مجاعة كارثية تواجه 765 ألف سوداني الأشهر المقبلة
تاريخ النشر: 13th, June 2024 GMT
تقدر توقعات أولية لمبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أن 765 ألف سوداني قد يواجهون نقصا كارثيا في الغذاء بحلول سبتمبر.
والتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أداة تستخدمها وكالات الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة لتحديد ما إذا كان سيتم إعلان المجاعة رسميا.
وضع كارثي
وتعكس التوقعات الأولية، اعتبارا من الأول من يونيو والتي اطّلعت عليها رويترز، الوضع سريع التدهور في الدولة التيتمزقها الحرب.
وأظهر آخر تقدير سابق، صدر في ديسمبر، أن 17.7 مليون شخص، أو 37 بالمئة من سكان السودان يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي، لكن لم يتم اعتبار أي منهم في وضع كارثي.
ويواجه الآن نحو 25.6 مليون شخص، أي 54 بالمئة من السكان، نقصاحادا، منهم أكثر من تسعة ملايين شخص في أوضاع غذائية طارئة أو ماهو أسوأ.
وأحدث التوقعات أولية وقد تتغير. وسيتطلب الأمر موافقة الحكومة السودانية التي يسيطر عليها الجيش وموافقة الأمم المتحدة ووكالات دولية. وسبق أن نفت الحكومة أن البلاد تعاني من مجاعة.
ومن المتوقع أن تكون البيانات غير كاملة. وفي مارس، قالت مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل، ومقرها روما، إن التهديدات الأمنية وحواجز الطرق وانقطاع الاتصالات في السودان تعيق قدرتها على إجراء التقييمات.
وقال أشخاص مطلعون إن التصنيف الذي يحلل بيانات انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية يأمل في نشر تقرير عن السودان في الأسابيع القليلة المقبلة.
وقالت فاطمة الطاهر المسؤولة بالحكومة السودانية ورئيسة مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل في السودان لرويترز إنه لم يتم الانتهاء من التصنيف ولا نتائج نهائية بعد.
وقال لافون كلوك، المتحدث باسم المبادرة إن التحليل"مستمر"، وإنه لم يتضح بعد موعد الانتهاء منه.
وتأتي أحدث التوقعات عن السودان في وقت تعاني فيه منطقة صراع أخرى هي قطاع غزة من نقص حاد في الغذاء. وفي مارس ، قالت المبادرة إن المجاعة وشيكة في غزة حيث من المتوقع أن يعاني 1.1مليون شخص، أي نحو نصف السكان، من انعدام الأمن الغذائي الكارثي.
فرار الملايين
ونشب القتال في العاصمة الخرطوم في أبريل 2023 وسرعان ما انتشر في أنحاء البلاد فأشعل من جديد شرارة العنف العرقي في منطقة دارفور غرب البلاد وأجبر ملايين على الفرار.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة هذا الأسبوع إن عدد النازحين داخل السودان بسبب الصراع الحالي والسابقتجاوز 10 ملايين. وتكابد البلاد بالفعل أكبر أزمة نزوح في العالم.
وقالت وكالات الأمم المتحدة أيضا الشهر الماضي إن السودان على شفا "خطر مجاعة وشيك". ويعاني نحو 3.6 مليون طفل من سوء التغذية الحاد، وفقا لبيان مشترك لشخصيات بارزة في الأمم المتحدة،من بينهم المفوض السامي لحقوق الإنسان.
ولم يتضح بعد ما إذا كان سيتم إعلان المجاعة في السودان. وترفض الحكومات أحيانا بيانات وتوقعات المجاعة. وحتى الآن، لم تعلن وكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات عن حدوث مجاعة سوى مرتين فقط منذ إنشاء نظام إنذار مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي قبل 20 عاما، مرة في الصومال عام 2011، ومرة في جنوب السودان عام 2017.
