أنور خميس العريمي **

alaraimianwar@gmail.com

 

 

تتميز العمليات الإنشائية بطبيعتها الفريدة عن العمليات التجارية الأخرى من ناحية تعقيداتها وتشابكها وتعدد أطرافها وطول مدتها وتفصيلاتها الدقيقة وحوادثها المتنوعة أثناء التنفيذ؛ حيث تحتوي العقود الإنشائية شروطًا عامة وخاصة، تتضمن حلولًا لحالات ومشكلات متوقعة وغير متوقعة قد تواجه الطرفين خلال التنفيذ.

وذلك من خلال تنظيم حقوق وواجبات الطرفين منذ بدء العملية الإنشائية حتى إتمام كامل الأعمال في المشروع لا سيما عند وقوع حالات طارئة وظروف استثنائية تؤدي إلى مطالبات مالية وزمنية تنشأ عنها مستقبلًا الكثير من النزاعات بين كافة أطراف العقد، إذا لم يتم تسويتها عن طريق الأطراف أنفسهم أو أطراف محايدة قبل أن تتفاقم وفقًا لطرق التسوية المختلفة لحل تلك النزاعات المدرجة في العقد، وعليه يتعين اتباع الأسلوب المناسب والإجراء الصحيح المحدد في العقد وقت وقوع الحوادث (Events) وقبل رفع أي مطالبات تعاقدية (Contractual Claims)؛ وذلك بضرورة الإلتزام بارسال إخطارات أو إشعارات إلى صاحب العمل أو المهندس الإستشاري أو المقاول وفقًا لما نظمته كافة العقود الإنشائية المحلية والدولية النموذجية المتنوعة بلا استثناء مراعاة لسلاسة تنفيذ مشروع العقد وتقليلًا للمخاطر التي قد تطرأ من حين لآخر للوصول إلى أفضل نتيجة لإنجاز العقد وإتمامه حسب ما هو مخطط له بالجودة المطلوبة والتكلفة المرصودة.

لذا يُعرَّف الإخطار (Notice) بصفة عامة على أنه إعلام شخص آخر بواقعة ثابتة بإحدى الوسائل المتاحة، مثل: الرسائل البريدية أو الإلكترونية أو عن طريق موظف مختص بهذا الأمر، أو غير ذلك من الوسائل.

والإخطار يأتي أحيانًا في عقود الإنشاءات بمسميات أخرى كإشعار أو إنذار أو على شكل تعليمات يتم إرسالها إلى الطرف الآخر على أن تكون خطية، وحينما تكون التعليمات مجرد إخطارات شفوية ينبغي في هذه الحالة أن يتم التأكيد عليها وتثبيتها كتابيًا بأسرع وقت ممكن قبيل بدء التنفيذ أو بعده، حتى لو لم يتم الرد عليها من قبل الطرف الآخر الذي أرسلت إليه بالقبول أو بالرفض في مدة معينة حسب ما نظمته شروط العقد في هذه الجزئية المتعلقة بالتعليمات الشفوية.

ولا يخلو عقد إنشائي نموذجي- محليًا كان أو دوليًا- في شروطه من الالتزام بالإخطار، وخاصةً في الحالات التي تحتاج إلى تنبيه عن أمور ذات أهمية بالنسبة لطرفي العقد متعلقة بحوادث خاصة تترتب عليها مطالبات وتعويضات مادية بموجب العقد عن أضرار وخسائر يتكبدها أحد طرفي العقد؛ مما يدل ذلك على الأهمية البالغة لهذا الإجراء في العملية الإنشائية، إضافة إلى أنه أيضًا يعكس في الواقع الإتصال القوي البنّاء بين الأطراف في مشاريع البناء والتشييد للمحافظة على تقدم سير العمل حسب المخطط له وتجنب النزاعات المستقبلية.

ومن صور الالتزامات بالإخطار في الحالات التي تترتب عليها مطالبات مالية أو زمنية أو الأثنان معًا في العقود الإنشائية النموذجية المحلية ما جاء في بنود العقد الموحد لإنشاء المباني والأعمال الهندسية (مايو 2019 - تحديث رقم 1) على سبيل المثال ليس الحصر:

البند (1-9) تأخير الرسومات أو التعليمات:

1. يجب على المقاول إخطار المهندس وإرسال نسخة إلى صاحب العمل بأي تأخير أو انقطاع محتمل إذا لم تصدر أي رسومات أو تعليمات لازمة إلى المقاول.

2. يقدم الإخطار خلال (28) ثمانية وعشرين يومًا بعد علم المقاول [أو افتراض علمه] بالواقعة أو الظروف التي أدت إلى نشوء المطالبة بموجب البند الفرعي (22-1) (مطالبات المقاول)، ويتعين عليه تضمين تفاصيل الرسومات والتعليمات اللازمة وتفاصيل حول مبررات وتوقيت صدورها، وأيضا طبيعة ومقدار التأخير والإنقطاع المتكبد في حالة التأخير.

