كتب ميشال نصر في" الديار": فيما الجبهة الجنوبية المشتعلة تقف على رصيف انتظار مصير غير محسوم بعد، تصعيدا او هدوءا، جبهة داخلية قديمة - جديدة اعيد اشعالها، عنوانها قضائي- مصرفي- حقوقي - مالي، ما خفي في كواليسها يفوق باضعاف ما ظهر من قرارات، اخفت وراءها بالنسبة للبعض حقيقة الحسابات الضيقة في الداخل، فيما بررها آخرون بالضرورية لعودة الانتظام الى "العدلية".
فقرار مدعي عام التمييز وفقا للعونيين ضد قاضية عهدهم غادة عون، حط مع رئيس "التيار الوطني الحر" في بكركي، حيث تم "التعريج" على الموضوع خلال الخلوة التي جمعت البطريرك وباسيل ، خصوصا ان المعطيات المتوافرة تدل الى ان القصة" اكبر من غادة عون واكبر"، وان الملف شائك ومتفرع،" كيف ما بتضرب ايدك بيطلعلك قصة".
وقالت المصادر ان خطوة الحجار لن يكون مصيرها كشبيهتها التي اتخذها المدعي العام السابق الرئيس عويدات، التي انتهت يومذاك الى تسوية ،معتبرة انها "بلشت مش لتوقف هالمرة"، مبدية اعتقادها بان "الريسة عون سترضخ، لان التيار الوطني الحر وان خاض المواجهة معها اعلاميا من باب حفظ ماء الوجه، الا انه يبقى غير معني، وان كان بعض المتورطين من" رموز" صفوفه"، لان مربط الخيل يبقى في مكان آخر.
اوساط في "التيار الوطني الحر" وضعت ما يحصل مع مدعي عام جبل، في اطار كونه قرارا واضحا " بتصفية وتطهير" ما تبقى من الحالة العونية في الجسم القضائي، بعدما" نقل" الكثيرون من المحسوبين على الرابية "البندقية" اما ترهيبا او ترغيبا، شأنه شأن الكثيرين من "ناكري الجميل" الذين باعوا الرئيس عون بثلاثين من فضة.
وتابعت الاوساط بان ميرنا الشالوحي تملك الكثير لتفعله في هذا المجال، مؤكدة انه لن يسمح باستفراد غادة عون، التي شكلت رأس حربة ورمزا في مشروع رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون في حربه ضد الفساد والفاسدين، كاشفة الى ان "المركزية" تشهد اجتماعات واتصالات ودرس لكافة الخيارات، بما فيها التحركات الشعبية التصعيدية، ردا على الخطوة .
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: غادة عون
إقرأ أيضاً:
تغيير أسماء الأشخاص الغريبة والمُحرِجَة
بدر بن خميس الظفري
@waladjameel
في المسلسل المصري المشهور "لن أعيش في جلباب أبي"، تدخل "نفيسة" بنت المعلم "عبد الغفور البُرعي" إلى البيت مع أختها وهي تبكي، فتسألها أمها "فاطمة كُشَري" عن السبب، فتقول: "البنات بِيِتّرْيَؤا عليّ في المدرسة "، أي يسخرون مني، لأن اسمي "نفيسة". وهو اسم قديم لا يُناسب الزمن الذي كانت تعيش فيه. فترد عليها أمها بأنَّ أباها سماها بهذا الاسم تيمّنا باسم والدته، فتقول نفيسة "وأنا مالي؟"، أي ليس لي دخل. ثم تدور نقاشات متعددة حول ذلك الموضوع، وينتهي بالاتفاق على أن تنادى نفيسة باسم أحدث وهو "نوفا".
