أين تذهب الأطنان من الجمرات التي يرميها الحجاج؟
تاريخ النشر: 18th, June 2024 GMT
أين تذهب الأطنان من الجمرات التي يرميها الحجاج؟.
المصدر: المشهد اليمني
إقرأ أيضاً:
ثريا الطيبة التي ضمها الثرى وحنت لها الثريا
سعيد بن حميد الهطالي
ما أقسى أن تتحول أحرف الحب إلى مراثي حين نكتبها بصيغة الغياب، وما أرهق الحنين إذا تقلده الأسى، وسكنه العذاب!
في فجر لا ينسى، غفونا على الدنيا، واستيقظنا على فجيعة الفقد! رحلت ثريا خفيفة كما كانت، عظيمة كما كانت، حنونة كما كانت، طيبة كعادتها، هادئة كنسمة، كريمة كغيمة، خيرة كمزنة.. رحلت دون وداع وكأن السماء استعجلتها فصعدت من بيننا على غفلة!
أي قلبٍ يحتمل أن تغيب ثريا؟! أي روح لا تنكسر حين ترى الطيبين يختفون فجاة؟! كأنك أتيت لتجملي الأرض برهة ثم تعودي إلى موطنك في الثريا في علياء المكارم، كأن الثرى سعد باحتضان جثمانك الطيب، فناحت الثريا شوقًا إلى روحك المحلقة!
حين تنفس الصبح أنفاسه البطيئة، وبدأ النداء الأول للصلاة، مضى زوجها كعهده يوقظ رفيقة عمره وأنيسة أيامه للصلاة، لكن فجر ذلك اليوم لم يشبه ما قبله، اقترب منها بهدوء الواثق ناداها باسمٍ ما زال يردده قلبه المختنق لكنها لم تجب!
كانت ثريا قد سبقت الجميع، أجابت نداءً إلهيًا أرق من نسيم الفجر، نداءً لا يُرد، ولا يؤجل، فارتقت روحها الطاهرة في هدوءٍ يليق بوقارها، وغادرت الدنيا كما عاشت فيها، صامتة كالنجوم، رفيعة كالسماء، خفيفة كروحها، نقية كقلبها، تاركة أثرًا لا يمحى.
لم تكن ثريا امرأة عادية، كانت عالمًا من الرحمة لوحدها، دفء الكلمة لزوجها وأبنائها، ومنبع الطمأنينة والصبر والحنان، تملأ المنزل رحمة ورضا، ما ذكرها أحد إلا ودعا لها، لم تكن كثيرة الكلام لكنها كانت تقول بالكثير من الصمت، وفي هدوئها كانت تختبئ آلاف النوايا الطيبة، لم تؤذِ أحدًا قط، ولم تثقل يومًا قلب أحد، بل كانت البلسم والسند والدعاء المتخفي الذي يهمس في زوايا البيت.
حين شاع خبر وفاتها، لم يحزن البيت وحده، بل حزنت القرية كلها، وكل قلب عرفها، أو حتى سمع عنها ولو من بعيد، كانت عنوانًا للرضا، أيقونة للحنان، وحبًا لا يشترط ولا ينتظر مقابلًا.
في غمضة عين، غابت ثريا عن الأعين لكنها لم تغب عن الأرواح، صارت ذكرى دافئة، وحنينًا متوقدًا، ودعوات ترفع مع كل صلاة.
إن بعض النفوس حين ترحل لا تفارقنا حقًا، تظل ظلًا وارفًا على جدار القلب، ودمعة حارة لا تُرى، لكنها لا تجف!
سلام عليك يا أم حمد.. يا من كنتِ سراجًا لدارك، وسكينة لعائلتك، سلام عليك في زويا البيت الحزين، وفي الأمكنة التي اشتاقت لخطاكِ الرفيعة، سلام على روحك الطبية التي ارتقت مع الفجر، فأنارت لنا سيرة عطرة طيبة لا تنسى.
ستبقين بيننا في الدعاء، في الذكرى، في كل حنين مباغت، وسيبقى وجهك النوراني شاهدًا على أن من يزرع الخير والحب والجمال لا ينسى.
اللهم يا واسع الرحمة اغفر لثريا وارفع مقامها في عليين، واجعل قبرها روضة من رياض الجنة، اللهم اجزها عن زوجها وأبنائها وأحبابها خير الجزاء، اللهم أكرم نزلها، ونور مرقدها، وثبتها عند السؤال واجعل الفجر الذي ماتت فيه فجرًا لها على جنة لا موت بعدها ولا فراق، واجمعنا بها في مستقر رحمتك حيث لا وجع ولا وداع، واجعل الصبر والرحمة والسكينة فيمن خلفتهم من رحيلها.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
رابط مختصر