روسيا تتوعد بالانتقام من أمريكا بسبب ضربة أوكرانية في القرم
تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT
موسكو-رويترز
ألقى الكرملين بالمسؤولية مباشرة على الولايات المتحدة في هجوم شنته أوكرانيا على شبه جزيرة القرم بصواريخ أتاكمز التي زودتها بها واشنطن وأدى إلى مقتل أربعة أشخاص على الأقل وإصابة 151 آخرين، وحذرت موسكو السفيرة الأمريكية رسميا من رد انتقامي.
وفاقمت الحرب في أوكرانيا أزمة العلاقات بين روسيا والغرب، وقال مسؤولون روس إن الصراع يدخل في أخطر تصعيد حتى الآن.
لكن إلقاء اللوم المباشر على الولايات المتحدة في الهجوم على شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا من جانب واحد في عام 2014 على الرغم من أن معظم العالم يعتبرها جزءا من أوكرانيا، يعد خطوة أبعد.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين أمس الاثنين "عليكم أن تسألوا زملائي من المتحدثين الصحفيين في أوروبا، وخاصة في واشنطن، لماذا تقتل حكوماتهم الأطفال الروس؟".
وقُتل طفلان على الأقل في الهجوم على سيفاستوبول يوم الأحد، وفقا لمسؤولين روس. وشوهد الناس وهم يركضون من شاطئ بالقرب من سيفاستوبول، وتم نقل بعض الجرحى على كراسي الشاطئ. ولم تعلق كييف على الهجوم لكنها تنفي استهداف المدنيين.
وقالت روسيا إن الولايات المتحدة زودتها بالأسلحة وحدد الجيش الأمريكي الهدف وقدم البيانات.
واستدعت وزارة الخارجية الروسية السفيرة الأمريكية لين تريسي وأبلغتها أن واشنطن "تشن حربا هجينة على روسيا وأصبحت في الواقع طرفا في الصراع... سيتبع ذلك بالتأكيد إجراءات انتقامية".
ونقل المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر للصحفيين عن تريسي قولها إن واشنطن تأسف لأي خسارة في أرواح المدنيين، وإنها توفر أسلحة لأوكرانيا حتى تتمكن من الدفاع عن سيادة أراضيها التي تتضمن شبه جزيرة القرم.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) الميجر تشارلي ديتز إن "أوكرانيا تتخذ بنفسها قرارات الاستهداف وتنفذ عملياتها العسكرية بنفسها".
وصرح مسؤول أمريكي في وقت لاحق بأن أوكرانيا لا تستهدف المدنيين. وأضاف أنه يبدو أن الروس تمكنوا من اعتراض الصاروخ أتاكمز الذي كان يستهدف منصة لإطلاق الصواريخ، وانفجر الصاروخ وتساقطت شظاياه على الشاطئ.
ودأب الرئيس فلاديمير بوتين على التحذير من نشوب حرب أوسع نطاقا تشمل أكبر القوى النووية في العالم، لكنه يقول إن موسكو لا تريد صراعا مع حلف شمال الأطلسي الذي تقوده الولايات المتحدة.
ولا تزال واشنطن تحظر على كييف قصف أراضي روسيا بصواريخ أتاكمز، التي يصل مداها إلى 300 كيلومتر، وغيرها من الأسلحة الأمريكية بعيدة المدى.
وردا على سؤال بشأن الرد الروسي على الهجوم على شبه جزيرة القرم، قال بيسكوف "تورط الولايات المتحدة في القتال، الذي يؤدي إلى مقتل مواطنين روس مسالمين، لا بد أن تكون له عواقب.. أي منها بالضبط؟، سيخبرنا الوقت بهذا".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الولایات المتحدة شبه جزیرة القرم
إقرأ أيضاً:
العقوبات الأمريكية ..حين تفلس الإمبراطوريات
في مشهد يعيد إلى الأذهان تقاليد الإمبراطوريات الغابرة عندما كانت تعاقب الشعوب لا لأنها ارتكبت جرمًا، بل لأنها تجرأت على قول “لا”، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات جديدة على ما أسمته “شبكة تهريب نفط مرتبطة بالحوثيين”، متحدثة عن كيانات وأفراد، وأموال، وشبكات، وحسابات، في نبرة درامية تُخفي خلفها ارتباكًا سياسيًا أكثر مما تُظهر صرامة مالية.
