الزعيم والقائد لا يخاف ولا يضطرب عند الأزمات
تاريخ النشر: 3rd, July 2024 GMT
( مات د. جون قرنق ، والخرطوم تحترق ) ..
هكذا نطق ” ناجي دهب ” العبارة أمام الشيخ حسن الترابي في مكتبه بمقر حزب المؤتمر الشعبي بشارع المشتل بحي الرياض بالعاصمة السودانية الخرطوم ،
بينما كان عدد أفراد الحماية لا يتجاوزون ثلاثة . وقتها كنت قد دخلت للتو للمركز العام ،
وقد دبت مظاهر الذعر والخوف في الخرطوم ،
لا يوجد تطبيق واتساب لنقل الخبر العاجل ،
أو طلب تداعي الخلص الأخيار القادمين من أنفاس الفجر والذكر الحكيم من باب التأمين لرجل ظل صانع الأحداث ومحورها .
الخوف تسلل لنفسي ، أنا بشر ، والصورة قاتمة ويحاصرني السؤال : ما العمل ؟ ، العدد قليل جدا وقد جئت صدفة ،
لا علاقة لي بالحماية أو فنون القتال ، مجرد ناقل للأخبار في ظل وضع لا يعلم به الا الله .
انصت الشيخ بكل اهتمام لتقرير ناجي دهب عن خطورة الوضع ، بينما ظل أشرف أبو رأس يتحسس طبنجته ، ويرسل إلى المقربين للحضور على عجل وفق شفرته الخاصة ، بوسائله .
“ياربي الجابني شنو .. أها ونعمل شنو “، في تلك اللحظة الوسواسية طلب منا الشيخ أن نتوجه إلى مقر الحركة الشعبية عند تقاطع شارع البلدية مع شارع المك نمر بينما كانت الجثث ملقية على الأرض والنيران مازالت مشتعلة في بعض معارض السيارات .
اهاااااا ، ده الكلام الما ياهو ، كل المشاعر هنا اختلطت مع بعضها البعض ، الرفض ظهر في وجوهنا ونحن خمسة سادسنا شيخنا ، أنا خفت عديل عشان نكون واضحين ، أشرف رأى بأن العدد سينقص قبل وصول المدد وباقي العدة .
ناجي دهب كان وقتها مسؤول الاتصال السياسي في الحزب ضربها أخماس في أسداس ، اكتر حاجة أكلت معاي ” جنبه ” لاحقا ، بأن الشيخ لم يكن يرى بأننا ” حراسو ” ، وأن الخوف لم يكن من ضمن تفكيره ، بالله نحن عاملين فيها ” اولادو الخطرين ” وهو ولا شغال بينا .
نظر للناجي دهب يطلب منه الذهاب ، وأن أرافقه ، وقد منحه بخرة حل الازمة التي حلت بالعاصمة السودانية جراء فقد الزعيم د. جون قرنق .
أغلق الجيش وقتها منفذ الدخول عبر شوارع القيادة العامة بينما سمح بالخروج فقط من داخل السوق العربي، بعد تحانيس دخلنا ودخل ناجي في اجتماع مع قيادات الحركة الشعبية ونقل لهم الرسالة .
عندما عدنا بأرجلنا إلى المركز العام ، طلب تجهيز سيارته للتحرك إلى “القرين فليدج” بمنطقة بري ، حيث كانت تقيم قيادات الحركة الشعبية ، دون أن تتوفر معدات الحماية الكافية في حراسة الشخصيات المهمة .
لقد تعلمت منه ، رحمه الله رحمة واسعة ، بأن من يتقدم العمل العام في السودان ، لابد أن يكون زعيما وقائدا متوكلا على الله وان يتذكر دائما بان ” الله أكبر ” من كل شئ في الدنيا .
لقد كان يعيش معنى أن الله كبير، وأن الله عظيم، وان الله هو القاهر، كان موحدا بالله ، لا يخاف ، لا يضطرب عند الأزمات ، ومنه تعلم ذلك النهج خلص أخيار يمشون في صمت بين الناس .
ملحوظة :
هذا المقال جاء بعفو الخاطر ، وهنالك آخرون من قيادات الأحزاب والحركات من يحملون تلك الصفات ..
ونحن أولاد ذلك الرجل .
