ماذا لو حصلت روسيا على قاعدة دعم لوجستي بالسودان؟
تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT
موسكو- جاءت تصريحات ياسر العطا، عضو مجلس السيادة الانتقالي، مساعد القائد العام للجيش السوداني، بشأن طلب روسيا إقامة محطة للوقود في البحر الأحمر مقابل توفير أسلحة وذخيرة للجانب السوداني، وأنه سيتم توقيع اتفاقيات بهذا الصدد قريبا، لتحرك -من جديد- ملف الوجود الروسي في البحر الأحمر وعلى سواحله.
وعزز الحديث عن إنشاء القاعدة اللوجستية الروسية تصريحات للسفير السوداني لدى موسكو محمد سراج، قبل نحو 4 أيام، أكد فيها أن المشروع ما زال قائما، وأن الخرطوم لن تتخلى عن التزاماتها مع موسكو بخصوص القاعدة البحرية الروسية بالبحر الأحمر، موضحا أنه "سيتم تشييد القاعدة بمجرد الانتهاء من بعض الإجراءات".
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أصدر في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 تعليماته لوزارة الدفاع بالتوقيع على اتفاقية لإنشاء نقطة خدمات لوجستية في البحر الأحمر لسلاح البحرية، بل نشرت موسكو مسودة الاتفاقية، لكن الخطوة خضعت لتأجيل تكرر عدة مرات بسبب المعارك التي يشهدها السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وتنص الاتفاقية -التي يرى مراقبون روس أنها سترى النور أخيرا- على أن تكون نقطة الدعم اللوجستي التي ستبنى بالقرب من مدينة بورتسودان قادرة على استقبال ما يصل 4 سفن روسية في وقت واحد، بما في ذلك التي تعمل على الطاقة النووية.
ووفقا للاتفاقية، لن يتجاوز الحد الأقصى لعدد العسكريين الروس العاملين بالنقطة اللوجستية والموظفين المدنيين الذين يشغلون مناصب هناك 300 شخص، وسيكون من الممكن زيادة العدد، ولكن بالاتفاق مع الجانب السوداني.
وبينما يتولى الجانب السوداني المسؤولية عن الأمن الخارجي للقاعدة، تقع مسؤولية حماية حدود المنطقة المائية والدفاع الجوي والأمن الداخلي للمحطة على عاتق الجانب الروسي الذي تمنحه الاتفاقية كذلك إمكانية استيراد وتصدير أي أسلحة وذخيرة ومعدات إلى المحطة، وحق إقامة مواقع عسكرية مؤقتة بالسودان لحماية نقطتها خارج أراضيها.
وأوضح الخبير بالشؤون الإستراتيجية رولاند بيجاموف أن روسيا تحتاج إلى محطة الدعم اللوجستي بالسودان كبوابة إلى القارة الأفريقية، لا سيما أنها خسرت خلال الحقبة السوفياتية قاعدة بربرة في الصومال، والتي كانت فريدة من حيث مميزاتها بالنسبة لموسكو، ومنذ ذلك الحين لا توجد لروسيا أي قواعد بحرية في البحر الأحمر.
ويشير بيجاموف -في حديثه للجزيرة نت- إلى أهمية هذه القاعدة في مساعدة السفن والقوارب الروسية التي تشارك في مكافحة القرصنة في المنطقة، فضلا عن أنها تمنح موسكو فرصة دفع مشاريعها في القارة الأفريقية، بما في ذلك الشركات العسكرية التابعة لها.
ورجح المتحدث أن يتم هذه المرة التوقيع على الاتفاقية، وأن روسيا ستفعل كل شيء من أجل بناء هذه القاعدة الإستراتيجية، مدللا على كلامه بما سماها "التصريحات المتوترة" لمسؤولين غربيين، والتي اعتبرت التوجه الروسي السوداني تهديدا لمصالحهم، مقابل توسع للنفوذ الروسي في المنطقة.
