بيان السيادي هل ينسف محاولات ترميم العلاقة بين الجيش والإمارات؟
تاريخ النشر: 20th, July 2024 GMT
بقلم صلاح شعيب
واضح أن محاولة الطرف الثالث لإحداث اختراق في العلاقة بين الجيش السوداني والإمارات قد تبوء بالفشل الذريع. فبرغم أنه لم يمر يوم على بيان الإمارات الذي أعلمنا عن تلقيها اتصالاً من البرهان - هو أشبه بالاعتذار في مضمونه بالنظر للتوقيت - حتى خرج ما يسمى مجلس السيادة الانتقالي ببيان تشتم فيه رائحة مكايدة للدولة الخليجية.
بيان الدولة الخليجية بصيغته التي فاجأت المشهد السياسي جاء في أعقاب حديث متوتر، وموتور، لمساعد البرهان العطا. فالطريقة التي صدر بها هجوم المساعد على الشيخ محمد زايد تفتقر إلى أبسط مقومات اللغة الدبلوماسية، وذكرنا بلهجة البشير الحادة حين قال إن العالم تحت أرجله. ومن ناحية أخرى فإن تهور العطا لدرجة وصف زعيم دولة شقيقة للسودان بأنه ""الشيطان و"الصهيوني القذر" يدل على فقدان أعصاب حاد، وعدم حكمة ورشد سيكلفان جيشه المحاصر بالكثير من ردود الفعل الخفية، وما أكثر ردود الإمارات السابقة الموجعة التي صمتت على أذى تصريحات عطا الجيش.
والملاحظ أن البرهان ظل صامتاً تجاه العداء للإمارات طيلة فترة تصعيد الجيش، والإسلاميين ضدها، ومحاولة محاصرتها دبلوماسياً. وقد أورد مراقبون أن ما بين الرجل والإمارات أكبر مما أن يُدمر باتهامات غليظة، وإساءات صريحة، مثل التي احترفها العطا نزولاً إلى مناغمة عقل الاسلاميين، والذين لهم مغابن عدة تجاه الشيخ الإماراتي. فهو من ناحية بذل لاستئصال شأفتهم في الإقليم، وثانياً يرون أن الاتفاقات الإبراهيمية التي يتبناها إنما تهدف للسير عكس مخططاتهم التي تفضل المواجهة مع اسرائيل على طريقة حماس، وثالثاً يرون أنه يدعم إنهاء سيطرتهم على البلاد من خلال تدمير حلم العودة الدسمة للحكم، وذلك بإدعاء أنه يمول الدعم السريع منذ بدء الحرب.
ولذلك تأتي تصريحات العطا، والتي تدعمها دائماً صرخات تحميس من ضباط إسلاميين يقفون خلف سدة مخاطبته الجنود، متناغمة مع زمرة الكتائب الإسلامية أمثال البراءيين، وتحركات وزارة الخارجية التي يسيطر عليها بطبيعة الحال الإسلاميون. وأخيراً وليس آخراً تتوائم هذه التصريحات مع المنصة الإعلامية الواقفة بصلابة مع استمرارية الحرب، وخصوصاً أفرادها الذين يتخذون من قطر، وتركيا، مقراً لهم.
إن البيان الذي حمل توقيع السيادي رغب أن يتنفس الإسلاميون الكارهين للإمارات الصعداء مع حفظ ماء وجه البرهان. ذلك لكونه يؤكد في مضمونه أن البرهان هو الذي تلقى الاتصال خلافاً لماء جاء في البيان الإماراتي. ومن ناحية ثانية يهدف البيان إلى تاكيد أن البرهان كان يمتلك من الجرأة ما يدفعه لمواجهة محمد بن زايد، ونقل له اتهامات الجماعة الإسلاموية، ودعاة الحرب، وأيضاً قسم من المحايديين الآخرين بأن "السودانيين - وليس هو أو الجيش لديهم "شواهد كثيرة على دعم الإمارات للدعم السريع" وفقا للبيان.