هذا المشهد الدرامي يسلّط الضوء على ظاهرة اجتماعية واسعة النطاق في مجتمعاتنا العربية، إذ تثير مسألة اختيار الأسماء الغريبة أو القديمة للأطفال الكثير من الجدل، بوصفها قضية ذات أبعاد نفسية واجتماعية وثقافية عميقة؛ فالاسم هو الهوية الأولى التي يحملها الإنسان طوال حياته، وهو العنوان الذي يُعرف به في مجتمعه، ويرافقه في كل مراحل حياته من الطفولة إلى الشيخوخة.
وتتعدد الأسباب التي تدفع الآباء لاختيار أسماء غريبة أو قديمة لأبنائهم؛ فبعضهم يختار الأسماء القديمة تيمنًا بالأجداد وبرًا بهم، وهي عادة متجذرة في الثقافة العربية منذ القدم. تقول الدكتورة فادية إبراهيم الباحثة والمستشارة الاجتماعية في مركز الدراسات الأُسرية بالقاهرة: إن "الموروث الاجتماعي الخاص بتوريث الأبناء أسماء أجدادهم له جذور تاريخية اجتماعية قديمة مرتبطة بحب وتفاخر العرب بالنسب منذ الجاهلية الأولى، وكنوع من الاعتقاد بعدم موت الأسماء وإبقائها حية".
وفي المقابل، يلجأ البعض إلى اختيار أسماء غريبة أو غير مألوفة بدافع التميُّز والتفرُّد، خاصةً في ظل انفتاح المجتمعات العربية على الثقافات الأخرى. وقد أشارت دراسة أجراها الدكتور محمد الحارثي أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود إلى أن "جيل الألفية يميل إلى اختيار أسماء نادرة وفريدة لأبنائهم، بحثًا عن التميز والخصوصية". وهذا التوجه يعكس تحولًا في القيم الاجتماعية، من التركيز على الانتماء الجماعي إلى تعزيز الفردية والتميز الشخصي.
ومن الدوافع الأخرى لاختيار الأسماء الغريبة، الاعتقاد بأنها تحمي الأبناء من الحسد والعين. وهذا الاعتقاد منتشر في بعض المناطق الريفية والبدوية؛ إذ يسمون الأبناء بأسماء قبيحة أو غريبة، ظنًا منهم أن هذه الأسماء تصرف العين الحاسدة عن أبنائهم. وقد وثق هذه الظاهرة الدكتور سعيد المصري أستاذ الأنثروبولوجيا بجامعة القاهرة، في كتابه "المعتقدات الشعبية في المجتمعات العربية"، مشيرًا إلى أن هذه الممارسة تعود إلى عصور قديمة، وما زالت مستمرة في بعض المجتمعات المحلية رغم عدم وجود أدلة علمية تدعمها.
لكن ما لا يُدركه الكثير من الآباء هو التأثير النفسي والاجتماعي العميق الذي قد تتركه هذه الأسماء على أبنائهم. فقد أكدت الدكتورة أسماء طوقان اختصاصية الطب النفسي للأطفال والمراهقين في المركز الوطني للصحة النفسية بالأردن، أن "سوء اختيار الاسم قد يؤثر على نفسية الطفل، كعدم تقبله نفسه وانعدام ثقته بنفسه وخجله وشعوره بأنه منبوذ ومرفوض اجتماعيًا". وأضافت أن هذه الآثار السلبية قد تتطور إلى "اضطرابات نفسية كالقلق بأنواعه والاكتئاب"، خاصة في مرحلة المراهقة حيث تزداد حساسية الفرد تجاه نظرة المجتمع له.
