كتب رضوان عقيل في" النهار": وفي زيارة لم تتجاوز مدتها الـ 3 ساعات، حطت وزيرة الخارجية الألمانية انالينا بيربوك في بيروت بعد إسرائيل، والتقت الرئيس نجيب ميقاتي ثم وزير الخارجية عبد الله بوحبيب. ولم تلتق الرئيس نبيه بري بسبب "تضارب في المواعيد"، مع الإشارة الى أن الأخير درج على عدم تحديد مواعيد "غب الطلب" لضيوفه، ولا سيما منهم الأجانب.
ولا تخفي أكثر من جهة لبنانية هنا اعتراضها على مقاربة ألمانيا للحرب في غزة، وكيف لا تتردد في أي محفل أو لقاء ديبلوماسي في تبني وجهة نظر إسرائيل، على عكس بلدان أوروبية أخرى تناصر القضية الفلسطينية مثل إسبانيا وإيرلندا والنروج وسلوفينيا وغيرها. ولم تحمل بيربوك معها أي رسائل تهديد من إسرائيل، بل غلب على جلستيها مع ميقاتي وبوحبيب طابع الاستفسار والاستطلاع وطرحها جملة من الأسئلة، من دون أن تقلل في الوقت نفسه من الأخطار التي تحدق بالمنطقة ما لم يحصل وقف للنار بدءا من غزة، مع إمكان انسحابه على جنوب لبنان.
وفي المعلومات أن الضيفة الألمانية نقلت أجواء من إسرائيل مؤداها أن رئيس حكومتها المحاصر بجملة من المشكلات لم يقفل باب الاعتماد على القنوات الديبلوماسية في غزة وشمال إسرائيل. وثمة جملة موانع بحسب أكثر من جهة ديبلوماسية غربية وعربية تتحدث عن عدم قدرة نتنياهو في هذا التوقيت على خوض حرب كبرى ضد لبنان، وخصوصا أنه تعهد للمستوطنين الذين غادروا منازلهم بإعادتهم إليها قبل العام الدراسي في الأول من أيلول المقبل. ولم يتمكن أيضا من القضاء على حركة "حماس" ولا استعادة الأسرى الإسرائيليين.
لم تحمل بيربوك أي رسالة إلى "حزب الله"، مع التذكير بأن مسؤولا كبيرا في الاستخبارات الأمنية زار بيروت قبل شهرين والتقى نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، ولم ينقل آنذاك تهديدا من إسرائيل بل تحذيرات من خطورة قيامها بحرب كبرى ضد لبنان وانها قد تذهب إلى مثل هذا الخيار. ولا اتصالات اليوم بين المسؤولين الألمان وقيادة الحزب، باستثناء حفاظ الطرفين على "خط أمني" بينهما يتم اللجوء إليه عند الحاجة، رغم وضع ألمانيا الحزب في خانة الإرهاب. وسبق لبرلين أن رعت وساطة بين إسرائيل والحزب أدت إلى إطلاق أسرى لبنانيين من السجون الإسرائيلية.
في غضون ذلك، لا يخفى بحسب متابعين لأداء السياسية الخارجية الألمانية وحركة بيربوك أن الأولوية عندها لمواكبة الحرب في أوكرانيا ومدّ الأخيرة بالدعم المالي والعسكري. وتشكل ألمانيا البلد الأوروبي الأول الداعم لإسرائيل، حتى إنها تزودها مجموعة من المسيرات الحديثة وتكنولوجيات عسكرية أخرى، ويعتبر مسؤولون وديبلوماسيون ألمان أن دعمهم إسرائيل يصب في المصلحة العليا والأمن القومي.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
اللايف كوتش.. بين التطوير الذاتي والموضة الخطِرة
في السنوات الأخيرة، بات لقب "اللايف كوتش" أو مدرّب الحياة من أكثر الألقاب انتشاراً في العالم العربي. فمن يتصفّح منصّات التواصل الاجتماعي اليوم، لا بد أن يصادف عشرات الأشخاص الذين يقدّمون أنفسهم كمدرّبي حياة، يَعِدون متابعيهم بالسعادة والنجاح والتوازن النفسي. غير أنّ هذا الانتشار السريع يثير تساؤلات جوهرية: ما المؤهلات التي يجب أن يمتلكها اللايف كوتش؟ وكيف يمكن الوثوق به؟ وماذا يحدث حين يكون المدرّب نفسه غير مؤهَّل أو محمَّلاً بمشكلاته الخاصة؟
اللايف كوتش في جوهر عمله يُعنى بمساعدة الأفراد على تحديد الأهداف، ووضع خطط لتحقيقها، وتنمية مهارات مثل التنظيم، والتواصل، والثقة بالنفس. وهو لا يُعالج الاضطرابات النفسية بقدر ما يركّز على التحفيز وتطوير الأداء والسلوك اليومي. لكنّ المشكلة تبدأ حين يتخطّى اللايف كوتش حدوده المهنية، أو حين يفتقر إلى خلفية علمية في علم النفس، فيقدّم نصائح غير ملائمة لحالات تحتاج علاجاً نفسياً متخصّصاً.
