ترجمة - نهى مصطفى -

في كتابه صعود العداء الأنجلو-ألماني، 1860-1914، أوضح المؤرخ البريطاني بول كينيدي كيف انتهى الأمر بشعبين صديقين إلى دوّامة من العداء المتبادل الذي أدى إلى الحرب العالمية الأولى.

وكانت القوى الرئيسية التي قادت المنافسة بين ألمانيا وبريطانيا: الضرورات الاقتصادية والجغرافيا والأيديولوجية.

وأدى الصعود الاقتصادي السريع لألمانيا إلى تغيير ميزان القوى ومكّن برلين من توسيع نطاقها الاستراتيجي في مناطق كانت لبريطانيا فيها مصالح استراتيجية عميقة وراسخة.

وكانت القوتان تنظران إلى بعضهما البعض باعتبارهما على طرفي النقيض أيديولوجيا، وتبالغان إلى حد كبير في تجسيد خلافاتهما. فقد صوّر الألمان البريطانيين على أنهم مستغِلون ينتهكون أموال العالم، وصوّر البريطانيون الألمان باعتبارهم مجرمين مستبدين عازمين على التوسع والقمع.

وبدا أن البلدين يقتربان من الصدام، ويتجهان مباشرة نحو الحرب. لكن لم تكن الضغوط الرئيسية سالفة الذكر، على الرغم من أهميتها، هي التي أشعلت شرارة الحرب العالمية الأولى. فقد اندلعت الحرب بفضل القرارات الطارئة التي اتخذها الأفراد والافتقار العميق إلى الخيال على كلا الجانبين.

وربما لم تكن الحرب لتقع لولا أن قادة ألمانيا، بعد المستشار أوتو فون بسمارك، لم يكونوا على هذا القدر من الجرأة فيما يتصل بتغيير توازن القوى البحرية. واحتفلت ألمانيا بهيمنتها على أوروبا وأصرت على حقوقها كقوة عظمى، رافضة المخاوف بشأن قواعد ومعايير السلوك الدولي. وقد أثار هذا الموقف قلق دول أخرى، وليس بريطانيا فقط.

وكان من الصعب على ألمانيا أن تدعي، كما فعلت، أنها تريد إنشاء نظام عالمي جديد أكثر عدلًا وشمولًا، في حين أنها تهدد جيرانها وتتحالف مع الإمبراطورية النمساوية المجرية المتدهورة، التي عملت جاهدة على إنكار التطلعات الوطنية للشعوب الموجودة على حدودها.

وكانت هناك رؤية قاصرة مماثلة سادت على الجانب الآخر. في عام 1913، استنتج ونستون تشرشل، قائد البحرية البريطانية، أن مكانة بريطانيا العالمية البارزة «غالبا ما تبدو أقل منطقية للآخرين وليس كما نراها نحن».

وكانت وجهات النظر البريطانية تجاه الآخرين تميل إلى الافتقار إلى هذا الوعي الذاتي. ووجّه المسؤولون والمعلقون انتقادات لاذعة لألمانيا، وهاجموا بشكل خاص الممارسات التجارية الألمانية غير العادلة. ونظرت لندن إلى برلين بحذر، وفسّرت كل تصرفاتها على أنها دليل على النوايا العدوانية، وفشلت في فهم مخاوف ألمانيا على أمنها في قارة كانت محاطة بأعداء محتملين. وبطبيعة الحال، أدى العداء البريطاني إلى تعميق المخاوف وإذكاء الطموحات الألمانية.

وأعرب كينيدي عن أسفه قائلا: «يبدو أن قليلين فقط امتلكوا البصيرة اللازمة للسعي إلى تحسين العلاقات الأنجلو-ألمانية».

واليوم، يبدو أن هذه الفطنة مفقودة إلى حد كبير في العلاقات بين الصين والولايات المتحدة. وكما هي الحال بالنسبة لألمانيا وبريطانيا قبل الحرب العالمية الأولى، يبدو أن الصين والولايات المتحدة عالقتان في دوامة، وهي دوامة قد تنتهي بكارثة لكل من البلدين والعالم ككل. وكما كان الوضع قبل قرن من الزمان، فإن المنافسة الاقتصادية، والمخاوف الجيوسياسية، وانعدام الثقة العميق، تزيد من احتمالات الصراع.