طلال اسماعيل
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الحركة الإسلامية تدفع الدولة السودانية للفناء
الحركة الإسلامية تدفع الدولة السودانية للفناء
صلاح شعيب
للأسف ما تزال المواجهة العسكرية في البلاد تسير من تصعيد كبير إلى تصعيد أكبر. والمردود لكل هذا المزيد مما يلوح في الأفق من شبح انهيار الدولة ما لم يحدث اختراق إن لم تكن معجزة. فالاستقطابان المدني والعسكري العميقان اللذين مزقا وحدة الشعب السوداني بعد الحرب أفشل أي مسعى في السابق لإحداث التسوية بين طرفي القتال.
حتى الآن ما تزال حكومة بورتسودان – بضغط من قادة الحركة الإسلامية – تتعنت للتسوية في مقابل إبداء الدعم السريع الموافقة دوماً للعودة إلى طاولة المفاوضات. وبالمقابل ليس لدى القوى المدنية المركزية الآن ما تقدمه لإطفاء النيران غير المزيد من الافتراق، وقلة الحيلة، وضعف التأثير. وعلى صعيد المجتمعين الإقليمي، والدولي، لا نعثر البتة على جدية لحمل المتقاتلين على وقف إطلاق النار.
ووسط هذه التحديات تشتعل الميديا بخطاب التخوين، والعمالة، والكراهية، والبذاءة، كآخر سقوف للتعاطي مع الأزمة. وبالتزامن تراجعت فاعلية كبار السياسيين، والمثقفين، ورجالات المجتمع الحكماء، والذين فضلوا الانزواء في ظل تفاقم مناخ الابتزاز، والمزايدة.
إن المسؤول الأول عن كل هذه الحرب هو رأس الدولة، والإسلاميون من خلفه. فالحكمة السياسية للبرهان غابت منذ بدايات مسؤوليته الرئاسية الشرفية، وسعى بالتعاون مع المكون العسكري للوقوف ضد المكون المدني لفض الاعتصام الذي شاركت فيه فيالق إسلاموية داعشية من خلف المشهد. ولكن ثوار ديسمبر أجبروا البرهان وحميدتي على الرضوخ لمطالبهم حتى تمخضت الوثيقة الدستورية. ولكن المكون العسكري لم يتعظ. فعرقل الحكومة الانتقالية، وفضل التعاون السري مع قيادات الحركة الإسلامية. ولما حانت ساعة الصفر فرض البرهان وحميدتي الانقلاب الذي أفشله نضال ثوار ديسمبر.
مرة ثانية لاحت فرصة لإنقاذ الوضع بالاتفاق الإطاري، ولكن البرهان خدع القوى السياسية في الوقت الذي كان يدبر مع الإسلاميين للتخلص من الدعم السريع الذي أبدى موافقته لدعم الاتفاق الإطاري. وهكذا خلص التآمر ضد الحل التفاوضي إلى الحرب للتخلص من قوة الدعم السريع كخطوة أولى لإنهاء كل ما يتصل بثورة ديسمبر، ومؤسساتها، وخطابها، وأحزابها، ورموزها.
الآن..حصد البرهان، والإسلاميون، ثمار مشروعهم الحربي الذي أدّى إلى الكوارث الإنسانية التي لا تُخفى آثارها على أحد. فالتدمير غير المسبوق الذي يقوم به الدعم السريع للمنشآت العسكرية والحيوية كرد فعل على قصف الجيش لمناطق سيطرته ربما يؤدي إلى شل حركة البلد تماماً. وهذا ينذر بكارثة إنسانية لم تشهدها البشرية من قبل، وستكون متضاعفة عشرات المرات عما هو عليه حال السودان من كوارث.
ما تزال الفرصة سانحة لإنقاذ السودان، ومواطنيه، إذا توفرت قدرات سياسية داخلية لإيقاف الحرب مدفوعة بضغط دولي على المكونات الإقليمية الداعمة للطرفين. وبغير ذلك فإن المتوقع هو تحقيق مشروع الحركة الإسلامية القائم على تفتيت البلاد إذا لم يعودوا للسلطة مرة ثانية. وهذه هي كل قصة الحرب بلا رتوش، أو مكياج فكري، أو فقهي، ولا يفهمها إلا من أوتي البصارة بتاريخ ودوافع الإسلاميين.
لقد ظللنا منذ بدء الحرب ندعو الرأي العام، وعقلاء السودان، للضغط من أجل إيقاف الحرب اللعينة، وكشف مخططات الحركة الإسلامية لمحو تراث ثورة ديسمبر، والعودة إلى السلطة. وسنظل في هذا الموقف إلى آخر لحظة تسبق الانهيار التام لوحدة البلاد.