القوارب المسيرة تحقق أهدافها.. حقيقة فيديو هجوم حوثي على سفينة بالبحر الأحمر
تاريخ النشر: 19th, June 2024 GMT
أصيبت سفينة تجارية تملكها شركة يونانية بأضرار أثناء إبحارها في البحر الأحمر قبالة السواحل اليمنية في 12 يونيو الحالي في هجوم بزورق مسير تبناه الحوثيون. وبعد ذلك بأيام، ظهر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو زعم ناشروه أنه لهذا الهجوم. إلا أن الفيديو في الحقيقة يعود للعام 2023 ويظهر استهداف ناقلة نفط روسية قبالة شبه جزيرة القرم.
ويظهر الفيديو زورقا صغيرا يتجه نحو سفينة ضخمة ويصطدم بها.
وجاء في التعليق المرافق "القوارب المسيرة اليمنية تحقق أهدافها".
وحظي الفيديو بمئات المشاركات من صفحات عدة في مواقع التواصل الاجتماعي منذ بدء انتشاره غداة استهداف الحوثيين سفينة تجارية تملكها شركة يونانية قبالة السواحل اليمنية في 12 يونيو 2024.
وقال الحوثيون في بيان إنهم نفذوا "عملية عسكرية نوعية استهدفت السفينة TUTOR في البحر الأحمر وذلكَ بزورق مسير وعدد من الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية".
وقالت القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم) إن "زورقا مسيرا" تابعا للحوثيين ضرب السفينة M/V Tutor، التي ترفع علم ليبيريا".
وأضافت سنتكوم أن هذه الضربة "تسببت في فيضانات خطرة وأضرار في غرفة المحرك".
ويأتي هذا الهجوم في سياق الهجمات المتكررة للحوثيين في البحر الأحمر وخليج عدن منذ نوفمبر 2023 على سفن تجارية وعسكرية وناقلات يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى موانئها.
ويقول الحوثيون المدعومون من إيران إنهم ينفذون هذه الهجمات تضامنا مع الفلسطينيين في قطاع غزة، حيث تشن إسرائيل حربا ضد حركة حماس بعد هجوم الأخيرة على مواقع ومناطق إسرائيلية في السابع من أكتوبر 2023.
سفينة روسيةإلا أن الفيديو لا علاقة له بكل ذلك.
فبعد تقطيعه إلى مشاهد ثابتة، أرشد البحث إليه منشورا في مواقع إخبارية عدة في أغسطس 2023، أي قبل اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس.
وجاء في التعليقات المرافقة للفيديو أنه يظهر هجوما بزورق مسير أوكراني على ناقلة نفط روسية.
وقد وزعت وكالة فرانس برس هذه المشاهد في الخامس من أغسطس 2023.
وآنذاك أصيبت ناقلة نفط روسية في مضيق كيرتش في شبه جزيرة القرم إثر هجوم أوكراني.
وكشفت صحيفة موسكو تايمز أن السفينة هي ناقلة النفط والمواد الكيماوية "SIG" الخاضعة لعقوبات أميركية لتزويدها الطائرات الحربية في سوريا بالوقود.
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
البحر الأحمر يكشف المستور.. لماذا شيطن الغرب العمليات اليمنية المساندة لغزة؟
يمانيون | تقرير
تتجلى الازدواجية الغربية بأوضح صورها على مسارح البحار والممرات الدولية، حيث تتعامل القوى الأمريكية والأوروبية مع الهجمات البحرية وفق معايير متباينة تصاغ بما يخدم مصالحها السياسية والاقتصادية.
فمن البحر الأسود مروراً بالبحر الكاريبي وصولاً إلى البحر الأحمر، تتبدى المنهجية ذاتها: شيطنة أي فعل يضر بمصالح الغرب، وتلميع أو مباركة أي اعتداء يخدم مطامعه، حتى لو اصطدم بالقانون الدولي أو شكّل تعدياً صريحاً على سيادة الدول.
هذا المشهد العالمي المتشابك يكشف أن الغرب لا يتحرك وفق قواعد ثابتة أو مبادئ قانونية راسخة، بل وفق هوية الفاعل ومدى انسجام الفعل مع الأجندة الأمريكية والأوروبية والصهيونية.
ومن هنا تبدأ ملامح المقارنة بين ثلاث ساحات بحرية مختلفة، يجمعها خيط واحد: سياسة الغرب الانتقائية.
البحر الأسود: الهجمات الأوكرانية بين التبرير والتضليل
في الأسابيع الأخيرة، نفذت أوكرانيا ثلاثة هجمات متتالية ضد ناقلات نفط روسية، استهدفت ما يصفه الإعلام الغربي بـ”أسطول الظل” الخاص بموسكو.
ورغم أن هذه الناقلات مدنية وتعمل ضمن مسار تجاري طبيعي، إلا أن العواصم الغربية امتنعت عن إصدار أي إدانة، واكتفت بتقديم الهجمات باعتبارها “جزءاً من الضغط المشروع على الاقتصاد الروسي”.
لم تتحدث أي دولة غربية عن تهديد الملاحة، ولم يخرج أي تحذير من الركون إلى استخدام الأسلحة ضد سفن غير عسكرية.
هذه المفارقة تكشف طبيعة المعايير الغربية التي تعتبر الهجوم على سفن الخصم ضرباً من الشرعية، ما دام يخدم هدف إضعاف روسيا اقتصادياً ومالياً.
الكاريبي: حين تتحول القرصنة إلى قانون أمريكي
وعلى الطرف الآخر من العالم، وفي البحر الكاريبي تحديداً، نفذت الولايات المتحدة عملية مصادرة كاملة لناقلة نفط فنزويلية، في خطوة وصفتها كاراكاس بأنها “قرصنة دولية” واعتداء على سيادتها.
واشنطن، من جهتها، سوقت العملية بوصفها “إجراء قانونياً” يستهدف شبكات نفطية غير شرعية وفق مزاعمها.
الناقلة كانت تعمل بإشراف رسمي من فنزويلا، والدولة صاحبة السيادة لم ترتكب أي مخالفة بحرية.
لكن ذلك لم يشكل فارقاً في التصور الأمريكي. فحين تكون الدولة المستهدفة خارجة عن الفلك الغربي، يصبح السطو البحري “قانوناً”، وتغدو إجراءات المصادرة جزءاً من حرب اقتصادية بغطاء شرعي مزعوم.
هنا أيضاً تتضح قاعدة أخرى: القانون الدولي مرن بما يكفي ليطوعه الغرب كما يشاء، ويشدده فقط عندما يريد ضبط الآخرين وتهديدهم.
البحر الأحمر: من النصرة لغزة إلى اتهامات الإرهاب
وعلى الضفة العربية، في البحر الأحمر، تواجه القوات اليمنية السفن المرتبطة بالعدو الصهيوني، ضمن موقف معلن نصرة لغزة ورفضاً لجرائم الاحتلال.
ورغم وضوح بيانات العمليات التي أوضحت أكثر من مرة أن الاستهداف محصور بالسفن المرتبطة بالكيان الصهيوني فقط، ورغم إقرار شركات الشحن والتأمين الدولية بهذه الحقيقة، إلا أن الغرب اختار سردية أخرى تماماً.
سارعت واشنطن ولندن والاتحاد الأوروبي إلى شيطنة العمليات اليمنية وتقديمها كـ”إرهاب بحري” و”تهديد للتجارة العالمية”.
ثم تبع ذلك استنفار غربي شامل داخل مجلس الأمن الذي أصدر قرارات تدين اليمن وتطالبه بوقف عملياته فوراً، في حين لم يصدر أي قرار مشابه بخصوص الهجمات الأوكرانية أو القرصنة الأمريكية في الكاريبي.
المشهد لا يقف هنا؛ فقد شكّل الغرب تحالفات عسكرية ضخمة، وأنفق مليارات الدولارات في عمليات وصفها بـ”حماية حرية الملاحة”.
وهي الشعارات ذاتها التي تتلاشى حين يتعرض الروسي أو الفنزويلي لاعتداء مباشر، أو حين يهدد العدوان الصهيوني حياة الشعوب في المنطقة.
خلاصة تسلسلية: معيار الهوية لا القانون
من خلال هذه الساحات الثلاث، يبرز خيط واحد يربط مواقف الغرب:
الهجمات على ناقلات روسية: ضغط مشروع مصادرة ناقلة فنزويلية: إجراء قانوني استهداف سفن مرتبطة بالعدو الصهيوني: إرهاب وقرصنةكل ذلك يفضح أن “القانون الدولي” عند الغرب ليس سوى أداة سياسية تُستخدم ضد الخصوم وتُستبعد حين يُراد حماية الحلفاء.
وأن حماية الملاحة ليست مبدأً، بل غطاءً حين تتضرر المشاريع الأمريكية والأوروبية والصهيونية.
بذلك، لا يمكن قراءة هذه الأحداث إلا باعتبارها جزءاً من سياسة عالمية تقوم على الانتقائية، حيث تكال المعايير بميزانين، وتُفرض القرارات تبعاً لهوية الفاعل لا لمشروعية الفعل.