لجريدة عمان:
2025-12-13@15:52:18 GMT

كل عام وأنت أقل حزنًا وأكثر يقظة!

تاريخ النشر: 16th, June 2024 GMT

ونحن نقول لبعضنا: «كل عام وأنتم بخير»، لنتذكرُ الخذلان التي تفاقم بيننا كعشبة سامّة منذ تسعة أشهر، ففي الجوار إن نجا أحدهم من الموت، لم ينجُ من أنقاض بيته المنهار، هناك حيث ينتظره الموت البطيء، وإن نجا من الأنقاض فقد لا يسلم من البتر، وإن سلم من البتر، فقد لا يتركه الجوع، وإن تركه الجوع فقد لا تمهله الأمراض التي تتركها النفايات ومخلفات الحرب!.

هكذا يتوحشُ السيناريو، لكننا وبصفتنا «متفرجين» لم نستوعب بعد أننا ننظرُ بأمّ أعيننا إلى سردية أوجاع حقيقية، وليست مقطعًا فلميًا ينتهي كعادة أفلام هوليوود بنهاية سعيدة. فمن نراهم اليوم على شاشات هواتفنا قد لا نراهم غدًا.. حيوات تُنتزعُ بهمجية عبثية تبررها سلسلة من الأكاذيب الكبرى!

لكن وإن لبسنا ثيابنا الجديدة اليوم فأين سيذهبُ الغضب العربي الصاخب فينا؟ وإن خرجنا والتقينا بأحبتنا، فمن سينتزع صور أشلاء الأطفال من رؤوسنا، وأسماءهم المكتوبة على أجسادهم ليتم التعرف عليهم فيما لو شوّههم الموت؟ وإن تناولنا حلوى العيد ولحومه وامتلأنا غبطة، فمن سينكر الجوعى المنتظرين بأوعية الطعام الفارغة على أرصفة الحياة؟ وإن ركض أبناؤنا بالعيدية فمن سيتذكر الفتية الذين تنوء أجسادهم الضئيلة تحت أثقال قناني الماء؟ وإن امتدّت الأيدي المخضّبة بالحناء والأساور، فمن سيخطئ الأطراف المبتورة في مكان آخر من الدنيا؟ وإن برقت الأعين المُكحّلة بكحل العيد وزينته فمن سيمسح الدمع الكثيف من أعين المخذولين والمخذولات الجالسين فوق مقابر أحبتهم؟ وإن تجولنا من بيت إلى بيت لنلقي التحية والقبلات فمن سيدركُ وجع النازحين المتنقلين من مكان لآخر، من خيمة لأخرى، من جحيم لآخر، مشيًا على الأقدام، ليبدأوا في كل مرّة من الصفر الكبير؟!

وإن احتمينا بمكيفات التبريد، غاضبين من طقس حار يستنفذ طاقتنا وقوانا، فمن سينظر للذين يؤوبون إلى خيامهم الحارة غير المزودة بالكهرباء، وليس بحوزتهم ثمن أحذية للصغار الذين يمشون حُفاة فوق جحيم التراب؟ وإن ذبحنا الأضاحي من ثيران متوحشة أو جِمال لا يقدر عليها إلا رجال أشداء فمن سيشفقُ على الأيدي التي تجمعُ الطعام الذي اختلط بتراب الأرض؟ من سيشفق على المِعَد التي هضمت أطعمة الحيوانات والمعلبات منتهية الصلاحية؟ من سيترفقُ بالرضّع الذين لا يجدون حليبًا فيشربون الهمّ من أثداء التعب؟!

وإن أشعل أولادنا مفرقعاتهم وضجيج ضحكاتهم، فمن سيقشعر بدنه لانتفاض الأجساد الضئيلة واصطكاك أسنانها عندما تمطر سماءهم الصواريخ ويصبح الموت خبط عشواء؟!