3. إذا تعرض المقاول [أو يحتمل أن يتعرض] إلى تأخير و/ أو تكبد أو [يحتمل أن يتكبد] نفقات إضافية بسبب فشل المهندس في إصدار الرسومات أو التعليمات محل الإخطار، يكون المقاول مستحقًا وفقًا للبند الفرعي (22-1) [مطالبات المقاول] لما يأتي:

أ- مدة إضافية توازي التأخير المعني إذا تأخر الإكمال أو يحتمل أن يتأخر بموجب البند الفرعي (8-4) [تمديد الوقت للإكمال[.

ب- ودفع النفقات المتكبدة التي يجب تضمينها في كلفة العقد.

4. على المهندس بعد تسلم هذا الإخطار تطبيق البند الفرعي (3-5) [القرارات] للاتفاق على أو تحديد ما يراه بشأن هذه المطالبات.

5. بالرغم من ذلك، إذا كان فشل المهندس ناشئًا عن خطأ أو تأخير من قبل المقاول بما في ذلك الخطأ أو التأخير في تقديم أي من مستندات المقاول أو توجيه الإخطار خلال المدة المطلوبة بموجب البند الفرعي (1-9-2) أو أي مدد أخرى يوافق عليها المهندس، لا يكون المقاول مستحقًا لمدة إضافية أو نفقات أو منفعة، ويعفى صاحب العمل من أي مسؤولية فيما يتصل بالمطالبة.

وهناك العديد من البنود المشابهة في العقد لا يتسع المجال لذكرها؛ حيث يتبين من تفاصيلها أن اغلب الإخطارات أو الإشعارات تقع على عاتق المقاول بإعتباره القائم بالتنفيذ الإنشائي، ومتابعة تقدم الأعمال (Construction works progress) بطريقة مهنية لتجاوز أي عراقيل أو عوائق تحول دون تطبيق الجدولة الزمنية التخطيطية (As-planned schedule) من خلال الإلتزام بإرسال تلك الإخطارات في أسرع وقت ممكن إلى المهندس ونسخة إلى صاحب العمل يشرح فيها التحديات وضرورة حلها في أقرب فرصة ممكنة عمليًا.

وبالتالي أي مطالبة مالية أو زمنية تتضمن تلك البنود ويرى المقاول أنه مستحقًا لها يجب تقديمها وفقًا للبند (22-1) (مطالبات المقاول)؛ حيث عليه اتباع الإجراءات والخطوات المحددة في تلك المادة للحصول على مستحقاته، نفس الأمر ينطبق على صاحب العمل من إجراءات وخطوات وفقًا للبند (2-4) (مطالبات صاحب العمل).

كما هو معلوم وفقًا للعقد يجب تقديم الإخطارات مُبكرًا عند وقوع الحوادث مع نية المطالبة وتتضمن أغلبها مدد ومواعيد محددة، الأمر الذي يؤدي لحلحلة الصعوبات وإدارة المخاطر من قبل الأطراف في بداية نشأتها قبل أن تزداد وذلك من خلال:

1. التعرف المبكر على الحدث وأسبابه وبامكانية إيجاد حل سريع جذري له أو تجنب أضراره وخسائره بهدف التخفيف من تكاليف المطالبات المستقبلية.

2. إعطاء المهندس أو صاحب العمل وممثليه الفرصة الكافية لتفقد الموقع وتفحص الظروف التي أحاطت بالمطالبة ودراستها والتحقق بأنها حديثة العهد للحماية من المطالبات المكررة التي قد يدعيها المقاول.

3. تمكين المهندس أو صاحب العمل وممثليه من تحري حقائق المطالبة والنتائج المالية المترتبة عليها وأن الحدث ما زال قائمًا للتهيأ بتعويض المقاول عن المطالبات.

4. الإسراع في إجراءات طلب موازنة مالية للتعديلات المتوقعة في قيمة العقد نتيجة الظروف الطارئة.

5. إمكانية إعفاء المقاول من غرامة التأخير في حالة التأخير المبرر.

بيد أنّ إخفاق المقاول في إخطار المهندس أو صاحب العمل عن وقوع الأحداث والظروف الطارئة مبكرًا خلال المدة المحددة يترتب عليه إعفاء صاحب العمل من كافة المسؤوليات المرتبطة بأي مطالبات ذات صلة بتلك الأحداث كتمديد مدة الإكمال أو التعويض عن النفقات التي تكبدها المقاول في مكافحة تلك الحوادث، وذلك أيضًا ينطبق على صاحب العمل اذا أخفق في الإخطار.

كذلك يتعين على المقاول القيام بتحديث البرنامج الزمني (Construction Program) عند وقوع الحوادث إذا أثرت سلبًا على الأنشطة الواقعة على المسار الحرج للبرنامج والمتوقع تأخيرها عن مدة إتمام الأعمال وبالتالي سوف يتم توقيع غرامة التأخير عند تجاوزه لتلك المدة إذا لم يلتزم باجراءات الإخطار.

ومما سبق يتضح أن عدم الإلتزام بمواعيد الإخطار، يرتب مسؤولية عقدية على الطرف الذي أخل بواجب الإخطار وتسقط حقوقهم في المطالبات وفقًا لشروط العقد.

