أوامر الإخلاء الإسرائيلية تطال 250 ألف شخص في جنوب غزة
تاريخ النشر: 3rd, July 2024 GMT
دينا محمود (غزة، لندن)
أخبار ذات صلةقدّرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، أمس، أن الأوامر التي أصدرها الجيش الإسرائيلي أمس الأول، بإخلاء أحياء في خان يونس ورفح في جنوب قطاع غزة يطال نحو ربع مليون شخص.
وقالت المتحدثة باسم «الأونروا» لويز ووتريدج: «رأينا أناساً ينتقلون إلى أماكن أخرى وعائلات تنتقل إلى أماكن أخرى وأشخاصاً بدأوا بحزم أمتعتهم ويحاولون مغادرة هذه المنطقة».
وأضافت، أن «الأونروا تقدّر أن نحو 250 ألف شخص تأثروا بهذه الأوامر»، مضيفةً «نتوقع أن تزيد هذه الأرقام».
وأوضحت ووتريدج، أن «الربع مليون هو تقدير الأونروا لسكان المنطقة الذين وجهت لهم أوامر الإخلاء شرق خان يونس».
واعتبرت أن «أوامر الإخلاء هذه ضربة جديدة مدمّرة لجهود الاستجابة الإنسانية، وللناس والعائلات، يبدو أنهم يُهجّرون قسراً مراراً وتكراراً».
وأشارت إلى أنه «منذ بدء الهجوم البري في رفح في مايو، عاد أشخاص إلى منطقة خان يونس المدمّرة، لكن مع الأوامر الجديدة الليلة الماضية، ستُضطر العائلات نفسها إلى الانتقال مجدداً»، مضيفة أنه لا يوجد أي مكان آمن في قطاع غزة.
وأفاد الإعلام الحكومي في غزة، بأن الأحياء والبلدات الشرقية لخان يونس، شهدت حركة نزوح بآلاف الأشخاص باتجاه مخيمات وسط القطاع و«مواصي خان يونس»، بسبب القصف المدفعي المكثف.
كما أفاد متحدث بمنظمة الصحة العالمية، أمس، بأن المستشفى الأوروبي في خان يونس أصبح خالياً تقريباً، بعد فرار العاملين به والمرضى، عقب الأوامر الإسرائيلية بالإخلاء.
وقال ريك بيبيركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إن «طاقم المستشفى والمرضى قرروا الإخلاء حالياً»، مضيفاً أنه لم يتبق بالمستشفى سوى 3 مرضى.
وأكد محللون غربيون، أن تزايد المؤشرات على قرب إنهاء الجيش الإسرائيلي عمليته في مدينة رفح، والانتقال كذلك لما يُوصف بـ «المرحلة الثالثة» من الحرب، يفتح الباب أمام عدة سيناريوهات سياسية وعسكرية، قد تتجسد على أصعدة مختلفة، خلال الشهور القليلة المقبلة.
فثمة توقعات بأن يؤدي إسدال الستار، على ما وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي في السابق، بمرحلة «القتال الأكثر ضراوة»، إلى التركيز بشكل أكبر، على تنفيذ عمليات مداهمة وإغارة «موضعية» في القطاع، تستهدف في الأساس إطلاق سراح باقي الرهائن، وتحقيق أهداف عملياتية أخرى.
وبحسب الخبراء، قد تُنفذ مثل هذه المداهمات المحدودة في أنحاء مختلفة ومتفرقة من القطاع، وذلك على شاكلة العملية التي شهدها مخيم النصيرات وسط القطاع مطلع الشهر الماضي، وقادت لتحرير 4 محتجزين، وأودت في الوقت نفسه بحياة أكثر من 270 فلسطينياً.
كما أن تلك العمليات، التي يقول المسؤولون العسكريون الإسرائيليون إنها قد تستمر لفترة وجيزة، قد تشمل إعادة مداهمة مناطق، سبق أن انسحبت منها قواتهم في وقت سابق، وذلك تحسباً لأن يكون مقاتلو الفصائل الفلسطينية قد أعادوا تنظيم صفوفهم فيها، خلال الأسابيع القليلة الماضية.
