الوطن:
2025-05-28@08:56:40 GMT

مارجريت عازر تكتب: صوت الشعب واستعادة الهوية

تاريخ النشر: 25th, June 2024 GMT

مارجريت عازر تكتب: صوت الشعب واستعادة الهوية

 فى صيف عام 2013، شهدت مصر واحداً من أكثر الأحداث السياسية تأثيراً فى تاريخها الحديث، وهو ثورة 30 يونيو. لم تكن هذه الثورة مجرد احتجاج شعبى، بل كانت حركة جماهيرية واسعة استهدفت تصحيح مسار البلاد واستعادة الهوية الوطنية بعد فترة من الاضطرابات السياسية والاجتماعية.

أسباب الثورة، وأحداثها، ونتائجها كان لها أكبر تأثير على المشهد المصرى.

بعد ثورة 25 يناير 2011، التى أطاحت بنظام الرئيس حسنى مبارك، دخلت مصر مرحلة انتقالية مليئة بالتحديات. فى هذه الفترة، تصاعدت التوترات السياسية والاجتماعية نتيجة لتنامى الفجوة بين تطلعات الشعب وسياسات الحكم. وفى عام 2012، انتُخب محمد مرسى رئيساً للجمهورية، وهو مرشح جماعة الإخوان المسلمين. ومع ذلك، سرعان ما ظهرت الخلافات والصراعات بين مرسى وأطياف الشعب المختلفة.

كانت هناك عدة أسباب رئيسية دفعت الشعب المصرى للخروج إلى الشوارع فى 30 يونيو 2013، ومنها:

1- الإدارة الاقتصادية الفاشلة، والتى شهدت خلال فترة حكم مرسى تدهوراً اقتصادياً ملحوظاً، حيث ارتفعت معدلات البطالة والتضخم، وتفاقمت أزمة الكهرباء والوقود.

2- التفرد بالسلطة، حيث قام «مرسى» وجماعة الإخوان المسلمين، بأكثر من شكل، بالسيطرة الكاملة على مفاصل الدولة وتهميش القوى السياسية الأخرى. وإصدار الإعلان الدستورى فى نوفمبر 2012، الذى منح مرسى سلطات واسعة، كان أحد أبرز الأمثلة على ذلك ضياع الأمن والأمان.

3- التدهور الأمنى، فزادت حدة التوترات الأمنية فى البلاد، وشهدت مصر ارتفاعاً فى معدلات الجريمة والاعتداءات الإرهابية، مما أثار مخاوف المواطنين بشأن سلامتهم.

4 - القضايا الاجتماعية، شعرت فئات واسعة من الشعب بالإحباط من عدم تحقيق الأهداف الاجتماعية للثورة الأولى، كالمساواة والعدالة الاجتماعية.

بدأت أحداث ثورة 30 يونيو 2013، عندما احتشد ملايين المصريين فى ميادين القاهرة والمدن الكبرى مطالبين برحيل مرسى وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. ورفعت المظاهرات شعار «تمرد»، وهو اسم الحركة التى نظمت الاحتجاجات وجمعت ملايين التوقيعات لسحب الثقة من محمد مرسى.

فى 1 يوليو، أصدرت القوات المسلحة بياناً أمهلت فيه الأطراف السياسية 48 ساعة للتوصل إلى حل للأزمة، وإلا ستتدخل لتنفيذ «خارطة مستقبل». لم يتم التوصل إلى حل، وفى 3 يوليو، أعلن وزير الدفاع حينها، الفريق أول عبدالفتاح السيسى، عزل مرسى وتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا عدلى منصور رئاسة البلاد بشكل مؤقت.

أحدثت ثورة 30 يونيو تغييرات جذرية فى المشهد السياسى المصرى، من أبرزها:

تشكيل حكومة انتقالية مؤقتة لإدارة شئون البلاد حتى إجراء انتخابات جديدة. وركزت هذه الحكومة على استعادة الأمن والاستقرار وتنفيذ إصلاحات اقتصادية.