وإن جلسنا آخر الليل لنقصّ على عوائلنا القصص والدعابات المُبهجة، فمن ستجرحه القصّة الأصلية للحرب التي لم تُحكَ بعد على نحو جيد، لم تُرَ، لم تُسمع، فكل ما وصل إلينا هو مجرد أجزاء صغيرة من القصّة المُعذبة؟!

ليس التعذيب وسوء التغذية وحدهما اللذان يؤذيان الرائي، بل الحزن الذي لم يُعطَ وقته ليمضي، إذ لا وقت للحزن في الحرب. الحزن مُحتجز في صدورهم وأعينهم كرهينة.. يسقط الأحبة من بين أيديهم، وعليهم أن يختاروا طوال الوقت بين السير أو السقوط!

لكن مهما حاولوا إقناعنا بأنّ هذه القصص وهذا الموت الكثيف هو محض مخاض طبيعي لنهاية محتومة لكيان مُغتصب، فذلك لا يعني أن نبرره على هذا النحو من اللاإنسانية، لا يعني أن نعتاد غيابهم ومحوهم من الحياة بهذه الصورة العنيفة، بينما نعيش حياتنا دون أن يرفّ لنا جفن، فليس من حقنا نحن الجالسين في رفاهية العيش أن نُنظر لأوجاعهم وخياراتهم على ذلك النحو من السطحية الباهتة، فكيف لنا أن نحكم ونحنُ لم نختبر القصّة المروعة التي اختبروها ولم نعرف الآلام التي لن تعيدهم إلى سابق عهدهم!

أيها الوطن العربي النائم في سبات انتظار المعجزات، كل عام وأنت أقلّ حزنًا وأكثر يقظة.

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

ﻏﺰة.. ﺗﻮاﺟﻪ الموت ﺑﺮداً

تجمد الطفلة «رهف أبوجزر».. وغرق خيام النازحين وتحذيرات من تفشى الأوبئة
الأونروا: تسونامى إنسانى يجتاح القطاع يفوق قدرة منظمات الإغاثة الدولية 

 

