إحتفل رئيس الأساقفة المطران ميشال الجلخ بقدّاس الشكر في دير مار روكز في الدكوانة، في حضور عميد دائرة الكنائس الشرقية في الفاتيكان الكاردينال كلاوديو غودجيروتي، السفير البابويّ پاولو بوردجا، وأمين سر دائرة الكهنة في الفاتيكان رئيس الأساقفة أندريس فيرّادا موريرا، رئيس عام الرهبانيّة الأنطونيّة الأبّاتي جوزف بو رعد، الى جانب جمع من الأساقفة والرؤساء العامِّين للرهبانيات المارونية والرئيسات العامّات، والآباء المدبِّرين والرؤساء العامين السابقين، وممثلة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري سينتيا غريب، وفعاليات سياسية وأمنية وقضائية وإعلامية.


وخلال العظة شرح المطران الجلخ شعاره الأسقفي قائلا: " في إعلان بولس ، يعتبر أنّ كلّ شيء حاول تحقيقه، كلّ ما هو عليه، كلّ قوّته وكلّ وهنه، كلّ شدّته وكلّ حماسته، كلّ ما كان يتطلّع إليه وكلّ ما أصبحه مطبوع بالمسيح. من حياته السابقة إلى ارتداده على طريق دمشق حتّى سجنه في روما: كلّ خطوة خطاها وكلّ عمل قام به وكلّ كلمة تفوّه بها هدفت إلى تعزيز معرفة المسيح. ولهذا، فقد فهم رسالة يسوع الخلاصيّة من دون أن يراه بالجسد ولو لمرّة واحدة، ومن دون أن يكون واحدا من الاثني عشر، لكن، لا همّ، فرسوليّته لم تأتِ "لا من الناس ولا بدعوةِ من إنسان، كما قال، بل بمشيئة يسوع المسيح والله الآب".
لقد سعى إلى معرفة المسيح يوما بعد يوم ويوما أكثر من يوم. فلم تعد معرفته مجرّد مجموعة حقائق عن المسيح، بل أصبحت المسيح عينه. فذابت حياته بالمسيح ممّا جعله يدرك أنّ الحياة عنده بلا المسيح لا طعم لها ولا معنى. هكذا أصبحت الحياة كلّها عنده هي المسيح، مفضّلا أن يحسِب كلّ شيء خسارة من أجل الربح الأعظم، بحسب قوله، وهو معرفة يسوع ربّه الذي من أجله خسر كلّ شيء واعتبره نفاية لكي يربح المسيح .
هو مغزى شعاري الذي يعكس مع مختلف عناصره مسيرة حياتي حتى اليوم. فالزيتونة ترمز إلى تجذّري بهذه الأرض الشرق أوسطيّة مهما تغرّبت عنها. إنها شجرة مقدّسة لطالما صلّى تحت ظلّها الربّ يسوع، ومن زيتها يصنع الميرون، "هذا المرهم الروحيّ لحفظ الحياة وتقديس النفوس والأجساد" ، وهو يرافق الإنسان من العماد والتثبيت إلى مسحة المرضى. بالزيت ضمّد السامريّ جراح المسكين الذي تعرّض له اللصوص ، وبالزيت أضاء الحبساء سرجهم للصلاة والعبادة. أمّا الكتاب فهو يجسّد ما كانت عليه مدينة نِصِّيبين أيام مار يعقوب ومار أفرام ومار نرساي: مدينة سريانيّة جامعيّة بامتياز، من أول الجامعات في التاريخ، ومركز علميّ وطبِّيّ وفلسفيّ ولاهوتيّ. تبقى عصا مار أنطونيوس التي تشكّل عمود ارتكاز الشعار كلّه: هي هويّتي وهي لقائي الأوّل بيسوع، وشعوري هذا يبقى هو هو، إن في الدير أو تحت قبّة الڤاتيكان.