وإلى جانب وجود الروس على البحر الأحمر، يشير بيجاموف إلى وجود عامل توتر إضافي بالنسبة للغرب يتمثل في إمكانية أن يكون للإيرانيين أيضا حضور نشط في المنطقة، حيث عززت طهران من توريد طائرات بدون طيار، وقد تصل الأمور إلى نشوء تعاون روسي إيراني مؤثر بالسودان والمنطقة عموما.
وفي الوقت نفسه، نفى بيجاموف أن تؤيد موسكو طرفا ضد آخر بخصوص ما يحدث بالسودان، مشيرا إلى أن مبادئ السياسة الخارجية الروسية تحرم ذلك، في الوقت الذي يحق فيه لموسكو التواصل مع كافة الفرقاء في السودان، بل إنها يمكن أن تلعب في المستقبل دور الوسيط بينهم.
وبخصوص العلاقة مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" أوضح الخبير أنها كانت قائمة عندما كان عضوا بالحكومة، فضلا أن العلاقة كانت قائمة بشكل أساسي مع الشركات العسكرية الروسية، ومن بينها "فاغنر" التي انتهى دورها في هذا البلد منذ سنوات طويلة.
وختم كلامه بأن روسيا تعترف بالحكومة الرسمية في السودان كسلطة شرعية، وهو ما يتمثل في السفير السوداني المعتمد لديها والذي يمثل هذه الحكومة.
تفاؤل حذرالخبير في الشؤون العسكرية أنطون مارداسوف يتبنى وجهة نظر أقل تفاؤلا حول القاعدة المفترضة، إذ إن التوقيع على اتفاقية إنشائها لا يعني بأنها ستكون محمية أو لن يتم إلغاؤها بعد استقرار الأوضاع في البلاد على سبيل المثال.
ويوضح -في تصريح للجزيرة نت- أنه قد تأتي في المستقبل سلطة بالسودان تقرر التراجع عن التفاهم والاتفاقيات مع موسكو، خصوصا إذا ترافق ذلك مع ضغوط أو إغراءات أميركية وأوروبية.
ومع ذلك ومن وجهة نظر إستراتيجية، يعتبر الخبير أن تعزيز التعاون العسكري مع الخرطوم يشكل هدفا حيويا للكرملين، فالسودان مشتر رئيسي للمعدات العسكرية الروسية، وهو ثاني أكبر مشتر للأسلحة الروسية بأفريقيا منذ عام 2000، بعد الجزائر.
كما أن تجربة الحرب في سوريا أظهرت مدى أهمية وجود قواعد بحرية وجوية، أو نقاط للدعم اللوجستي بعيدة عن الأراضي الروسية، فهي المكان الذي يمكن فيه التزود بالوقود والحصول على الذخيرة واستبدال الأفراد. وفي الحالة السودانية فإن هناك أهمية للوجود على مقربة من تدفقات النفط العابرة عبر المنطقة.
وبالإضافة للوجود على طرق التجارة بين الهند وشرق آسيا إلى أوروبا والساحل الشرقي للولايات المتحدة، يشير الخبير كذلك إلى وجود أهداف أخرى لإنشاء النقطة اللوجستية، تتمثل بالمقام الأول بـ"إضفاء الشرعية" على الوجود الروسي بالسودان، والذي كانت الشركات العسكرية الخاصة مسؤولة عنه السنوات الأخيرة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود “إماراتية”
رئيس حــــركة العـــــدل والمســــــاواة وزيـر الماليــة د. جبـــريل إبراهيـــــم لـ”الكرامـــــــــة” (2 _ 2)
وجود “محاباة” فى مخصصات القوات المشتركة اتهام غير صحيح
الحــــركة غير قوميـــــة في نظر هــــــــــؤلاء (….)
نؤجل صـــرف مستحقــــــــات الحــركات لهذا الســـــــبب (….)
مدخلات الطاقة الشمسيـــة معفاة من الجمارك والضرائب..
(….) هذه هي أسباب تأخر عودة الخدمات بالولايات المستردة..
المُسيّـــــــــــــرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود “إماراتيــــــة”..