فتح البرد فصلاً جديدًا من فصول الموت فى قطاع غزة المُحاصر، حيث تتكامل قسوة الطقس مع فصول الإبادة الجماعية المستمرة بحق الشعب الفلسطينى. ملايين الأرواح تُركت تحت رحمة البرد والجوع والخيام الممزقة، فى ظل عجز كامل للمنظمات الإنسانية عن توفير الحد الأدنى من مقومات الحياة.
فالأطفال لا يعرفون معنى اللعب، بل يعرفون فقط كيف يهربون من الغرق، وكيف يقفون على قطعة تراب صغيرة لئلا يبتل جسدهم أكثر. وتختل أجسادهم وتزهق أرواحهم بفعل الجوع والبرد فالموت هنا يتلون مع كل مرحلة من مراحل الإبادة الجماعية.
ارتقت الصغيرة «رهف أبوجزر» شهيدة متجمدة. بعد أن فقدت روحها ذات الـ8 شهور فى ليلة قاسية هى الثانية التى يعيشها قطاع غزة. وسط اغراق مياه الأمطار لمخيمات النزوح تزامنًا مع تأثر فلسطين بمنخفض جوى عميق يستمر حتى ساعات مساء اليوم الجمعة، فى ظل أجواء باردة ودرجات حرارة متدنية.
واكد شهود عيان أنّ خيمة عائلة الرضيعة تضررت بفعل المنخفض الجوى وقوية الرياح وغزارة الأمطار، ما أدى إلى انخفاض حاد فى درجة حرارتها وسط غياب وسائل التدفئة والرعاية الصحية.
وهذه ليست حالة الوفاة الأولى إذ ارتقى العشرات من الأطفال خلال فصل الشتاء الماضى نتيجة البرد القارس، وانعدام الرعاية الصحية اللازمة، وسط استمرار الحصار الإسرائيلى.
سبق رهف الطفل زاهر ابو شامية الذى استشهد دهسا قرب الخط الأصفر شرق مدينة غزة  بعدما أطلق الاحتلال النار عليه وتركه ينزف فقامت إحدى الدبابات. بداية والمرور عليه ومنع إنقاذه فيما استشهد وأصيب عدد من الفلسطينيين برصاص الاحتلال فى عدة مناطق.
كما رفضت سلطات الاحتلال الإسرائيلى السماح لطفل (5 سنوات) بالسفر من رام الله لتلقى علاجٍ منقذ للحياة من مرض السرطان فى مستشفى «تل هاشومير»، بحجة أن عنوانه مسجل فى غزة.
واوضحت منظمة «غيشا - مسلك» فى التماسها أن عائلة الطفل انتقلت إلى رام الله عام 2022 لتلقى العلاج الطبى، الذى أصبح غير فعال حاليا، بينما يحتاج الطفل بشكل عاجل إلى عملية زرع نخاع عظمى لا تتوفر فى الضفة المحتلة أو القطاع.
وقالت الارصاد الجوية الفلسطينية إن منخفض بايرن الجوى على فلسطين يشتد ويطرأ انخفاض ملموس على درجات الحرارة، لذا يكون الجو باردًا وماطرا وعاصفا، وتسقط الأمطار على كافة المناطق وتكون غزيرة ومصحوبة بعواصف رعدية وتساقط البرد أحيانا.
وأظهرت مقاطع فيديو دخول مياه الأمطار إلى الخيام، بينما يُحاول النازحون إنقاذ ما تبقى من فراش وأغطية وحماية أطفالهم من الغرق والأجواء الباردة.
واشتكى النازحون فى عدة مناطق بالقطاع المنكوب من دخول المياه إلى أماكن نوم الأطفال والنساء والشيوخ فى الخيام، مؤكدين أن كل إجراءات الحماية فشلت أمام المنخفض الجوى والأمطار الغزيرة.
وحذر مدير عام صحة بغزة منير البرش من وفاة أطفال وكبار سن ومرضى جراء انخفاض درجات الحرارة داخل خيام النازحين التى غمرتها الأمطار.
وأوضح أن الرطوبة والمياه داخل الخيام تهيئ بيئة لانتشار أمراض الجهاز التنفسى بصفوف النازحين فيما يعجز المرضى عن الحصول على أى رعاية صحية.
وسجل الدفاع المدنى الفلسطينى غرق مخيمات بأكملها فى منطقة المواصى بخان يونس.
ومنطقة «البصة والبركة» فى دير البلح ومنطقة «السوق المركزى» فى النصيرات وفى منطقتى «اليرموك والميناء» فى مدينة غزة.
وتلقى منذ بدء المنخفض أكثر من 2500 إشارة استغاثة من نازحين تضررت خيامهم ومراكز إيوائهم فى جميع محافظات قطاع غزة.
واكد أن الفلسطينين بأطفالهم ونسائهم يغرقون الآن وتجرف الأمطار خيامهم رغم المناشدات والنداءات الإنسانية العديدة التى أطلقت لإنقاذهم قبل أن نرى هذه المشاهد المأساوية فى المخيمات.
وأعلن الدفاع المدنى الفلسطينى إجلاء نازحين من عشرات الخيام بعد غرقها الكامل، إثر الأمطار الغزيرة جنوبى القطاع، وحذر من تفاقم الأوضاع الإنسانية فى حال استمرار المنخفض الجوى الجديد مع عدم وجود مساكن مؤقتة تؤوى النازحين. مع استمرار انتهاك الاحتلال الإسرائيلى لاتفاق وقف إطلاق النار. 
وأشار مدير المكتب الإعلامى الحكومى فى غزة إسماعيل الثوابتة، إلى تفاقم الكارثة الإنسانية التى يعيشها النازحون فى مخيمات القطاع، مع تضرر أكثر من 22 ألف خيمة بشكل كامل جراء المنخفض، بما يشمل الشوادر ومواد العزل والبطانيات.
وأكد أن نحو مليون والنصف نازح يعيشون أوضاعًا قاسية داخل مخيمات الإيواء، بينما تقيم مئات آلاف العائلات داخل خيام مهترئة تضررت بفعل حرب الإبادة وبفعل العواصف الأخيرة.
وأوضح أن قطاع غزة بحاجة فورية إلى 300 ألف خيمة جديدة لتأمين الحد الأدنى من الإيواء، فى حين لم يدخل إلى القطاع سوى 20 ألف خيمة فقط منذ بدء الأزمة.
وشددت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، على أن هطول الأمطار فى القطاع يحمل مصاعب جديدة ويفاقم الأوضاع المعيشية المتردية أصلا ويجعلها أكثر خطورة.
وأشارت «أونروا» فى تصريحات صحفية إلى أن البرد والاكتظاظ وانعدام النظافة فى القطاع تزيد خطر الإصابة بالأمراض والعدوى.
وأكد المستشار الإعلامى لوكالة «أونروا» عدنان أبو حسنة: أن الوضع الإنسانى فى قطاع غزة بلغ مرحلة غير مسبوقة، واصفًا ما يجرى بأنه «تسونامى إنسانى» يفوق قدرات الوكالة والمنظمات الإغاثية، فى ظل منع الاحتلال إدخال المستلزمات العاجلة رغم النقص الحاد فى الإمدادات منذ وقف إطلاق النار.
وسلطت صحيفة الجارديان البريطانية، الضوء على انتقادات وكالات الإغاثة الدولية لاستمرار فرض الاحتلال الإسرائيلى قيودا مشددة على شحنات المساعدات إلى قطاع غزة رغم مضى شهرين على إعلان اتفاق وقف إطلاق النار.
وأبرزت صحيفة الجارديان البريطانية أن وكالات الإغاثة الدولية لا تزال تنتقد القيود الإسرائيلية المشددة على دخول المساعدات رغم مرور شهرين على إعلان وقف إطلاق النار. وذكرت الصحيفة أنه تم إدخال أكثر من 9000 طفل إلى المستشفيات فى أكتوبر الماضى فقط بسبب سوء التغذية الحاد.
وقالت تيس إنجرام، المتحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف): «فى مستشفيات غزة، التقيت بالعديد من الأطفال حديثى الولادة الذين كان وزنهم أقل من كيلوجرام واحد، وكانت صدورهم الصغيرة تنتفخ بسبب الجهد المبذول للبقاء على قيد الحياة».