ورصد مراقبون هذا النمط من العمليات عدة مرات، منذ اندلاع الحرب.
ففي مارس، هاجم الجيش الإسرائيلي مجمع الشفاء بمدينة غزة، بعدما كان قد داهمه قبل ذلك بأربعة أشهر.
كما أن القوات الإسرائيلية نفذت على مدار ثلاثة أسابيع من مايو، عملية عسكرية في مخيم جباليا، رغم أنها كانت قد اجتاحت المنطقة نفسها، في نوفمبر الماضي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: غزة فلسطين قطاع غزة إسرائيل حرب غزة الحرب في غزة أهالي غزة سكان غزة جنوب غزة الأونروا خان یونس
إقرأ أيضاً:
هندسة الأوامر في قلب غرف الأخبار
في التسعينيات من القرن الماضي كان الصحفي الذي لا يملك قلما ودفترا يُنظَر إليه بعين الغرابة.. كيف ستكتب مقالك أو حوارك أو حتى خبرا وأنت مجرد من سلاحك، وهذا ما أذكره جيدا في بدايات المسيرة المهنية.
ثم انتقلنا لاحقا إلى تطور مذهل في بداية الألفينيات، إذ أصبحنا نملك "مُسجلا" صغير الحجم، لا يمكننا الاستغناء عنه ونحن متوجهين إلى حوار شخصية ستنظر إليك لاحقا نظرة إكبار وهي ترى أنك مدجج بالتقنية الصحفية، وكان أكثر من يزعجني وقتها بعد إنجاز الحوارات المسجلة هو تفريغها نصيا.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مصور صحفي بغزة للجزيرة نت: كاميرتي مقابل كيس طحينlist 2 of 2ترامب يُربك الإعلام الأميركي..كيف يغطي أخبار رئيس يتهم سلفه بالخيانة؟end of listاستمر الحال هكذا إلى أن بدأ يظهر مصطلح "الصحفي الشامل"، وهو في أصله يعيب على الصحفيين بشكل غير مباشر أنهم "غير شاملين" و"غير مواكبين" للقفزات الصحفية المهنية.
فمن غير المعقول أن الصحفي لا يجيد التعامل بالحد الأدنى مع المونتاج والتصوير ومكساج الصوت والقدرة على التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي.
ثم ما لبث الأمر أن تحول هذا الصحفي إلى "صحفي رقمي" يجيد تحسين الظهور والتفاعل والسرعة واستثمار المصادر المفتوحة، وغيرها من العوالم الرقمية الصحفية التي بدأت تتسارع بوضوح.
الصحفي المهندسوصلنا اليوم إلى "الصحفي المهندس"، وهو مصطلح جديد في الصحافة العربية، والصحفي المهندس الذي أعنيه هو الصحفي الذي يستطيع أن يتعامل مع هندسة الأوامر (Prompt Engineering) بالشكل الذي يقود فيه النماذج التوليدية لما يريد من نتائج مميّزة.
فهو الصحفي الذي يستطيع أن يُلقّن الذكاء الاصطناعي كيف يكتب، وهو بهذا يجمع بين القدرة التحريرية وبين مهارة صياغة أوامر ذكية موجهة إلى نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، بهدف إنتاج محتوى موثوق وعالي الجودة وذي قيمة صحفية مضافة.
فالمهارة التي يُنتظر من الصحفي المهندس امتلاكها هي القدرة على هندسة الأوامر (Prompt Engineering)، وهذا التحوّل في أدوات الصحفي لا يُعد ترفا رقميا جاء نتيجة للتغيرات في المجال التقني، بل هو الترجمة العملية لتغيّر أدوات العمل الصحفي.
إعلانفكما أن من لا يجيد استخدام الكيبورد اليوم هو خارج دائرة الإنتاج الصحفي المميز، فإن من لا يُتقن هندسة الأوامر في غرف الأخبار، هو صحفي جاء ليغطي حدثا بورقة وقلم.
