عربي21:
2025-05-30@17:35:59 GMT

عاد من الكونغرس برخصة قتل

تاريخ النشر: 2nd, August 2024 GMT

لا يحتاج القاتل إلى ترخيص بالقتل ولكنه قد يحتاج حماية، لذلك ذهب إلى الكونغرس واستصدر رخصة القتل، بل حصل على الغطاء الكافي ليبدأ حربا جديدة أو حربا بلا حدود فضرب حيث شاء. وهو ينتظر اللحظة أمرين أمرّهما عنده حلو، فإما أن يصمت الذين اعتُدي على عواصمهم فيخرج منتصرا، أو أن يردوا على الحرب بمثلها فيفتح حربه التي يظنها تحفظ وجوده في مكانه وتحفظ للكونغرس أو الحامي مصالحه الأبدية في المنطقة.



نحن نتفق معه في أن هذه الحرب حرب وجود لا حرب حدود، والكونغرس يتفق معنا أيضا، لذلك وضع ثقله في المعركة متجاوزا كل السلطات التنفيذية التي موهت موقفها وتظاهرت برفض الحرب حتى بلغ حرجها مداه وشعرت بخطرها على وجودها. لكن حسابات الكونغرس غير حسابات الرؤساء؛ السلطة الحقيقة الضامنة للتمويل الأبدي تسكن هناك وقد آذنت بتوسيع الحرب. هل هي الحرب الشاملة؟ العالم أو جزء منه يمسك أنفاسه، وسنحاول تبين الطريق وننتظر.

هجوم أخير أم حرب شاملة؟
كل سلوكه السياسي والحربي يكشف شخصية تستهين بكل من حوله؛ بدءا من جمهوره وصولا إلى مصالح العالم المتشابكة في المنطقة (مصدر الطاقة الأهم في العالم). من أجل أن يؤجل (أو يلغي) احتمال اندثاره يحمل العالم معه إلى كارثة، فهل يضمن أن ينجو من حرب يمكنه إطلاقها ولا يملك أحد تخيل نهايتها؟
كانت الحرب في غزة تؤذن بهزيمة الكيان وقائده المحارب، فلا عسكره صمد ولا آلياته كفته ولا الدعم المباشر سد الفراغ، وكانت علامة تفكك جبهته الداخلية تقترب من حرب أهلية. كان هذا واضحا لأنصار المقاومة بالحدس، ولكنه كان أوضح وبالأرقام لدى الكيان ولدى داعميه، وهو الأمر الذي جعل المفاوض الفلسطيني في موضع قوة رغم خسائره في الأرواح والبنية التحتية.


كان الخضوع للتفاوض في ذاته علامة هزيمة، وكان قبول بقاء غزة تحت سلطة حماس وقد سقطت كل الحلول؛ أكبر هزيمة للجيش الذي لا يقهر. نظريا كان العدو منقادا إلى نهايته، لذلك نفسر ضرباته في لبنان وفي طهران بمثابة هروب آخر من نهايته. لكن كيف يهرب من حرب ضيقة إلى حرب شاملة؟

كل سلوكه السياسي والحربي يكشف شخصية تستهين بكل من حوله؛ بدءا من جمهوره وصولا إلى مصالح العالم المتشابكة في المنطقة (مصدر الطاقة الأهم في العالم). من أجل أن يؤجل (أو يلغي) احتمال اندثاره يحمل العالم معه إلى كارثة، فهل يضمن أن ينجو من حرب يمكنه إطلاقها ولا يملك أحد تخيل نهايتها؟ نظن بيقين أن الكونغرس قد أعطاه الرخصة لذلك، فالهجوم فيه تحدي محارب مسنود من قوة كبيرة.

من ينقذ العالم من جنون القوة؟

الآن يحبس العالم أنفاسه منتظرا رد الفعل الإيراني من طهران ومن العواصم الدائرة في فلكها. وقد قال الجميع منذ الساعات الأولى إن إيران تتعرض إلى اختبار مصيري، ولا نشك في أن وسطاء كثرا يزحفون الآن إلى إيران راجين عدم الرد، واضعين مصير العالم على طاولة المرشد.

هل تفاوض إيران المنتهَكة السيادة على حل في غزة مقابل امتصاص الإهانة فتقنع أذرعها بالصبر والتريث؟ بأي وجه سيخرج نصر الله في تأبين قائده الأعلى رتبة وأي ردع يبقى بين يديه إذا لم ينفذ تهديدا سابقا (عاصمة مقابل عاصمة)؟
من ينقذ العالم من جنون نتنياهو؟ وهل تكفي الحكمة الإيرانية لتفويت فرص الحرب؟ المعادلة بهذه البساطة، نتنياهو يحارب العالم وإيران تحتاج ردا بحجم الإهانة، والوسطاء وإن لم نرهم لا يقدمون أي ثمن لإيران سوى طلب التعقل أو شرب السم، خاصة أن المعتدي لا يخجل وسيقرأ عدم الرد خوفا من قوته ويلوح بقوة الكونغرس من خلفه.

