أبوظبي/ الخرطوم – وضع الاتصال الهاتفي الذي تلقاه رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان من قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، مساء الخميس الماضي، حدا لتكهنات وتخمينات سودانية راجت بشأن انحياز أبوظبي إلى طرف على حساب آخر، وعزز التكهنات بخصوص تدخل إماراتي وشيك لإنهاء الحرب، وفقا للعرب اللندنية.

وتحدثت تسريبات تداولتها وسائل إعلام الجمعة عن مناقشة الشيخ محمد بن زايد والبرهان لمبادرة من رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.

وأكد رئيس دولة الإمارات حرص بلاده على “دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان الشقيق بما يسهم في تعزيز استقراره وأمنه ويحقق تطلعات شعبه إلى التنمية والرخاء”.

وتلقت دوائر سياسية ومدنية في السودان الاتصال على أنه مقدمة لقيام الإمارات بدور حيوي جديد في وقف الحرب وتطويق تداعياتها بين الجيش وقوات الدعم السريع، عقب ترشيحها سابقا للانضمام مع مصر إلى كل من السعودية والولايات المتحدة لتسهيل استئناف عمل منبر جدة، وبعد تحركات قامت بها القاهرة التي تربطها علاقات وطيدة مع أبوظبي والجيش السوداني لتقريب المسافات بين القوى السياسية.

وربط متابعون بين الاتصال، وهو الأول بين الشيخ محمد بن زايد والبرهان منذ اندلاع الحرب في السودان، وزيارة قام بها رئيس وزراء إثيوبيا إلى بورتسودان هي الأولى له منذ اندلاع الحرب، إذ أوحى الاتصال ومن قبله الزيارة بوجود تحرك لوساطة يمكنها تفكيك بعض التعقيدات في مسار التفاوض بين الجيش والدعم السريع.

وكشفت مصادر دبلوماسية معلومات نشرتها رويترز تفيد بأن الاتصال بين رئيس دولة الإمارات وقائد الجيش السوداني ناقش مقترحا من رئيس وزراء إثيوبيا للتوسط من أجل إنهاء الحرب الدائرة في السودان منذ منتصف أبريل من العام الماضي.

ولم تظهر مؤشرات حول ماهية الوساطة، لكن بما تملكه الإمارات من علاقات واسعة وثقل إقليمي، وما تملكه إثيوبيا من معرفة بشؤون الأزمة في السودان، يمكنهما المساهمة في إخراج الأزمة من جمودها، بالتعاون والتنسيق مع جهات إقليمية ودولية.

وقال عضو التيار الوطني السوداني نورالدين صلاح الدين إن الاتصال الهاتفي ستكون له نتائج سياسية واقتصادية مهمة، ويمثل إشارة مهمة إلى حدوث تطور بشأن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، حيث لدى الإمارات تأثيرات قوية في المشهد السوداني، وتربطها علاقات مع أطراف عديدة، سوف تساعدها على ممارسة دورها في ملفات التفاوض بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “السودان شهد خلال الأسبوعين الماضيين تحولات تشي بحدوث تطور سياسي، بدءا من اجتماع القوى السياسية في القاهرة، ثم زيارة مساعد وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي إلى بورتسودان ولقاء البرهان، وزيارة آبي أحمد المفاجئة إلى بورتسودان أيضا، ناهيك عن اجتماعات الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، وعقد مفاوضات غير مباشرة في جنيف بين وفدي الجيش والدعم السريع”.

ولفت صلاح الدين إلى أن الجميع ينتظرون ما سيحدث في الأيام المقبلة بشأن وضع حد للمعاناة التي يتعرض لها السودانيون، على أن يكون البدء بالقضايا الإنسانية التي يجب أن يعقبها توافق سياسي يمهد الأرضية لسلام مستدام بعد وقف إطلاق النار.

وكسر الاتصال بين الشيخ محمد بن زايد والبرهان جمودا سيطر على العلاقة بين الجيش والإمارات، وفي خضم اتهام قيادات في الجيش وانتقادات وجهت من جانب مبعوث السودان لدى الأمم المتحدة إلى دولة الإمارات التزم الجنرال البرهان الصمت ولم يسر على طريق هؤلاء مباشرة في تصريحاتهم، وهو ما فُهِمت منه إمكانية تغيير هذه الأوضاع، وأن التوتر مع الإمارات قابل للاحتواء.