إجراء انتخابات رئاسية جديدة فى مايو 2014، وأسفرت عن انتخاب عبدالفتاح السيسى رئيساً للجمهورية، بعد حصوله على دعم شعبى واسع.

إجراء تعديلات دستورية فى 2014، هدفت إلى تعزيز مؤسسات الدولة وضمان فصل السلطات وتوسيع حقوق المواطنين.

إجراءات أمنية صارمة ركزت عليها الحكومة الجديدة حينذاك لاستعادة الأمن، وقيامها بتنفيذ عمليات واسعة لمكافحة الإرهاب والجريمة.

إصلاحات اقتصادية، بدأتها الحكومة فى حينها لتنفيذ مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية، بما فى ذلك خفض الدعم على الوقود والكهرباء، وتحرير سعر الصرف، وإطلاق مشاريع تنموية كبرى مثل مشروع قناة السويس الجديدة.

رغم الدعم الشعبى الكبير الذى حظيت به ثورة 30 يونيو، روّج أتباع جماعة الإخوان العديد من الشائعات والانتقادات للتشكيك فى الدولة. من أبرز الانتقادات كان جمود العمل السياسى، حيث شهدت البلاد موجة من القبض والمحاكمات لكل من تورط فى أى أعمال إرهابية، وهو ما استغلوه للترويج له باعتباره قمعاً للحريات، وليس على حقيقته باعتباره جريمة إرهابية مجرّمة دولياً. كذلك عانى المواطنون من آثار الإصلاحات الاقتصادية التى أثرت على مستويات المعيشة وزادت من الأعباء المالية.

تظل ثورة 30 يونيو حدثاً مفصلياً فى تاريخ مصر الحديث، إذ كانت تعبيراً عن إرادة شعبية عارمة لتصحيح المسار واستعادة الهوية الوطنية. على الرغم من التحديات والانتقادات التى واجهتها، إلا أنها أرست أسساً جديدة للعمل السياسى والاجتماعى فى مصر، وفتحت الباب أمام مرحلة جديدة من الإصلاحات والتطوير. تبقى الدروس المستفادة من هذه الثورة حاضرة فى الأذهان، حيث تظهر أهمية الاستماع لصوت الشعب وتلبية تطلعاته فى الحرية والعدالة والكرامة. 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: 25 يناير 30 يونيو

إقرأ أيضاً:

نجاة عبد الرحمن تكتب: من طرف خفي 53

تناولت خلال المقالات السابقة من طرف خفي 49, 50, 52 موضوع تابوت العهد، حيث قدمت خلال تلك المقالات المشار إليها تحليلاً تاريخيًا وسياسيًا حول رمزية التابوت وأهميته في الصراع العربي الإسرائيلي.

أبرز النقاط التي جاءت بهذه المقالات قبل الخوض في عِلاقة الملكة البطلمية كليوباترا السابعة، بتابوت العهد و اليهود:

أولا الرمزية الدينية والسياسية للتابوت:

أشرت خلال المقالات السابقة إلى أن تابوت العهد، وفقًا للتوراة، كان يحتوي على ألواح الشريعة التي تلقاها النبي موسى عليه السلام.

تحدثت عن إصرار الصهاينة على الاستحواذ على التابوت، وأن ذلك جزءًا من مشروعهم للسيطرة على المنطقة.

ثانيا : تحدثت عن الموقع المحتمل للتابوت، و ناقشت النظريات التي تزعم أن التابوت موجودا بسيناء، و استندت إلى الروايات التوراتية التي تشير إلى جبل سيناء كموقع لتلقي الوحي، و أوضحت أن هذه المزاعم تُستخدم لتبرير الأطماع الصهيونية في سيناء.

و حذرت من أن البحث عن تابوت العهد هو ذريعة لتنفيذ مخططات تهدف إلى تهويد مناطق معينة، خاصةً في سيناء.