يقول مدرب الحياة الدولي ابراهيم سليمان سليمان إنّ "اللايف كوتش يجب، على الأقل، أن يكون قد درس اختصاص العلاج النفسي، حتى يتمكّن من التعامل مع الحالات التي تستشيره. كما يجب أن يكون معالَجاً هو نفسه من كل مشكلاته، وعلى دراية بها، حتى لا يُسقطها على الآخرين، لأنّ كل تجربة إنسانية تختلف عن الأخرى". كلام سليمان يسلّط الضوء على جانب جوهري: الوعي الذاتي للمدرّب هو شرط أساسي قبل أن يبدأ بمرافقة الآخرين في رحلة التطوير.
من الناحية المهنية، تنصّ مؤسسات التدريب العالمية، مثل الاتحاد الدولي للكوتشينغ (ICF)، على مجموعة من المعايير الأخلاقية التي يجب أن يلتزم بها المدرّبون، منها السرّية، والشفافية، وعدم تجاوز الاختصاص. وتشير تقارير مهنية إلى أنّ أفضل اللايف كوتشينغ هو الذي يجمع بين التدريب الموثوق والخبرة النفسية الكافية، وأنّ المدرّب الجيّد لا يَعِد بنتائج سحرية أو فورية، بل يساعد العميل على الوعي والتدرّج والتغيير الواقعي.
أما المخاطر المحتملة عند التعامل مع لايف كوتش غير مؤهّل، فهي عديدة. فقد يعطي نصائح مغلوطة أو مبنية على تجاربه الشخصية المحدودة، ما يعرّض العميل للارتباك أو الفشل. كما أن بعض المدرّبين يتجاوزون حدودهم، فيتدخلون في حالات نفسية معقّدة من دون تدريب أو إشراف، وهو ما يؤدي إلى تدهور الحالة النفسية للعميل بدل تحسينها. وتسجّل أيضًا حالات استغلال مادي أو معنوي، حين يقنع الكوتش عملاءه بشراء برامج باهظة الثمن مع وعود "التّحول السريع"، أو حين يستخدم ضعفهم النفسي لبناء شهرته الخاصة.
إذن، كيف يمكن الوثوق باللايف كوتش؟ ينبغي على الباحث عن الدعم أن يحتقق من شهادات المدرب ومصدرها، وأن يتأكد من أنّه تلقّى تدريبًا معترفًا به من جهة دولية أو محليّة محترفة. كما يستحسن أن يطّلع على تجارب عملاء سابقين، وأن يسأل الكوتش عمّا إذا كان يعمل بإشراف مهني أو يلتزم بمعايير أخلاقية واضحة.
ومن المهم أن يوضّح الكوتش منذ البداية حدود عمله، وأن يُحيل العميل إلى معالج نفسي عندما تتطلب الحالة تدخّلاً علاجيًا أعمق.
في النهاية، لا شكّ أنّ اللايف كوتش يمكن أن يكون أداة فعّالة في مساعدة الناس على تطوير ذواتهم، متى كان مؤهَّلاً وواعياً ومخلصاً لمهنته. لكنّ انتشار "موضة الكوتشينغ" على مواقع التواصل الاجتماعي جعل المهنة سيفاً ذا حدَّين: إمّا وسيلة للنمو الحقيقي، أو بابًا للاستغلال النفسي والمادي. لذلك، تبقى القاعدة الذهبية بسيطة: لا تتّبع من يدّعي أنه يعرفك أكثر من نفسك، بل من يساعدك على أن تفهمها بعمق ومسؤولية. المصدر: خاص "لبنان 24" مواضيع ذات صلة في أفريقيا.. "تاكسي جوي" ذاتي القيادة! Lebanon 24 في أفريقيا.. "تاكسي جوي" ذاتي القيادة!