توجّه رئيس الرهبانية الانطونية الاباتي جوزيف ابي رعد للأسقف الجلخ قائلًا : "من بولس استعرت يا صاحب السيادةِ شعار أسقفيّتِك وبهِ يجمعك الشغف بالمسيح والغيرة. أسرك حبّ المسيحِ طفلاً فتركت بيتك وأهلك وعشيرتك الى بيوتِ اللهِ وأهلها والى عشيرة عريقة وفريدة. انتميت اليها لا بالولادةِ والنّسب وانّما بالانتساب والتكرّسِ. هي رهبنتك الانطونيّة المارونيّة. شرِبت من معينها الفيّاض فأعطتك بسخاء وأعطيتها أفضل ما عِندك. ترعرعت في ربوعها ونميت، نجحت واخفقت، تعلّمت وفيها كبرت. افراحها افراحك واحزانها احزانك واحلامها ايضاً. بشغفك المعهود ناضلت دوماً لكي تكون على مستوى دعوتها وتاريخها وانتظارات الكنيسة وشعب الله منها. لم تسلّم يوماً بتجعّدات وجهها التي هي انعكاسٌ لهشاشتنا وضعفنا جميعاً. لم تفتِر هذه يوماً شغفك بها وسعيك الدؤوب لكي تكون على صورةِ الكنيسة " سنِيّةً لا دنس فيها ولا تغضّن ولا ما أشْبه ذلِك، بل مقدّسةً بِلا عيب."
وتابع الأباتي بو رعد: " من الانطونيّة تحمل أجمل وأعرق سماتها وهي الانفتاح. ولِدت رهبانيّتنا في رحم الكنيسة المارونيّةِ. أسّسها البطريرك البلوزاويّ ونمت برضى أسلافه وبركتهم. ولكنها زرِعت في الضواحي على تماس مع الآخرين. تحمل في جيناتها النزعة الى الخروج، الى خوض تحدّي لقاء الآخر المختلف، الى النفورِ من التقوقعِ على انواعه. هذه الروح الانطونيّة، يا صاحب الاخوّة والسيادة، هو أثمن ما تحمله في جعبتك من عندنا وما يسهّل خدمتك الكنسيّة الجديدة ويخصّبها."
وتابع: " نحتفل بك اليوم ومعك بباكورةِ خدمتِك الأسقفيّة. تحتفل على أوّل مذبح قبّلته بعد رسامتك الكهنوتيّة. على المذبحِ الذي يقبِّله كلّ أنطونيّ لآخِرِ مرّة، محمولاً على أكتاف إخوته قبل ان ينضمّ الى آبائه. تحتفل على المتقدم بين مذابحِ الرهبانيّة الانطونيّةِ التي ارتسمت عليها وفي رحابِ ديرِ الرئاسةِ العامّةِ قلبِ الرهبانيّة النابضِ عنايةً بكلِ أبنائِها.
تخرج اليوم من صفوفنا لا من معركتنا، تخرج الى خدمة أشمل وأوسع، من حاضنتِنا الدافئة المتواضعة الى حاضرةِ الفاتيكان، حاضنة الكنيسة الجامعة. تخرج من جهادنا الرهبانيّ اليوميّ ولكنك لم ولن تخرج من صورتنا المجمعيةِ الجامعة ولا من صلاتنا اليوميّة، ضمانة صِلتِنا بمن دعانا وببعضِنا بعضاً."
وختم كلمته بالقول: " نعاهدك ونعاهِد من دعاك لمشاركته خدمة الكنيسة الجامعة بأننا ضنينون على إداء قسطنا في بناء ملكوت الله. بتواضع بعزم وبفرح. همّنا وهمّه بان يبشّر بالمسيحِ فتغدو أديارنا ورسالاتنا واحاتِ لقاء بالربِّ ورهباننا شهوداً لقيامته ولحضوره الخفيّ في العالم. معك لنا ولكل كنيسة المسيح في الشرق صوت صارخ وصادق وغيور في مجلس الأب الاقدس وإسهام في تدبيره وعنايته بها".
غودجيروتي
وفي ختام قدّاس الشكر كانت كلمة للكاردينال غودجيروتي توجّه فيها للأسقف جلخ قائلًا: عندما يدعوك بطرس عليك أن تلبي النداء، إنتقلت من أن تكون إبنًا لكنيسة شرقية لتصبح أباً للكنائس الشرقيّة. وتابع بالقول: " أنت - من دون أحد آخر - صوت الكنائس الشرقية الصارخ عند ملاكها الحارس خليفة بطرس (الكرسي الرسولي)»، اليوم لبنان يأتي الى روما، فأنت تأتي من خارج أسوار الفاتيكان لتكون صوت الشرق عند البابا. الرب اخذك من كنيسة مشرقية، كنيسة رهبان كانوا فيها يهربون للحفاظ على ايمانهم. مركزك الجديد في روما لن يبعدك عن هذه الكنيسة، لكنه سيسلمك كنائس شرقية اخرى، التي يجمعها نفس المصير."
وتابع غودجيروتي بالقول: " سيكون وقع مختلف لصرختك لانها تأتي من دم الذين يتعذبون. لان الدم يصرخ. أَزعِجنا حين نتكاسل. وعندما نصبح حذرين، قل لنا إن إخوتك يموتون في لبنان وغزة وأوكرانيا وأرمينيا وسوريا، وقل لنا أن الوقت حان".