ويعتمد تحديد ما إذا كان سيتم إعلان المجاعة على مقياس تستخدمه المبادرة يتألف من خمس مراحل، من المرحلة الأولى التي لاتمثل أي أوضاع غذائية خطيرة، إلى المرحلة الخامسة التي تمثل إماكارثة، أو ما هو أسوأ من ذلك. وتعتبر المراحل الثالثة والرابعة والخامسة جميعها حالات أزمة أو أسوأ.
حجم المجاعة
ويتم تحديد التصنيف وفقا لمجموعة معقدة من المعايير الفنية تشمل قياسات للمجاعة وسوء التغذية والوفيات. وفي المناطق التي صنفت رسميا على أنها مجاعة من المرحلة الخامسة، يموت أكثر من شخصين من كل 10 آلاف يوميا، من بين معايير أخرى.
وتشير أحدث التوقعات الأولية لتصنيف للسودان إلى أنه بين يونيو وسبتمبر، سيواجه نحو 756 ألف شخص المرحلة الخامسة من الكارثة. وهذا يعني أن البلاد لم تصل من الناحية الفنية إلى ظروف المجاعة واسعة النطاق، لكنها ما زالت تعتبر في حالة أزمة كبيرة.
وحددت التوقعات 32 منطقة وتجمعا يعاني السكان فيها من نقص كارثي في الغذاء. وشمل هذا منطقتين يواجه فيهما 15 بالمئة من السكان ظروف المرحلة الخامسة الكارثية من التصنيف. والمنطقتان هما مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور ومخيم قريب للنازحين يسمى زمزم.
وتحدثت تقارير عن ثلاث مناطق أخرى أشرف فيها 10 بالمئة من السكان على هذه المرحلة.
وكثير من المناطق التي تواجه توقعات المجاعة استولت عليها قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش السوداني.
وقال دبلوماسي أمريكي كبير لرويترز يوم الثلاثاء إن أجزاء من السودان تعاني بالفعل من المجاعة، لكن نطاق الجوع الشديد ما زال غير واضح.
وقال توم بيرييلو، المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان"أعتقد أننا نعلم أننا في مجاعة... أظن أن السؤال هو ما حجم المجاعة، وما المساحة التي تنتشر فيها في البلاد، وإلى متى".
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات الأمم المتحدة المجاعة الدولة الحرب السودان الحكومة السودانية مجاعة كارثية الأمن الغذائي السودان حرب السودان الأمم المتحدة المجاعة الدولة الحرب السودان الحكومة السودانية أخبار السودان التصنیف المرحلی المتکامل المرحلة الخامسة الأمم المتحدة بالمئة من
إقرأ أيضاً:
تدابير حماية الدفاع الوطني
الخارجية الأمريكية أكدت على لسان الناطقة بإسمها، تامي بروس، عزمها توقيع عقوبات على السودان، تشمل تعليق بعض الصادرات وحجب القروض، ويتوقع ذلك في أو حوالي الأسبوع الأول من يونيو القادم. والسبب هو ورود تُهَم غير مؤكدة باستخدام غاز الكلور من قبل القوات المسلحة خلال عام 2024م، دونما تحديد لمواقع متأثرة، ولا إبراز نتائج للجان تحقيق.
والواضح أن القرار بُني على خلفية تعيين رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس، وبتدليس واضح من داعمي الميليشيا الذين أظهروا عداءهم عليه علنا، وفارت الأسافير بتأوهاتهم الغائظة.
لذا يتعين على وزارة الخارجية التواصل مع الجانب الأمريكي ومجابهة الفرية التي روّج لها داعمو التمرد، وجاءت إثر انتصارات الجيش المتلاحقة، وحالة الاستقرار المتنامية، والعزم على تطهير كافة أرجاء البلاد من أرجاس الإرتزاق والبنادق العميلة.