وكما هو الحال مع العداء بين ألمانيا وبريطانيا منذ أكثر من قرن من الزمان، فإن العداء بين الصين والولايات المتحدة له جذور عميقة، ويمكن إرجاعه إلى نهاية الحرب الباردة. وفي المراحل الأخيرة من ذلك الصراع الكبير، كانت بكين وواشنطن حليفتين من نوع ما، حيث كانت كلتاهما تخشى قوة الاتحاد السوفييتي أكثر مما تخشى كل منهما الآخرى. لكن انهيار الدولة السوفييتية، عدوهما المشترك، كان يعني على الفور أن صناع السياسات ركزوا أكثر على ما يفصل بين بكين وواشنطن أكثر من تركيزهم على ما يوحدهما.

وقد استنكرت الولايات المتحدة بشكل متزايد الحكومة الصينية القمعية. واستاءت الصين من الهيمنة العالمية المتطفلة التي تمارسها الولايات المتحدة.

هذا التصاعد في وجهات النظر لم يؤدِ إلى تراجع فوري في العلاقات الأمريكية-الصينية. في العقد ونصف العقد الذي أعقب نهاية الحرب الباردة، اعتقدت الإدارات الأمريكية المتعاقبة أنها ستكسب الكثير من تسهيل تحديث الصين ونموها الاقتصادي. وكما هو الحال مع البريطانيين، الذين تبنوا في البداية توحيد ألمانيا في عام 1870 والتوسع الاقتصادي الألماني بعد ذلك، كان الأمريكيون مدفوعين بالمصلحة الذاتية لتشجيع صعود بكين. وكانت الصين سوقًا هائلة للسلع ورؤوس الأموال الأمريكية، وعلاوة على ذلك، بدت الصين عازمة على ممارسة الأعمال التجارية على الطريقة الأمريكية، واستيراد عادات المستهلكين الأمريكيين وأفكارهم عن عمل الأسواق بالسهولة نفسها التي احتضنت بها الأساليب والعلامات التجارية الأمريكية.

على المستوى الجيوسياسي، كانت الصين أكثر حذرا تجاه الولايات المتحدة. كان انهيار الاتحاد السوفييتي بمثابة الصدمة لزعماء الصين، كما أوضح لهم النجاح العسكري الأمريكي في حرب الخليج عام 1991 أن الصين أصبحت تعيش في عالم أحادي القطب، حيث تستطيع الولايات المتحدة أن تنشر قوتها متى شاءت. وكما هو الحال مع ألمانيا وبريطانيا في ثمانينيات وتسعينيات القرن التاسع عشر، بدأت الصين والولايات المتحدة تنظران لبعضهما البعض بمزيد من العداء، بالرغم من توسع التبادلات الاقتصادية بينهما.

إن ما غيّر الديناميكية بين البلدين حقًا هو النجاح الاقتصادي الذي لا مثيل له الذي حققته الصين: في أواخر عام 1995، كان الناتج المحلي الإجمالي للصين حوالي عشرة في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة. وبحلول عام 2021، نما إلى حوالي 75% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة. وفي عام 1995، أنتجت الولايات المتحدة نحو 25% من الإنتاج الصناعي في العالم، وأنتجت الصين أقل من 5%. ولكن الآن تجاوزت الصين الولايات المتحدة. في العام الماضي، أنتجت الصين ما يقرب من 30% من الإنتاج الصناعي في العالم، وأنتجت الولايات المتحدة 17% فقط. هذه ليست الأرقام الوحيدة التي تعكس الأهمية الاقتصادية لدولة ما، ولكنها تعطي إحساسًا بثقل الدولة في العالم وتشير إلى القدرة الصناعية، بما في ذلك المعدات العسكرية.

