الهرب من الحرارة غير المسبوقة أعاد جدل الحياة الليلية.. هكذا يبدو المساء في طهران
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
طهران – "بعد أن حوصرنا في المنازل الضيقة إثر الارتفاع القياسي في درجات الحرارة نهارا، نستغل ساعات الليل للتنفيس عن حالة الضجر التي نشعر بها"، هكذا تعلّق الإيرانية مريم (48 عاما) على اختيارها ساعات الليل للتسوق شمال غربي العاصمة طهران.
وفي حديثها للجزيرة نت، تصف المواطنة الإيرانية موجة الحر هذا الصيف بأنها منقطعة النظير خلال العقود الماضية، موضحة أن العاصمة طهران كانت تعرف بزخات المطر المتكررة وهبوب الرياح المنعشة خلال فصل الصيف، غير أن اعتدال الطقس تحول إلى حر لاهب منذ أعوام.
وبينما يبث التلفزيون الإيراني في ساعة متأخرة من الليل دعاية عن استمرار ساعات العمل في متاجر للسجاد حتى الساعة الثانية فجرا، يوضح "مهدي" (32 عاما) صاحب مطعم للوجبات السريعة في حي "نازي آباد" جنوبي طهران، أن ما عدا طلبات التوصيل، فإنه خسر قرابة نصف زبائنه خلال ساعات الظهر بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
وخلال جولتها الليلية، تنتقل الجزيرة نت من جنوب المدينة إلى شرقها في منطقة "طهران بارس"، حيث الحدائق العامة تزخر بالأسر التي تفترش المنصات المخصصة والأعشاب في الهواء الطلق، وآخرون يمضون الوقت مع أطفالهم في الملاهي والمدن الترفيهية خلال ساعات الليل بعيدا عن حرارة الشمس.
وبعد أن تسبب ارتفاع درجات الحرارة في زيادة أعداد المراجعين في المستشفيات جراء الإصابة بالمضاعفات، كالإرهاق الحراري وضربة الشمس، قررت الحكومة الإيرانية تعطيل العمل في القطاعين العام والخاص يومي الأربعاء والخميس الماضيين، وذلك بعد طلب من وزارة الصحة التي دعت بدورها المواطنين إلى عدم مغادرة منازلهم إلا للضرورة.
ويأتي القرار الحكومي بعد أن حلت مدينتا أميدية (51.8 درجة مئوية) وعبدان (51.3 درجة مئوية) جنوب غربي إيران في المرتبة الأولى والثانية في قائمة المدن الأكثر حرارة على مستوى العالم.
في حين تتزايد الأنباء عن اندلاع الحرائق في غابات مريوان غربي البلاد وفي القطاعات الصناعية، خلفت جرحى وقتلى في عدد من المدن الإيرانية، كما أن أصوات الانفجارات الناجمة عن الألغام المزروعة في الأراضي المحيطة بسجن أيفين شمالي العاصمة أذهلت سكانها.
ورغم أن درجات الحرارة في طهران لم تتجاوز 40 درجة مئوية هذه الأيام وفق مكتب الأرصاد الجوية، فإن رئيسة لجنة حماية البيئة بالبرلمان الإيراني سمية رفيعي كشفت عن بلوغ مؤشر الأشعة فوق البنفسجية 12 درجة في المدينة.
وبينما تطلق البرلمانية الإيرانية تنبيها من اللون الأحمر وتوصي المواطنين بحماية البشرة من أشعة الشمس هذه الأيام، تنتقد رفيعي السلطات الرسمية لعدم قيامها بالواجب تجاه المواطنين لدى ارتفاع مؤشر الأشعة فوق البنفسجية وبلوغه مستويات مضرة على الصحة.
وفي حين حذّر الأمين العام للأم المتحدة أنطونيو غوتيريش من "عهد الغليان العالمي"، أعاد ارتفاع درجات الحرارة في إيران المطالب بتوفير بيئة ملائمة لما يعرف بـ "الحياة الليلية" إلی الواجهة من جديد، لتفادي لهيب الشمس وإسعاف قطاع الطاقة الذي يعاني جراء ارتفاع الاستهلاك الصيفي، وكذلك شرعنة العمل خلال ساعات الليل، لا سيما في المحافظات الجنوبية التي تكاد تخلو شوارعها من المارة خلال ساعات النهار.
ورغم أن مجلس بلدية طهران كان قد صادق قبل نحو 4 أعوام على مشروع "الحياة الليلية"، وقامت بلدية العاصمة بتطبيق المشروع بشكل تجريبي عام 2019 في 3 أحياء من طهران، وأعلنت حينها أن التجربة كانت ناجحة، فإن المشروع لم يطبق بشكل كامل بعد، ولا يزال يواجه معارضة شرسة بحجة تقويض الأمن وترويج الحياة الغربية.
