إسبانيا تهدد العالم بعد القبض على أوروبا!
تاريخ النشر: 15th, July 2024 GMT
برلين (أ ف ب)
كان من المفترض أن تشكل كأس أوروبا 2024، مرحلة مرور لإسبانيا، في طريق إعادة البناء، بعدما غابت عن التتويج منذ 12 عاماً، لكن المدرب لويس دي لا فوينتي نجح بتشكيلة جسد روحية التجديد فيها لامين يامال ونيكو وليامز، من غزو «القارة العجوز»، ومنح البلاد لقبها الرابع القياسي، بالفوز في النهائي على إنجلترا 2-1.
عندما اعتقد كثر أن إسبانيا التي سيطرت على الساحتين القارية والعالمية بين 2008 و2012، باتت من الماضي، جاء الجيل الجديد ليعيد البريق والجمالية إلى «لا روخا»، لكن بمزيد من اللعب المباشر والمواهب الشابة.
هيمنت إسبانيا على عالم الكرة المستديرة بين عامي 2008 و2012، فأحرزت لقب كأس أوروبا مرّتين 2008 في النمسا وسويسرا و2012 في بولندا وأوكرانيا ومونديال جنوب أفريقيا 2010.
لكن الكرة الإسبانية واجهت منذ حينها أزمة ثقة، وغابت عن منصات التتويج خلال 11 عاماً، قبل أن تتصالح مجدّداً مع الانتصارات بفوز المنتخب بلقب دوري الأمم الأوروبية العام الماضي.
ويبدو أنها تعلّمت من دروس الأعوام الأخيرة، وفق ما أظهرت منذ مباراتها الأولى في نهائيات ألمانيا 2024، وحتى إحرازها اللقب الأحد في برلين.
لكن هذه الدروس التي تعلّمها المنتخب لا تعني أنه تخلى كلياً عن أسلوب اللعب المعروف بـ«تيكي تاكا» والمستوحى من برشلونة أيام المدرب الهولندي الراحل يوهان كرويف ومن بعده بيب جوارديولا، بل قام بتحديثه.
وبعد الفوز في الجولة الثانية من دور المجموعات على إيطاليا 1-0 في مباراة لا تعكس نتيجتها بتاتاً المجريات والفرص التي سنحت لرجال دي لا فوينتي، كتبت صحيفة «ماركا» الإسبانية «وداعاً لمباريات الألف تمريرة (في إشارة إلى ارتكاز تيكي تاكا على التمرير القصير)، وأهلاً وسهلاً بكرة القدم المذهلة للامين (يامال) ونيكو (وليامز) والضغط الذي يحاصر الخصوم».
وتابعت «إذا كان علينا في يوم من الأيام، كما حدث ضد كرواتيا (3-0 في المباراة الأولى)، أن نمتلك الكرة بشكل أقل من الخصم، فهذا لا يهم، الفكرة واضحة: خطف الكرة والخروج بسرعة بشكل عمودي»، أي مباشرة نحو المرمى، عوضاً عن الإمعان في التمريرات القصيرة.
وبعدها «جودة لاعبينا تتكفل بالباقي» بحسب ما أفاد المدرب دي لا فوينتي، مهندس النهضة الإسبانية وأسلوب اللعب الجديد لمنتخب «لا روخا».
بقيادة المدافع السابق لأتلتيك بلباو الذي كان مجهولاً لدى عامة الناس، بعدما قضى سنوات عدّة على رأس فرق الشباب، وجد «لا روخا» لوناً وفضيلة أساسية: التكيّف مع الخصم ونوعية لاعبيه.
استلم دي لا فوينتي، الملقب بـ «لويس الهادئ» خلافاً لسلفه البركاني المزاج لويس إنريكي، منتخباً في حالة يرثى لها أوصلته، لدرجة الخسارة في دور المجموعات لمونديال قطر أمام اليابان 1-2، قبل الخروج من ثمن النهائي على يد المغرب بركلات الترجيح بعد مباراة كاريكاتورية استحوذ خلالها على الكرة بنسبة 77 بالمئة، لكن بتسديدة واحدة على المرمى.
