في قرية ألمانية هادئة.. تحتفل هذه البقعة الغريبة بكل ما هو بريطاني
تاريخ النشر: 7th, July 2024 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تُعتبر منطقة راينلاند بالاتينات نموذجًا ألمانيًا بتلالها، وغاباتها الكثيفة، ونهر الراين الذي يعبرها.
وكانت بون القريبة عاصمة ألمانيا الغربية بين عامي 1949 و1990، وقبل ذلك، تغلغلت الحركة الرومانسية في القلاع والمناظر الطبيعية المشجرة في المنطقة.
بالنسبة للكثيرين، هذه هي ألمانيا في أبهى حلّتها.
ورغم هذا، فإنّ جزءًا منها ليس ألمانياً، ففي قرية فيتيلشلوس الهادئة، التي تبعد نصف ساعة عن جنوب كولونيا، توجد قطعة أرض تنتمي بكل المقاييس إلى خصم ألمانيا القديم، أي إنجلترا.
وترحّب لافتة معلّقة بين منزلين بالوافدين، وكُتِب عليها: "مرحبًا بكم في بريطانيا الصغيرة".
يحرس المدخل تمثالان ضخمان لأسدين، وحراس رماة القنابل، ومجموعة من السيارات البريطانية الكلاسيكية.
إذا لم يكن هذا كافيًا، فهناك أيضًا تمثال بالحجم الطبيعي للملكة الراحلة إليزابيث وهي تجلس على مقعد بجوار الباب، بينما يقف الأمير ويليام مبتسمًا خلف مقعد.
مرحبًا بكم في فندق "Little Britain Inn"، وهو عبارة عن زاوية في ألمانيا ستبقى إنجليزية إلى الأبد.
عند دخولك إلى الحانة البريطانية التقليدية فيها، ستقع عيناك على صور لممثلي مسلسل "Peaky Blinders"، والدب "بادينغتون" بالحجم الطبيعي.
بعد عبور البوابة، ستصل إلى مطعم مزيّن بصور على طراز القرون الوسطى لروبن هود.
في الطابق العلوي ستجد غرف النوم التي يحمل كل منها طابعًا بريطانيًا، من جيمس بوند، إلى الملكة إليزابيث الثانية الراحلة المرسومة على الحائط.
في الخارج، في المساحة المفتوحة للعامة، يمكنك القيام بجولة سحرية غامضة لكل ما هو بريطاني.
وتوجد حافلتان بطابقين، وتماثيل بالحجم الطبيعي لشخصيات من السينما والتلفزيون، والأدب، من "مستر بين"، وجاك سبارو، إلى أليس في بلاد العجائب، و"شون ذا شيب".
تحتوي المقاعد على لوحات مهداة لأماكن من المملكة المتحدة. رجال شرطة بريطانيون بالحجم الطبيعي يقفون بجانب السجادة الحمراء الممدودة أمام الملكة. في الواقع، هناك تمثالان يجسّدان الملكة إليزابيث، في كل مبنى.
والأكواخ الخشبية، التي تستضيف سوق عيد الميلاد السنوي، ومناسبات خاصة أخرى، مغطاة بصور أكبر حجمًا من الواقع لأفراد من العائلة المالكة، من كيت ووليام، وميغان، وهاري، وتشارلز وكاميلا.
والجزء الأكبر من المعجبين بالفندق هم من الألمان.
وأصبحت هذه البقعة الصغيرة من الأرض في قرية فيتيلشلوس مكانًا يلتقي فيه الخصوم القدامى ويتذكرون السمات التي يحبونها لدى الآخر.
يبدو الأمر وكأنه قصة مؤثرة عن ثقافتين تلتقيان معًا، لكن الأمر لم يكن سهلاً.
وفي الواقع، السبب وراء وجود فندق "Little Britain Inn" هو وجود جدل عابر للثقافات.
مساحة لمواجهة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبيالنزل من بنات أفكار غاري بلاكبيرن، البريطاني الذي انتقل إلى ألمانيا عام 1985، عندما كان يبلغ من العمر 21 عامًا، وفي جيبه 27 دولارًا فقط، وحقيبة صغيرة من الملابس.
وحلم بلاكبيرن بقضاء بضعة أشهر في البلاد والعمل كخبير أشجار.
وبعد مرور قرابة أربعة عقود، لا يزال بلاكبيرن موجودًا هناك.
وسمحت له مهنته كخبير أشجار بالتنقل في أنحاء ألمانيا، كما أنّه قام بتربية 6 أطفال في البلاد، كما أنّه تزوج مرتين، وكانت الزيجة الأولى من امرأة ألمانية، وعلى مدى السنوات الـ22 الماضية، من مونيكا، وهي بولندية الأصل.
ورغم أسلوب حياته العالمي، كان بلاكبيرن يتوق دومًا إلى موطنه. ومن هنا جاءت مجموعة التذكارات ذات الطابع البريطاني التي بدأها في عام 2016 عندما اشترى كشك هاتف قديم في المملكة المتحدة.
وكان ذلك في أعقاب تصويت المملكة المتحدة لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي، وكان بلاكبيرن يشيد جزئيًا بجذوره، ولكنه أراد أيضًا القيام بواجبه لإعادة بناء العلاقات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وتابع: "لقد رأيت أن الأمور ستتغير، وكان الناس يسألونني عن رأيي بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. لذلك بدأت بجمع العناصر. كانت الفكرة تتمحور حول إنشاء مكان يستطيع فيه البريطانيون والألمان الحفاظ على استمرارية صداقتهم".
