لبنان ينتظر مسودة قرار التمديد لـاليونيفيل ويطالب بعدم تعديل ولايتها
تاريخ النشر: 20th, July 2024 GMT
ينتظر لبنان مسودة قرار التمديد لقوات حفظ السلام الدولية العاملة في الجنوب (يونيفيل) الذي تحضره فرنسا، وسط محادثات مع قوى دولية فاعلة لتسويق المطلب اللبناني القائم على تمديد ولايتها في شهر آب المقبل، من دون تعديلات.
ومن المزمع أن يمدد مجلس الأمن ولاية «اليونيفيل» في أواخر آب المقبل، امتداداً لتعديلات سنوية تجري في هذه الفترة منذ إصدار القرار 1701 في عام 2006، بعد حرب دامت 33 يوماً.
وقالت مصادر دبلوماسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» إن الوزير عبد الله بوحبيب الذي يزور نيويورك في هذا الوقت، «أجرى اجتماعات عديدة مع جهات معنية بالشأن اللبناني»، مشيرة إلى «أن لبنان ينتظر مسودة القرار الذي تحضره فرنسا بصفتها حاملة القلم، وستتسلمه الوزارة أوائل شهر آب المقبل».
وكتب نذير رضا في" الشرق الاوسط": عادة ما تقوم فرنسا بإعداد المسودة، وتقدمها إلى مجلس الأمن الذي يجري تعديلات أحياناً عليها، كما حصل في عام 2022، لجهة إقراره تعديلاً يتعلق بحركة قوات «اليونيفيل»، ومنحها حرية الحركة من دون تنسيق مع الجيش اللبناني، ما أثار انتقادات. وتحركت الحكومة اللبنانية في عام 2023 لإلغاء التعديل السابق، حيث رفضت الصيغة المتداولة؛ كونها «لا تشير إلى ضرورة وأهمية تنسيق (اليونيفيل) في عملياتها مع الحكومة اللبنانية ممثلة بالجيش اللبناني، كما تنصّ اتفاقية عمل (اليونيفيل) المعروفة بالـ(SOFA)».
ويضغط لبنان عبر اتصالات دبلوماسية لتمديد ولاية «اليونيفيل» من دون تعديلات، وبرز اللقاءان اللذان عقدهما رئيس البرلمان نبيه بري مع المبعوث الخاص لوزير الخارجية الروسي لشؤون الشرق الأوسط فلاديمير سافرونكوف، الجمعة، وبحثا في تطورات لبنان والمنطقة «على ضوء مواصلة إسرائيل لعدوانها على لبنان وقطاع غزة»، كما جاء في بيان عن مكتبه، علماً بأن روسيا تتولى في الوقت الحالي الرئاسة الدورية لمجلس الأمن، غداة اجتماع الخميس مع الممثلة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس بلاسخارت.
وفي خضم المباحثات اللبنانية مع جهات دولية قبل تمديد ولاية «اليونيفيل»، لم يتبلغ لبنان، حتى الآن، بأي رسائل دولية حول تغييرات محتملة في ولايتها، كما قالت مصادر وزارية معنية لـ«الشرق الأوسط»، رغم المعلومات التي تتحدث عن تغييرات تطالب فيها إسرائيل، ويرفضها لبنان. ويأتي التمديد لولاية «اليونيفيل» هذا العام، في ظل حرب مستعرة منذ 8 تشرين الأول) الماضي، حين انخرط «حزب الله» في معركة «دعم ومساندة» لقطاع غزة من جنوب لبنان.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: من دون
إقرأ أيضاً:
عالم يُقسَّم.. والشرق الأوسط يدفع الثمن
فـي الوقت الذي يتطلع فيه العالم إلى إنهاء الحروب، وبناء نظام دولي أكثر عدلا، تقود إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثانية تحولا مقلقا في السياسة العالمية يتمثل في الانتقال من منافسة القوى العظمى إلى التفاهم معها، حتى وإن جاء ذلك على حساب الحلفاء والدول الصغيرة. هذه ليست مجرد إعادة ضبط للعلاقات الدولية، بل هي بداية خريطة جديدة للعالم تُرسم بين الكبار، بينما يُطلب من الآخرين أن يتقبلوا ما يُفرض عليهم.
