حول ما يتم تناقله بخصوص لقاء الأسد وأردوغان في بغداد وتصريح الكرملين.. اللقاء لن يتم
تاريخ النشر: 5th, July 2024 GMT
يوليو 5, 2024آخر تحديث: يوليو 5, 2024
رامي الشاعر
كاتب ومحلل سياسي
صرح المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف بأنه ليس لدى الكرملين ما يعلنه بشأن الحضور الروسي المحتمل في المفاوضات بين سوريا وتركيا في بغداد.
لقد بدا ذلك التصريح غير واضح بالنسبة للبعض حتى أنهم تساءلوا ما إذا كان الكرملين قد تلقى دعوة لحضور المفاوضات أم لا، ولكن معلوماتي الخاصة تؤكد أنه لن يتم لقاء من هذا النوع في بغداد، لكني أؤكد أن روسيا ترحب بأي جهود تسعى إلى ذلك، لا سيما عندما تصدر من دولة مجاورة ولها حدود مشتركة مع تركيا وسوريا أو من دول المنطقة القريبة في الشرق الأوسط.
وقد تغيرت خارطة سوريا والمنطقة بالفعل بعد 2015، عندما تدخلت روسيا عسكرياً بطلب رسمي من الحكومة السورية في توافق تام مع ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي الذي يكفل لأي دولة حق طلب المساعدة العسكرية من دولة أخرى، حال احتاجت إلى ذلك. وهنا أود التأكيد أيضا، وهو ما أؤكد عليه دائماً في جميع مقالاتي، أن استجابة روسيا لطلب القيادة الشرعية في سوريا أنقذت سوريا، وحافظت على بقاء الدولة السورية، وما تلا ذلك من تشكيل مجموعة دول أستانا (روسيا وتركيا وإيران)، التي ضمنت نظام التهدئة ووقف الاقتتال بين السوريين، والحد من نشاط التنظيمات الإرهابية وتوسعها.
ثم سعت مجموعة دول أستانا، وتسعى دائماً أن يتوصل السوريون إلى توافق فيما بينهم، وتعديل دستوري يرضي الجميع ويجمع أطياف المجتمع السوري تحت مظلته، في إطار ما ورد بقرار مجلس الأمن رقم 2254، ومخرجات مؤتمر سوتشي للحوار السوري السوري لعام 2018.
للأسف، وحتى اللحظة، لم يتحقق ذلك، والمسؤولية تقع على جميع السوريين دون استثناء.
ومع ذلك، فما يطمئن اليوم هو أن بعض البوادر من الدول العربية قد بدأت تنشط لمساعدة سوريا، وهذا أمر مهم للغاية، ولولا تلك البوادر العربية، والتي لمحناها سواء في اجتماعي القمة العربية الأخيرين أو في مبادرة بغداد، لما صدر التصريح الوقح من الخارجية الأمريكية التي قالت إنها “لن تطبّع علاقاتها بسوريا، لكنه أبدى ترحيبا بسعي تركيا للتعاون مع الحكومة السورية من أجل تخفيف معاناة الأهالي”.
وقاحة التصريح تكمن في التهرب من المسؤولية الأساسية التي تقع على عاتق الولايات المتحدة بعقوباتها الاقتصادية التي كانت سبباً رئيسياً في وصول عامة الشعب السوري إلى المآسي المعيشية التي حلت به طيلة السنوات الأخيرة، والتي تزداد يومياً.