والحقيقة أن البيان جاء كتسوية داخلية بين الفرقاء الداعمين للحرب، كونه منح البرهان فرصة ليبرز أمام السلطة الاماراتية بأنه مجرد ناقل لاتهامات، وليس هو منبعها طالما علقها على السودانيين، وفي ذات الوقت يحس الرافضون لخطوة الاتصال من جانبه أولاً، أو الإمارات، أن بيان الشيخ لم يكن أميناً، وتغافل في صيغته عن ذكر ما نقله له البرهان نصاً.
الواضح الأكثر أن تصريحات العطا الهمجية، ومواجهة الحارث للممثل الإماراتي في الأمم المتحدة بتلك الطريقة المتهيجة، ومحاولة تكذيب بيان السيادي للبيان الإماراتي، واستمرار الهجوم على موقف الإمارات من الحرب الدائرة، تمثل كل هذه المعطيات إعادة إنتاج للفشل الدبلوماسي للجيش، وما يسمى السيادي، ووزارة الخارجية. وهذا الفشل ليس بريئاً من الاستمرار في ذات نهج سياسة البشير السابقة، والتي تعتقد أن الدبلوماسية تعتمد على العضلات، والشتم، أكثر من كونها في عالم اليوم تعد أداةً هادئة لخفض الجفاء السياسي بين الدول مهما تعاظمت اختلافاتها.
فدولة الإمارات ما تزال تتلقى أسواقها المنتج من سبائك الذهب الحكومي، وبنوكها تعين البلاد وسط الأزمة، وإغاثتها تجاوزت المليارين من الدولارات، كما أنها تاريخاً وحاضراً ظلت أبوابها مفتوحة للسودانيين. وكذلك لم تقفل الإمارات أبواب التأشيرة لعدد هائل من مواطنينا، وما تزال تعاملهم دون تأثير بما جرى بينها وسلطة الأمر الواقع في بلادهم. ومصالح السودانيين في هذه الدولة الخليجية المؤثرة أكبر من أن تعرض للخطر نتيجة لمواقف عدائية، الأفضل منها هو الحوار الودي بين الجيش والقيادة الإماراتية. ذلك لحل الإشكال والتوصل لتفاهمات حلول وسطى، من بينها إيقاف الحرب. ذلك ما دام الجيش، ومؤيدوه، يرون أن الإمارات تعد الداعم الأكبر للدعم السريع، وهي نفسها كما نتابع تبدي رغبتها إعلامياً لحل أزمة الحرب.
ولكن يبدو أن للبرهان رأيا، بينما قسم آخر في كابينة قيادة الحرب يريدون مواصلة التصعيد سياسياً، ودبلوماسيا، وإعلاميا. واعتقد أن وضعية سلطة بورتسودان لا تملك القدرة على غذ السير بثبات في هذا الاتجاه، وإلا فهناك حاجة لانتصار إرادة البرهان لو صدقت في تغيير نهج المنازلة غير المحسوبة العواقب مع الإمارات، أو الاستسلام للإسلاميين، ودعاة مواصلة الحرب والاشتجار مع كل العالم. وربما يصبح الطريق الثالث - كما طالب إسلاميون - هو التخلص من البرهان من قبل مغامرين في كابينته، ومن سياسته التي تعتمد منذ حين على اللعب بالبيضة، والحجر.
[email protected]
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
كيف أقلق البرهان واشنطن وتل أبيب؟
في ظلّ السيولة الأمنية التي يعيشها السودان بسبب تداعيات الحرب ضد مليشيا الدعم السريع المتمردة، أصدر رئيس مجلس السيادة في السودان وقائد الجيش الجنرال عبدالفتاح البرهان قرارًا بتفريغ العاصمة الخرطوم من المظاهر المسلحة.
ومن المؤكد أن القرار لم يعد مجرد مطلب أو طموح، بل ضرورة وطنية ملحّة في مسار استعادة هيبة الدولة وإعادة بناء مؤسساتها. ولا بد أن يصدر هذا القرار من موقع امتلاك زمام المبادرة، خصوصًا بعدما أثبت الجيش السوداني قدرته على مواجهة مليشيا الدعم السريع التي كانت الأكثر تجهيزًا وتسليحًا، وتحظى بدعم خارجي، وتتمدد في مفاصل الدولة بأكثر من 120 ألف مقاتل، وباغتت الجيش بهجومها في 15 أبريل/ نيسان 2023.
نجاح الجيش في التصدي لهذا الخصم عالي التنظيم والتسليح يعيد التأكيد على قدرته على فرض قراراته الإستراتيجية، وفي مقدمتها إعادة تنظيم المشهد الأمني داخل المدن.
وأمام هذا المشهد، تصبح المقارنة بين مليشيا الدعم السريع والحركات المسلحة الأخرى غير واقعية؛ فهذه الأخيرة ما زالت تُبدي التزامًا بالاتفاق السياسي الذي وقّعته في جوبا، وتقر بمركزية الدولة وضرورة دمج قواتها في الجيش الوطني.
لا تنبع أهمية انتصارات الجيش السوداني فقط من قدرته على كسر شوكة أخطر المليشيات في تاريخ الدولة، بل من التحولات الجيوسياسية التي أفرزتها على المستويين؛ الإقليمي والدولي.
ففي مقال تحليلي نشرته صحيفة تايمز أوف إسرائيل، أشار الصحفي البريطاني المتخصص في الشأن الأفريقي، جافين سيركين، إلى أن "الواقع الجديد" في السودان، بعد انتصارات الجيش في الخرطوم وود مدني ومناطق من دارفور، قد أربك حسابات العواصم الكبرى، وعلى رأسها واشنطن وتل أبيب.
ونوّه سيركين إلى أن موازين القوى انقلبت جذريًا لصالح الجيش بقيادة الجنرال عبدالفتاح البرهان، مما دفع قوى دولية مثل دول الترويكا لإعادة النظر في إستراتيجيتها، والبحث عن تسوية "تُرضي الجيش السوداني"، بعدما بات واضحًا أن أي مشروع سياسي لا يحظى بموافقته لا يمكن فرضه على أرض الواقع.
إعلانهذه المعطيات تُمكن الجيش السوداني من التحرك داخليًا بثقة أكبر لفرض قرارات إستراتيجية مثل تفريغ المدن من السلاح، ليس فقط كضرورة أمنية، بل كإعلان عن استعادة زمام المبادرة على كافة المستويات.
إذن، فإن قرار تفريغ المدن لا يُقرأ كرهان محفوف بالمخاطر، بل كمحطة منطقية وممكنة في مشروع إعادة بناء الدولة، تسانده قوة عسكرية على الأرض، وتدفع نحوه ضرورات الأمن والاستقرار، لا سيما في ظل إجماع متنامٍ على أن الدولة وحدها يجب أن تحتكر السلاح وتعيد ضبط التشكيلات العسكرية ضمن الأطر النظامية.
ولا يمكن النظر إلى هذا القرار بمعزل عن السياق السياسي والأمني الأوسع؛ فوجود السلاح خارج المنظومة الرسمية لا يهدد العاصمة وحدها، بل يهدد وحدة الدولة ذاتها.
إن تفريغ المدن من المليشيات المسلحة ليس إجراءً تقنيًا، بل فعلًا سياديًا يعكس قدرة الدولة على حصر القوة في يد واحدة. كما أنه ضرورة لحماية العملية السياسية ذاتها، إذ لا يمكن تصور انتقال مدني أو ديمقراطي في ظل تعدد القوى المسلحة داخل الحواضر.
الجيش السوداني، بعد أكثر من عام من الحرب، أثبت أنه الجهة الوحيدة التي تملك القدرة على فرض الاستقرار الميداني. فهو لم يكتفِ بالصمود، بل استطاع أن ينتقل من الدفاع إلى الهجوم، وأن يحرر مدنًا رئيسية، ويكسر النفوذ العسكري لمليشيا الدعم السريع في مناطق عدة. هذه التجربة العملية تمنح القرار الجديد مصداقية أكبر، وتؤسس لمرحلة يكون فيها تفكيك المظاهر المسلحة جزءًا من سياق إستراتيجي شامل لإعادة هندسة الدولة.