على الصعيد الجيوسياسي، بدأت نظرة الصين تجاه الولايات المتحدة تصبح قاتمة في عام 2003 مع غزو واحتلال العراق. وعارضت الصين الهجوم الذي قادته الولايات المتحدة، حتى لو لم تهتم بكين كثيرا بنظام الرئيس العراقي صدام حسين. والأكثر من القدرات العسكرية المدمرة للولايات المتحدة، فإن ما صدم القادة في بكين حقًا هو السهولة التي يمكن بها لواشنطن أن تتجاهل مسائل السيادة وعدم التدخل، وهي مفاهيم كانت من العناصر الأساسية للنظام الدولي ذاته الذي أقنع الأمريكيون الصين بالانضمام إليه. ويشعر صناع القرار الصينيون بالقلق من أنه إذا تمكنت الولايات المتحدة بسهولة من انتهاك المعايير نفسها التي توقعت من الآخرين أن يلتزموا بها، فلن يقيد سلوكها المستقبلي أي شيء.

تضاعفت الميزانية العسكرية للصين في الفترة من عام 2000 إلى عام 2005، ثم تضاعفت مرة أخرى بحلول عام 2009. وأطلقت بكين برامج لتحسين تدريب قواتها العسكرية، وتحسين كفاءتها، والاستثمار في التكنولوجيا الجديدة، أحدثت ثورة في قواتها البحرية والصاروخية. وفي وقت ما بين عامي 2015 و2020، تجاوز عدد السفن في البحرية الصينية عدد السفن في البحرية الأمريكية.

يرى البعض أن الصين كانت ستوسع قدراتها العسكرية بشكل كبير بغض النظر عما فعلته الولايات المتحدة قبل عقدين من الزمن. وهذا هو ما تفعله القوى الصاعدة الكبرى مع تزايد نفوذها الاقتصادي. قد يكون هذا صحيحًا، ولكن التوقيت المحدد لتوسع بكين كان مرتبطًا بشكل واضح بمخاوفها من أن القوة المهيمنة العالمية لديها الإرادة والقدرة على احتواء صعود الصين إذا اختارت ذلك.

وإذا كان هناك أي مثال على الغطرسة والخوف داخل القيادة نفسها، فقد قدمته ألمانيا في عهد القيصر فيلهلم الثاني. واعتقدت ألمانيا أنها في صعود لا مفر منه، وأن بريطانيا تمثل تهديدًا وجوديًا لصعودها. وكانت الصحف الألمانية مليئة بالافتراضات حول التقدم الاقتصادي والتكنولوجي والعسكري الذي حققته بلادها، وتنبأت بمستقبل تتفوق فيه ألمانيا على الجميع. وزعموا أن بريطانيا ليست قوة أوروبية حقيقية، وأصروا على أن ألمانيا أصبحت الآن أقوى قوة في القارة، وأنه ينبغي تركها حرة في إعادة ترتيب المنطقة بشكل عقلاني وفقًا لواقع قوتها.

وتظهر الصين اليوم العديد من علامات الغطرسة نفسها والخوف التي أظهرتها ألمانيا من قبل.

كان قادة الحزب الشيوعي الصيني يشعرون بفخر كبير بإدارة بلادهم خلال الأزمة المالية العالمية في عام 2008 وتداعياتها بمهارة أكبر من نظرائهم الغربيين.

ورأى العديد من المسؤولين الصينيين أن الركود العالمي في تلك الحقبة لم يكن مجرد كارثة صنعتها الولايات المتحدة فحسب، بل كان أيضًا رمزًا لانتقال الاقتصاد العالمي من القيادة الأمريكية إلى القيادة الصينية.

لقد أنفق القادة الصينيون، بما في ذلك أولئك الذين يعملون في قطاع الأعمال، قدرا كبيرا من الوقت وهم يشرحون للآخرين أن صعود الصين العنيد أصبح الاتجاه المحدد في الشؤون الدولية. وفي سياساتها الإقليمية، بدأت الصين تتصرف بشكل أكثر حزما مع جيرانها: سحقت حركات تقرير المصير في التبت وشينجيانج وقوّضت الحكم الذاتي في هونج كونج. وفي السنوات الأخيرة، أصرت على حقها في الاستيلاء على تايوان، بالقوة إذا لزم الأمر، وبدأت في تكثيف استعداداتها لمثل هذا الغزو.