لكن تحت إشرافه، أعاد المنتخب اكتشاف نفسه مع اعتماد مقاربة دمج العناصر الجديدة تدريجياً مما أعطى وجهاً آخر للفريق، وجعله أحد المرشحين للقب القاري، وذلك بقيادة اليافعين يامال (احتفل السبت بعيد ميلاده السابع عشر) ونيكو وليامز (احتفل الجمعة بعيد ميلاده الثاني والعشرين).
ومن دون أي عقد وحسابات، دخل الجناحان السريعان في الأجواء، ومنحا المنتخب مزيداً من العمق والديناميكية، لدرجة أنهما فرضا نفسيهما المحور الذي ارتكز عليه رفاقهما باستمرار من أجل إحداث الفارق.
تسبّب جناحا برشلونة وبلباو بالدوار للمدافعين خلال هذه النهائيات التي كان فيها المنتخب الإسباني النقطة المضيئة الوحيدة بين الكبار على صعيد الأداء والإمتاع.
كانت إسبانيا في مستوى مختلف تماماً عن المنتخبات الكبرى الأخرى في هذه النهائيات رغم قرعة صعبة شهدت فوزها على كرواتيا التي بلغت الدور قبل النهائي لكأس العالم 2022، وإيطاليا حاملة اللقب، وألمانيا المضيفة، وفرنسا وصيفة بطلة العالم التي كانت من أبرز المنتخبات المرشحة للقب، وصولاً إلى تخطي «الأسود الثلاثة» في نهائي برلين الذي جعل من جمال أصغر لاعب يتوج باللقب.
في المجموعة الأصعب، تألق رجال دي لا فوينتي منذ البداية، وسجلوا ثلاثة أهداف في الشوط الأول في الفوز 3-0 على كرواتيا، ولم ينصف الفوز 1-0 على إيطاليا حجم الهيمنة الإسبانية في جيلزنكيرشن، قبل أن يختتموا دور المجموعات بالفوز 1-0 على ألبانيا على الرغم من إجراء 10 تغييرات.
وحتى الهدف المبكر الذي سجله منتخب جورجيا في مرماهم ليتقدم عليهم في ثمن النهائي، لم يعرقل تقدمهم حيث عادوا وحققوا فوزاً ساحقاً بنتيجة 4-1.
أنهت إسبانيا أحلام ألمانيا في شتوتجارت بهدف دراماتيكي متأخر، عندما حسمت رأسية ميكل ميرينو المواجهة 2-1، قبل دقيقة على نهاية الشوط الإضافي الثاني، ليخرج «لا روخا» منتصراً من إحدى أقوى المباريات في النهائيات حتى الآن.
وأشعل هدف يامال المذهل الذي جعله أصغر هداف على الإطلاق في تاريخ النهائيات، الفوز على فرنسا 2-1 في نصف النهائي.
وأقر مدرب إنجلترا جاريث ساوثغيت لدى حديثه عن إسبانيا «أنهم كانوا الفريق الأفضل، سيتعين علينا أولاً عدم السماح لهم بالحصول على الكرة».
لكن ساوثجيت ورجاله عجزوا الأحد عن إيقاف ماكينة «لا روخا» الذي بات أكثر المنتخبات فوزاً باللقب القاري، متفوقاً بفارق لقب عن ألمانيا، مع طموح وقدرات على غزو العالم هذه المرة، حين يخوض مونديال 2026، باحثاً عن تكرار سيناريو 2010 حين أضاف اللقب العالمي إلى القاري.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: كأس أمم أوروبا يورو 2024 إسبانيا إنجلترا
إقرأ أيضاً:
بالذكرى الـ77 للنكبة.. احتجاجات في إسبانيا ضد الحكومة بسبب إسرائيل
مدريد- "فلسطين محور الواجبات الأخلاقية والقانونية التي يجب على الجامعات الإسبانية الاضطلاع بها" جملة تختصر جوهر عريضة وقّع عليها أكثر من 2700 طالب وأكاديمي وأستاذ جامعي في إسبانيا، تزامنا مع الذكرى الـ77 لنكبة فلسطين، التي يسعون لاستثمارها لمزيد من الضغط على الحكومة الإسبانية، التي طالبوها بقطع العلاقات مع إسرائيل بكل أشكالها.
