لماذا يشعر حلفاء الناتو بالقلق بشأن رئاسة ترامب الثانية؟
تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT
نشر موقع "بلومبيرغ" الأمريكي تقريرًا سلط الضوء على مخاوف حلفاء حلف شمال الأطلسي من فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، بعد انضمام كل من السويد وفنلندا له عقب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه من المرجح أن تتأثر المناقشات بين قادة دول حلف الناتو في قمتهم في واشنطن في الفترة من 9 إلى 11 تموز/ يوليو بما هو على المحك بالنسبة للحلف في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في تشرين الثاني/نوفمبر.
وكان دونالد ترامب، المرشح الجمهوري، قد أثار مخاوف بشأن التزامه بحلف الناتو عندما كان رئيسًا من 2017 إلى 2021. وفي الآونة الأخيرة، أشار إلى أنه لن يحترم المادة الخامسة من المعاهدة التأسيسية لحلف الناتو، وهي التزام الأعضاء بمساعدة بعضهم البعض.
ما الهدف من الناتو؟
أوضح الموقع أن الناتو تأسس في سنة 1949 لحماية أوروبا من هجوم الاتحاد السوفييتي، وأصبح يمثل شراكة أساسية بين أمريكا الشمالية وأوروبا على أساس القيم السياسية والاقتصادية المشتركة. كان هناك 12 عضوًا أصليًا، وازدادت العضوية إلى 32 دولة عندما انضمت السويد وفنلندا بعد الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في سنة 2022.
ما هي المادة الخامسة؟
أشار الموقع إلى أن المادة الخامسة تعنى التعهد بالدفاع الجماعي الذي "يربط أعضاء الحلف معًا، ويلزمهم بحماية بعضهم البعض ويعزز روح التضامن بينهم". وهو ينص على أن الهجوم على أحد الأعضاء يعتبر هجوماً على الجميع، ويعزز هذا التعهد مصداقية استراتيجية الردع التي تتبعها المنظمة من خلال زيادة المخاطر التي يتعرض لها أي معتدٍ محتمل.
وقد تم تفعيل هذه المادة مرة واحدة فقط، بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 على مركز التجارة العالمي والبنتاغون. وقد استخدم التحالف طائرات نظام الإنذار والسيطرة المحمولة جواً للمساعدة في مراقبة الأجواء فوق الولايات المتحدة. وأعقب ذلك مراقبة السفن في البحر الأبيض المتوسط، والمشاركة في الحرب في أفغانستان وتدريب الجنود العراقيين.
لماذا يشكل ترشيح ترامب مصدر قلق لحلف الناتو؟
خلال حملته الانتخابية في سنة 2016، أثار ترامب قلق حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا بإشارته إلى أن التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن الدول الحليفة في الناتو يجب أن يعتمد على ما إذا كان إنفاقها العسكري مرتفعاً بما فيه الكفاية. وتتمثل مشكلة ترامب في أن الولايات المتحدة تتحمل عبئاً غير متناسب في الدفاع الجماعي للناتو بإنفاق 3.38 بالمائة من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، في حين أن المتوسط بين أعضاء الناتو الآخرين هو 2.02 بالمائة، وفقاً لأرقام الحلف.
وقد خاب أمل الدول الأوروبية التي كانت تسعى إلى تأكيد الولايات المتحدة التزامها تجاه حلف الناتو خلال رئاسة ترامب في قمة بروكسل في تموز/مايو 2017 إذ رفض تقديم تأييد صريح لبند الدفاع الجماعي للحلف، وبعد أسبوعين، قال ترامب في مؤتمر صحفي في واشنطن إنه ملتزم "بشكل مطلق" بهذا البند.
وفي حملته الانتخابية لسنة 2024، اشتكى ترامب مرة أخرى من أن بعض أعضاء الناتو لم يصلوا إلى المبدأ التوجيهي الرسمي المتمثل في إنفاق ما لا يقل عن 2 بالمائة من إجمالي ناتجهم المحلي على الدفاع بحلول هذه السنة. وفي 10 شباط/فبراير، قال ترامب إنه إذا أصبح رئيسًا مرة أخرى، فإنه سيشجع روسيا على فعل "ما يحلو لها" للأعضاء الذين لم يستوفوا المبدأ التوجيهي. وقال في مقابلة في الشهر التالي إنه سيدافع عن حلفاء الناتو الذين أوفوا بالتزاماتهم في الإنفاق الدفاعي، ووصف موقفه بأنه شكل من أشكال التفاوض.