وبشكل عملي خلال فترة الصيف تطبق المحافظات الجنوبية مشروع الحياة الليلية، مثل خوزستان وبوشهر وهرمزغان، وضع ارتفاع درجات الحرارة معارضي مشروع الحياة الليلية أمام الأمر الواقع، خاصة أن الحركة أمست تنبض خلال ساعات الليل بالعاصمة الإيرانية.
من جانبها، نشرت صحيفة "جوان" التابعة للحرس الثوري الإيراني تقريرين عن الحياة الليلية بطهران، وذكرت أن الأزمات المرورية باتت جزءا ثابتا من شوارع العاصمة حتى خلال ساعات الليل، موضحة أن أسلوب الحياة الجديد يضر بالصحة النفسية، وأنه يتعارض مع أسلوب الحياة الواردة في القرآن الكريم ونظام الخلقة، كما أن الدراسات العلمية تظهر علاقة وطيدة بين تعرض الإنسان للأمراض وتدهور نومه.
وكانت السلطات الإيرانية قد ألغت -فور نجاح ثورتها عام 1979- مشروع الحياة الليلية الذي كان ساريا في النظام البهلوي، حيث أغلقت حينها الملاهي والبارات، وعبّرت عن خشيتها من العمليات الإرهابية التي كانت تستهدف التجمعات بعيد انتصار الثورة الإسلامية.
ورغم أن أغلب المدن الإيرانية تطبق نمط الحياة الليلية في شهر رمضان المبارك كل عام، فإن الجدل بشأن المشروع ما زال مستمرا بين من يعتقد أنه يساعد على إحلال الأمن وتنشيط التجارة والسياحة، وبين من يراه محاكاة لأسلوب الحياة في الدول الغربية وإشاعة الفاحشة والرذيلة في المجتمع وحرمانه من الراحة ليلا، مما يؤثر على صحة المواطنين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ارتفاع درجات الحرارة
إقرأ أيضاً:
الأجواء الشتوية تفرض نفسها..الأرصاد تعلن تفاصيل حالة الطقس
أعلنت هيئة الأرصاد الجوية تفاصيل حالة الطقس المتوقعة اليوم، مؤكدة أن البلاد تشهد ملامح واضحة للأجواء الشتوية مع اقتراب الموعد الرسمي لبداية فصل الشتاء، وسط انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة نهارًا وليلًا على مختلف أنحاء الجمهورية.
اقتراب فصل الشتاء وانخفاض الحرارة تدريجيًاقالت الدكتورة منار غانم، عضو المركز الإعلامي بهيئة الأرصاد الجوية، إننا نعيش هذه الأيام أجواء شتوية طبيعية تتزامن مع هذا التوقيت من العام، مشيرة إلى أن فصل الشتاء سيبدأ رسميًا بعد نحو أسبوع، وهو ما يفسر التراجع التدريجي في قيم درجات الحرارة العظمى والصغرى.
برودة شديدة خلال ساعات الليلوأوضحت غانم، خلال تصريحاتها عبر القناة الأولى المصرية، أن الانخفاض يكون أكثر وضوحًا في درجات الحرارة الصغرى، حيث تسود أجواء شديدة البرودة خلال فترات الليل والصباح الباكر، لافتة إلى تأثر البلاد بمنخفض جوي في طبقات الجو العليا، مع تسجيل القاهرة الكبرى درجة حرارة عظمى تبلغ نحو 20 درجة مئوية.
سحب تحجب الشمس وفرص أمطار متفرقةوأضافت عضو المركز الإعلامي بهيئة الأرصاد الجوية أن البلاد تشهد تكوّن سحب منخفضة ومتوسطة تعمل على حجب جزء من أشعة الشمس خلال النهار، إلى جانب فرص لسقوط أمطار تتراوح بين خفيفة ومتوسطة على المناطق المطلة على البحر المتوسط والسواحل الشمالية، وشمال الوجه البحري، فضلًا عن مناطق من البحر الأحمر وشمال الصعيد.
وأشارت إلى أن الطقس يكون معتدلًا نسبيًا خلال ساعات النهار، بينما يميل إلى شدة البرودة ليلًا، حيث تسجل درجات الحرارة الصغرى على القاهرة الكبرى نحو 12 درجة مئوية، وتنخفض إلى 10 درجات في المدن الجديدة، وتصل إلى 8 درجات في محافظات شمال الصعيد.
تحذيرات مرورية ونصائح للمواطنينوحذرت هيئة الأرصاد الجوية من تكون الشبورة المائية الكثيفة على الطرق الزراعية والسريعة والقريبة من المسطحات المائية، داعية قائدي المركبات إلى توخي الحذر أثناء القيادة، ومشددة في الوقت نفسه على أهمية عدم تخفيف الملابس الشتوية طوال اليوم، مع المتابعة المستمرة لتحديثات النشرة الجوية.