 

مقالات مشابهة

  • يمتد عبر 11 دولة وأكثر من 6 آلاف كيلومتر.. إليك مشاهد مذهلة من الأخدود الإفريقي العظيم
  • من أين جاء لاعبو الإمارات الذين هزموا الجزائر في كأس العرب؟
  • غزة: 12 ضحية وانهيار 13 منزلًا وأكثر من 27 ألف خيمة بسبب المنخفض الجوي
  • الوزيرة الجنجويدية… هل يُفتح أخيراً ملف المتعاونين الذين عادوا إلى مؤسسات الدولة
  • كاسبرسكي تحذر من المجرمين السيبرانيين الذين يستخدمون الكتب التركية والعربية الرائجة كطعمٍ لسرقة البيانات الشخصية
  • ﻏﺰة.. ﺗﻮاﺟﻪ الموت ﺑﺮداً
  • رسالة إلى العالم الآخر
  • شاهد بالفيديو.. لاعب المنتخب البحريني: (الجمهور السوداني فاكهة البطولة وأكثر من 20 ألف مشجع حرصوا على مساندة منتخبهم رغم مغادرته البطولة)
  • حدث وأنت نائم| التحقيق بادعاءات محاولة اغتصاب منسوبة لعضو هيئة تدريس بجامعة خاصة.. وإعدام قاتل شقيقه بالشرقية
  • بالأسماء… هؤلاء هم اللبنانيون الذين أُخلي سبيلهم من سوريا