الحركات المسلحة من الشراكة إلى النفوذحين وُقّع اتفاق جوبا للسلام 2020، رُوّج له باعتباره بداية جديدة للسلام وبناء الشراكة بين المركز والهامش. لكن ما حدث لاحقًا أظهر انحرافًا في المسار؛ فقد تحولت بعض الحركات المسلحة إلى مراكز نفوذ تسعى للمحاصصة لا لبناء الدولة، واحتفظت ببنيتها العسكرية دون أن تُقدم على خطوات جدية لنزع السلاح أو إعادة الهيكلة.
في بداية الحرب تغيّبت هذه الحركات، وتذرعت بالحياد، ثم عادت وانحازت للجيش لاحقًا، عدا بعض القيادات منها التي اختارت الاصطفاف إلى جانب مليشيا الدعم السريع، أو تبنت مواقف رمادية مرتبكة.
الأخطر من ذلك، أن بعض هذه الحركات تمارس ذات السلوك الذي طالما اشتكت منه: تسييس الجغرافيا، وتكريس الجهوية، والاستحواذ على السلطة دون مسؤولية. وبدل أن تذوب في الدولة، بدأت تُعيد تشكيل الدولة وفق حساباتها، وتفاوض على أساس ميزان القوة، لا على أساس برنامج وطني مشترك.
وقد فاقم هذا الوضع من ظاهرة "الجيش السياسي"، حيث دخلت بعض الفصائل العمل السياسي دون أن تنزع بزّتها العسكرية، وأصبحت تُدير الوزارات والمنصات التنفيذية بنفس عقلية المعسكر: أوامر، محسوبيات، وولاءات. بل أصبح بإمكان فصيل مسلح أن يُعرقل قرارًا سياديًا إن شعر أنه لا يخدم مصالحه أو يقلص نفوذه.
وإذا نظرنا إلى تفاصيل تنفيذ اتفاق جوبا، نجد أن البنود المتعلقة بإعادة هيكلة القوات ودمجها في الجيش لم تُطبّق فعليًا. بل إن بعض الحركات توسعت عسكريًا بعد دخولها العاصمة، وأنشأت معسكرات جديدة، وواصلت التجنيد.
إعلانهذا التوجه يضع علامات استفهام كبرى حول مدى التزامها بروح الاتفاق، ويثير مخاوف من أن تتحول إلى كيانات سياسية عسكرية موازية، تمارس الضغط من الداخل لا بهدف الإصلاح، بل بهدف تأمين مواقعها.
كما أن كثيرًا من القواعد الميدانية لهذه الحركات ما زالت تعيش حالة من التعبئة والصدام مع الدولة، وتحمل في خطابها الكثير من العداء للمؤسسات المركزية. بعض التصريحات التي تصدر من القيادات الوسطى تتحدث عن امتيازات مناطقية أو مطالب تتجاوز بكثير ما أقره الاتفاق، ما يؤشر إلى خلل في الالتزام والانضباط السياسي داخل هذه الكيانات.
مكاتب الحركات: قنابل موقوتةالمشهد في الخرطوم اليوم يكشف عن تناقض جوهري مع روح اتفاق جوبا؛ فمكاتب بعض الحركات المسلحة تنتشر داخل الأحياء السكنية، تحت حراسة عسكرية علنية تُربك الأحياء وتقلق المدنيين، ويُجنَّد فيها أفراد ذو سوابق إجرامية في السطو والاعتداء.
وهذا أمر شاذ، إذ كان من الطبيعي أن تكون هذه المكاتب ذات طابع مدني، وتخضع لحماية الشرطة النظامية، بينما يكون المقاتلون على خطوط المواجهة الحقيقية في دارفور وغيرها، لا في قلب العاصمة وبقية المدن.
هذه الحركات لم تأتِ إلى الخرطوم لتُجند مزيدًا من العناصر، بل جاءت ـ بموجب الاتفاق ـ لتضع السلاح، وتنخرط في مشروع وطني لبناء الدولة والمساهمة في الانتقال السلمي. وأي سلوك يخالف هذا المسار يُعد انتهاكًا للاتفاق، وتهديدًا مباشرًا لأمن المجتمع ولأسس الدولة.
