العراق – نشبت معركة عنيفة في 22 يوليو حول منزل كبير في مدينة الموصل بشمال العراق بين قوات أمريكية خاصة وأربعة أشخاص هم نجلا صدام حسين قصي وعدي وطفل قاصر هو مصطفى ابن قصي، وحارس في خدمتهم.

كان نجلا صدام حسين الشهيران قصي وعدي قد اختبأا في منطقة “الدور” بالموصل في منزل للشيخ نواف زيدان. المنزل عبارة عن مبنى كبير من ثلاثة طوابق، وكان يوجد في هذا الملجأ، مصطفى ابن قصي وكان عمره 14 عاما، إضافة إلى حارس هو العقيد عبد الصمد الحدوشي.

الأمريكيون ذكروا أن مخبرا محليا أبلغهم بأن نجلي صدام حسين قصي وعدي يختبئان في منزل الشيخ نواف زيدان، وفيما بعد ظهرت روايات أخرى عن “المخبر” الذي نال جائزة بـ 30 مليون دولار كانت أعلنتها السلطات الأمريكية مقابل رأسي قصي وعدي. كانت صور نجلي صدام حسين كما بقية أركان نظام صدام حسين قد طبعت على أوراق اللعب وخصصت الملايين مقابلها.

عدي، الابن الأكبر لصدام حسين من مواليد عام 1968، وكان حصل على شهادة في الهندسة من جامعة بغداد ودكتوراه في العلوم السياسية، وكان يقود “فدائيو صدام”، وهم عبارة عن وحدات حرس خاص كانت ترتبط مباشرة بالرئيس العراقي.

عدي كان شخصية مثيرة للجدل، وكان تعرض لمحاولة اغتيال في 12 ديسمبر عام 1996، أصيب خلالها بثماني رصاصات في ساقه والنصف الأيسر من جذعه.

أما قصي الذي كان ولد في 17 مايو عام 1966، فكان على النقيض من شقيه، متحفظا وبعيدا عن الأضواء، وقد تولى قيادة قوات النخبة في الحرس الجمهوري قبل وقت قصير من سقوط بغداد في أبريل 2003.

مداهمة المنزل الذي كان يختبئ به عدي وقصي صدام حسين جرت بعد ثلاثة أشهر من الغزو الأمريكي للعراق. نفذت الهجوم قوة تتكون من 200 جندي ينتمون إلى فرقة المظليين 101، ويقال إن عناصر من “الفرقة الخاصة 20″، شاركت في العملية.

الفرقة الأمريكية الخاصة 20، كانت شكلت من قوات النخبة في البداية للبحث عن أسلحة الدمار الشامل التي كان يروج الأمريكيون أنها في حوزة العراقيين، وحين تبين أن مثل هذه الأسلحة لا أثر لها ولا عين، كلفت بتعقب صدام حسين وكبار القادة العراقيين.

العقيد جو أندرسون الذي قاد القوة الأمريكية المهاجمة، دعا سكان المنطقة في رسالة باللغة العربية إلى مغادرتها بسلام، وقوبل النداء برشقات من الأسلحة النارية.

الهجوم الأمريكي الأول وكان بدأ في الساعة العاشرة صباحا، باء بالفشل وصد بنيران كثيفة من المدافعين المحاصرين في المنزل. أصيب أربعة جنود أمريكيين، توفى ثلاثة منهم فيما بعد.

أمر العقيد الأمريكي بقصف المنزل بمدافع رشاشة عيار 50 مليمتر، إلا أن المقاومة تواصلت. استخدم الأمريكيون طائرات عمودية في الهجوم للحماية، ثم أمر العقيد جو أندرسون بضرب المتحصنين بصواريخ تلو المضادة للدبابات.

قاتل الرجال الثلاثة وهم عدي وقصي صدام حسين وحارسهما عبد الصمد الحدوشي، إضافة إلى الطفل مصطفى، القوة الأمريكية المهاجمة الكبيرة لنحو أربع ساعات وفي رواية أخرة ست ساعات.

انتهت المعركة غير المتكافئة بمقتل عدي وقصي، نجلي صدام حسين، وكذلك الحارس، والطفل مصطفى، حفيد صدام حسين. عزل الأمريكيون المنزل بشبكة من الأسلاك الشائكة ووضعوا 50 جنديا لحراسته.

مسؤولون عسكريون أمريكيون صرحوا مباشرة بعد المعركة بأن مصطفى البالغ من العمر 14 عاما قد يكون آخر من لقي مصرعه في القتال الذي استمر 4 ساعات، وأنه واصل القتال بمفرده بعد مقتل والده وعمه والحارس.

الفريق ريكاردو سانشيز قال في رواية من بغداد بعد يومين من المعركة إن وابلا من 10 صواريخ مضادة للدبابات بالنهاية “أدى إلى مقتل ثلاثة بالغين”، وحين شنت القوات الأمريكية الخاصة هجومها الثالث والأخير على المنزل، استمر الناجي الوحيد الرابع في إطلاق النار إلى أن لقي مصرعه بالرصاص، فيما قتل الثلاثة الآخرين قبل ذلك بالصواريخ المضادة للدبابات.

أفيد في هذا السياق أيضا بأن الأربعة خلال المعركة كانوا في شقة محصنة بالطابق الأول من المنزل، وأن الطفل مصطفى كان يحتمي بغرفة نوم في القسم الخلفي من الشقة.

بعد سنوات تداولت مواقع في الإنترنت بعدة لغات معلومات زعمت أن صحيفة نيويورك تايمز وصفت الطفل مصطفى، حفيد صدام حسين بأنه الفتى الأكثر شجاعة وجسارة في القرن العشرين، وفي رواية أخرى في القرن الواحد والعشرين، ونسبت لكاتب يدعى روبرت ييسك مديحا وتمجيدا لهذا الطفل. لاحقا تبين عدم وجود كاتب في نيويورك تايمز باسم روبرت ييسك، وأن ما كتب على لسان الصحيفة غير صحيح.

الأمر الهام، أن حفيد صدام حسين حقيقي، وقد اعترف مسؤولون عسكريون أمريكيون بأنه واصل القتال حتى آخر نفس. مصطفى تحول في تلك المعركة إلى أسطورة.

المصدر: RT

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: الطفل مصطفى

إقرأ أيضاً:

لماذا يقول ملك بلجيكا الحقيقة ويجبن بقية ساسة أوروبا ؟

ترجمة أحمد شافعي -

في اللحظة التي بدا فيها أن إخفاقات أوروبا الأخلاقية بشأن غزة قد اكتملت، إذا برأس دولة من أعضاء الاتحاد الأوروبي يبرز برسالة قوية ذات موقف أخلاقي واضح. فقد أدان الملك البلجيكي فيليب ـ الذي نادرا ما يصدر تصريحات سياسية ـ الانتهاكات السياسية الجسيمة في غزة واصفا إياها بأنها «عار على الإنسانية».

في خطاب تليفزيوني احتفالا باليوم الوطني البلجيكي في الحادي والعشرين من يونيو، قال فيليب «إنني أقف في صف كل من يدينون الانتهاكات الإنسانية الجسيمة في غزة، حيث المدنيون الأبرياء محاصرون في قطاعهم، ويموتون بالجوع وبقصف القنابل. وقال الملك إنه يدعم دعما كاملا نداءات الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، المطالبة بإنهاء «هذه الأزمة غير المحتملة». وأضاف الملك من داخل قصره الملكي قائلا «إن الوضع الحالي طال أكثر مما ينبغي، وإنه عار على الإنسانية».