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الانطونی ة

إقرأ أيضاً:

وليد خليل: الحج عبادة لا تحتمل الخداع.. والرقابة صارمة هذا العام

حذر وليد خليل عضو اللجنة العليا للحج والعمرة، من خطورة محاولة التحايل على أنظمة المملكة العربية السعودية الخاصة بتأشيرات الحج هذا العام، مؤكدًا أن السلطات السعودية اتخذت إجراءات صارمة لمنع أي تجاوزات كما حدث في المواسم السابقة. 

وأضاف خلال مداخلة هاتفية مع المحامي الدولي والإعلامي خالد أبو بكر، مقدم برنامج "آخر النهار"، عبر قناة "النهار"، أنّ كل من يخطط لأداء الحج بتأشيرة غير مخصصة لذلك، سواء كانت زيارة أو سياحة أو عمل، سيكون عرضة للمساءلة والملاحقة القانونية.

وتابع، أن المملكة شددت هذا العام على أنها لن تسمح بأي تجاوز أو تحايل، مشددًا: "أنت مش رايح تتاجر، أنت رايح تقابل ربنا وتطلب المغفرة والتطهر من الذنوب، مش رايح تزوّر أو تخدع دولة بتحترم القانون". 

ولفت إلى أن هذا النوع من التحايل ليس فقط مخالفة قانونية، بل أيضًا تصرف مرفوض شرعًا، وقد صدرت فيه فتاوى رسمية من دار الإفتاء.

وتابع خليل: "العام الماضي شهد تجاوزات كبيرة، لكن الأمور مختلفة تمامًا هذا العام، فالإجراءات مشددة من الجانبين، المصري والسعودي، لمنع تكرار ما حدث. الجهات السعودية أوقفت إصدار بعض التأشيرات منذ شهر شوال، كما توقفت باركودات العمرة بالكامل".

وأوضح أن هناك تفتيشًا أمنيًا دقيقًا، وإجراءات صارمة على جميع المنافذ، ولا توجد أي فرصة تقريبًا لتكرار ما حدث سابقًا. 

ووجه وليد خليل رسالة توعوية لجميع المواطنين الراغبين في أداء المناسك قائلًا: "احترم القوانين، واحترم قدسية الحج، وتعامل مع الأمر كعبادة لا تحتمل الغش".

طباعة شارك الحج حج عرفات

مقالات مشابهة

  • السفير الأمريكي لدى أنقرة يعلن رسميا تعيينه مبعوثا خاصا إلى سوريا
  • عبد المسيح: آن الأوان لخطوة من حزب الله مماثلة لخطوة الرئيس الفلسطيني
  • رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية: التعليم أساس العمل الروحي
  • رئيس جنوب إفريقيا يعلق لـCNN على لقائه مع ترامب الذي شهد مواجهة محتدمة
  • الأمير محمد بن عبدالعزيز يصل إلى جازان بعد تعيينه أميرًا للمنطقة
  • وليد خليل: الحج عبادة لا تحتمل الخداع.. والرقابة صارمة هذا العام
  • رئيس جنوب إفريقيا: نريد أن ندفع قدما العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة
  • البابا تواضروس: الكنيسة تربطها علاقات طيبة ومتينة مع الرئيس السيسي والأزهر
  • اطلع على أبرز برامجها ومبادراتها.. نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء جمعية السرطان السعودية بالمنطقة
  • نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء جمعية السرطان السعودية بالمنطقة