ورغم أن بعض القيادات العليا لهذه الحركات تُبدي تفهمًا سياسيًا وتطرح مواقف عقلانية، فإن الإشكال الحقيقي يكمن في القيادات الوسطى والميدانية، حيث ما تزال الحمولات التعبوية القديمة فاعلة، وتتحكم في السلوك السياسي والميداني، وكأن اتفاق السلام لم يُوقّع، وكأن الحرب لم تُفرز دروسها بعد.
إلى جانب ذلك، فإن سلوك بعض هذه الحركات في الحياة العامة بات يثير قلق المواطنين، حيث تُسجل حالات استيلاء على مقرات رسمية أو عقارات خاصة، ويجري فرض النفوذ بالقوة في بعض الأسواق، بل وتُستخدم الأسلحة في فضّ النزاعات البسيطة، دون رادع قانوني فعّال. هذه الممارسات تنسف الأساس الأخلاقي والقانوني لوجود هذه الحركات داخل المدن، وتضع الحكومة أمام مسؤولية واضحة: إما أن تفرض هيبة الدولة، أو تفقد ما تبقى منها.
كما أن ضعف التنسيق بين مؤسسات الدولة والحركات المسلحة في المجال الأمني يجعل العاصمة عرضة للاختراق، ويُعرقل جهود إعادة الإعمار والاستقرار. وجود هذه القوات بصورتها الحالية يُسهم في تضييق مساحة الدولة، ويقوّض سلطة القانون، ويجعل من أي حديث عن استحقاقات ديمقراطية مجرد وهْم لا يستند إلى واقع فعلي.
حين لا تكفي البنادق لبناء وطنفي كل مرة تُمنح الحركات المسلحة فرصة للاندماج في الدولة، دون أن تُسلم سلاحها أو تُراجع خطابها، تُضاف حلقة جديدة في سلسلة الفشل الوطني. فالوطن لا يُبنى بالمحاصصة، ولا تُؤسس له شرعية بالرصاص، ولا تُدار مدنه بمزاج العائدين من الميدان.
لقد آن للسودان أن يضع حدًا لهذه الحلقة المفرغة التي تُنتج حركات مسلحة من رحم الإقصاء، ثم تُعيد إنتاج الإقصاء من داخل السلطة. آن له أن يتحرر من "جمهورية البنادق المؤجلة"، ويعود إلى مشروع الدولة الجامعة، لا السلطة الموزعة.
فإما أن تعود الحركات المسلحة إلى حضن الوطن بلا سلاح، أو تبقى في هامش التاريخ، تتآكل خلف شعاراتٍ بلا جمهور، وبنادقَ بلا معنى. وإما أن تتوحد راية السلاح تحت علم الدولة، أو نظل نعيش دويلة داخل الدولة، ومرحلة انتقالية بلا انتقال.
في هذا السياق، لا يمكن تجاهل أن اتفاق جوبا للسلام، كما نُفّذ، لم يعد صالحًا كمرجعية لبناء السلام أو إعادة تشكيل الدولة. لقد تجاوز الواقع السياسي والميداني في السودان اتفاق جوبا، الذي بُني على شروط لم تعد قائمة، وأصبح استمراره كمرجعية ضربًا من التجميل السياسي لا أكثر.
إعلانإن ما تبقّى من اتفاق جوبا اليوم لا يتجاوز كونه غطاءً سياسيًا يُستخدم في كثير من الأحيان لتبرير الامتيازات، لا التزامًا فعليًا ببناء الدولة. وعليه، فإن السؤال لم يعد: كيف نُفعّل الاتفاق؟ بل: كيف نتجاوزه ببديل أكثر واقعية وشمولًا؟ بديل يُعيد تعريف العلاقة بين الدولة والسلاح، ويمنح السياسة مكانتها، ويُعيد الاعتبار للمواطنة، لا للتهديد.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline