النرجسية ذكاء أم ضعف؟ دراسة حديثة تكشف الفروقات بين الجنسين
تاريخ النشر: 2nd, August 2024 GMT
قصرت بعض الدراسات النفسية التجارب السريرية على الرجال، واستنبط الباحثون سمات بعض الأمراض النفسية من دون فهم الاختلافات بين الجنسين في بناء الشخصية المعتلة.
ظهرت ملامح ذلك جلية في يونيو/حزيران الماضي، بعد كشف بريطاني جديد حققه باحثو جامعة سيتي، وجامعة لندن، وجامعة ساوث هامبتون، أسقط الاعتقاد السائد بأن الرجال أكثر نرجسية من النساء بنسبة 75%.
تعاني الشخصية النرجسية اضطرابا في احترام ذاتها، وعادة ما تكون الشخصية الأقل ثقة في نفسها، لذلك تدافع عن نفسها برسم صورة وهمية عن ذاتها المتضخمة، مرتكزة على 4 ركائز حددتها راماني دورفاسولا، أستاذة علم النفس في جامعة كاليفورنيا، في حوارها مع مجلة جمعية علم النفس الأميركية: الافتقار إلى التعاطف مع مشاعر الآخرين، والتباهي المتعمد، وإبهار الآخرين لنيل إعجابهم، وتوقع تلقي معاملة خاصة لا تستحقها.
تفرض الشخصية النرجسية رؤيتها بالاستغلال والابتزاز والغطرسة وتنشغل بأوهام النجاح والقوة والهيمنة، وتعتقد أن الآخرين يحسدونها مثلما تحسدهم، لكن أدى التمثيل المفرط للذكور في الدراسات البحثية إلى الاعتماد على الأساليب الذكورية للنرجسية في تشخيص اضطراب النرجسية، فهم أكثر ميلا لاستغلال قوتهم البدنية والمالية والمهنية لفرض سلطتهم، تلك القوى التي لا تتوفر لعامة النساء، مع ذلك لا يعني عدم استغلالهن طرائق أخرى لفرض شخصيتهن النرجسية.
أظهر الكشف البريطاني الأخير عن اختلافات عدة بين الجنسين في السمات النرجسية وأثرها على العلاقة الزوجية، فيستند الرجل النرجسي إلى جرأته وقوته الظاهرية، بينما تستند المرأة النرجسية إلى ضعفها وحساسيتها، وفي حين يلجأ الرجل النرجسي إلى العنف الجسدي والمالي، تلجأ المرأة النرجسية إلى العنف النفسي والجنسي.
ضمت الدراسة 176 امرأة و152 رجلا، وقسم الباحثون السمات النرجسية وفق الجنس إلى سمات علنية (ذكورية) وسمات خفية (نسائية)، أو ما اصطلح عليه سابقا بالنرجسية القوية والنرجسية الهشة.
لاحظ الباحثون غلبة السمات النرجسية القوية بين الرجال، في حين تفوقت النساء على الرجال في السمات النرجسية الهشة. وفي حين يتسم النرجسي التقليدي بالفخر والثقة الزائدة بالنفس، يتسم النرجسي الهش بالخجل والقلق الاجتماعي والانطوائية.
أظهر فحص السمات الهشة للشخصية النرجسية اعتماد النساء على التنمر اللفظي والجسدي وطرائق غير مباشرة للتقليل من المحيطين بهن، كما تزداد حساسية النرجسيات إذا تعرضن للانتقاد، ويلجأن للدفاع عن أنفسهن بأسلوب "قلب الطاولة" ولعب دور الضحية وتقديم أنفسهن على أنهن أمهات مضحيات لكسب التعاطف والثقة والتأثير على الآخرين، على عكس النرجسي القوي الذي قد يلجأ للاستهزاء أو العنف الجسدي.
سمات نرجسية استثنائيةفصل تقرير لموقع "كليفلاند كلينك" أساليب الشخصية النرجسية الهشة، فتجد تلك الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي حلا لقلقها الاجتماعي، ورغبتها في أن يحبها الناس من دون إظهار ذاتها الحقيقية، وحشد مجموعة من المعجبين والمتابعين للصورة التي صاغتها عن نفسها.
وتستخدم الشخصية النرجسية القوية حديثها الإيجابي عن نفسها، في حين تستخدم النرجسية الهشة حديثها السلبي عن نفسها وسيلة لكسب تعاطف الآخرين، ولحثهم -بطريقة غير مباشرة- على مجاملتها بعبارات إيجابية تشبع حاجتها إلى المدح المتكرر.
تلجأ الشخصية النرجسية الهشة إلى جذب الانتباه بطرائق مستترة مثل إيثار الآخرين على النفس، ليس بدافع التعاطف، بل إن دافع الشخصية النرجسية الهشة لعمل الخير ينبع من رغبة لجذب الاهتمام والامتنان وتوطيد علاقات مع أشخاص ذوي نفوذ قد يعجبهم حبها الخير.
يستخدم كل من النرجسي القوي والنرجسي الهش الزواج لحماية ذاته المتضخمة، فيختار كلاهما شريكا مثاليا يتمتع بقوة النجاح، أو المال، أو الجمال، أو حب الناس. يستخدم النرجسي القوي زواجه لإرضاء شعوره بالاستحقاق، وسرعان ما ينقلب انبهاره بشريكه إلى محاولة التقليل منه، لكن يستخدم النرجسي الهش زواجه لتعويض شعوره بذاته المتدنية، لذلك يعاني النوع الثاني في علاقاته العاطفية، لشعوره الدائم بأنه لا يستحق الاحترام والاهتمام في علاقته.