مدخلات الطاقة الشمسيـــة معفاة من الجمارك والضرائب..
رغم الحرب.. أداء الاقتصاد القومي بتحسن مستمر..
حوار : محمـــد جمال قنــــدول- الكرامة
قال رئيس حركة العدل والمساواة وزير المالية د. جبــريل إبراهيـــــم إنّ الاقتصاد القومي في تحسن، وذلك رغم التحديات الاستثنائية التي فرضتها الحرب.
وأضاف إبراهيــــــم في الجزء الثاني من حواره مع (الكــــــرامة) قائلًا : إنّ عودة الحكومة الاتحادية إلى العاصمة تتم بصورة تدريجية وقد باشرت بعض الوزارات عملها من العاصمة قبل أكثر من شهر والبقية في الطريق.
د. جبريل قدم إفاداتٍ قويةٍ في محاور متعددة خلال الجزء الثاني، حيث تحدث عن الاقتصاد، وعودة الحكومة للعاصمة، ودور دويلة الشر في حرب السودان والكثير.
الحركة ما زالت متهمة بأنها غير قومية، ما مصير قوات الحركة بعد الحرب؟
الحركة غير قومية في عيون أعدائها لأنهم لا يريدون لها أن تكون كذلك. ولكن الحركة قومية بأدبياتها وتنظيمها وينتمي أعضاؤها وشهداؤها إلى كل أركان السودان، وشاركت قواتها في حرب “الكرامة” في كل محاورها دون تمييز. إذن.. ما الذي يجعلها غير قومية؟!
ماذا عن الأداء المالي خلال نصف العام؟
رغم التحديات الاستثنائية التي فرضتها الحرب إلّا أنّ أداء الاقتصاد القومي في تحسن نسبي مستمر، استقر سعر الصرف لفترة ليست بالقصيرة وتراجع معدل التضخم إلى 142 بعد أن تجاوز 25% وعدنا إلى صرف المرتبات الاتحادية بنسبة 100% ووفقنا إلى زيادة الإيرادات بنسبة جعلتنا نفي بمعظم التزاماتنا تجاه الخدمات العامة، بجانب دعم المجهود الحربي ومقابلة نفقات الاستجابة الإنسانية.
حدث هذا بعد فضل الله بالزيادة الكبيرة في الإنتاج الزراعي في الموسمين السابقين والزيادة المعتبرة في إنتاج الذهب، ولا ننسى فضل السودانيين في المهاجر الذين دعموا اقتصاد بلادهم بالإنفاق السخي على أسرهم الممتدة وجيرانهم ومعارفهم الذين أجبروا على النزوح أو اللجوء. اقتصادنا قوي في أساسياته وسينطلق بسرعة كبيرة بعد نهاية الحرب وعودة الاستقرار بإذن الله.
هنالك حديث عن مخصصات القوات المشتركة، واتهام لوزير المالية بالمحاباة في هذا الجانب. هل تحصلت الحركة على ميزات إضافية باستغلال وجودكم وزيـــــــرًا للماليـــــــة؟
الإجابة قطعـــــــــــًا لا، على مال الدولة ضوابط للصرف من حاول تجاوزها وقع في المحظور ولو بعد حين.
موظف صغير في ديوان المراجعة الداخلية يستطيع إيقاف صرف مبلغ صدق به أي وزير إن كان ذلك التصديق خارجـــــــًا عن أُطر الصرف وضوابطه.
يستطيع وزير المالية صرف مستحقات حركات الكفاح المسلح الواردة في اتفاقية السلام إن توفرت الموارد ولكننا نؤجل صرفها باستمرار لضيق ذات اليد، أيضـــــًا عليه الإنفاق على المجهود الحربي للقوات المشتركة في حدود ما يصدق به القائد العام للقوات المسلحة.
عدا ذلك لا يستطيع ولا ينبغي للوزير صرف جنيه واحد لحركته، وإن كان لأحد على غير ما ذهبنا إليه فليأت به.
