حيدر بن عبدالرضا اللواتي

haiderdawood@hotmai.com

افتُتِح مُؤخراً بين جمهورية الصين الشعبية وجمهورية إيران الإسلامية خط قطار الشحن الدولي للحاويات، ليُصبح قناة وصل برية جديدة في عملية تعزيز المبادلات التجارية بينهما، ودعماً لمشروع الصين المتعلق بـ"الحزام الواحد الطريق الواحد"، الذي تبنته الصين وأعادت فكرة تحقيقه قبل عدة عقود مضت من خلال الاتفاقيات التي تم توقيعها مع العديد من دول العالم لإعادة إحياء هذا المشروع التجاري الثقافي الإنساني.

وفي مقابل ذلك، رأينا خلال الفترة الماضية قيام بعض الدول الآسيوية كالهند وأمريكا وبعض الدول الخليجية والعربية المتطبِّعة مع دول المحور الأمريكي والاحتلال الصهيوني قامت بطرح مبادرات جديدة للقضاء على المشروع الصيني المتمثل في "الحزام والطريق"، الذي يعود لأكثر من 2000 عام مضت؛ حيث هدف إطلاق المشروع الأمريكي الهندي لتنتقل البضائع عبر الهند إلى بعض دول مجلس التعاون الخليجي، ومن ثم إلى الأردن ومنه إلى أرض غزة الفلسطينية الجريحة الصامدة، ومن بحرها إلى الدول الأوروبية.

ولا شك أنَّ إعادة تشغيل خط قطار الشحن الدولي بين إيران والصين، ومروراً بكل من دولة تركمانستان وكازاخستان يُعِيد إنشاء الممر الشرقي إلى الدول الأوروبية لنقل البضائع الصينية والإيرانية عبر قطارات الحاويات إلى الدول التي ترتبط بعلاقات تجارية فيما بينها. وقد غادر في إطار تلك الرحلة مؤخراً أول قطار عابر صيني إيران متجهًا إلى الصين، وحاملاً للبضائع الإيرانية التي يتم التداول بها في البيع والشراء بواسطة العملات الوطنية لكل دولة، الأمر الذي يساعد على فض الاعتماد والتقليل من التبعية على العملة الخضراء "الدولار الأمريكي" فيما بينهما.

وهذه القطارات بين البلدين وغيرها من الدول التي تمر بها حالياً، وتلك التي ستدخل في المشروع مُستقبلاً كتركيا مثلا، سوف تساعد الاقتصادات المحلية بتوجيه السلع والبضائع إلى الدول الأوروبية أيضا. وهي فرصة لتعزيز التعاون فيما بينها ليشمل التعاون التجاري والصناعي والثقافي أيضا.

ويرى المسؤولون في الصين أن تدشين قطار الحاويات المزدوج بين إيران والصين يكملان بعضهما البعض، مُؤكدين على إنجاح هذه الخطوات، ومشيرين إلى أن تاریخ طريق الحرير بين البلدين يعود إلى نحو 2000 عام، في الوقت الذي شهدت فيه التبادلات الاقتصادية والتجارية بين بكين وطهران نموًّا كبيراً في السنوات الأخيرة، وحققت نتائج قيمة في إطار طريق الحزام - الطريق الواحد.

إنَّ كلَّ من الصين وإيران تعملان وبكل نجاح على تعزيز سياسة التعاون فيما بينها ومع الدول الأخرى للاستمرار في هذه الإنجازات، مع تعزيز الاعتماد على تبادل المزيد من السلع والخدمات في هذا الإطار في ضؤ المقاطعة الاقتصادية المفروضة على إيران من ناحية والصين في أجزاء أخرى من المقاطعة الاقتصادية من ناحية أخرى.

الحفل الذي أُقِيم بمناسبة تدشين قطار الحاويات المزدوج بين إيران والصين وتشغيل المرحلة الأولى من خط السكة الحديدية بين البلدين صوب أوروبا شهده عدد من المسؤولين في البلدين بجانب مسؤولي الدول الآسيوية المجاروة لهما؛ حيث يرى هؤلاء المسؤولين بأن نجاح هذا المشروع يُعزى للجهود الدبلوماسية التي بُذلت في السنوات الماضية في مجال النقل السككي ليصبح اليوم بوابة سريعة وآمنة لنقل البضائع من الصين إلى إيران ومنها إلى الدول المجاورة في القارة الأوروبية.

هذه المرحلة الأولى لمشرع الخط الحديدي ستعمل على اختصار فترة نقل البضائع بشكل كبير مقارنة بالنقل البحري، وسيوفر الأمن والسلامة بشكل مميز لرجال الأعمال وأصحاب البضائع، خاصة في الدول التي يمر بها الخط، في الوقت الذي تتطلع فيها الدولتان على زيادة عدد القطارات من رحلة واحدة أسبوعياً إلى رحلات يومية وزيادة حجم التبادلات عبر هذا الممر البري الدولي مستقبلاً.