كما يتعين التواصل المباشر مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الذي سبق له إتهام الميليشيا بالتطهير العرقي، ووصمها بإبادة المدنيين في مدينة الجنينة. كما يلزم توضيح دوافع هذه الفٍرية، وأنها تجيئ في مناخ الكيد السياسي، والتماهي مع أجندة خارجية، وأنها من جهات غير منتخبة، لا تتمتع بأي سند شعبي، وهي كذلك من مخلفات وتدخلات الإدارة الديمقراطية السابقة في عهد بايدن، والتي كانت ترسم للناشطين خارطة طريق محددة وتؤوي رموزهم، وتبرعت لهم بملايين الدولارات إثر زيارة مديرة المعونة الأمريكية USAID سمانثا باور الخرطوم في أغسطس 2023م.وأعلنت التبرع بملايين الدولارات للانتخابات والتحول الديمقراطي اللذين لم يحدثا قط.
كذلك يتعين مطالبة الخارجية الأمريكية برفع التدابير العقابية على شعب السودان، لأنها لم تُبنَ على بيّنات موثوقة، ولم تنعقد لها لجان تحقيق فنية، ولم تتم إحاطة السودان رسمياً بشأنها على المستوى الثنائي.
بيد أنه وبغض النظر عما تتمخض عنه تلكم المحادثات، فعلى بنك السودان المركزي اتخاذ تدابير تحوطية حاسمة واستباقية، وبصورة فورية، لوقف التعامل الكامل بالدولار الأمريكي في كافة المعاملات الرسمية الحكومية، وكافة مشتريات الدولة، وعمليات الصادر والوارد. وهذا أمر لا مناص منه لحماية المصالح العليا للوطن.
كذلك على البنك المركزي تشكيل سلة واسعة من العملات البديلة، كالتعامل باليوان الذي اعتمد من قبل صندوق النقد والبنك الدوليين كعملة دولية، والتعامل بعملات الشركاء التجاريين ذوي الأفضلية، كالهند وإندونيسيا، ودول الخليج الشقيقة، وعبر إبرام اتفاقيات ثنائية.
وبالمثل يتعين على وزارتي المالية والتجارة ابتدار تدابير صارمة لوقف تصدير الصمغ العربي لأمريكا حال توقيع هذه العقوبات، واستنادا على مبدأ التعامل بالمثل Reciprocity وعملا بالقاعدة الشرعية: “وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به”..
غني عن القول التذكير بأنه يتعين على السودان عدم ابتدار المشاكل مع الآخرين، وخاصة إدارة الرئيس ترمب، لأنها عموما تعتبر أفضل من الإدارة السابقة المتماهية عقائديا ومنهجيا مع العملاء المأجورين، والتي كانت تعلن عداءها لكل ما هو إسلامي وبأسلوب سمج وفاضح، وكانت تموّل منظماتهم المشبوهة بعشرات الملايين من الدولارات، وكانت السبب المباشر في التدمير الذي طال بلادنا ولا يزال.
وعموما فإن سيادة البلاد وحماية مكتسباتها لا تقبل أي قدر من التنازل أو التهاون ولا الإستكانة ولا الإزدراء.
فالإدارة الحالية في أمريكا لا تجازي الإنكسار إلا بمزيد من الإحتقار، وتزدري وتحتقر الناكصين، وتتشكك في نواياهم النفاقية، ولكنها بذات القدر، تزن كل تعاملاتها الخارجية وعلاقاتها الثنائية بحساب الربح والخسارة المادية المتوقعة ومبدأ السوقية
Transactional
فليس هناك اعتبار لما يسمى بحقوق إنسان، ولا التحول الديمقراطي، ولا حقوق المثليين ولا يحزنون. هناك فقط حسابات أرباح وخسائر، واحتساب الأصول والالتزامات. هذا ما يتعين فهمه. والدليل هو ما يحدث منذ أكتوبر 2023 م في غزة من إبادة بشرية، وتجويع متعمد، وقتل ممنهج للمدنيين، ولموظفي الأمم المتحدة، وتدمير مكاتبها، وإطلاق النار المتعمد من قبل جيش الإحتلال على الدبلوماسيين، واغتيال الصحفيين، وقتل وجرح وتعويق النساء والأطفال والمرضى داخل المستشفيات، وبوقع يومي وبمئات الآلاف.