لكن لنتوقف لحظة؛ ما الذي يزعج واشنطن فعلًا؟
هل هو تهريب النفط؟ أم كسر الحصار الأمريكي المفروض على اليمن ودول محور المقاومة، وآخره النجاح الذي حققته صنعاء في إنقاذ العملة الوطنية؟
هل الأمر فعلًا متعلق بـ”غسل أموال”؟ أم أن الغسيل الحقيقي يجري في غرف عمليات السياسة الأمريكية الملطخة بدماء الشعوب؟
تصريحات وزارة الخزانة ومكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) تبدو وكأنها نُسخت ولُصقت من أرشيف العقوبات القديمة. ذات العبارات: “شبكة مالية”، “شركات وهمية”، “غسل أموال”، “إيرادات مشبوهة”، و”التهديد للاستقرار الإقليمي”. كلمات تُستخدم كستار دخاني، لا لكشف فساد كما تدّعي، بل لحجب الحقيقة.
المضحك أن من شملتهم العقوبات لا يشكلون تهديدًا ماليًا على الاقتصاد الأمريكي ولا على بورصة نيويورك؛ لكن العقاب هنا ليس اقتصاديًا بقدر ما هو انتقامي.
فعندما يقف اليمن اليوم، وسط الحصار، ويعلن بوضوح أن بوصلته غزة، وأن صواريخه وطائراته المسيرة موجهة ضد الكيان الصهيوني وداعميه، فهل ننتظر أن ترد عليه واشنطن بتحية؟
وحين يتحول اليمن من بلد منكوب إلى ركيزة إقليمية تعيد رسم قواعد الاشتباك، وتخترق المعادلات الدولية من باب البحر الأحمر، لا بد أن يُعاقب في القاموس الأمريكي!
إن كانت أمريكا تبحث عن شبكات تهريب حقيقية، فلتنظر إلى شبكات التهريب التي تمد الكيان الصهيوني بالصواريخ والقنابل، وتُمرَّر عبر صفقات سلاح سنوية تقدر بعشرات المليارات من الدولارات.
وإن كانت تبحث عن “تمويل للإرهاب”، فلتسأل عن ملايين الدولارات التي تُغدق على جرائم الحرب في غزة والضفة ولبنان وإيران وسوريا واليمن، وتُصرف من ضرائب المواطن الأمريكي لدعم كيان يرتكب أبشع المجازر في العصر الحديث.
التوقيت ليس صدفة؛ فالعقوبات الجديدة تأتي بعد فشل الضغوط الأمريكية في وقف العمليات اليمنية في البحر الأحمر وفي عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبعد أن أصبحت الضربات التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية تشكّل تهديدًا استراتيجيًا لمصالح الغرب الداعم للكيان، لا سيما في خطوط الملاحة والطاقة.
كما تأتي بعد أن بات الموقف اليمني أكثر صلابة من كثير من الأنظمة المترنحة، وأصبحت صنعاء محورًا لا يمكن تجاوزه، لا في المعركة ولا في السياسة.
والمفارقة أن هذه العقوبات باتت، في نظر الشعوب، وسام شرف.
لأن كل من عاقبته واشنطن، إما أنه قاوم، أو دافع عن أرضه، أو أنه وقف مع فلسطين، أو لأنه كشف وجه أمريكا الحقيقي.
فالعقوبات اليوم أصبحت شهادة بأنك خارج دائرة التبعية، أنك لا تنتمي إلى حلف العملاء.
أنك لست من الذين يتسولون “الرضا الأمريكي”، بل من الذين يفرضون إرادتهم رغم الحصار.
فعندما تعجز أمريكا عن إيقاف مسيرة أو صاروخ أو موقف، تلجأ إلى العقوبات.
وعندما تفشل دبلوماسيتها في ليّ ذراع الدول الحرة، تلجأ إلى الخنق المالي.
لكن الأهم: حين تفقد قدرتها على التأثير في الميدان، تتحول إلى ضجيج فارغ على الورق، تمامًا كما تفعل الآن.
ليست هذه أول مرة تفرض فيها أمريكا عقوبات على اليمنيين، ولن تكون الأخيرة.
لكنها كل مرة تؤكد أن المسار صحيح، والاتجاه سليم، وأن الاستقلال له ثمن، لكن له أيضًا كرامة لا تُشترى.
فالعقوبات لا توقف إرادة الشعوب، ولا تحاصر الوعي، ولم ولا ولن تطفئ الشعلة التي أوقدها اليمنيون في وجه الظلم والطغيان.
فكلما عاقبتمونا.. زدنا يقينًا أننا على الطريق الصحيح.