ذكرت من قبل تصنيف الإمارات كدولة عدوان أنّ المُسيّرات المسلحة تنطلق منها، هل هذا بناءً على معلومات؟
كل الأدلة الدامغة تشير إلى أن الإمارات هي التي تزود الميليشيا بكل العتاد الحربي ومن ضمنها المُسيّرات، ليس ذلك فقط فالجهة التي باعت المُسيّرات للإمارات أكدت أن المُسيّرات التي أسقطتها القوات المسلحة السودانية ضمن المسيرات التي باعتها للإمارات.
ليس ذلك فحسب، ولكن الدول التي باعت عينة الدانات التي تستخدم في هذه المُسيّرات أيضاً أكدت أنها باعتها للإمارات. وفوق ذلك المُسيّرات البعيدة المدى التي تستخدم لضرب محولات الكهرباء ومستودعات الوقود موجهة بأقمار صناعية لا تملكها الميليشيا. علاوة على ذلك، أكدت جهات استخبارية كثيرة أن غرفة تحكم المُسيّرات الاستراتيجية كائنة في أبوظبي، وأن المُسيّرات التي قصفت بورتسودان انطلقت من ميناء “بوصاصو” في الصومال الذي تتحكم فيه الإمارات. إذن، دور الإمارات في الحرب الخبيثة الدائرة ضد السودان بما فيها حرب المُسيّرات أكبر من أن يخفى أو يبرر لها.
ماذا قدمت الحكومة لمبادرات إدخال الطاقة الشمسيـــــــة كبديل للكهرباء، وما هي سياسة الدولة المتوقعة في ظل إقبــــال الإفــــراد والشركات على هذا المجال، البعض يطالب باعتماد الطاقة الشمسية ضمن السلع الاستراتيجية؟
الحكومة مع التحول إلى الطاقات البديلة النظيفة وفي مقدمتها الطاقة الشمسية. وترتيبـــــــًا على ذلك، تبذل الحكومة ممثلة في وزارة الطاقة جهــــــــودًا حثيثة لإدخال الطاقة الشمسيـــــــة ضمن مصادر الطاقة عندنا في البلاد، كما قررت الحكومة إعفاء مدخلات الطاقة الشمسيــــــة المستوردة من القطاع الخاص من رسوم الجمارك والضرائب وهي تفضل الذين يسعون لتصنيع هذه المدخلات محليـــــــًا، كما تحتاط من أن يجعل البعض السودان مكبـــــــــًا لنفايات الطاقة الشمسيــــــة، ولذلك تقوم الهيئة العامة للمواصفــــــات والمقـــــــــاييس بدورها كاملًا في التأكد من أنّ المعدات المستوردة مستوفية للشروط والمواصفــــــات العالميـــــة المطلــــــوبة.
هل من بشريات تطمئن الشعب السوداني فيما يخص الخدمات الأســــــــاسية.. ومتى تنتقل الوزارة للعمل في الخرطوم؟
تبذل حكومات الولايات التي تمت استعادتها من سيطرة الميليشيا لإعادة خدمات المياه والكهرباء وإعادة تشغيل المستشفيات وفتح المدارس، بجانب توفير معاش العائدين من النزوح واللجوء قدر المستطاع. وتقوم وزارة المالية بدعم الولايات لتوفير هذه الخدمات الأساسية، وقد أخرت هجمات الميليشيا بالمُسيّرات على محطات الكهرباء والمستشفيات ومستودعات الوقود عودة هذه الخدمات بالسرعة المطلوبة. ولكن العمل فيها يسير على قــــــــدمٍ وســـــــاق. من ناحيةٍ أخرى، تسعى الحكومة الاتحادية إلى العودة إلى العاصمة بصورة تدريجية وقد باشرت بعض الوزارات عملها من العاصمة قبل أكثر من شهر والبقية في الطريق. عودة مطار الخرطوم للعمل ضرورة لعودة كل الحكومة والهيئات الدبلوماسية والمنظمات الدولية للعمل من الخرطوم، والعمل فيه يسير وفق جدول زمني متفق عليه.