و اليوم أستكمل حديثي حول أسطورة تابوت العهد و عِلاقة الملكة البطلمية كليوباترا السابعة ابنة بطليموس الثاني عشر الملقب بالزمار.

بالرغم من المزاعم الصهيونية حول عِلاقة كليوباترا السابعة بـ تابوت العهد إلا أن تلك العِلاقة ليست واضحة أو مثبتة تاريخيًا، و لا تستند إلى دليل مادي، لكنها من المواضيع التي أثارت خيال الباحثين والمؤرخين الصهاينة، بسبب الصلات بين مصر القديمة والتقاليد اليهودية.، و من الأسباب التي أستند إليها بني صهيون و باحثيهم قيام الملكة البطلمية باستخدام بعض الرموز الدينية.

و إليكم خلفية سريعه حول شخصية كليوباترا السابعة آخر فرعون من الأسرة البطلمية في مصر (حكمت 51-30 قبل الميلاد)، معروفة بذكائها وتحالفاتها السياسية مع روما (يوليوس قيصر الذي قتل و انطونيوس الذي انتحر قبلها باثنا عشر يوما في الأول من أغسطس عام 30 قبل الميلاد بعد خسارته في معركة أكتيوم البحرية أمام الإمبراطور الروماني اوكتافيوس المعروف بعد ذلك ب أغسطس، و انتحرت بعده كليوباترا بلدغة الكوبرا في 12 أغسطس من نفس العام).

النظريات والافتراضات التي تربط كليوباترا بتابوت العهد تعود لتواجد اليهود خلال حكم البطالمة (منهم كليوباترا)، حيث كان هناك وجود يهودي كبير في مصر خاصة في الإسكندرية منذ ان شيدها الاسكندر الأكبر عام 332 قبل الميلاد، هذا الوجود قد يجعل من الممكن تداخلات ثقافية أو انتقالات لأشياء مقدسة مثل التابوت، حسب المزاعم و الفرضيات الصهيونية التي تسعي بشتي الطرق ربط مصير التابوت بالأراضي المصرية لهدف معروف.

بعض النظريات غير المثبتة تاريخيا تقترح أن تابوت العهد أو قطعًا منه قد نُقلت إلى مصر خلال الفترات المضطربة في فلسطين، وربما وصلت إلى الإسكندرية أو مكان ما في مصر خلال حكم البطالمة، فضلا عن كليوباترا كانت تستخدم رموزًا دينية مصرية ويونانية لتدعيم حكمها، وقد يكون من المثير للخيال أن تستخدم رموزًا من ديانات أخرى لزيادة شرعيتها، لكن لا يوجد دليل تاريخي يربطها مباشرة بتابوت العهد، سوي في خيال الصهيونية العالمية مستندين على 
أفلام درامية أو روائية، لكنها ليست مبنية على مصادر تاريخية موثوقة، مثل 
بعض الكتب والأفلام الحديثة، التي أحيانا تُربط كليوباترا بتابوت العهد لأغراض درامية صهيونية.

حتى الآن، لا توجد أدلة تاريخية أو أثرية موثقة تربط كليوباترا السابعة مباشرة بتابوت العهد. العِلاقة بينهما تبقى في نطاق النظريات والأساطير أو التفسيرات الرمزية، وليست جزءًا من التاريخ المؤكد.

و لكن المثبت تاريخيا الوصول والتوطين، بدأت الجاليات اليهودية بالتواجد في مصر منذ العصر الفارسي (حوالي 50 قبل الميلاد) واستمر وجودها في عهد البطالمة (بعد الإسكندر الأكبر 332 ق.م).

كانت حينها الإسكندرية كانت مركزًا رئيسيًا لهم، حيث أنشأ البطالمة المدينة كملتقى ثقافي وتجاري كبير، وكان لليهود مكانة كبيرة بالمدينة، في البداية، تمتع اليهود بحرية دينية ومجتمعية، وكان لهم حاكم ذاتي يعرف بـ"البرثينوبوليس".