كذلك استكشفت دراسة لكلية ليكينغ بنسلفانيا العلاقة المعقدة بين النرجسية والعنف في العلاقات العاطفية الجادة بين طلاب الجامعات. وأشارت النتائج إلى أن شعور النساء النرجسيات باستحقاق غير واع، ودونية واعية، تدفعهن إلى تفسير ملاحظات الآخر بطريقة شخصية، كما يبالغن في وصف الضرر الذي وقع عليهن من الآخر، في مقابل التقليل من قدر إكراههن شركائهن على تلبية رغباتهن، من دون استخدام قوتهن البدنية.
لكن يتشابه الرجال والنساء النرجسيون في سمة واحدة، أثبتتها تجربة لباحثي كلية علم النفس، جامعة وارسو، فكلا الجنسين يبالغ في تقييم معدل ذكائه، عندما قارنه الباحثون بنتيجة اختبار معدل الذكاء.
ذكاء أم ضعف؟لا تظهر النساء النرجسيات سمات الشخصية النرجسية القوية لأنها تشبه إلى حد كبير السمات الذكورية للرجال في المجتمع، فيخشين من الظهور بمظهر غير أنثوي، كذلك يخشين إثارة رد فعل عنيف ضدهن، في حين لا يملكن فيه قوة المال أو السلطة.
ربط الباحثون البريطانيون في دراستهم الأخيرة بين الأمومة القاسية وإنجاب فتيات نرجسيات، يسعين لكسب الحب والاحترام قهرا، مع احتمال عال لتوريث إساءة الطفولة لأبنائهن مستقبلا.
لكن لا تكمن خطورة النرجسية الهشة في صعوبة اكتشاف سماتها وإنجابها أطفالا بائسين وحسب، بل وجد باحثو جامعة نابولي ارتباطا إيجابيا بين النرجسية الهشة والقلق الاجتماعي، والخجل من شكل الجسم، ومشاعر الخزي والعار بين النساء.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الشخصیة النرجسیة عن نفسها فی حین
إقرأ أيضاً:
الإفراط في تناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة.. دراسة تكشف السبب
كشفت دراسة طبية حديثة عن وجود ارتباط واضح بين الإفراط في تناول الملح وارتفاع خطر الإصابة بسرطان المعدة، موضحة أن الأنظمة الغذائية الغنية بالصوديوم قد تُضعف بطانة المعدة وتُسهِم في نمو خلايا سرطانية مع مرور الوقت، وأكد الباحثون أن هذه النتائج تعزز التحذيرات السابقة التي تدعو إلى تقليل الملح في الطعام، نظرًا لتأثيره الواسع ليس فقط على ضغط الدم، بل أيضًا على الجهاز الهضمي وصحة المعدة بشكل خاص.
وأوضحت الدراسة، التي أجريت على أكثر من 300 ألف مشارك، أن الأشخاص الذين يستهلكون كميات كبيرة من الأطعمة المالحة مثل المخللات، والوجبات الجاهزة، واللحوم المصنعة، والوجبات السريعة، وكانوا أكثر عرضة لتطور التهابات في بطانة المعدة، وتؤدي هذه الالتهابات، عند استمرارها، إلى تغيّرات خلوية تُعدّ مقدمة لظهور الأورام السرطانية، وأشار العلماء إلى أن الملح لا يسبب الضرر مباشرة، لكنه يهيئ بيئة مناسبة لتكاثر بكتيريا Helicobacter pylori المعروفة بدورها في الإصابة بقرحة المعدة والسرطان.
وتابعت الدراسة أن زيادة الملح في الطعام تزيد من إفراز الأحماض المعدية، مما يسرّع تآكل الغشاء الواقي لبطانة المعدة ومع الزمن، تصبح جدران المعدة أضعف وأكثر عرضة للتحولات الخلوية غير الطبيعية، وهذا التأثير يصبح أخطر عندما يكون الشخص مدخنًا أو يعتمد على نظام غذائي فقير بالألياف والخضروات، مما يضاعف احتمالات الإصابة.
ورغم خطورة النتائج، شدد الباحثون على أن الحد من تناول الملح يمكن أن يقلل بشكل كبير من فرص الإصابة بسرطان المعدة، وأكدوا ضرورة ألا يتجاوز استهلاك الملح اليومي 5 جرامات فقط، وفقًا لتوصيات منظمة الصحة العالمية، أي ما يعادل ملعقة شاي صغيرة تقريبًا، كما نصحوا باستبدال الأطعمة المالحة بالفواكه والخضروات الطازجة، وتقليل الاعتماد على الوجبات السريعة والمعلبات.
وأشار الأطباء إلى أن تقليل الملح لا يفيد المعدة فقط، بل يحسن صحة الجسم بالكامل، خصوصًا لدى الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم أو مشاكل القلب، كما أوصوا بقراءة الملصقات الغذائية لمعرفة كمية الصوديوم في المنتجات المختلفة، واستخدام بدائل صحية كالأعشاب الطبيعية والتوابل الخفيفة لإضافة النكهة دون اللجوء للملح الزائد.
وتختتم الدراسة بالتحذير من تجاهل الآثار الصامتة للملح، إذ قد يسبب أضرارًا تتطور ببطء دون أعراض واضحة في البداية، وتؤكد أن تبني عادات غذائية صحية وتقليل الصوديوم يمكن أن يكون خطوة أساسية للحماية من سرطان المعدة والعديد من الأمراض المزمنة الأخرى.