ومن تلقاء ذلكم الواقع فلا يمكن إطلاقا المساومة ولا التماهي مع الفروض القسرية، وأجندة كافلي العملاء المأجورين، والخونة والمرتزقة، ودجاجلة الفكر الضال، ممن يتربصون بهذه البلاد الدوائر، ويسعون لفرض مخططات أوليائهم الحاقدين على السودان وشعبه، والطامعين في موارده. فالمخطط هو أن تتزايد العقوبات على شعب السودان ولا ترفع إلا بشرط إعادتهم للسلطة وبالقوة القهرية، والضغوط الدولية، دون اعتبار لمشورة شعبية، ولا انتخابات، ولا رضى من شعب السودان.
وعليه فنتوقع من السيدين: رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، اتخاذ تدابير فورية، تعزز سيادة البلاد، وتنأى بها عن الإنكسار المهين للأجندة الخارجية، ورفض عقلية ومنهجية الترضيات المذلة، والخنوع المخزي للإملاءات، دون رأي عام راجح، ولا مشورة شعبية، ولا رضى من غالبية شعب السودان.
فقد كان ذلك هو ديدن سلطة الناشطين الخالفة، التي فُرضت على البلاد منذ أبريل 2019م والتي كانت تعمل للإرتكاس بالبلاد لعهود غردون وكتشنر واللورد كرومر، فهؤلاء هم سلفهم المُلهِمون.
فالإنكسار الدبلوماسي والإستخذاء المهين لن يعزز سيادة الدولة، ولا يبني دولة موحدة ولا محترمة، وهو فوق كل ذلك خيانة لدماء الشهداء، وتولي عن نصرة المغتصبين، والمنهوبين، وضحايا الإبادة في الجنينة، وود النورة، والصالحة، والمحاصرين في الفاشر، والمشردين واللاجئين في أركان الأرض.
فما تتعرض له البلاد بلطجة دبلوماسية معلومة، وبتحريض سافر، ولها سوابق مشهودة في التاريخ العلاقات الثنائية المشهود. لكنها تحتاج لإستجابة دبلوماسية قاصدة، ومنهجية سيادية مدروسة، وموزونة بدقة، وفق ما فعلته دول كالصين وإيران وكندا والمكسيك وجنوب أفريقيا وغيرها، وهي تدابير مطلوبة وحتمية لوأد الشر المحتمل في مهده.
يحتاج السودان لإبرام تحالفات دفاعية موثوقة، مع دول محورية فاعلة وصديقة للسودان، ومؤثرة على المستوى الدولي، ليس بقصد الإعتداء على أحد، ولا لإحتلال موارد الآخرين، ولكن كممارسة لحق مشروع ودستوري، لتعزيز الدفاع الوطني، ومع دول تربطنا معها علاقات تاريخية مثل روسيا والصين وتركيا، وكذلك مع كل من يمد للسودان يد العون والتعاون، وبقصد وهدف حماية وتعزيز الأمن القومي والدفاع الوطني.
وذلك لأن أعداء السودان يتربصون به الدوائر، ويستقوون على تدميره وتمزيقه بآخرين نافذين في المحيط الدولي، يتحركون بدوافع تآمرية متآزرة، لا يمكن دفعها إلا بتحالفات مماثلة لتحقيق التوازن المطلوب، وتحسين التدابير المطلوبة لحماية الأمن والدفاع الوطني.
فاليوم يدفع السودان وشعبه ثمن التقاعس والتسكع الإداري والتردد في عمل ما ينبغي لتعزيز الأمن القومي الاستراتيجي.
ليس للضعفاء والمترددين ولا المتقاعسين في عالم اليوم أي موقع معتبر. مكانهم فقط هو القعود المستخزي في وهاد التبعية وحضيض الإذلال.
من يهُن يسهل الهوان عليه..
ومن لا يتق الشتم يشتم.
د. حسن عيسى الطالب
إنضم لقناة النيلين على واتساب