من هم أعضاء الناتو الذين لا يوفون بالمبادئ التوجيهية للإنفاق؟
وفقًا للبيانات الصادرة عن الناتو في حزيران/يونيو فإن الدول الثماني التي لا تفي بالهدف هي بلجيكا وكندا وكرواتيا وإيطاليا ولوكسمبورغ والبرتغال وسلوفينيا وإسبانيا، وأيسلندا عضو في حلف الناتو ولكنها غير مدرجة في حسابات الإنفاق الدفاعي للحلف بسبب افتقارها إلى جيش دائم. وبذلك يكون 23 من أصل 32 عضوًا قد استوفوا الحد الأدنى، بعد أن كانوا تسعة من أصل 30 عضوًا قبل الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقد التزم قادة الناتو بالوصول إلى هدف الإنفاق في قمة سنة 2014 في أعقاب ضم روسيا غير القانوني لشبه جزيرة القرم الأوكرانية، في ذلك الوقت، كان ثلاثة أعضاء فقط يستثمرون 2 بالمائة على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي في الدفاع.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية ترامب الانتخابات الناتو امريكا الناتو الانتخابات الرئاسة ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة حلف الناتو ترامب فی
إقرأ أيضاً:
وفد سوري في موسكو.. لماذا؟
منذ سقوط نظام الأسد وسعي السلطة الجديدة في دمشق، ممثلة بالرئيس أحمد الشرع، الارتماء في الحضن الأمريكي ـ الأوروبي ـ الخليجي، لم يُخالج كاتب هذه السطور الشك يوما في أن هذا المسار لن يكون كافيا لسورية.
الأيديولوجيا والموقع الجغرافي
بحكم موقعها في الجغرافيا السياسية، وطبيعة تكوينها السياسي والأيديولوجي، وبتاريخها الحديث الممتلئ بالنزعة القومية، وفي القلب منها قضية فلسطين، أدركت الولايات المتحدة أن سورية لن تكون يوما جزءا من الفلك الأمريكي داخل المنظومة العربية المعتدلة.
فالقضية الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي للجولان، لا يسمحان لسورية ـ بغض النظر عن الشخوص الحاكمة ـ أن تكون دولة معتدلة تجاه إسرائيل على غرار مصر والأردن، وبعض دول الخليج.
بعيد سقوط نظام الأسد، بدأت السلطة الجديدة توجه رسائل عديدة للعواصم الغربية، خصوصا واشنطن، بدعم خليجي ـ تركي للحكم الجديد في سورية، بغية رفع العقوبات الاقتصادية عنها كخطوة ضرورة لتعافي البلد وإعادة بناءه، ولوضع حد للتدخلات العسكرية الإسرائيلية.ولذلك، لم تعمل الولايات المتحدة طوال العقود الماضية إلى دفع سورية نحوها، وأقصى ما حاولت القيام به هو تقديم صفقة لسورية بداية ثمانينيات القرن الماضي مشابهة لاتفاقية كامب ديفيد، شرط أن تتخلى سورية عن دعم الفلسطينيين مقابل الحصول على الجولان.
ومع فشل هذه السياسة، اكتفت واشنطن بإبقاء العلاقات مع دمشق في حدود الإمكان السياسي، دون أن تصل العلاقات بينهما إلى نقطة الصفر السياسي، بحكم موقع سورية وتأثيرها في الجوار الجغرافي لها، وهو ما حاول الأسد أيضا الحفاظ عليه، لإدراكه أن خيوط التواصل لا بد أن تبقى مفتوحة مع واشنطن، ولو كانت في الحدود الدنيا.
شكل الاتحاد السوفييتي سابقا، ثم روسيا لاحقا، فضاءً استراتيجياً وقطباً كبيراً حمى سورية وأمدها بحاجاتها العسكرية، وبفعل التقارب السياسي والاقتصادي والعسكري، أصبحت سورية جزءا رئيسا ضمن المصالح السوفيتية والروسية العليا في الشرق الأوسط.
المصالح الاستراتيجية الكبرى
بعيد سقوط نظام الأسد، بدأت السلطة الجديدة توجه رسائل عديدة للعواصم الغربية، خصوصا واشنطن، بدعم خليجي ـ تركي للحكم الجديد في سورية، بغية رفع العقوبات الاقتصادية عنها كخطوة ضرورة لتعافي البلد وإعادة بناءه، ولوضع حد للتدخلات العسكرية الإسرائيلية.
لكن السلطة السورية المؤقتة، بدأت تُدرك منذ أشهر قليلة، وخصوصا منذ لقاء ترامب بالشرع في الرياض في مايو الماضي، أن تحقيق المطالب السورية مرتبط بتحقيق المصالح الإسرائيلية، أي انضمام سورية للاتفاقات "الإبراهيمية" وتحقيق السلام مع إسرائيل، مع ترك مصير الجولان معلقا للتفاهمات الجانبية لاحقا.