وأكد الموقعون أنه "لا يُمكن تحقيق التضامن ولا التقدم البيئي والاجتماعي ولا أهداف التنمية المستدامة ولا أي من القيم التي تدّعي جامعاتنا تمثيلها والدفاع عنها في أنظمتها الأساسية طالما استمر صمتها الفاضح على الإبادة الجماعية، وتعاملها المُعتاد مع إسرائيل، ومحاولات إسكات الإبادة الجماعية الممولة من المال العام".
يأتي ذلك بالتزامن مع عودة الاعتصام الطلابي في جامعة كومبلوتنسي الحكومية في مدريد، حيث انتشرت الخيام بمحيط المدينة الطلابية بالجامعة، وعلت الأعلام الفلسطينية، وجدّد الطلاب ومن يرافقهم من أساتذة وأكاديميين تضامنهم مع القضية الفلسطينية، مؤكدين شعارهم أن "فلسطين في صميم جميع النضالات من أجل العدالة الاجتماعية".
محاكمة شعبيةوأعلنت شبكة "جامعيون من أجل فلسطين"، وبالتعاون مع شبكة "قانونيون من أجل فلسطين" نيتها تنفيذ فعالية "محكمة الشعوب من أجل فلسطين" بحلول نوفمبر/تشرين الأول القادم، التي ستُحاكم الدولة الإسبانية وحكومتها ومؤسساتها "على تواطئها مع نظام الفصل العنصري والاحتلال والإبادة الجماعية في فلسطين".
إعلانويستوحي القائمون على الفعالية نشاطهم من "محكمة راسل" التي شُكّلت عام 1966، المعروفة أيضا باسم المحكمة الدولية لجرائم الحرب، والتي حققت في الجرائم التي ارتكبتها الولايات المتحدة في فيتنام، بالإضافة لأول محكمة شعبية دائمة تأسست كمحكمة رأي عام 1979 في إيطاليا، لإدانة الجرائم التي ارتكبتها الأنظمة العسكرية في أميركا اللاتينية بين عامي 1974 و1976.
وفي مؤتمر صحفي عقد في المدينة الجامعية في مدريد، وضّح القائمون على الفعالية أن هذا النوع من المبادرات ظهر داخل المجتمع المدني لسد الفجوة الناشئة عن تقصير المحاكم الوطنية والدولية بالقيام بواجبها القضائي تجاه بعض القضايا الكبرى، كجرائم الحرب، والإبادة الجماعية، والانتهاكات العلنية لحقوق الإنسان، من خلال جمع شهادات وادعاءات وشكاوى من المجتمع المدني.
وسيسعى المنظمون، للتواصل مع أفراد المجتمع باعتبارهم الطرف المباشر الذي يمكن التواصل معه، للضغط على الحكومة لتنفيذ الإجراءات المطلوبة للالتزام بالإطار القانوني، ويقصدون بذلك الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في 19 يوليو/تموز 2024 الذي خلص إلى أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية -بما في ذلك غزة والضفة الغربية وشرقي القدس غير قانوني بموجب القانون الدولي.
كما يستندون أيضا إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 13 سبتمبر/أيلول 2024، الذي طالب إسرائيل بالامتثال للرأي الاستشاري وإنهاء وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال 12 شهرا من تاريخ اعتماد القرار.
ويعتبر فريق الشبكة أن هذه المحاكم الشعبية تشكل جهودا جماعية فاعلة، من خلال العمل التوثيقي الجماعي وجمع الادعاءات الفردية والجماعية، حتى تصبح أداة للدفاع عن القانون الدولي، وناطقا أخلاقيا ومعنويا باسم الشعوب، تُسلّط الضوء على فضح الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل.
إعلانوأكد القائمون على الفعالية سعيهم لتحقيق أعلى قدر ممكن من الدقة في التوثيق والشهادات وتحضير الاتهامات، بهدف تعبئة المجتمع المدني، ورفع الوعي العام، وتنشيط المجتمع الجامعي للدفاع عن القضية الفلسطينية ضد الإبادة، وتصعيد الضغط على الهيئات الإدارية الجامعية، والحكومة الإسبانية، بكل مؤسساتها لقطع العلاقات وإنهاء التواطؤ مع إسرائيل ومؤسساتها.
