عربي21:
2025-05-14@18:06:24 GMT

يا زول حرب بلادكم غير شكل

تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT

كما بعض العرب تسمي الرجل زلمي أو زلمة أو ريّال (بتحويل الجيم إلى ياء، كما هو حادث في منطقة الخليج)، فالسودانيون يسمون الرجل زول، وقد اختلف المفسرون حول أصل الكلمة، ولكن وفي ظروف الحرب المجنونة التي دخلت شهرها الخامس عشر في بلادهم ليس من الشطط القول إن الزول هو الإنسان المهدد بالزوال.

يتساءل السودانيون بنبرات غاضبة: لماذا تحظى الحرب في أوكرانيا وغزة باهتمام إعلامي على مدار الساعة، من وسائل الإعلام الأجنبية، بينما لا تجد الحرب التي ظلت تعصف بالأرواح والممتلكات في بلادهم منذ 15 نيسان/ أبريل 2023، معشار ذلك الاهتمام؟ بل ويعتبون على وسائل الإعلام العربية، بحسبان أن تغطيتها لتلك الحرب "متقطعة"، ولا تأتي على ذكر تلك الحرب إلا مرة كل بضعة أيام.



مع السودانيين الذين يقولون إن الحرب التي تشهدها بلادهم بلا هوادة، منذ أكثر من سنة شِبه منسيّة خارجيا، بعض الحق، ولكنهم لا يجدون العذر لمن يهملون أمر تلك الحرب، بينما عذر هؤلاء هو أنها حرب بين طرفين ظلا شريكين في حكم البلاد منذ نيسان/ أبريل 2019، حتى الدقيقة الأولى التي شهدت انطلاق القذائف في 15 نيسان/ أبريل 2023، لماذا تحظى الحرب في أوكرانيا وغزة باهتمام إعلامي على مدار الساعة، من وسائل الإعلام الأجنبية، بينما لا تجد الحرب التي ظلت تعصف بالأرواح والممتلكات في بلادهم منذ 15 نيسان/ أبريل 2023، معشار ذلك الاهتمام؟أي أنها حرب سودانية- سودانية. وهنا ترتفع أصوات الاحتجاج: ولكنها حرب بين جيش نظامي حكومي، ومليشيا متمردة، فلماذا يُحجم العالم الخارجي ودول المحيط الأفريقي والعربي عن إدانة تلك المليشيا؟ والرد على هذا التساؤل وان لم يكن معلنا، هو إن طرفي الحرب في السودان هما القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، والأخيرة هي التي يريد قادة الجيش أن يحصلوا على إدانة دولية وإقليمية لها بوصفها مليشيا.

ولكن العالم في حيرة من أمره، فقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، كان نائب رئيس مجلس السيادة (رئاسة الدولة) حتى بعد اندلاع الحرب بشهرين، بينما كان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان رئيسا لذلك المجلس، وكانت قوات الدعم السريع تتلقى رواتب أفرادها ونفقات عملياتها وتسليحها من وزارة المالية السودانية، وكان لتلك القوات مقرات داخل العاصمة السودانية، بعضها كان هدية من القوات المسلحة (ومن بين تلك المقرات معسكر قوات المظلات). وكل هذه المعطيات تجعل دول العالم لا تصدق أن قوات الدعم السريع مليشيا هبطت من السماء، واخترقت العاصمة السودانية واحتلتها، ثم تمددت وسيطرت على نحو ثلث مساحة البلاد.

وعيون العالم لا تزال مشدودة إلى حرب روسيا على أوكرانيا، لأنها في واقع الأمر حرب تخوضها أوكرانيا بالوكالة عن دول حلف شمال الأطلسي، في مواجهة موسكو، الساعية لاسترداد مُلك غَبَر، بتفكك الاتحاد السوفيتي، وأصلا ما حدا بروسيا لغزو أوكرانيا، هو أن الأخيرة سعت للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ثم حلف الأطلسي.