وفي الوقت نفسه، تحاول الولايات المتحدة تطوير سياسة تجاه الصين تجمع بين الردع والتعاون المحدود، على غرار ما فعلته بريطانيا عندما طورت سياستها تجاه ألمانيا في أوائل القرن العشرين. وفقًا لاستراتيجية الأمن القومي التي أقرتها إدارة بايدن في أكتوبر 2022، إن جمهورية الصين الشعبية لديها النية، والقدرة على نحو متزايد، على إعادة تشكيل النظام الدولي لصالحها.

وعلى الرغم من معارضتها لإعادة التشكيل هذه، فقد شددت الإدارة على أنها «ستكون دائمًا على استعداد للعمل مع جمهورية الصين الشعبية حيثما تتوافق مصالحنا».

في العلاقة البريطانية-الألمانية، أدت ثلاثة شروط رئيسية إلى تحول العداء المتزايد إلى الحرب: الأول هو أن الألمان أصبحوا مقتنعين بشكل متزايد بأن بريطانيا لن تسمح لألمانيا بالصعود تحت أي ظرف من الظروف. والثاني هو أن الجانبين يخشيان إضعاف مواقفهما المستقبلية. ومن عجيب المفارقات أن هذا الرأي شجّع بعض القادة على الاعتقاد بأن عليهم خوض حرب عاجلًا وليس آجلًا. أما السبب الثالث فكان الافتقار شبه الكامل إلى التواصل الاستراتيجي. في عام 1905، اقترح ألفريد فون شليفن، رئيس هيئة الأركان العامة الألمانية، خطة معركة من شأنها أن تضمن نصرًا سريعًا في القارة، حيث كان على ألمانيا أن تحسب حسابًا لكل من فرنسا وروسيا. والأهم من ذلك، أن الخطة تضمنت غزو بلجيكا، وهو العمل الذي أعطى بريطانيا سببًا فوريًا للانضمام إلى الحرب ضد ألمانيا.

كل هذه الشروط متوفرة في العلاقات الأمريكية-الصينية: إن الرئيس الصيني شي جين بينج وقيادة الحزب الشيوعي الصيني مقتنعون بأن الهدف الرئيسي للولايات المتحدة هو منع صعود الصين مهما كانت الظروف. وعلى الصعيد الداخلي، يشعر القادة الصينيون بقلق بالغ إزاء تباطؤ اقتصاد بلادهم وإزاء ولاء شعبهم. وتشير جميع الأدلة الحالية إلى أن الصين تضع خططًا عسكرية لغزو تايوان يومًا ما، مما يؤدي إلى حرب بين الصين والولايات المتحدة تمامًا كما ساعدت خطة شليفن في إنتاج حرب بين ألمانيا وبريطانيا.

وتشير أوجه التشابه إلى مستقبل قاتم من المواجهة المتصاعدة. لكن يمكن تجنب الصراع إذا كانت الولايات المتحدة تريد منع الحرب، فيتعين عليها إقناع القادة الصينيين بأنها ليست عازمة على منع التنمية الاقتصادية في الصين في المستقبل. الصين بلد هائل، لديها صناعات تتساوى مع تلك الموجودة في الولايات المتحدة، ولكن مثل ألمانيا في عام 1900، فإن لديها أيضًا مناطق فقيرة ومتخلفة. ولا تستطيع الولايات المتحدة أن تكرر للصينيين ما فهم الألمان أن البريطانيين يقولونه لهم قبل قرن من الزمان: «إذا توقفتم عن النمو الاقتصادي فلن تكون هناك مشكلة».

