من الفن إلى السياسية.. أهم المحطات في حياة المطربة فايدة كامل
تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT
فايدة كامل.. احتفل برنامج «صباح الخير يا مصر»، بذكرى ميلاد المطربة فايدة كامل، التي تركت لنا إرثًا فنيًا كبيرًا، يتميز بالتنوع والأصالة.
ذكرى ميلاد المطربة فايدة كاملعرض برنامج «صباح الخير يا مصر»، المذاع على القناة الأولى والفضائية المصرية، من تقديم الإعلاميين محمد عبده وبسنت الحسيني، تقريرا تلفزيونيا بعنوان «من الفن إلى الحياة السياسية.
تحل اليوم 12 يوليو ذكرى ميلاد المطربة فايدة كامل التي تعتبر واحدة من أهم المطربات وتركت تاريخا حافلا بالأعمال الغنائية الهامة في مسيرة تنوعت بين الأغاني الرومانسية والوطنية والدينية الهامة.
أبرز المحطات الفنية في مسيرة حياة فايدة كاملوُلدت فايدة كامل عام 1932 والتحقت بمعهد الموسيقى العربية وهي في الحادية عشرة من عمرها، كما التحقت أيضا بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وفي أثناء مسيرتها الفنية التحقت بكلية الحقوق وحصلت على شهادة الليسانس.
وحتى الآن، يوجد في حي البساتين بمحافظة القاهرة منطقة شعبية أطلق عليها اسم المطربة فايدة كامل.
ومن أبرز أغانيها الوطنية عاد السلام يا نيل، ودع سمائي فسمائي محرقة التي تزامنت مع العدوان الثلاثي، بالإضافة أغاني شبر واحد، ووطني الأكبر، إذ كان لها دور مهم في الأوبريت الذي شمل أبرز نجوم الوطن العربي في ملحمة غنائية.
لم تدم مسيرتها السينمائية طويلا رغم دخولها عالم السينما مبكرا عام 1948 مع فيلم سكة السلامة، إذ استمرت حتى عام 1957 فقط الذي شهد آخر أفلامها أرض السلام.
وتعد فايدة كامل أول فنانة مصرية تدخل البرلمان، فقد برز دورها السياسي من خلال مجلس النواب التي دافعت فيه عن حقوق المرأة، رافعة شعار المرأة نصف المجتمع، كما دخلت موسوعة جينيس للأرقام القياسية بصفتها أكثر نائبة تستمر بالمجلس لمدة تتجاوز 30 عاما.
اقرأ أيضاًذكرى ميلاد «المعلم حلاوة العنتبلي».. محطات في حياة الفنان صلاح نظمي
المزاجنجي.. اليوم ذكرى ميلاد الساحر محمود عبد العزيز
«عيدك في الجنة».. كريم محمود عبد العزيز يحيي ذكرى ميلاد والده (صور)
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: ذكرى ميلاد قناة الاولى فايدة كامل ذکرى میلاد
إقرأ أيضاً:
غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء
بقلم : سمير السعد ..
في عالمٍ تُثقله الحروب وتغرقه الفواجع، تبرز قصيدة “تهويدة لا تُنيم” للشاعر العراقي غسان حسن محمد كصرخة شعرية تحمل وجع الوطن، وتجسِّد الإنسان العراقي في زمنٍ لم يعد فيه للتهويدات مكان، ولا للطفولة حضنٌ آمن. غسان، ابن العمارة ودجلة والقصب، هو شاعر يكتب بقلبه قبل قلمه، ويغزل قصائده من نسيج الوجع العراقي بأدقّ خيوط الإحساس وأصفى نبرة صدق.
يفتتح الشاعر قصيدته بمشهد يختزل حجم الانهيار الداخلي في صورة جسدية/معمارية رمزية:
“من ربّت على ظهرِ الجسر..،
حتى انفصمت عُراه.”
ليتحوّل الجسر، رمز العبور والحياة، إلى معبر نحو الفقد والانفصال، ولتمتدّ صورة اليُتم على النهر كلحن لا يُفضي إلى الوصول:
“ليمتدَّ اليتمُ على كامل النهرِ،
يعزفُ لحنَ اللاوصول؟!”
هنا لا يتحدث الشاعر عن اليتيم بمعناه الفردي، بل يُحوّله إلى حالة جماعية تسري في جسد المكان، حالة بلد بأكمله يُرَبّى على غياب الآباء، وانقطاع الحكايات.