أما حرب غزة فلم تحظ فقط بالاهتمام الإعلامي المكثف وحسب، بل حركت الضمير العالمي، وجعلت آلافا مؤلفة من طلاب الدول الغربية يرفعون الأعلام الفلسطينية ويفضحون مخازي حكوماتهم التي تناصر إسرائيل بالمال والعتاد الحربي، ويتعرضون للاعتقال والضرب على أيدي قوات الشرطة. والحرب على غزة يشنها غاصب معتد أثيم، وعتل زنيم، وكيان استعماري لا حد لنهمه للأرض، وظل دأبه على مدى أكثر من سبعة عقود أن يفتك بالإنسان الفلسطيني، في سياق سعيه لتوسعة الرقعة التي صارت دولة له بمؤامرة دولية. ثم إن الصمود البطولي لفلسطيني غزة، حظي ولا يزال بتقدير عالمي، فأن ينجح شعب شبه أعزل إلا من بعض الأسلحة اليدوية عند أفراد قليلين، في إجهاض المحاولات المتعاقبة لجيش العدو الضخم كي يستكمل مخطط احتلال الأرض وتهجير سكان غزة قسرا، صار في نظر الملايين أمرا معجزا ودرسا لكل الشعوب، بمن فيها الشعب الأوكراني بأنه:

وما ضاعَ حقٌ لم ينم عنه أهلُه   ولا ناله في العالمين مُقَصِرُ
إِذا اللَهُ أَحيـا أُمَّــةً لَــن يَرُدَّهــا    إلى المَـوتِ قَهّـارٌ وَلا مُتَجَـبِّرُ

وكيف لأي إعلامي أن يغطي حرب السودان، ومجرياتها تعطي الانطباع بأنها بين جيش يقوده نتنياهو وآخر يقوده أرئيل شارون، فمعظم ضحاياها مدنيون، لا ناقة لهم ولا بعير في أمر الاقتتال، فمساكن المواطنين والأسواق وحتى المساجد تقصف عشوائيا بمختلف أنواع الأسلحة، ولا يرى الطرفان حرجا في تصوير وبث الأساليب الوحشية التي يتعاملون بها مع الأسرى، وبداهة فإنه لن يغطي حربا كهذه إلا صحفي ذو نزعات انتحارية.

هناك حرب "على" أوكرانيا شنتها روسيا، وهناك حرب "على" غزة شنتها إسرائيل، بينما هناك حرب "في" السودان، وليس "على" السودان يشنها طرف خارجي، ولهذا يصبح مفهوما لماذا يرابط الصحفيون الغربيون في أوكرانيا، ولماذا تستأثر الحرب على غزة بكل هذا الاهتمام الإعلامي
والشاهد يا "أزوال"، هو أن الحرب التي أهلكت الآلاف منكم، ودمرت المرافق والبنى التحتية، هي حرب "داخلية" بين أهل البلد الواحد، وما يحدث من تدخلات خارجية فيها يحدث بـ"دعوات" من هذا الطرف أو ذاك، وإذا كانت قوات الدعم السريع مدعومة في بادئ الأمر بمرتزقة فاغنر الروسية، فها هي روسيا اليوم تعلن مناصرتها للقوات المسلحة، ولكن ثمن ذلك هو أن تحصل على قاعدة عسكرية على البحر الأحمر، وبهذا ستجد الولايات المتحدة الذريعة، إما لمناصرة الدعم السريع على نحو مكشوف، أو بالتدخل المستتر بما يمنع القوات المسلحة من أن تكون في موقع قوة، يجعل قادتها أصحاب الحل والعقد كما هو حادث حاليا، وما دخل الروس والأمريكان في منافسة على بلد، إلا وعمّ فيه الخراب والدمار، وأفغانستان والعراق وسوريا وليبيا تشهد على ذلك.

باختصار هناك حرب "على" أوكرانيا شنتها روسيا، وهناك حرب "على" غزة شنتها إسرائيل، بينما هناك حرب "في" السودان، وليس "على" السودان يشنها طرف خارجي، ولهذا يصبح مفهوما لماذا يرابط الصحفيون الغربيون في أوكرانيا، ولماذا تستأثر الحرب على غزة بكل هذا الاهتمام الإعلامي، وأن يكون فرسان الميدان بالقلم والكاميرا في غزة صحفيين فلسطينيين، يعتبرون عملهم واجبا وطنيا ومهنيا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الحرب السودانيون الإعلام الدعم السريع حميدتي البرهان السودان الإعلام حرب حميدتي الدعم السريع صحافة اقتصاد صحافة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوات الدعم السریع فی أوکرانیا الحرب التی هناک حرب

إقرأ أيضاً:

عودة أكثر من 200 ألف سوداني من مصر طوعياً

تزايدت عودة السودانيين الذين لجأوا إلى مصر جراء الحرب الجارية في البلاد، وذلك خلال العام 2024م وحتى شهر مايو الحالي.