ومن ناحية أخرى، لا يجوز للصناعات الصينية أن تستمر في النمو دون قيود على حساب الجميع. إن أذكى خطوة يمكن أن تتخذها الصين بشأن التجارة هي الموافقة على تنظيم صادراتها بطريقة لا تجعل من المستحيل على الصناعات المحلية في البلدان الأخرى التنافس في مجالات مهمة مثل السيارات الكهربائية أو الألواح الشمسية وغيرها من المعدات اللازمة لإزالة الكربون. وإذا استمرت الصين في إغراق الأسواق الأخرى بنسخها الرخيصة من هذه المنتجات، فإن العديد من البلدان، بما في ذلك بعض البلدان التي لم تشعر بقلق مفرط إزاء نمو الصين، سوف تبدأ في وضع قيود على وصول السلع الصينية إلى أسواقها.

الحروب التجارية غير المقيدة ليست في مصلحة أحد. وتفرض بلدان العالم بشكل متزايد تعريفات جمركية أعلى على الواردات وتحد من التجارة وحركة رأس المال. ولكن إذا تحول هذا الاتجاه إلى طوفان من التعريفات الجمركية، فإن العالم سيواجه مشكلة على المستوى الاقتصادي، وكذلك السياسي. ومن عجيب المفارقات أن الصين والولايات المتحدة ربما تكونان من أكبر الخاسرين إذا فرضت سياسات الحماية سيطرتها في كل مكان.

إن كبح جماح المواجهة الاقتصادية وتخفيف نقاط التوتر الإقليمية المحتملة يشكل ضرورة أساسية لتجنب تكرار السيناريو البريطاني-الألماني، يمكن للقادة أن يتعلموا من الماضي بطرق إيجابية وسلبية، عما يجب عليهم فعله وما لا يجب عليهم فعله. لكن عليهم أن يتعلموا الدروس الكبرى أولا، وهو كيفية تجنب الحروب المروعة التي تحول إنجازات أجيال إلى ركام.

أود آرني ويستاد مؤرخ نرويجي متخصص في الحرب الباردة وتاريخ شرق آسيا المعاصر، وأستاذ للتاريخ والشؤون العالمية في جامعة ييل، وفي كلية جاكسون للشؤون العالمية.

الترجمة خاصة لـ«عمان» عن Foreign Affairs

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الصین والولایات المتحدة ألمانیا وبریطانیا الولایات المتحدة للولایات المتحدة ألمانیا فی أن الصین على أن فی عام

إقرأ أيضاً:

تصاعد حالات التخلف عن سداد قروض الطلاب في أمريكا إلى 9 ملايين مقترض

تخلف أكثر من 9 ملايين مقترض أمريكي عن سداد قسط واحد على الأقل من قروضهم الطلابية في عام 2023، مما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في حالات التخلف عن السداد ضمن سوق القروض الطلابية البالغ حجمه 1.7 تريليون دولار، وذلك بعد انتهاء فترة السماح التي فرضت خلال جائحة "كوفيد-19".


ونقلت صحيفة "فاينانشيال تايمز" عن "مجلس الإشراف على الاستقرار المالي" (إف إس أو سي) الحكومي قوله "إن القروض الطلابية تعد "استثناء بارزا" من انخفاض معدلات التخلف عن السداد بشكل عام في القروض الأسرية الأخرى".. موضحا أن حالات التخلف عن سداد القروض الطلابية تميل إلى أن تكون أعلى تاريخيا.


وأشار المجلس إلى أن نسبة القروض المتأخرة عن السداد لأكثر من 30 يوما، تضاعفت منذ بدء فترة السماح في أوائل عام 2020.. ويتزامن هذا الارتفاع في حالات التخلف عن السداد مع تراجع سوق العمل، ما يؤثر بشكل خاص على الخريجين الجدد الذين يكافحون للحصول على وظائف.


وأظهر استطلاع رأي - أجرته شركة "ترانس يونيون" - أن ما يقرب من نصف المشاركين الذين يواجهون صعوبة في السداد عبروا عن أن القدرة على تحمل التكاليف تعد مشكلة رئيسية، بينما كان 25% منهم ينتظرون معلومات حول إمكانية إعفاء قروضهم.


ونقلت الصحيفة عن بيانات حديثة من "مجلس الاحتياطي الفيدرالي" (البنك المركزي الأمريكي) في نيويورك إشارتها إلى أن متوسط القسط الشهري للقروض الطلابية في الولايات المتحدة الأمريكية يبلغ حوالي 200 دولار، وأن نسبة ديون الطلاب المتأخرة عن السداد لأكثر من 90 يوما بلغت 9.6% من إجمالي ديون الطلاب البالغة 1.65 تريليون دولار، وهو ارتفاع ملحوظ مقارنة بنسبة 0.5% فقط في العام السابق، على الرغم من انخفاضها الطفيف عن الربع السابق.


وأشار المجلس الرقابي - في تقريره - إلى أنه منذ استئناف آلية الإبلاغ الائتماني، تحول أكثر من 9 ملايين مقترض إلى فئة المتعثرين عن السداد، مما أثر سلبا على درجاتهم الائتمانية، التي انخفضت في المتوسط بمقدار 100 نقطة للمتعثرين، ودفع الكثيرين منهم إلى فئات ذات سجل ائتماني ضعيف.


ويشير التقرير إلى أن ثلث المتعثرين عن السداد عادوا إلى وضعهم الجيد، إلا أن الآثار السلبية على الائتمان قد تستمر على المدى الطويل، مما يعقد حصولهم على تمويل في المستقبل لشراء سلع مرتفعة الثمن كالمنازل والسيارات.


وأبرزت بيانات "بنك الاحتياطي الفيدرالي" في نيويورك أن المقترضين الذين كانوا يتمتعون بتصنيف ائتماني ممتاز سابقا قد سجلوا تراجعا كبيرا في متوسط مستوياتهم الائتمانية.. ويجد جزء كبير من المقترضين المتعثرين حديثا أنفسهم الآن مصنفين دون عتبة التصنيف الائتماني الأولي.


ويعزو بعض الخبراء الماليين ارتفاع حالات التعثر إلى عدم إدراك المقترضين لانتهاء فترة السماح الممنوحة لهم للسداد.. مع ذلك، تظهر استطلاعات الرأي الحديثة أن نسبة ضئيلة من المستهلكين الذين استطلعت آراؤهم لم يكونوا على دراية باستئناف عمليات السداد.


ولفتت الصحيفة إلى أن إجراءات التيسير، التي طبقتها الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة جو بايدن في بداية الجائحة، اعتبرت ضرورية، لكنها تعرضت لانتقادات بشأن التردد في استئناف عملية السداد، حيث أشار الخبراء إلى أن موجة التخلف عن السداد اللاحقة تعكس قصورا في إدارة عملية الانتقال إلى السداد.
 

طباعة شارك مقترض أمريكي سداد قسط واحد على الأقل من قروضهم الطلابية ارتفاع ملحوظ في حالات التخلف عن السداد ضمن سوق القروض الطلابية جائحة كوفيد 19 صحيفة فاينانشيال تايمز مجلس الإشراف على الاستقرار المالي إف إس أو سي الحكومي القروض الطلابية

مقالات مشابهة

  • تصاعد حالات التخلف عن سداد قروض الطلاب في أمريكا إلى 9 ملايين مقترض
  • مجموعة أممية تطالب بالإفراج عن ناقلة النفط التي احتجزتها الولايات المتحدة في الكاريبي
  • دول عربية وإسلامية تصدر بياناً حول «أونروا».. أمريكا تجدد دعم إسرائيل!
  • طبول الحرب تقرع في الكاريبي: 3 مؤشرات لاقتراب المواجهة بين أمريكا وفنزويلا
  • فرصة مقيدة: هل تستفيد الصين من تراجع القوة الناعمة الأمريكية؟
  • ألمانيا تستدعي السفير الروسي بسبب تصاعد الهجمات السيبرانية
  • فورين بوليسي: 3 دروس تعلمتها الصين من الولايات المتحدة
  • رويترز: الولايات المتحدة تستعد لاعتراض السفن التي تنقل النفط الفنزويلي
  • قلق إسرائيلي من تصاعد دعم الإيطاليين للفلسطينيين وتنامي العداء للاحتلال
  • الولايات المتحدة واليابان تنفذان تدريبات جوية مشتركة وسط تصاعد التوترات الإقليمية