إن شاء الله تعالى مصر لن تضام أبدا، فانظروا الى البلاد من حولنا، لقد قامت عندنا ثورة 25 يناير، كما قامت عندهم ثورات، بل حجم ثوراتهم لايساوى شيئا بالنسبة لثورتنا، وتلت ثورة 25 يناير ثورة 30 يونيو، التى صححت المسار وأنقذت البلاد والعباد من براثن جماعة فاشية إرهابية، وهذا فضل الله على مصر والمصريين، ورغم كل الصدمات والتوترات العالمية التى مرت علينا، مازالت مصر تقف صامدة بفضل الله أولا، ثم بفضل الشعب المصرى العظيم الذى تحمل ومازال يتحمل الإصلاحات الاقتصادية وتبعاتها العنيفة، وكلنا أمل فى أن تنجح الوزارة الجديدة فى تخفيف الأعباء عن المصريين، وتبحث عن مصادر أخرى تعظم بها مواردها، غير فرض المزيد من الأعباء على المواطنين، وتجتهد فى تحقيق حماية اجتماعية حقيقية للشريحة الأكثر فقرا، وأصحاب المعاشات.
ولن تضام مصر إن شاء الله تعالى، وفيها الأزهر الشريف بعلمائه الأفاضل المجتهدين المخلصين لله أولا، ثم لهذا الوطن الحبيب، فالأستاذية هنا فى مصر، والعلم الشرعي هنا، والقرآن الكريم الذى نزل على سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى الجزيرة العربية، يتلى حق تلاوته هنا فى مصر، من أجل ذلك سيحفظ الله مصر.
وإن شاء الله تعالى الفقير فى مصر لن يضام أبدا، فمن باب التكافل والتراحم والصلة والمودة والألفة يحرص المصريون على ذبح الأضاحى فى هذا الموسم العظيم، مشاركة لحجاج بيت الله بالتقرب إلى الله تعالى، فهم فى حجهم لهم الهدى، ونحن فى مصرنا وفى كل الأمصار العربية والإسلامية، وللمسلمين جميعا على وجه البسيطة لنا الأضحية، فالمضحى يذبح أضحيته فيوسع على نفسه وأهل بيته ويهدى منها لأقاربه وأصدقائه، ويتصدق كذلك على الفقراء والمساكين إغناء لهم عن السؤال فى هذا اليوم، وقد أشار القرآن الكريم الى وجوب التعاون فى مثل هذه الأعمال، قال تعالى: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان".
كذلك بالنظر فى حكمة المشرع الكريم سبحانه وتعالى، نجد أنه يراعى الأبعاد الاجتماعية والنفسية والاقتصادية بين أفراد المجتمع، فقد شرع الله الأضحية للقادر عليها توسعة وإغناء، بقوله تعالى فى سورة الكوثر: "إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر".
ويوضح النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ مدى أفضلية الأضحية، فقد جاء فى حديث أم المؤمنين عائشة ـ رضى الله عنها ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "ما عمل ابن آدم عملا يوم النحر أحب إلى الله من هراقة الدم، وإنه ليأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع بالأرض فطيبوا بها نفسا".
لذا فإننا نشد على أيدي القادرين الذين يضحون ويذبحون بأنفسهم أو يوكلون غيرهم بشراء صك الأضحية، مساهمة فى التكافل الاجتماعي وتوسعة على الفقراء والمساكين وإغناء لهم عن السؤال فى يوم العيد، فإن من أعطى وأغنى الفقراء فالله يعطيه ويغنيه، وهو الجواد الكريم سبحانه وتعالى.
فلا يبخل الغنى على الفقراء فى مثل هذه الأيام الصعبة، بل عليه أن يزيد من عطائه، والله سيخلف عليه أضعافا مضاعفة، فإن كان معتادا على تقسيم أضحيته ثلاثا: ثلث لنفسه وثلث للفقراء وثلث للأقارب والأصدقاء، فعليه أن يتحرى الفقراء فى أهله وجيرانه وأصدقائه ويعطيهم الجزء الأكبر من الأضحية، ولا يدخر لنفسه إلا القليل، فما عند الله خير وابقى.
اللهم احفظ مصرنا، وأدم أمننا، واجمع على الحق شملنا، اللهم آمين.. وكل عام أنتم بخير.
[email protected]
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الله تعالى فى مصر
إقرأ أيضاً:
التقوى.. تعرف على معناها وثمراتها وكيف يكون المسلم من المتقين
كشف الدكتور علي جمعة، مفتى الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عبر صفحته الرسمية على فيس بوك عن معنى التقوى وثمراتها وكيف ينال المسلم هذه المنزله الرفيعة ويكون من المتقين.
كيف ينال المسلم منزلة التقوى
وأوضح علي جمعة أن التقوى حالة قلبية، ومنزلة إيمانية رفيعة، ومرتقى عالٍ لا يناله المسلم إلا بالمجاهدة والمصابرة.
ما التقوى
وبين أن التقوى هي:
فعل الخيرات.
التقوى هي اجتناب الشرور.
التقوى هي تحقق محبة الله ورسوله في قلب المؤمن.
التقوى هي حصول الرضا والسكينة.
التقوى أن نعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله.
الغاية من أحكام الإسلام
واشار الى أن الله تعالى بيَّن أن الغاية من كل ما شرعه -سواء في العقيدة أو الشريعة- أن تكون التقوى صفة لازمة للمسلم؛ ففي ستة مواضع من القرآن الكريم عقَّب الله تعالى على التشريع بقوله: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، وفي ستة مواضع أخرى بلفظ: (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ).
وإذا تدبرنا الآيات المحكمات في كتاب الله تعالى, وجدنا أن التقوى هي الغاية من أحكام الإسلام، وقد جاء الأمر النبوي بعموم التقوى في الزمان والمكان والحال، فقال ﷺ: (اتق الله حيثما كنت, وأتبع السيئة الحسنة تمحها, وخالق الناس بخلق حسن) [أخرجه الترمذي]. فإذا تحقق المرء بالتقوى في جميع شؤونه ، نال ثمرتها العظيمة التي تضمن له السعادة في الدنيا، والنجاة والفوز في الآخرة, ومن هذه الثمرات المباركة:
ثمرات التقوى
1- محبة الله تعالى, قال تعالى: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ) .
2- نزول رحمة الله تعالى في الدنيا والآخرة, قال تعالى: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) ، وقال: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) .
3- الدخول في معية الله ونصره, قال سبحانه: (إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) ، وقال: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ) .
4- الأمن من الخوف والحزن, قال تعالى: (فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) ، وقال: (وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) .
5- نور وبصيرة في القلب يميز بها الإنسان بين الخير والشر والحق والباطل, قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا) , وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) .
6- السعة والبركة في الرزق, قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) ، وقال: (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) .
7- تفريج الهموم والكروب, قال عز وجل: (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) .
8- رد كيد الأعداء والنجاة من شرهم, قال تعالى: (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) .
9- حُسن العاقبة والخاتمة في الدنيا والآخرة, قال تعالى: (وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) , وقال: (مَثَلُ الجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ المُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الكَافِرِينَ النَّارُ) .
10- قبول العمل, قال تعالى: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقِينَ) ، وقال: (لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ) .
ونوه بأن الحاصل أن التقوى محلها القلب، وهى شعور يضع صاحبه في حال من الحرص والمراقبة لسلوكياته، حتى تكون موافقة لما أمر الله، بعيدة كل البعد عما نهى الله عنه، وفي حالة حب يأنس فيها العبد بربه، وينعم برضوانه.