** خبير هندسة مسح الكمیات ومحكم تجاري

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

خلال لقائه رئيس مجلس الشورى في دولة قطر: رئيس البرلمان العربي يشيد بالجهود التي يقوم بها أمير دولة قطر لوقف حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني

الدوحة - أشاد محمد بن أحمد اليماحي رئيس البرلمان العربي بالمواقف الثابتة والراسخة لدولة قطر، تجاه دعم العمل العربي المشترك، والقضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بقيادة الأمير تميم بن حمد آل ثاني، مثمنًا الجهود التي يقوم بها سموه من أجل وقف حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، ومواصلة تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن القضية الفلسطينية ستظل القضية المركزية والأولى للعرب جميعا.

جاء ذلك خلال لقاء رئيس البرلمان العربي مع السيد حسن بن عبدالله الغانم، رئيس مجلس الشورى بدولة قطر، وذلك في إطار الزيارة التي يقوم بها رئيس البرلمان العربي إلى دولة قطر على رأس وفد برلماني، والمشاركة في المؤتمر الدولي حول الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان الذي يعقد على أرض دولة قطر بمشاركة دولية واسعة.

كما أشاد رئيس البرلمان العربي والوفد المرافق، بالدور البارز الذي يقوم مجلس الشورى القطري في تعزيز التضامن العربي، وحرصه على تنسيق وتوحيد المواقف البرلمانية بين المجالس التشريعية العربية بما يمكنها من مواجهة التحديات المختلفة، ودعم القضايا العربية والإسلامية المركزية وعلى رأسها القضية الفلسطينية. كما ثمن الجهود الحثيثة التي يقوم بها معالي السيد حسن بن عبدالله الغانم، رئيس مجلس الشورى بدولة قطر في مجال الدبلوماسية البرلمانية وتعزيز العمل العربي البرلماني المشترك، ومواقفه الثابتة تجاه دعم كافة القضايا العربية.

وأكد "اليماحي" حرص البرلمان العربي على تعزيز قنوات التواصل والتنسيق المستمر مع مجلس الشورى بدولة قطر لتبادل الرؤى بشأن كل ما يخدم العمل البرلماني العربي المشترك.

ومن جانبه، أشاد السيد حسن بن عبدالله الغانم، رئيس مجلس الشورى بدولة قطر بالدور الذي يضطلع به البرلمان العربي في دعم العمل العربي المشترك، وتعزيز التنسيق بين البرلمانات الوطنية في مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، مشددًا على أهمية تطوير العمل العربي البرلماني المشترك، وتفعيل الحضور العربي في المحافل الإقليمية والدولية بما يخدم المصالح العليا للشعب العربي الكبير.

وأكد الجانبان أهمية مواصلة ما تحقق من تنسيق وتعاون خلال المسيرة البرلمانية المشتركة، والعمل على تنسيق المواقف البرلمانية بما يعزز من فاعلية العمل العربي المشترك، ويسهم في دعم القضايا المحورية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

وفي ختام الاجتماع، أعرب رئيس مجلس الشورى القطري عن تطلعه لأن تسهم هذه الزيارة في دفع التعاون البرلماني العربي إلى آفاق أرحب، وتوحيد الجهود في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية الراهنة، لاسيما وأن طبيعة المرحلة الراهنة والتحديات والأزمات التي تواجه الأمة العربية، تتطلب التضامن والتعاون على كافة المستويات.

 

حضر اللقاء من جانب البرلمان العربي، معالي النائب ممدوح الصالح عضو البرلمان العربي، ومعالي النائب ناظم الشبلاوي عضو البرلمان العربي، ومعالي النائب محمد لحموش عضو البرلمان العربي. ومن الأمانة العامة، سعادة الدكتور مضر الراوي مدير إدارة شؤون الرئاسة، والدكتور أشرف عبدالعزيز المستشار السياسي لرئيس البرلمان العربي ومدير إدارة العلاقات الخارجية.

 

مقالات مشابهة

  • وزيرا الإسكان والعمل يبحثان التعاون المشترك في مجال تدريب العمالة
  • اليمن.. مطالبات وطنية ببدء معركة الخلاص من «الحوثي»
  • ما حالات التعويض عن الحبس الاحتياطي بقانون الإجراءات الجنائية؟
  • بيان عربي مشترك يطالب بحماية أطفال غزة ويبرز أهمية القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية في قطر
  • المغرب يدين تعنت الجزائر التي ترهن العملية السياسية على حساب الاستقرار الإقليمي
  • «الموارد»: عرض العمل يجب أن يطابق العقد
  • بعد موافقة النواب.. ما شروط إنهاء علاقة العمل في العقود محددة المدة؟
  • قرار بإلزام الوافدين في الكويت بالحصول على إذن صاحب العمل قبل المغادرة
  • إسرائيل تسلم إخطارات هدم قرية فلسطينية في بيت لحم
  • خلال لقائه رئيس مجلس الشورى في دولة قطر: رئيس البرلمان العربي يشيد بالجهود التي يقوم بها أمير دولة قطر لوقف حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني