سرّه أن التنزّه عن "الحمولة الأيديولوجية" يمكن أن يُعمي الناظر عمّا ينظر إليه، وأن محاولة تثبيت "الحياد" بشكله المدرسي الشائع (أي التمترس الدائم في المنتصف) لا يقودك لمكان باهتٍ معرفيا وحسب، بل وقاصرٍ أحيانا في إدراك الواقع واستشراف ما هو آت.

* ما سبق ليس مراجعة لكتاب ولا تربصا باستنتاجٍ بحثي كسَرَه الواقع أو تجاوزته الأحداث. ما مِن باحث عن حقيقةٍ لم يعش كسرا كهذا في حياته، هذا من جوهر الفعل البحثي وضريبةٌ حتمية فيه، لكنّ اصطداما مثل هذا الذي نتحدث عنه بين جهد نظري (في هيئة كتاب) وواقع عملي (في هيئة حدث عسكري/سياسي) هو فرصة للتأمل في تفكيرنا نفسه. لقد تحولت كلمة "أيديولوجيا" -منذ زمن طويل- لما يشبه الشتيمة، وصار أغلب استخدامها مقصودا للدلالة على التخشب في الرؤية وانقطاع الصلة بالواقع والغرق بالأوهام. وما أكثر ما كُتب في الماضي عن حركة حماس بوصفها أسيرة أيديولوجيا ضيقة بزمن لم يعد يحتمل العقائدية الصلبة. وبمعنى من المعاني، فالسابع من أكتوبر كان ثأرَ هذه الأيديولوجيا لفكرتها وإدارة لأصبع الاتهام على أصحابه. لقد نجح العبور المفاجئ في السابع من أكتوبر لأن مسطرة الحساب والتحليل المباشر لم تكن قادرة أن تفشي سرّه، وما حصل يومها لم يكن اقتحاما لأسوار "إسرائيل" وحسب، بل اقتحاما لأسوار أكاديمية ظن أصحابُها رؤيتَهم أوسع من رؤية المؤدلَجين وأهل العقائد.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حماس أيديولوجيا حماس كتب أيديولوجيا طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة رياضة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة احتواء حماس من أکتوبر

إقرأ أيضاً:

15 دولة غربية تدرس الاعتراف بدولة فلسطينية في سبتمبر المقبل

أفادت صحيفة هآرتس العبرية، اليوم الأربعاء، بأن مجموعة من الدول الغربية تدرس بشكل إيجابي إمكانية الاعتراف بدولة فلسطينية قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في شهر سبتمبر المقبل.

وجاء في بيان مشترك لوزراء خارجية هذه الدول وعددها 15 دولة أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يعد "خطوة أساسية نحو تحقيق حل الدولتين"، ودعوا دولا أخرى إلى الانضمام إلى هذا التوجه.

ومن بين الموقعين على البيان وزراء خارجية دول لم تعترف بعد بدولة فلسطين، مثل أستراليا وكندا وفنلندا ونيوزيلندا والبرتغال وأندورا وسان مارينو.

كما وقع البيان وزراء خارجية دول سبق أن اتخذت هذه الخطوة، كأيسلندا وأيرلندا وإسبانيا.

وافتتح البيان بإدانة هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر، كما دعا الوزراء إلى وقف فوري لإطلاق النار يشمل إطلاق سراح جميع الرهائن، وضمان دخول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى قطاع غزة .

اقرأ أيضا/ عمليات إخلاء.. تحذيرات من تسونامي بأمريكا واليابان

وأكد الموقعون على أهمية إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وعبروا عن رغبتهم في "مناقشة اندماجها في المنطقة"، في سياق إقليمي أوسع.

وجاء البيان في إطار مؤتمر "تعزيز حل الدولتين" الذي تنظمه الأمم المتحدة بقيادة فرنسا والسعودية، وانضم إلى دعمه عدد من الدول المشاركة، بينها بريطانيا وقطر وتركيا والبرازيل.

في السياق نفسه، أعلن رئيس وزراء مالطا، روبرت أبيلا، أن بلاده ستعترف رسميا بدولة فلسطينية خلال جلسات الجمعية العامة المقبلة، مؤكدا أن ذلك يعكس "التزام مالطا بتحقيق سلام مستدام في الشرق الأوسط".

وينسجم هذا الموقف مع توجه دولي متزايد نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، إذ أعلن مؤخرا كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، نيتهم اتخاذ خطوة مماثلة في حال عدم حدوث تقدم ملموس من الجانب الإسرائيلي لتحسين الوضع الإنساني والسياسي في قطاع غزة.

المصدر : عرب 48 اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين وكالة بيت مال القدس الشريف تنفذ المرحلة الخامسة من حملة الإغاثة الإنسانية للنازحين في غزة  الأمم المتحدة : غزة على شفا المجاعة والمساعدات يجب أن تتدفق كالسيل بريطانيا ستعترف بدولة فلسطين في أيلول المقبل الأكثر قراءة 31 شهيدا في قصف ونيران الاحتلال منذ فجر اليوم في غزة لماذا احتجَّ السفير هاكابي على إسرائيل؟! الاحتلال يشن حملة اعتقالات واسعة في الخليل قناة عبرية: هذه آخر مستجدات مفاوضات غزة وتوقعات بإعلان الاتفاق خلال أيام عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • بهدف احتواء الانقسام.. تقرير يكشف تفاصيل زيارة قاآني السرّية إلى العراق
  • الخطيب التقى ممثل حركة حماس في لبنان
  • كندا تدرس الاعتراف بدولة فلسطين
  • كندا تدرس الاعتراف بدولة فلسطينية
  • دولة أوروبية تدرس الاعتراف بدولة فلسطين
  • دولة أوروبية تدرس الاعتراف بدولة فلسطينية
  • 15 دولة غربية تدرس الاعتراف بدولة فلسطينية في سبتمبر المقبل
  • الجدل حول هجوم حماس يوم السابع من أكتوبر.. وحسم الجدل قانونيًا
  • الاستجابة العاجلة مكنت من احتواء التلوث الزيتي بسواحل صلالة
  • صحيفة: إسرائيل تدرس الضغط على حماس بتقطيع أوصال غزة