واتهم مساعد قائد الجيش السوداني الفريق أول ياسر العطا دولة الإمارات بتزويد قوات الدعم السريع بأسلحة ومعدات لوجستية، وردد الاتهام نفسه مندوب الخرطوم في مجلس الأمن الدولي الحارث إدريس في يونيو الماضي، وهو ما نفته تماما الإمارات مرارا على لسان مسؤولين فيها.

وقال أنور قرقاش مستشار الرئيس الإماراتي إن بلاده مهتمة بوقف الحرب والعودة إلى المسار السياسي في السودان، رافضًا اتهامات مندوب الخرطوم.

قيادات الحركة الإسلامية أسهمت بدور كبير في تغذية اتهامات ضد دولة الإمارات، التي من المعروف أن لها مواقف واضحة من القوى المتطرفة في السودان والمنطقة

وكتب في تدوينة عبر حسابه في منصة إكس “في الوقت الذي تسعى فيه الإمارات إلى تخفيف معاناة الأشقاء السودانيين يصر أحد أطراف الصراع على خلق خلافات جانبية وتفادي المفاوضات وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية”.

ويشير مراقبون إلى أن قيادات الحركة الإسلامية التي تملك نفوذا واسعا داخل الجيش السوداني أسهمت بدور كبير في تغذية اتهامات ضد دولة الإمارات، التي من المعروف أن لها مواقف واضحة من القوى المتطرفة في السودان والمنطقة.

ويضيف المراقبون أن الفريق الإسلامي في الجيش وجد في الحديث عن علاقة عسكرية تربط الإمارات بقوات الدعم السريع فرصة لتبرير هزائم الجيش في معارك متعددة، وفرصة لإبعاد الدول التي لها مواقف صارمة حيال التنظيمات المتشددة لإبعادها عن مسارات التفاوض، والتي لا تريد الحركة الإسلامية التجاوب معها، حيث تسعى للقبض على زمام السلطة من دون مراعاة للخسائر التي تنجم عن ذلك.

وشدد الشيخ محمد بن زايد خلال الاتصال الهاتفي مع البرهان على “أهمية تغليب صوت الحكمة والحوار السلمي ووضع مصالح السودان العليا في الأولوية”، معربا عن التزام بلاده “بمواصلة دعم الجهود الإنسانية لتخفيف المعاناة عن الشعب السوداني”.

وخصصت الإمارات 50 مليون دولار لدعم الجهود الإنسانية من أجل مساعدة المتضررين من النزاع في السودان والفارين داخليّا، وكذلك اللاجئين السودانيين في تشاد، وأرسلت 1572 طنا من الإمدادات الغذائية والطبية عبر تسيير 18 طائرة إغاثية وسفينة لهذا الغرض.

Your browser does not support the video tag.

المصدر: شبكة الأمة برس

كلمات دلالية: الجیش السودانی دولة الإمارات الدعم السریع فی السودان بین الجیش

إقرأ أيضاً:

حاكم دارفور يحدد خطوات لإنهاء الحرب وإعادة بناء الدولة

حاكم دارفور مني أركو مناوي وضع “إعادة زمام الأمور إلى أهل السودان عبر رفع يد الإمارات تمامًا” على رأس مطلوبات إنهاء الحرب.

بورتسودان: التغيير

قال حاكم إقليم دارفور، رئيس حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي، إنه لإنهاء الحرب في البلاد، وإعادة بناء الدولة على أسس سليمة، هناك سبع خطوات يجب اتباعها والالتزام بها، مع فتح الباب للحوار مع كل من كانت لهم مصالح مشتركة مع السودان.

وتطاول أمد الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ ابريل 2023م، ما دفع حركات دارفور التي كانت التزمت الحياد في البداية إلى الاصطفاف  مع أحد الطرفين، واختار مناوي رفقة بعض الحركات الانحياز لجانب الجيش.