ما هندسة الأوامر؟هندسة الأوامر هي مهارة جديدة في غرف الأخبار، تشبه إتقان اللغة في بدايات الصحافة، لأنها لغة جديدة تماما للصحفي، يستطيع من خلالها الوصول إلى نتائج لم يكن ليحصل عليها قبل استخدام هذه اللغة الجديدة. ولكي يتم ضبط المصطلحات بشكل صحيح، فإن مفهوم هندسة الأوامر في غرف الأخبار هو:
فن صياغة الأوامر النصية المصممة بعناية، والموجهة إلى نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي داخل البيئة الصحفية، بهدف المساعدة في إنتاج محتوى صحفي موثوق ودقيق، أو لدعم عمليات التحقق والتحرير والتحليل، عبر أوامر مدروسة وواضحة ومبنية على منطق تحريري.
لماذا نحتاج إلى "الصحفي المهندس" الآن؟في ظل التطور المذهل والمتسارع في أدوات الذكاء الاصطناعي، أصبح لزاما على البيئة الصحفية في غرف الأخبار أن تنظر بشكل إيجابي إلى هذا المفهوم الذي أجبر الجميع على التعامل معه.
وهذه النظرة الإيجابية تتسق تماما مع حاجة المؤسسات إلى كوادر صحفية مستمرة تستطيع أن تنجز المهام بأفضل أداء وأسرع وقت وأجمل زاوية تناول إخبارية.
وأيضا بعض من الصحفيين اليوم يستخدمون نماذج مثل ChatGPT وGemini وClaude في إنتاج الأخبار وتحرير النصوص، لكن بدون أن يُدركوا لغة هذه النماذج، وهو ما يؤدي أحيانا كثيرة إلى نتائج سطحية من هذه النماذج التوليدية.
لهذا فالصحفي المهندس هو من يملك مفاتيح هذا السر ويحوّله إلى معيار مؤسسي في غرف الأخبار، لأنه يستطيع أن يكون موجها للآلة في كيفية استخراج كنوزها ثم معالجتها، وإعادة صياغتها وفق معايير السياسة التحريرية.
كذلك فإن "فجوة المهارة" معيار آخر للحاجة إلى المهندس الصحفي، وهذا ما يؤشر أن عددا قليلا من الصحفيين يدرك أن كتابة "الأمر الجيد" هي مهارة بحد ذاتها، بل حتى مهنة جديدة في عالم الصحافة اليوم.
قرار هندسة الأوامر الذي يُعيد تشكيل غرف الأخبارهندسة الأوامر للصحفيين في غرف الأخبار لا تعني العشوائية في إلقاء الأسئلة على أدوات الذكاء الاصطناعي، بل هي قرار ذكي من إدارة المؤسسة، يبدأ من تبني الرؤية وينتهي بإعادة فلسفة العمل في غرفة الأخبار نفسها. وهذا القرار سيؤثر على غرفة الأخبار بثلاثية ذهبية:
– أولا: على الفلسفة التحريرية لغرفة الأخبار، ويصبح السؤال الأهم: ما الزاوية التي سنتناولها وليس من سيكتب التقرير؟ لأن الإنتاج الصحفي سيعتمد على "كفاءة الأمر" وليس على عدد الصحفيين. وهنا ستنتج غرفة الأخبار ما تريد من عدد يناسب خططها الإستراتيجية وبجودة عالية، وليس بمن لدينا اليوم على جدول الدوام. فالنتيجة: محتوى سريع عالي الجودة يمر أولا عبر الذكاء الاصطناعي، ثم يُنضَّج لاحقا بقلم الصحفي.
– ثانيا: على رفع جودة القوالب التحريرية المعتمدة في المؤسسة، من خلال تخصيص "بنك أوامر" لكل قالب بما يُسرِّع وتيرة العمل ويرفع جودته، دون الإخلال في الوقت نفسه بقوالب المؤسسة وسير عملها.