بعد الإجازة الأسبوعية التي لقي فيها ما لا يقل عن مائة شخص مصرعهم في أرجاء غزة وهم يسعون إلى الطعام والماء ـ في أعمال عنف لم تؤد إلى أي رد فعل من الاتحاد الأوروبي ـ برزت رسالة الملك البلجيكي. وتحدث الملك عن لقاء قريب برامي إلهانان وبسام عرامين ـ وهما أبوان، إسرائيلي وفلسطيني، فقد كل منهما ابنته في أعمال عنف حديثة في الشرق الأوسط. قال الملك «إنهما عدلا عن الرغبة في الانتقام، وآثرا تحويل ما يشعران به من ألم إلى رسالة للسلام» وقال إن «كرامة الإنسان هي المحك دائما وأبدا».

وكانت لكلمات الملك أصداء تجاوزت بلجيكا. إذ تساءلت هيئة الإذاعة الوطنية الهولندية (إن أوه إس) لماذا لم يقل الملك الهولندي فيليم ألكسندر مثل ذلك البيان.

والملك فيليب بطبيعة سلطاته الدستورية لا يملك غير سلطات محدودة. حتى أن خطابيه السنويين ـ في العيد الوطني لبلجيكا وفي عشية الكريسماس ـ يخضعان لمراجعة رئيس الوزراء قبل إذاعتهما. لكن تصريحاته في العام الحالي جاءت مناقضة تناقضا صارخا لموقف الحكومة الفيدرالية ورئيس الوزراء القومي الفلمنكي بارت دي ويفر الذي يضم حزبه (التحالف الفلمنكي الجديد N-VA)، وهو الحزب الأكبر في بلجيكا، العديد من المدافعين الصرحاء عن عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة. وكان دي ويفر قد قاوم النداءات الداعية إلى فرض عقوبات على إسرائيل. بل وشكك في ما إذا كان يمكن أن تعتقل بلجيكا بنيامين نتنياهو ـ مثلما يطالب القانون الدولي ـ في حال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي لبلده.

وفي تجاوز للسياسات الداخلية، وجه فيليب نداء واسعا للعمل، فقال إن «أوروبا لا بد أن تؤكد زعامتها بمزيد من القوة. ولا بد أن تقف بوضوح، حصنا منيعا دون صراعات القوى الوحشية التي نشهدها اليوم، وبديلا واضحا لها».

وفي ضوء صمت الاتحاد الأوروبي غير المقبول تجاه جرائم الحرب الإسرائيلية، وانتهاكات حقوق الإنسان، وتعمق الأزمة الإنسانية، كان من أسباب الارتياح أن نستمع ولو إلى رأس واحد لدولة يقول الحق جهيرا. فقد عجز اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل الأسبوع الماضي عن اتخاذ إجراء ضد إسرائيل، فدفع ذلك منظمة العفو الدولية إلى توجيه اتهام بـ«الخيانة القاسية غير القانونية» للفلسطينيين. ويبقى إعلان إيمانويل ماكرون بأن فرنسا سوف تعترف بدولة فلسطينية في سبتمبر ـ على أهميته ـ أمرا رمزيا في غياب أي عقوبات اقتصادية أو مالية أو دبلوماسية.

وقد أبرز الملك العجز عن الالتزام بالقانون الدولي، وذلك بعد أيام قليلة فقط من لقائه مع منظمات إنسانية عاملة في غزة. وقال إنه «على مدى عقود، كان القانون الدولي حجر زاوية تستطيع الدول أن تعتمد عليه. واليوم تحيط الشكوك بهذا. لكن عندما يوطأ القانون الدولي، يعاني العالم كله. ويصبح للعنف الجامح مطلق العنان».

ومع إشادته بالجهود الجماعية لمواجهة تحديات من قبيل أزمة المناخ والتحول الرقمي والتعاون الدفاعي، حث فيليب قادة الاتحاد الأوروبي على «الوفاء لقيمنا: قيم الديمقراطية والعدل وسيادة القانون». وفي أفق سياسي تزداد فيه سيطرة السياسات الواقعية، جاء صوت الملك مصرا على الأسس الأخلاقية للمشروع الأوروبي.