تدخل الحرب بوصفها شخصية غاشمة، لا تنتظر حتى تهدأ التهويدة، بل تُباغت الزمن وتفتك بالطمأنينة:
“الحرب..،
الحرب..،
(لعلعةٌ..):
كانت أسرعَ من تهويدة الأمِّ لوليدها”
هكذا يضع الشاعر التهويدة، رمز الحنان والرعاية، في مواجهة مباشرة مع صوت الحرب، لنعرف أن النتيجة ستكون فاجعةً لا محالة. ولا عجب حين نسمع عن الوليد الذي لم تمنحه الحياة حتى فرصة البكاء:
“الوليدُ الذي لم يفتر ثغرهُ
عن ابتسام..”
فهو لم يعرف الفجيعة بعد، ولم يلعب، ولم يسمع من أبيه سوى حكاية ناقصة، تُكملها المأساة:
“لم يَعُد أباه باللُعبِ..,
لم يُكمل حكايات وطنٍ..،
على خشبتهِ تزدهرُ المأساة لا غير.!”
في هذا البيت تحديدًا، يكشف غسان عن قدرة شعرية مدهشة على تحويل النعش إلى خشبة مسرح، حيث لا تزدهر إلا المأساة، في تورية درامية تفتك بالقلب.
ثم يأتي المشهد الفاصل، المشهد الذي يُكثّف حضور الغياب:
“عادَ الأبُّ بنعشٍ.. يكّفنهُ (زهرٌ)
لم يكُن على موعدٍ مع الفناء.!”
فالموت لم يكن مُنتظرًا، بل طارئًا، كما هي الحرب دومًا. لقد كان الأب يحلم بزقزقة العصافير، وسنابل تتراقص على وقع الحب:
“كان يمني النفسَ
بأفقٕ من زقزقات.،
وسنابلَ تتهادى على وقع
أغنية حبٍّ..
تعزفها قلوبٌ ولهى!”
بهذا المشهد، يقرّب الشاعر المأساة من القلب، يجعل القارئ يرى الأب لا كمقاتل، بل كعاشق كان يحلم بأغنية، لا بزئير دبابة. حلمُ الأب كُسر، أو بالأدق: أُجهض، على خيط لم يكن فاصلاً، ولا أبيض، بين الليل والنهار:
“حُلم أُجهض على الخيط
الذي لم يكن فاصلاً..،
ولا ابيضَ..
بين ليلٍ ونهار”
لا زمن في الحرب، لا بداية ولا نهاية، ولا فاصل بين حلمٍ وحطام. فالحرب تعيش في الفراغ، وتُشبع نهمها من أجساد الأبناء دون أن ترمش:
“ذلك أن لا مواقيت لحربٍ..
تُشبعُ نهمَ المدافع بالأبناء..”
وفي النهاية، تأتي القفلة العظيمة، القفلة التي تحوّل الحرب من آلة صمّاء إلى كائنٍ لو امتلك عيناً، لبكى، ولابتسم الطفل:
“فلو كانَ للحربِ عينٌ تدمع.،
لأبتسم الوليد!”
ما أوجع هذا البيت! إنه انقلابٌ شعريّ كامل يجعل من التهويدة التي لم تُنِم أيقونةً لفجيعة كاملة، وابتسامة الوليد غاية ما يتمنّاه الشاعر، وكأنّها وحدها قادرة على إنهاء الحرب.
غسان حسن محمد الساعدي ، المولود في بغداد عام 1974، والحاصل على بكالوريوس في اللغة الإنجليزية، هو عضو فاعل في اتحاد الأدباء والكتاب في العراق. صدرت له عدة مجموعات شعرية ونقدية منها “بصمة السماء”، و”باي صيف ستلمين المطر”، و”أسفار الوجد”، إضافة إلى كتابه النقدي “الإنصات إلى الجمال”. شاعرٌ واسع الحضور، يكتب بروح مغموسة بجماليات المكان وروح الجنوب العراقي، وينتمي بصدق إلى أرضه وناسها وتاريخها الأدبي والثقافي.
شاعر شفاف، حسن المعشر، لطيف في حضوره، عميق في إحساسه، يدخل القصيدة كمن يدخل الصلاة، ويخرج منها كما يخرج الطفل من حضن أمه، بكاءً وشوقًا وحلمًا. هو ابن العمارة، وابن دجلة، وابن النخيل والبردي، يدخل القلوب دون استئذان، ويترك فيها جُرحاً نديًّا لا يُنسى.
في “تهويدة لا تُنيم”، لا يكتب الساعدي الشعر، بل يعيش فيه. يكتب لا ليواسي، بل ليوقظ. لا ليبكي، بل ليُفكّر. قصيدته هذه، كما حياته الشعرية، تُعلن أن الشعر ما يزال قادراً على فضح الحرب، وردّ الضمير إلى مكانه، لعلّ الوليد يبتسم أخيرًا.