إن تسوية العلاقات السورية التركية ستفتح المجال لتخفيف تدهورالوضع الاقتصادي اليومي في سوريا، إضافة إلى حل الكثير من المشكلات وعلى رأسها وضع الشمال السوري، وقضايا اللاجئين، وإيجاد حل لوضع المعارضة والمسلحين، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وإنعاش الحوار بين المعارضة والنظام.. أي باختصار إنقاذ سوريا من الوضع الكارثي المتدهور يومياً، والذي تنعكس آثاره على عامة الشعب السوري.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الأحداث الأخيرة والتوتر الحادث، وتحديداً في الشمال الغربي لسوريا هو نتيجة لعدم رغبة فئة معينة من السوريين في تسوية العلاقات التركية السورية، لما يحمله ذلك من تضارب مع مصالحهم الشخصية والسياسية والمادية النفعية الضيقة، حيث تعود هؤلاء على مداخيل خاصة اعتادوا عليها في السنوات الأخيرة، وهذه الفئة من السوريين، وهي ليست بالقليلة (ربما يبلغ تعدادها المليون) يعتبرون أن مصالحهم ستتضرر لما اعتادوا عليه من التهريب والمتاجرة بالممنوعات وعدم الخضوع لأي قوانين، وتلك إحدى المشكلات التي يجب معالجتها لتعود سوريا إلى وضعها الطبيعي كدولة يسودها النظام والقانون على كافة أراضيها. إضافة إلى التوصل إلى حل عادل بخصوص حقوق الأكراد، والتمتع بحقوقهم وثقافتهم وتقاليدهم المحلية في مناطق تواجدهم ضمن الدولة السورية الموحدة، وأنا على ثقة بأنه ليس لدى أكراد سوريا أي نوايا انفصالية.
ويجب هنا ألا نتغاضى عن الدور الإيجابي الذي لعبه الأكراد في محاربة التنظيمات الإرهابية لا سيما في الشمال الشرقي، وكذلك دورهم في إدارة هذه المناطق وتأمين متطلبات الحياة لحوالي مليوني ونصف مواطن سوري، وبفضلهم تبقى الأمور أفضل بكثير من الوضع الذي حل بالشمال الغربي لسوريا، وهو ما يجب وضعه في الحسبان أثناء بدء عملية الانتقال السياسي السلمي نحو نظام جديد في سوريا يشارك فيه جميع مكونات الشعب السوري، وليكن هناك دور مشارك للمكون الكردي في هذه العملية.
لذلك، وعودة لبداية المقال، فإن روسيا تشجع أي دور عربي للمساهمة في تقريب وجهات النظر وإنهاء الخلافات بين دول منطقة الشرق الأوسط، وترحب بالتقارب الإيراني السعودي وعودة العلاقات بين البلدين، وحال دعيت روسيا للحضور أو المشاركة لأي جهود في تطبيع العلاقات السورية التركية لا شك ستتجاوب، خاصة وأن تسوية العلاقات السورية التركية ستكون آثارها إيجابية للغاية لبدء الحوار الجدي بين النظام في دمشق والمعارضة السورية المذكورة في قرار مجلس الأمن رقم 2254.
ختاما، أود الإشارة إلى أن العامل الداخلي السوري هو الأهم في خروج سوريا من الوضع المأساوي الراهن، ويجب على جميع السوريين أن يستوعبوا أنه بدون المبادرة الذاتية لن يكون هناك أي مردود لجميع الجهود والمبادرات العربية، ولن تستطيع تلك المبادرات إخراج سوريا من واقعها وهو ما يتطلب من التنظيمات والشخصيات المعارضة المختلفة
وممثلي النظام في دمشق أرفع مستويات المسؤولية والتخلي عن الاتهامات المتبادلة وإلقاء المسؤولية على الطرف المقابل والتحلي بروح التسامح وقبول الآخر. ولا يمكن التوصل إلى مخرج من الحالة الراهنة إلا على أساس المصالحة الوطنية والعمل المشترك لإنعاش سوريا من جديد، ومن أهم متطلبات نجاح هذه العملية والجهود المبذولة في هذا الإطار عودة العلاقات الطبيعية بين سوريا وجارها الأكبر تركيا.
ما يثير الدهشة في هذا السياق ما شرع فيه بعض العلماء والشخصيات السورية وممثلي المجالس الإسلامية وغيرها بكيل الاتهامات والانتقادات لتركيا على سوء معاملتها للاجئين، متجاهلين الدور الكبير الذي قامت به تركيا في تأمين وضع معيشي لحوالي ثلاثة ونصف مليون لاجئ سوري، إضافة إلى الدور الهام الذي لعبته تركيا ضمن مجموعة دول أستانا للحفاظ على نظام التهدئة ووقف الاقتتال بين السوريين، ومتجاهلين أيضا أهمية استقرار الوضع السوري على المناطق القريبة من الحدود التركية، والذي يرتبط بشكل مباشر مع الأمن القومي لتركيا. ولم يكن لتركيا يوماً أي نوايا لاحتلال أي أراض سوريا، وهي دائما ما تؤكد أهمية احترام السيادة السورية ووحدة أراضيها .
مرتبطالمصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: فی سوریا سوریا من
إقرأ أيضاً:
الشرع يحرر سوريا مرتين
عندما قررت الميليشيات المدعومة من إيران، وعلى رأسها حزب الله، التدخل عسكريًا في سوريا تحت ذريعة الدفاع عن نظام بشار الأسد الآيل للسقوط في وجه الانتفاضة الشعبية، أدخلت سوريا في نفق مظلم من العقوبات الدولية، وفقدت بذلك جزءًا كبيرًا من سيادتها الوطنية. فتحت الأراضي السورية على مصراعيها أمام تنازع النفوذ بين الميليشيات الإيرانية المختلفة، التي سعت لترسيخ وجودها مقابل بقاء الأسد على رأس السلطة. في تلك اللحظات الحرجة، لم يكن الهدف المعلن من قبل حزب الله، وهو حماية المقامات الدينية المقدسة، سوى ستار يخفي الأهداف الحقيقية لإيران، والتي تمثلت في إخماد ثورة الشعب السوري، واحتلال أراضيه، وضم سوريا إلى قائمة العواصم التي بسطت فيها طهران نفوذها الإقليمي.
واليوم، وبعد مرور سنوات عصيبة شهدت دمارًا وخرابًا ومعاناة إنسانية لا توصف، ومع سقوط نظام الأسد تحت وطأة الضغوط الداخلية والخارجية، تبرز شخصية الرئيس السوري أحمد الشرع كلاعب محوري جديد في المشهد السوري. وبكل مصداقية، يمكن القول إن الشرع حرر سوريا مرتين: المرة الأولى كانت بتحريرها من قبضة بشار الأسد والنفوذ الإيراني وحزب الله، والمرة الثانية كانت بكسر حلقة العقوبات الخانقة التي كانت مفروضة على البلاد. دخوله إلى المملكة العربية السعودية كرجل دولة يحظى بالاحترام والتقدير، ومصافحته للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وشكره لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على جهوده الحثيثة من أجل رفع العقوبات عن سوريا، كلها مؤشرات قوية على التحولات الجذرية التي تشهدها سوريا.
وترى مصادر دبلوماسية عربية، لموقع “صوت بيروت إنترناشونال”، أن الدور الذي يلعبه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في إعادة سوريا إلى قلب المعادلة الإقليمية ليس بالأمر المستغرب. فقد بات الأمير الشاب قوة إقليمية صاعدة ونفوذه يتزايد في منطقة الشرق الأوسط. وقد استطاع، بحنكته الدبلوماسية، أن يحقق انتصارات على إيران دون الحاجة إلى استخدام السلاح أو الشعارات الرنانة التي لم تجلب سوى الخراب والدمار على المنطقة. فقد أثبت الأمير محمد بن سلمان أن الدبلوماسية الذكية، وبناء علاقات متينة مع القوى العظمى على أساس الثقة المتبادلة والاحترام المتبادل للمصالح، هي وحدها القادرة على إعادة إحياء الشرق الأوسط من جديد، وهو ما أكده الرئيس ترامب في تصريحاته الأخيرة حول الدور السعودي المحوري.
أما الرئيس أحمد الشرع، تقول المصادر، “فقد حقق انتصارًا مزدوجًا بتحرير سوريا من براثن الاستبداد والنفوذ الأجنبي، وكسر الحصار الاقتصادي الذي كان مفروضًا عليها. وبات اليوم في قلب المعادلة الإقليمية، يحظى بتقدير القادة العرب، ويتردد اسمه في عواصم القرار الدولي. إنه يعيد سوريا تدريجيًا إلى حضنها العربي الأصيل، ويضعها من جديد على الخارطة الدولية كدولة ذات سيادة ومستقبل واعد، إن التحديات لا تزال قائمة، ولكن الأمل بعودة سوريا إلى مكانتها الطبيعية في المنطقة يتزايد يومًا بعد ي وم