وإذ كانت سلطة الشرع وما زالت تؤكد على رغبتها في السلام مع إسرائيل، إلا أنها أكدت أيضا أن ذلك لن يحصل إلا بتفاهم كامل حول مصير الجولان، قبيل توقيع أي اتفاق.
ثم جاءت أحداث يوليو الماضي، حين تدخلت إسرائيل عسكريا وقصفت أرتالا لقوات الحكومة السورية في السويداء، ثم قصفت مبنيي وزارة لدفاع والأركان في دمشق ـ وهي أحداث جاءت عقب اجتماع باكو بين وفد سوري وإسرائيلي بحضور أمريكي ـ لتزيد من القلق الاستراتيجي لدمشق، حيث بدا واضحا التراخي الأمريكي.
أدرك الشرع أن ثمن التصالح مع الغرب ورفع العقوبات سيكون كبيرا، قد لا تتحمله أي سلطة في سورية، فمصير الجولان مسألة وجودية بالنسبة للسوريين، لا يُمكن تحمل تبعات التساهل بمصيره.
لا يقتصر الأمر على الجولان فحسب، بل يبدو أن الولايات المتحدة تتماشى مع استراتيجية إسرائيل في التدخل العسكري داخل سورية، وإذا كان ثمة تباين بين إسرائيل والولايات المتحدة فيكمن في أن إدارة ترامب لا تريد تفتيت السيادة السورية وإنشاء دويلات جديدة، بخلاف إسرائيل.
ضمن هذه التطورات، لم تكن مصادفة أن تأتي زيارة وفد رسمي سوري إلى موسكو في هذا التوقيت.
ماذا يوجد في موسكو؟
ليست زيارة وفد رسمي سوري برئاسة وزير الخارجية أسعد الشيباني إلى روسيا مجرد زيارة عادية لبلد عادي، فالزيارة تحمل أبعادا استراتيجية مهمة، وتشير إلى أن مستقبل سورية لن يكون بمعزل عن علاقات قوية مع روسيا، كعامل توازن مع الغرب.
ثمة قضايا كثيرة عالقة، مثل القواعد العسكرية الروسية في سورية، ومصير الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية الموقعة مع روسيا زمن نظام الأسد، ومصير الأسد وأخوه وبعض الشخصيات الرئيسية أثناء حكم النظام السابق.
ليست زيارة وفد رسمي سوري برئاسة وزير الخارجية أسعد الشيباني إلى روسيا مجرد زيارة عادية لبلد عادي، فالزيارة تحمل أبعادا استراتيجية مهمة، وتشير إلى أن مستقبل سورية لن يكون بمعزل عن علاقات قوية مع روسيا، كعامل توازن مع الغرب.غير أن طبيعة الوفد السوري ـ المكون من الأمين العام لرئاسة الجمهورية ماهر الشرع، ووزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة، ورئيس الاستخبارات السوري حسين السلامة، ومستشار وزير الخارجية السوري إبراهيم العلبي ـ تشير إلى أن دمشق تسعى إلى إعادة ترتيب العلاقة الاستراتيجية مع روسيا.
يمكن لروسيا أن تلعب أدوارا هامة في سورية في هذه المرحلة، مثل تقريب وجهات النظر بين دمشق و"قسد"، ومنع إيران من عرقلة الوضع في سورية والتدخل فيه، لكن هذه الأمور تبقى مسائل جانبية لا تحتاج إلى زيارة مثل هذا الوفد السوري.
وفي هذا الإطار، لا يمكن القول إن زيارة لوفد الروسي إلى روسيا تأتي ضمن سياسة دمشق الانفتاح على كل العواصم كما ذهب البعض إلى ذلك، فهذا في رأيي تبسيط للحدث.
سورية اليوم تحتاج إلى روسيا، أكثر من حاجة روسيا إلى سورية، لأن موسكو هي الجهة الوحيدة القادرة سريعا على تزويد سورية بالسلاح، فضلا عن أن الأخيرة لم تختبر في تاريخها سوى السلاح الروسي.
ويمكن القول إن البعد العسكري في الزيارة هو الأكثر أهمية مقارنة بالأبعاد الاقتصادية والسياسية الأخرى.
إن رغبة روسيا الشديدة في طي صفحة الماضي، والانفتاح على سورية الجديدة، مع دعم خليجي وتركي وأردني وأوروبي، من شأنه أن يسمح لدمشق بإعادة شيئا من التوازن الاستراتيجي في منطقة أصبحت ضعيفة جدا أمام إسرائيل والولايات المتحدة، ويسمح لحكام سورية اللعب بين خيارات إقليمية ودولية عدة، دون غلبة طرف على طرف، فيبقى الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة بوابة سورية على الاقتصاد، فيما تبقى روسيا بوابتها على التسلح، ليبقى الشأن السياسي مفتوحا على الجميع.