وتقول أستاذة الدراسات العربية والإسلامية في جامعة كومبلوتنسيا في مدريد، جوهانا ليمز، إن فريق "جامعيون من أجل فلسطين" يضم أعضاء وممثلين من 46 جامعة حكومية إسبانية، عملوا على مدى أشهر عديدة وشاركوا في اجتماعات عدة مع إدارات جامعاتهم، "لكن وبعد عام ونصف من الإبادة في غزة لم تكن هناك استجابات وأفعال حقيقة مؤثرة من مؤسساتنا".
وتضيف ليمز للجزيرة نت "قدمت الحكومة الإسبانية تصريحات عديدة جيدة، لكنها في الواقع مستمرة بإقامة العلاقات التجارية مع إسرائيل، وذلك وفقا لتقارير استقصائية أثبتت ذلك بأرقام صادمة، لذلك نحن نريد عقد هذه المحاكمة الشعبية لنعطي الصوت للمجتمع المحلي"، مؤكدة أن هذه الخطوة تأتي كإجراء تصعيدي لتنفيذ أعمال مؤثرة على أرض الواقع.
وتؤكد ليمز أن مطلبهم الرئيسي هو "قطع جميع العلاقات مع إسرائيل بمختلف مستوياتها، بسبب ما ترتكبه من إبادة جماعية في فلسطين"، وهو ما تم تأكيده في المؤتمر الصحفي لإطلاق فعالية المحاكمة الشعبية، وما تم التوقيع عليه في العريضة التي وُزعت.
يأتي ذلك بالإضافة إلى مطالب أخرى وقّع عليها المشاركون في العريضة التي نشرتها شبكة "جامعيون من أجل فلسطين" تدعو المؤسسات التعليمية والحكومة الإسبانية إلى:
الإدانة الواضحة والصريحة للإبادة الجماعية في غزة وسياسات الاستيطان والفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية. تعليق الإسهام في المشاريع الطلابية المشتركة التي تتضمن مشاركة إسرائيلية، واستبعاد الجامعات ومراكز الأبحاث الإسرائيلية من أي مشاريع ضمن الاتحاد الأوروبي. إدراج البنود المتعلقة بحقوق الإنسان في جميع العقود أو المعاملات التجارية للتأكيد على الامتثال للقانون الدولي. مطالبة الاتحاد الأوروبي بتطوير برامج بحثية تسهم في تعافي المؤسسات الأكاديمية الفلسطينية، وتعزيز برامج التعاون بين الجامعات الإسبانية والفلسطينية. ضمان حقوق المجتمع الجامعي الإسباني في مواجهة المضايقات التي قد يتعرض لها الأفراد والجماعات والمؤسسات من قبل جماعات الضغط الصهيونية. دعم المقترح المقدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة رسميا لسحب عضوية إسرائيل كدولة عضو في الأمم المتحدة.وتوضّح الأستاذة ليمز أن الأمر لا يقتصر على الجامعيين فقط، بل يتعدى ذلك إلى العاملين في القطاع الصحي والتعليمي، وغيرها من القطاعات المجتمعية في مختلف أنحاء إسبانيا، وهو ما سيبادر إليه الفريق العامل خلال الأشهر القادمة، كما سيعملون على التنسيق مع جهات أوروبية مختلفة لتوسيع المشاركة.
إعلانوذكرت أن المحاكمة الشعبية المنوي إقامتها لن تركز بشكل رئيس على فضح الجرائم التي تقوم بها إسرائيل فحسب، بل ستطال الخروقات التي تقوم بها الحكومة الإسبانية والمعاهد الجامعية للقانون الدولي بحكم علاقتها المستمرة بشكل أو بآخر مع إسرائيل المتهمة أصلا بخرق القانون الدولي، "وهو ما سيشكل ضغطا حقيقيا ومؤثرا على هذه المؤسسات من قبل المجتمع المدني بعيدا عن الأحزاب السياسية" حسب قولها.