ويُعد التنمُّر والسخرية من أبرز التحديات التي يواجهها الأطفال ذوو الأسماء الغريبة، خاصةً في البيئات المدرسية. فقد أشارت دراسة أجرتها الدكتورة نورا الشامي أستاذة علم النفس التربوي بجامعة عين شمس، إلى أن "الأسماء الغريبة تسبب العديد من المشكلات النفسية والاجتماعية لصاحبها نتيجة تعرضه للتنمر والسخرية". ويؤكد الدكتور محمد الريماوي أستاذ علم النفس التربوي بالجامعة الأردنية أن "الطفل الذي يُستهزَأُ به من قِبَل سائر الأطفال لاسمه المستهجَن، يخسر نشاطه، ويسير دومًا إلى اضمحلال وانهيار، فيأخذ في تجنب الألعاب الجماعية للأطفال، ويخاف من معاشرتهم". وتشير الدراسات التربوية إلى أن التنمُّر المرتبط بالاسم قد يكون أكثر إيلامًا من أشكال التنمر الأخرى، لأنه يستهدف جزءًا أساسيًا من هوية الفرد لا يمكنه تغييره بسهولة.
وتمتد هذه التأثيرات إلى مراحل متقدمة من حياة الفرد، فقد تؤثر على فرصه التعليمية والمهنية، وعلى علاقاته الشخصية والعاطفية. وقد أظهرت دراسة أجراها الدكتور خالد المنصوري أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة الإمارات، تحت عنوان "تأثير الأسماء على الهوية الاجتماعية"، أن "الأشخاص الذين لا يحبون أسماءهم يجدون صعوبة في التكيف الاجتماعي، وقد يؤثر ذلك على قراراتهم اللاواعية". كما أشارت الدراسة إلى أن الانطباع الأول الذي يتركه الاسم قد يؤثر على قرارات القبول في المؤسسات التعليمية أو التوظيف، مما يحد من إمكانيات الفرد وطموحاته.
وفي ظل هذه التأثيرات، تبرُز أهمية وجود معايير واضحة لاختيار الأسماء. فمن الناحية الدينية، فإن الأصل في الأسماء الإباحة والجواز، غير أن هناك بعض المحاذير الشرعية التي ينبغي اجتنابها مثل التعبيد لغير الله، والتسمية بأسماء الله المختصة به. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "من حق الولد على والده أن يُعلِّمه الكتابة، وأن يُحسن اسمه، وأن يُزوِّجه إذا بلغ"، مما يؤكد على أهمية اختيار الاسم الحسن للمولود.
أما من الناحية القانونية، فتختلف التشريعات المنظمة لاختيار الأسماء من دولة عربية إلى أخرى. ففي المغرب مثلًا، تنص المادة 21 من قانون الحالة المدنية على أنه "يجب أن يكتسي الاسم الشخصي طابعًا مغربيًا، وألا يكون من شأنه أن يمس بالأخلاق أو النظام العام". وفي دول الخليج، يشترط أن يكون الاسم مناسبًا وموافِقًا للشريعة الإسلامية ولا يحمل طابعًا سلبيًا.
وفي مواجهة الآثار السلبية للأسماء الغريبة، تقترح الدكتورة أسماء طوقان، في دراستها المنشورة في مجلة "الطفولة العربية"، تعزيز الثقة بالنفس لدى الأطفال، وغرس "عدم الاكتراث والاهتمام بكلام الناس السلبي وانتقاداتهم؛ لأن الطفل الذي يثق بنفسه لا يتأثر بانطباع الناس عنه، لمجرد معرفتهم باسمه". وفي بعض الحالات، قد يكون تغيير الاسم أو استخدام اسم بديل حلًا مناسبًا. يقول الدكتور دير أتكينز، عالم النفس وخبير العلاقات الأسرية بجامعة هارفارد، في كتابه "علم نفس الأسماء": "إذا ترك اسم طفلك أثرا سيئا في كل مرة ينادى بها، فيمكن أن تبحث عن بدائل". وفي سلطنة عُمان، تتيح القوانين تغيير اسم الشخص متى ما توفرت الأسباب المُقنِعة لذلك.
يبقى اختيار الاسم مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الوالدين، تُراعى فيه مصلحة الطفل ويحميه من الآثار السلبية المحتملة. ويجب تغييره إذا كان غير مناسب له؛ لأنه سيرتبط بأولاده وأحفاده وذريته من بعده.
رابط مختصر