وللملك البلجيكي سجل راسخ في مقاومة التمييز والدفاع عن حقوق الإنسان. بعد هجمة إرهابية دموية على متحف يهودي في بروكسل سنة 2014، قام بزيارة رسمية لموقع الهجوم. وفي عام 2015، دعا وفدا كبيرا من الحاخامات وقادة المجتمع اليهودي إلى القصر بعد تفكيك خلايا إرهابية في بروكسل وفيرفييه.

ولمواقف الملك فيليب الأخلاقية جذور عميقة في الميراث الملكي البلجيكي. فقد اعترفت مؤسسة ياد فاشيم [وهي مؤسسة إسرائيلية لإحياء ذكرى الهولوكوست] بجدته الكبرى الملكة إليزابث واحدة «من الصالحين في الأمم». فخلال الحرب العالمية الثانية، استعملت الملكة موقعها بوصفها الملكة الأم للتدخل بالنيابة عن اليهود الذين يواجهون التهجير. ووفقا لمؤسسة ياد فاشيم فإن «هذه التدخلات من فرد في عائلة ملكية في أوروبا بالنيابة عن اليهود كانت منقطعة المثيل». ومنذ استقلالها في سنة 1830، تمنح بلجيكا اليهود حقوقا مدنية كاملة ـ باستثناء سنوات الاحتلال النازي، وهذه الحقوق، ومنها حرية الدين والتعبير والصحافة، مصانة في الدستور البلجيكي. وفي وقت أقرب، في عام 2022، قام فيليب بزيارته الأولى لجمهورية الكونغو الديمقراطية، وكانت من قبل مستعمرة بلجيكية تأسست على يد سلفه ليوبولد الثاني وتعرضت لاستغلال وحشي. وفي أثناء زيارته للكونغو الديمقراطية، أعرب الملك عن «أسفه العميق» للمعاناة التي تسبب فيها الاستعمار البلجيكي. فقال إن «النظام الاستعماري في ذاته كان قائما على الاستغلال والهيمنة» واتسم بـ«البطريركية والتمييز والعنصرية».

والحق أن إحساسنا بتميز تصريحات الملك فيليب بشأن القانون الدولي ومعاناة غزة ليبين إلى أي مدى بلغ الجبن بقادة أوروبا المنتخبين. فقد قال الملك ما كان يجب أن يقولوه هم منذ شهور.

وبطبيعة الحال، لن تنهي تصريحاته هذه الحرب. لكن يجدر بها أن تذكر أوروبا ـ والعالم ـ بأن الصمت في مواجهة الظلم أمر يتدنى إلى مستوى التواطؤ، وأنه لا يزال بوسع ملك دستوري، في أوقات الجبن السياسي، أن يكون قائدا معنويا.

ديفيد فان ريبروك فيلسوف هولندي مرموق.

عن الجارديان البريطانية

مقالات مشابهة

  • عاجل.. مصادر تنفي لمأرب برس صحة الأخبار حول الإفراج عن الزايدي وتكشف الحقيقة
  • نقيب الفلاحين يشيد بالموسم الزراعي ويكشف حجم القمح المورد للحكومة
  • تعلن محكمة الرجم الابتدائية م/المحويت أن على المدعى عليه/ صدام محمد الشاكري الحضور الى المحكمة
  • مصرع شاب على يد جاره في مشاجرة بسبب خلافات الجيرة بالقليوبية
  • مصرع شاب على يد جاره بسبب خلافات بينهما في شبرا الخيمة
  • مصطفى بكري لـ خليل الحية: مصر لم تقصر في دعم غزة.. وعلى حماس أن تصدر بيانا تقول فيه الحقيقة
  • لماذا يقول ملك بلجيكا الحقيقة ويجبن بقية ساسة أوروبا ؟
  • صدام يلوح في الأفق بين ترامب وستارمر “بسبب غزة”
  • صدام يلوح في الأفق بين ترامب وستارمر "بسبب غزة"
  • زعيم كوريا الشمالية يتعهد بالانتصار في المعركة ضد أمريكا