أسوان: التغيير

كشفت السلطات القنصلية السودانية في جنوب مصر، أن عدد المواطنين العائدين إلى السودان عبر برنامج العودة بلغ أكثر من 200 ألف شخص، والذين كان قد نزحوا جراء الحرب.

وأدت الحرب المندلعة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف ابريل 2023م إلى فرار أكثر من مليون ونصف المليون سوداني إلى مصر وحدها من جملة اللاجئين البالغة نحو أربعة ملايين.

وبحسب وكالة السودان للأنباء عقد القنصل العام لمحافظات جنوب مصر بأسوان السفير عبد القادر عبد الله مؤتمراً صحفياً عبر الشبكة الالكترونية مساء أمس للتنوير بآخر التطورات في السودان وانتهاكات قوات الدعم السريع.

وكشف القنصل أن عدد العائدين من مصر عبر العودة الطوعية بلغ 223.641 شخصاً وهم الذين نزحوا من ولاياتهم إبان احتلال الدعم السريع لها.

وقال إن هذا الرقم هو عدد الذين عادوا إلى السودان من جمهورية مصر العربية وحدها خلال العام 2024م وحتى يوم 10 من شهر مايو الحالي.

وأعرب القنصل العام عن جزيل شكره للدولة المصرية رئيساً وحكومة وشعباً على استضافتهم للأعداد الكبيرة من الأسر السودانية طوال عامي الحرب، وأشار إلى أنها لا تزال تقدم لهم الكثير.

وأكد السفير أن الوضع الغذائي في البلاد مطمئن وذلك لاستمرار الإنتاج الزراعي في الولايات الآمنة.

وأوضح أن الحكومة تعمل جاهدة لاستعادة خدمات الكهرباء والمياه والخدمات الصحية وذلك بدعم كبير من الدول الصديقة والمنظمات الدولية ومنظمات الأمم المتحدة المتخصصة.

وفي ابريل الماضي، أكدت المنظمة الدولية للهجرة، تزايد معدل عودة السودانيين من مصر، حيث تضاعف 7 مرات مقارنة بالعام الماضي 2024م لتتجاوز جملة عدد العائدين 114 ألفاً.

وذكرت في تقرير أن عدد حركات العودة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2025م يبلغ ضعف العدد الإجمالي المسجل طوال العام 2024م تقريبًا.

وكان أغلبية الأفراد الذين عادوا إلى ديارهم من المواطنين السودانيين الذين نزحوا في البداية من الخرطوم 71% والجزيرة 22%.

الوسومأسوان الجيش الحرب الدعم السريع السفير عبد القادر عبد الله السودان العودة الطوعية مصر

مقالات مشابهة

  • قصف لـالدعم السريع يقتل 5 سودانيين في مدينتي الأبيّض والفاشر
  • عودة أكثر من 200 ألف سوداني من مصر طوعياً
  • الفِرانكنشتاينية – وصناعة الهزّة الدائمة بالحرب
  • قوات الدعم السريع تؤكد تحقيق نصر حاسم في «الخوي»
  • علومات عن توافقات بين جوبا ومليشيا الدعم السريع المتمردة حول أبيي
  • تحذير.. الدعم السريع تواصل حشد قواتها في مناطق من جديد بـ”كردفان” بعد هزيمتها في الخوي
  • الدعم السريع يقصف الفاشر والجيش يتقدم في غرب كردفان 
  • الدعم السريع يقصف الفاشر والجيش يتقدم في غرب كردفان
  • مسؤول حكومي سابق يكشف علاقة الإمارات بالنحاس المسروق من السودان.. برفقة حراسة مشددة من قيادات الدعم السريع
  • 7 شهداء مدنيين في قصف مدفعي نفذته قوات “الدعم السريع” على أحياء سكنية في الفاشر