إنَّ مشروع الخط الصيني-الإيراني للقطارات يقضي على الخطط التي يرسمها البعض من أجل تعزيز مصالح الصهيونية في المنطقة العربية والسماح لدولة الاحتلال بأن تقضي على الجهود المبذولة منذ أكثر من 75 عامًا للقضاء على الاحتلال الجاثم على الأرض العربية الفلطسينية، واحتلال غزة لتكون في خدمة الأهداف الصهيونية بالمنطقة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

إيران تدخل الحزام الحديدي بقطار مع الصين يكسر العزلة ويختصر الزمن

26 مايو، 2025

بغداد/المسلة: يسلك القطار الجديد بين ايران والصين، مسارًا بريًا يختصر الزمن من 40 يومًا بحرًا إلى 15 يومًا برًا، ما يمنح إيران نافذة استراتيجية على الأسواق الاقليمية دون الحاجة لعبور مضيق هرمز أو قناة السويس، ويعيد الاعتبار لطريق الحرير التاريخي، الذي تنشده بكين ضمن مبادرة “الحزام والطريق”.

ويوثّق هذا الخط السككي ارتباط المصالح الإيرانية الصينية، حيث تبحث طهران عن تنويع منافذها التجارية وسط حصار غربي مشدد، بينما تسعى بكين لتأمين وصول مستقر للنفط الخام الإيراني بعيدًا عن ممرات بحرية محفوفة بالتوتر، خصوصًا في ظل التصعيدات في بحر الصين الجنوبي وخليج عدن.

ويساعد افتتاح هذا الممر في تقويض العقوبات الغربية، إذ يفتح لإيران بوابة لتصدير منتجاتها البتروكيماوية والمعدنية والزراعية نحو آسيا الوسطى والصين دون مراقبة بحرية مباشرة، ما يعزز دور خطوط الشحن البرية في تحدي الهيمنة الأميركية على طرق التجارة العالمية.

ويكثّف هذا المشروع التنسيق بين طهران وبكين وموسكو، خاصة أن الخط يعبر كازاخستان وتركمانستان، أي أنه يمر عبر دول تدور في الفلك الروسي، ما يكرّس تحالفًا أوراسيًا ناشئًا في وجه المعسكر الغربي، ويعزز ما وصفه وزير الخارجية الإيراني مؤخرًا بـ”التحول شرقا”.

ويثير القطار الذي انطلق من مدينة شيان الصينية ارتياحا داخل إيران، باعتباره البداية لخروج حقيقي من العزلة الاقتصادية، خاصة مع ازدياد نفوذ الشركات الصينية داخل البنية التحتية الإيرانية.

ويُعيد هذا الخط رسم خريطة التجارة الإقليمية، إذ لا يتعلق فقط بإيران والصين، بل يشمل آسيا الوسطى برمتها، وسوف يضعف الأهمية النسبية للممرات البحرية التي ظلت لعقود تتحكم في التجارة العالمية.

وترى تحليلات ان المشروع هو بداية التأسيس لسياق أوسع لإعادة تشكيل نظام التجارة العالمي وفق مصالح الدول التي ترفض الهيمنة الامريكية، بعد أن باتت تُنظر إلى واشنطن كقوة متراجعة في بعض مناطق النفوذ، وتُستكمل بذلك خطوات الصين لإقامة شبكات برية منسجمة تربطها بالأسواق الأوروبية والخليجية.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • العراق يؤكد على أهمية الدفاع عن القيم الإنسانية وتحقيق العدالة لضحايا الإرهاب
  • ما هي خطة صنع في الصين 2025 التي أقلقت أميركا؟
  • عُمان وإيران.. الوساطة التي خرجت إلى العلن
  • عربي21 تحاور رئيس الوزراء العراقي.. ماذا قال عن فلسطين والشراكة مع سوريا وإيران؟
  • السوداني لـعربي21: لا مساومة على دعم فلسطين.. وشراكة متوازنة مع سورية وإيران
  • الدول النامية تغرق في ديون الصين.. سداد قياسي في 2025
  • اللامي يؤكد أهمية تفعيل الدبلوماسية في استرداد الأموال المُهرَّبة وتسليم المطلوبين
  • وزير الخارجية الأردني يؤكد أهمية اعتراف مزيد من الدول بدولة فلسطين
  • الدول الإسكندنافية غاضبة بشأن مساعدات غزة ويطالبون إسرائيل بضمان التدفق الفوري
  • إيران تدخل الحزام الحديدي بقطار مع الصين يكسر العزلة ويختصر الزمن