قبل سنوات فقط، تبنّت واشنطن استراتيجية واضحة: التنافس مع الصين وروسيا لحماية التفوق الأمريكي والدفاع عن الديمقراطية. كانت هذه الاستراتيجية -رغم صراحتها- تقوم على فكرة أن الولايات المتحدة تواجه خصمين يسعيان إلى تغيير النظام العالمي. ولهذا ركزت الإدارتان السابقتان -إدارة ترامب الأولى ثم إدارة بايدن- على صدّ النفوذ الروسي في أوكرانيا، ومنع توسّع الصين في آسيا، وبناء تحالفات أوسع حول العالم.
لكن الآن، يبدو أن الرئيس ترامب قد غير رأيه. هو لا يريد مواجهة الصين وروسيا، بل يريد الاتفاق معهما على إدارة العالم معا، كل في منطقته، وكل بما يراه مناسبا. وفقا لهذا المنطق الجديد، يمكن لروسيا أن تحتفظ بأراض من أوكرانيا، ويمكن للصين أن توسّع نفوذها في بحر الصين الجنوبي، بل وربما في تايوان لاحقا. مقابل ذلك، تتوقع واشنطن أن تظل هذه القوى على الحياد عندما تمارس الولايات المتحدة نفوذها في مناطق أخرى، بما فيها الشرق الأوسط.
هنا، تصبح المسألة خطيرة؛ لأن الشرق الأوسط هو المنطقة التي تأثرت أكثر من غيرها بقرارات القوى العظمى، وغالبا من دون أن يُؤخذ رأي سكانه بعين الاعتبار. واليوم، في ظل هذا التوجه الجديد، تصبح حروب مثل الحرب في غزة، أو الأزمة السورية، أو الملف النووي الإيراني، ملفات لا تُحل بمنطق القيم أو القانون الدولي، بل بمنطق «ما يناسب الكبار». وإذا اتفقت واشنطن مع موسكو أو بكين على تسوية ما، فالجميع مطالب بالقبول بها.
لكن هل هذا هو الطريق إلى السلام؟ وهل يمكن بناء استقرار عالمي من خلال تجاهل إرادة الشعوب والتفاهم مع الأنظمة القوية فقط؟ التجربة تقول لا. لقد جُرب هذا النموذج من قبل في أوروبا في القرن التاسع عشر، فيما عُرف بـ«نظام الوفاق»، حيث اتفقت القوى الكبرى على إدارة القارة وتجنب الحروب.
لكن النظام لم يصمد، وانتهى إلى صراعات أكبر؛ لأنه تجاهل التغيرات الحقيقية على الأرض.
في الشرق الأوسط، الناس لا يبحثون عن وفاق بين زعماء العالم، بل عن عدالة، وحرية، ومستقبل لا تُقرره القوى الكبرى خلف الأبواب المغلقة. التحديات التي تواجه المنطقة - من الاحتلال والنزاعات المسلحة، إلى الفقر والبطالة والتغير المناخي - لا يمكن حلها من خلال «صفقات جيوسياسية» لا تراعي مصالح الشعوب.
ما يحدث اليوم هو أن السياسة الدولية تعود إلى لعبة «تقاسم النفوذ»، بينما تُهمّش المؤسسات الدولية، وتُضعف التحالفات، ويُعاد تعريف المصالح بناء على من يملك القوة لا من يملك الحق.
وهذا يجب أن يقلق الجميع.
في نظام دولي عادل، لا ينبغي أن يكون مصير أوكرانيا أو فلسطين أو أي دولة أخرى موضوع تفاهم بين واشنطن وموسكو وبكين فقط؛ لأن العالم - ببساطة - لم يعد يتحمل نظاما يُدار كما لو أنَّ الآخرين غير موجودين.