إعلان– ثالثا: على تنافسية المؤسسة خاصة بعد ظهور فجوة رقمية بين المؤسسات التي تبنّت الذكاء الاصطناعي والتي ما زالت مترددة.
وبهذه الثلاثية الذهبية في الحفاظ على قوالب المؤسسة التحريرية، والعمل على إعادة فلسفة الإنتاج وكميته وجودته، ثم مزاحمة المنافسين، قد يكون هذا القرار طوق النجاة للمؤسسة وإنقاذها من الخروج من المنافسة.
التحدي الحقيقي: كيف نُعدّ جيلا من الصحفيين المهندسين؟التحوّل إلى هذا النموذج لا يبدأ من كليات الإعلام، لأنها حتى اللحظة لم تُدرّس هذه المهارات. بل يبدأ من غرف الأخبار نفسها، التي تبني رؤية تحريرية جديدة ترى في الذكاء الاصطناعي شريكا مساعدا لا تهديدا مدمرا.
يتبع ذلك تدريب تحريري عملي على أدوات الذكاء الاصطناعي التي نحتاجها فعلا في غرف الأخبار، وعدم الإغراق في عشرات الأدوات التي لا تسهم في جوهر العمل الصحفي بشكل مباشر، خاصة مع إشارة بعض المصادر الى وجود أكثر من 15.000 أداة، والعدد مستمر في الزيادة بشكل يومي تقريبا، ثم يتوج ذلك بربط الإنتاج اليومي بالأدوات المعتمدة، والخروج من تشتت الصحفيين في استخدام أدوات مختلفة بأوامر سطحية.
هل يُضعف الذكاء الاصطناعي قلم الصحفي؟الخوف من الذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار مبرر ومفهوم، خاصة إذا كان الصحفي مجرد مستهلك له، لكن الحقيقة المهمة هي أن الخطر لا يأتي من الذكاء الاصطناعي في ذاته، بل من موقع الصحفي أمامه. وإذا كان الصحفي مجرد مستهلك سلبي للأدوات التوليدية، ينسخ ما يُلقى إليه دون مراجعة أو تحقق، فإن الذكاء الاصطناعي سيأخذ مكانه تدريجيا وسيقتل قلمه.
أما إذا كان صحفيا مهندسا متقنا لفن توجيه النماذج الذكية وصياغة أوامرها ومراقبة مخرجاتها، فإنه يتحول إلى العقل المدبر خلف الآلة، والمحرر الأخير وحارس البوابة قبل النشر والبث. وبهذا التصور فإن الذكاء الاصطناعي لا يُضعف القلم الصحفي، بل يوسع مداه، ولا يُقصي الصحفي، بل يُطالب بصحفي أكثر دقة وأكثر وعيا وأكثر قدرة على قيادة النص، لا مجرد كتابته.
وبهذا المفهوم فإن الذكاء الاصطناعي لا يهدد الصحافة، إلا عندما تغيب عقلية المهندس، ويبقى القلم بلا توجيه.
الصحفي المهندس.. من يصنع نفسهقرار تبني المؤسسة الذكاء الاصطناعي ليس بيد الصحفي، وقد تتأخر غرف الأخبار في هذا التحول لأسباب إدارية أو تقنية أو غيرها، وفي زمن التحولات السريعة إن أردت فعلا أن تلتحق بالركب، فعليك أن تبدأ من نفسك وبنفسك. فـ"الصحفي المهندس" لا يُعيَّن، بل يُبنى يُصقل ويُثبت نفسه بالأداء. وإتقانك لهندسة الأوامر لم يعد ترفا بل ضرورة، لأن من لا يُجيد مخاطبة الآلة، سيجد نفسه عاجزا عن مخاطبة الجمهور.
وهنا دعوة صريحة: لا تخشَ اللقب الجديد، ولا تعتبره تهديدا لهويتك المهنية، فالانتقال من "الصحفي" إلى "الصحفي المهندس" ليس خلعا للصفة، بل تطور طبيعي لمسيرة الصحفي المتمكن، الذي يأبى أن يُستبدَل أو يُختزل.