مع مرور الوقت، ازدادت التوترات بين اليهود واليونانيين (السكان الرئيسين في الإسكندرية)، بسبب صراعات ثقافية واقتصادية. خاصة بعد انتحار انطونيوس و كليوباترا و دخول اوكتافيوس الإسكندرية و السيطرة على مصر عام 30 قبل الميلاد و منحهم حقوق المواطنة بتأسيس مجلس شيوخ خاص بهم لتعاونهم مع الإمبراطورية الرومانية للاستحواذ على مصر و تحويلها ولاية تابعة للرومان بعد ان كانت مملكة حتى عهد البطالمة، و رفض منح السكندريين نفس الحقوق مما أكسبهم ثقة و تفرغوا لمحاولات التخلص من السكندريين، تلك الفترة التي يروجها اليهود الآن أن تابوت العهد كان بحوزتهم، وأنه دفن أسفل المسرح الروماني بالإسكندرية، في عهد كليوباترا السابعة.

وذلك منافي تماما للحقيقة المثبتة تاريخيا حيث اندلعت في عام 38 ق.م، أعمال عنف بين اليهود والسكان اليونانيين في الإسكندرية، وتعرض السكندريين خلالها للاضطهاد.

كليوباترا تدخلت لمحاولة السيطرة على الوضع، نظرا للظروف الحرجة التي كانت تمر بها المملكة البطلمية الهلينيستية في ذلك الحين من اضطرابات سياسيًة، و تهديدات من روما و حروب أهلية يقف خلفها اليهود. لصالح الإمبراطورية الرومانية لإضعاف الجبهة الداخلية، كما هو الحال في بعض الدول المجاورة الآن.

و لم يكن هناك تحالف رسمي بين كليوباترا واليهود و أدنى عِلاقة لها بإخفاء تابوت العهد لكنها حاولت إدارة الاضطرابات بذكاء، مما ينسف ذلك الادعاء الذي نشر بصحيفة هأارتس في عددها الصادر يوم 12 أغسطس عام 2001 في ذكرى انتحار كليوباترا.

بعض اليهود شاركوا في السياسة المحلية واحتلوا مناصب هامة بالمجتمع السكندري، و دعم بعض اليهود لكليوباترا كان محدودًا وموجهًا أكثر للحفاظ على مصالحهم المحلية.
وبعد هزيمة كليوباترا وأنطونيوس في 30 ق.م، وضم مصر إلى الإمبراطورية الرومانية، تغير وضع اليهود بشكل تدريجي مع حدوث تغييرات في الحقوق و الامتيازات.

و يظل حقيقة وجود تابوت العهد من عدمه محل فرضيات و نظريات لم يثبت صحتها حتى كتابة هذه السطور.

طباعة شارك من طرف خفي تابوت العهد الصراع العربي الإسرائيلي

مقالات مشابهة

  • سلام من الامارات: المشروع الأساسي للحكومة هو إعادة بناء الدولة واستعادة ثقة اللبنانيين والمستثمرين
  • الكتلة الديمقراطية ترحب بتعيين رئيس وزراء مدني وتبارك انتصارات القوات المسلحة
  • «حياة وحلم».. الحكي واستعادة الماضي المفقود
  • الإعيسر: البلاد تمر بتحديات تستوجب تجديد التشريعات المنظمة للعمل الصحفي والضامنة للحريات
  • شائعة انقلاب وشبح فوضى.. 6 أسئلة تشرح أزمة كوت ديفوار السياسية
  • تدريب 100 رائدة ريفية في أسوان ضمن المبادرة الوطنية «بالوعي نحميها»
  • كريمة أبو العينين تكتب: من خاف سِلم
  • نجاة عبد الرحمن تكتب: من طرف خفي 53
  • محافظ أسوان يتابع رصف محور «إدفو- مرسى علم»
  • أسوان .. تنفيذ 60٪ بمشروع رصف طريق إدفو - مرسى علم بطول 10 كم