الإمارات والدعم السريع

وقال مناوي في كلمة وجهها للشعب السوداني- تزامناً مع وقفات لدعم الجيش في عدد من الولايات اليوم السبت- إنه من أجل إنهاء الحرب التي وصفها بـ”الظالمة التي فرضت علينا”، يجب الالتزام أولاً بـ”إعادة زمام الأمور إلى أهل السودان، عبر رفع يد الإمارات تمامًا، وإنهاء تواجدها في أرضنا، أجوائنا، وبحرنا”، وثانياً طرد عناصر الدعم السريع من المناطق السكنية، المدارس، المستشفيات، والمرافق العامة، وإخلاء الطرق الرئيسية المؤدية إلى المدن والأسواق ورياض الأطفال، حتى تعود الحياة إلى طبيعتها”- حسب تعبيره.

وأشار إلى أن الأمر الثالث هو “إعادة تسليم المعابر الدولية والحدود والمطارات إلى السلطة الشرعية، لمنع أي خرق أو انتهاك لسيادة السودان”، والرابع “إطلاق سراح جميع المختطفين، وإعادة فتح سجون الدعم السريع أمام الصليب الأحمر الدولي، لضمان حقوق المعتقلين”.

ومضى مناوي إلى القول إن الأمر الخامس هو “فض الارتباط بكل المرتزقة الذين جلبتهم دول العالم، سواء من الخارج أو من الداخل”، والسادس “جمع المقاتلين السودانيين في أماكن محددة من أجل ترتيب إجراءات الهدنة وتوفير الفرصة للسلام”، والأمر السابع “محاسبة كل من ارتكبوا جرائم الإبادة الجماعية، وفي مقدمتهم قادة الدعم السريع (تأسيس)، وكل من كان لهم يد في تدمير السودان”- حسب وصفه.

الاحترام المتبادل

وقال مناوي مخاطباً السودانيين: “أيها الشعب، بهذه الخطوات نعيد بناء دولتنا على أسس متينة، ونفتح الباب للحوار مع كل من كانت لهم مصالح مشتركة مع السودان، في بيئة من الاحترام المتبادل، حيث لا مجال لاستغلال إرادتنا”.

وذكر مناوي في خطابه للسودانيين: “لقد فرضت عليكم قوى الشر معركة لا ناقة لكم فيها ولا جمل، فكنتم أنتم المدافعون عن كرامتكم، أرضكم، وتاريخكم، بكل شجاعة وعزيمة”.

وأضاف: “أيها الشعب السوداني العظيم، أنتم اليوم في صدارة العالم الثالث في تعريف الديمقراطية وإدارة التعدد والتنوع، وفي معركة إنسانية كبيرة عكست كل القيم الإنسانية”.

وتابع مناوي: “لقد أصبحتم أساتذة في مجالكم، قادة في شتى الميادين، من أطباء إلى تجار، من مفكرين إلى كتاب، وأبناء شعبكم من صنعوا أمجاد الأمم”.

الوسومإعادة بناء الدولة إنهاء الحرب الإمارات الجيش السوداني الحرب السودان المعتقلات حركة جيش تحرير السودان قوات الدعم السريع مني أركو مناوي

مقالات مشابهة

  • حاكم دارفور يحدد خطوات لإنهاء الحرب وإعادة بناء الدولة
  • لقاء عبدالله بن زايد ووزير خارجية الصين.. شراكة بين البلدين
  • النفط يُحمى.. والشعب السوداني يترك للمجهول!
  • خلال اتصال هاتفي.. السيسي يؤكد لماكرون دعم مصر لوحدة السودان وإنهاء الحرب
  • الجيش السوداني يُدمر ارتكازات ومعدات عسكرية للدعم السريع
  • الجيش السوداني: ماضون في مسيرة تحرير الوطن والدفاع عن سيادته
  • مهرجان الشيخ زايد يحتفل باليوم الوطني لمملكة البحرين
  • صنَّاع سياسات وقادة اقتصاديون وإعلاميون: «شكراً محمد بن زايد».. «قمة بريدج» حدث استثنائي بكل المقاييس
  • الإمارات: الحرب في السودان بلا منتصر والإغاثة يجب أن تتدفق دون عوائق
  • الإمارات تؤكد على أولوية التوصل لهدنة إنسانية فورية بالسودان