في البداية قام بلاكبيرن بتخزين كل شيء في منزله، على مشارف القرية. كان الألمان الذين يزورون منطقة الراين يأتون لالتقاط الصور والدردشة. لكن في عام 2018، واجه صعوبة صغيرة، إذ كانت آخر مشترياته عبارة عن دبابة، وقرر جيرانه الاعتراض على الأمر بأكمله، ووافقت السلطات المحلية معهم.
وعلّق بلاكبيرن بأن سوء التفاهم نتج عن اعتقادهم بأن الدبابة كانت بمثابة إعلان حرب لكنها لم تكن كذلك، وشرح: "إنّه نصب تذكاري للحرية والسلام، ويجب ألا ينسى الناس مدى فظاعة الحروب".
حراك عابر للثقافاتبالنسبة لبلاكبيرن، فإن "Little Britain Inn" ليس فندقًا، بل حالة ذهنية، ويشاركهم الألمان فيها.
وقال بلاكبيرن: "الألمان يحترمون العائلة المالكة، ويشعرون بأنهم أقرب إلى المملكة المتحدة من أي مكان آخر في الاتحاد الأوروبي".
ويأمل بلاكبيرن بالتقاعد مجددًا في المملكة المتحدة يومًا ما. فهو، بعد كل شيء، من محبي العائلة المالكة.
ومع أنّ مونيكا لا تشاركه الرأي بالمستوى ذاته، إلا أنّها أكّدت: "أعتقد أن إنجلترا بدون الملوك والملكات لن تكون هي نفسها".
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: المملكة المتحدة الأمير ويليام الملك تشارلز الثالث الملكة إليزابيث فنادق الاتحاد الأوروبی المملکة المتحدة العائلة المالکة
إقرأ أيضاً:
دراسة: هكذا سهّلت الهياكل الكنسية الاعتداءات الجنسية في أبرشية ألمانية
أشارت نتائج دراسة جديدة إلى أن البنى الهيكلية الكنسية سهلت ارتكاب حدوث الاعتداءات الجنسية داخل الأبرشية الكاثوليكية في مدينة شباير جنوب غرب ألمانيا.
وقالت جامعة مانهايم -في إشارة إلى تحليل أجرته المؤرخة سيلفيا شراوت- إن "أسباب ذلك تمثلت في غياب الرقابة على أعضاء الرهبانيات، وعدم وضوح المسؤوليات، إضافة إلى رؤية ذات طابع سلطوي للوظيفة الكنسية وللإنسان".
وحسب الوضع الحالي، تفترض الأبرشية -الواقعة في راينلاند بفالتس- أن هناك 109 من رجال الدين و41 شخصا من غير الكهنة (مثل موظفين في دور الرعاية) متهمون بارتكاب جرائم اعتداء جنسي.
وقد عرضت شراوت نتائج دراستها حول حالات الاعتداء الجنسي التي وقعت في الأبرشية منذ عام 1946، وذلك بعد عامين من البحث.
وأطلقت اللجنة المستقلة لتقصي حالات الاعتداء الجنسي في أبرشية شباير هذه الدراسة في أبريل/نيسان 2023، وتم تحديد إطار زمني يبلغ 4 أعوام لهذه الدراسة التي تتكفل الأبرشية بتمويلها. ويركز الجزء الأول من المشروع البحثي بشكل خاص على الإجابة على السؤال: كيف أتاحت البنى الهيكلية الكنسية وقوع مثل هذا النوع من الاعتداءات؟
وأشارت الدراسة -من بين أمور أخرى- إلى أن العديد من المتهمين كانوا أشخاصا لديهم تجارب في الحروب ويتسمون بعقلية سلطوية.
إعلانونوهت الدراسة إلى أن الأمر اللافت للنظر في مسألة الاعتداءات الجنسية يتمثل بالدرجة الأولى في الأجيال التي تولت المناصب الكنسية في فترات شهدت تغييرات اجتماعية كبيرة. وأشار معدو الدراسة إلى أن ثلثي رجال الدين المتهمين، ولدوا قبل عام 1920، وقد وقعت نحو نصف الجرائم في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، بينما لم يتم الكشف عن نحو نصف هذه الحالات إلا بعد عام 2000.
وشددت المؤرخة شراوت: "كما يرجح أن تكون الأخلاق الجنسية المتشددة للكنيسة الكاثوليكية مسؤولة جزئيا عن التستر على حالات الاعتداء ومنع جهود الوقاية على مدار سنوات طويلة".
وكانت أبرشية شباير أقرت خلال السنوات الماضية بوقوع عدد كبير من حالات الاعتداء الجنسي داخل أروقتها. ووفقا لها، تم حتى الآن دفع نحو 3.6 ملايين يورو -تشمل تكاليف العلاج- إلى 96 ضحية.
وتشمل الأبرشية منطقتي بفالتس وحي زار- بفالتس، ويبلغ عدد سكانهما نحو 1.57 مليون نسمة، من بينهم 437 ألف كاثوليكي. ومن المقرر أن تدلي الأبرشية برأيها حول الدراسة في فعالية خاصة تعقد غدا الجمعة في مدينة شباير.
وفي سبتمبر/أيلول 2018، قدمت الكنيسة الكاثوليكية في ألمانيا رسميا اعتذارها بعد الكشف عن تجاوزات جنسية شملت 3677 قاصرا طوال عقود بين عامي 1946 و2014، معظمهم من الصبيان الذين تقل أعمارهم عن 13 عاما، وكانوا ضحايا لـ1670 من القيادات المسؤولة عن الكنائس.
وواجهت ألمانيا عددا كبيرا من القضايا، يتعلق أخطرها بجوقة التراتيل في مدينة راتيسبون، حيث يفيد تقرير صادر في يوليو/تموز 2017 أن 547 طفلا على الأقل تعرضوا لاعتداءات جسدية وتجاوزات جنسية وصل بعضها إلى حد الاغتصاب بين عامي 1945 و1992.