هل تفاوض إيران المنتهَكة السيادة على حل في غزة مقابل امتصاص الإهانة فتقنع أذرعها بالصبر والتريث؟ بأي وجه سيخرج نصر الله في تأبين قائده الأعلى رتبة وأي ردع يبقى بين يديه إذا لم ينفذ تهديدا سابقا (عاصمة مقابل عاصمة)؟

نحن في مرحلة الترجيحات بلا معلومات، ونرى غرور العدو وعدوانيته، ولذلك نعتقد أنه في مقابل تعقل إيراني سيوغل نتنياهو مسنودا بالكونغرس في إهانة إيران وحلفائها، فهذه الفرصة الذهبية التي ينتظرها. هل يغيب هذا عن إيران وهي تتعقل وتؤجل الرد أو تلغيه؟ لا نقدم درسا لإيران ولا لحلفائها فهم على الجبهة فعلا لا قولا، إنما نذكر أن العالم في مواجهة محارب خسيس وكونغرس أشد خساسة وكلاهما يعيش من القتل ويتمتع به.

هذه حرب ضرورية.. لسنا بأخلاق نتنياهو ولكن إلجام هذا الجنون برد قوي واسع النطاق يضع مصالح العالم في أزمة شاملة صار ضروريا، وما يردنا عن الدعوة لهذا إلا بعدنا الجغرافي المؤقت عن الجبهة المشتعلة.

إن احتفاء الكونغرس بالعدو يكشف (بل يعيد التأكيد) أن لا قيمة لأهل المنطقة في حساباته، فلا أرواح الناس تهمه ولا كرامتهم ولا مستقبله، إنها البلطجة الدولية التي تحتاج ردعا فعالا.

احتفاء الكونغرس بالعدو يكشف (بل يعيد التأكيد) أن لا قيمة لأهل المنطقة في حساباته، فلا أرواح الناس تهمه ولا كرامتهم ولا مستقبله، إنها البلطجة الدولية التي تحتاج ردعا فعالا
نرى فارق القوة العسكرية بوضوح، ولكن نرى نوعية المحارب الغزاوي الذي نجح رغم الفارق، ونرى أن رقعة حرب واسعة تجر الجميع إلى الدفاع عن نفسه. نتوقع الأثمان التي ستُدفع، ولكن نرى خسارات العدو أيضا.

الجميع سيتألم حتى يفهم لمرة أخيرة أن السبب في مآسيه ليس المحارب الغزاوي ولا الإسناد الإيراني، بل بلطجة الكونغرس وأداته في المنطقة. وهناك معطى واضح؛ نجاة نتنياهو بفعلته الأخيرة سيعيد المنطقة إلى ما قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وسيفرغ انتصار غزة من مضمونه التاريخي والاستراتيجي.

هذه الحرب الشاملة مؤجلة وقد ناورت دول المنطقة كل بأسلوبه لاجتنابها، بما في ذلك الذين يحكمون شعوبهم برخصة من الكونغرس ويؤدون طقوس الولاء والطاعة؛ بما في ذلك الغدر بحماس.

نعي جيدا أن تخيل الأمر أسهل من تنفيذه (ويمكن كتابته شعرا ورواية)، ولكن السؤال المعلق منذ سبعين عاما: هل قدم التهرب من هذه المعركة حلا لشعوب المنطقة ودولها؟

إن كسر غرور نتنياهو وحلفائه (وكل الكيان) يمر حتما بتهديد مصالح العالم الاقتصادية، وفي هذه اللحظات من التوجس والترقب تملك إيران إشعال هذه الحرب ودفع اللهيب من حولها حتى إيقاظ العالم من سباته أو شهادة على طريق إسماعيل هنية.

فتح جبهة سيكون مقدمة لفتح جبهات كثيرة، فيخرج كثير من القاعدين من دفء كراسيهم على شوارع مقهورة ولم يقهرها إلا خدم الكونغرس الذين اصطفاهم لخدمته وكان أكبر خدماتهم قهر شعوبهم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الإيراني نتنياهو جبهات إيران غزة نتنياهو حزب الله جبهات مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة سياسة سياسة صحافة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مصالح العالم فی المنطقة من حرب

إقرأ أيضاً:

كيف يعزّز فشل إسرائيل العسكري في غزة من مكاسب حماس الاستراتيجية والدولية؟

قال المحامي والضابط في جيش الاحتلال الإسرائيلي، موريس هيرش، إنّ: "الاحتلال لا يُخفي وأوساطه الأمنية والعسكرية أن استمرار الحرب على غزة طيلة هذه المدة دون القضاء على حماس، يشكّل خيبة أمل كبيرة، رغم  ما يتم تكراره من مزاعم دعائية فارغة".

وعبر مقال، نشره معهد القدس للشؤون الأمنية والخارجية، أوضح هيرش، أنّ: "الحركة تمتلك لاستراتيجية متعددة الطبقات، وصلت أخيرا إلى تشويه سمعة جيش الاحتلال الإسرائيلي على الساحة الدولية، وفي الوقت ذاته الحفاظ على سلطتها في غزة، مع تأمين موارد إعادة الإعمار الدولية".

وتابع المقال الذي ترجمته "عربي21" بالقول: "رغم أهداف الاحتلال المُتمثّلة بتفكيك القدرات العسكرية والحكومية لحماس، فإن الضغوط الدولية أجبرته على السماح لها بمواصلة وظائفها الحكومية، لتوزيع المساعدات الإنسانية، وإبقاء الأسرى في غزة تأمين وجودي لها".

وأبرز: "لن يتم إطلاق سراحهم بالكامل إلا من خلال المفاوضات وحدها، التي أسفرت حتى الآن عن إطلاق سراح أسراها الكبار، وعددهم 2144 مقابل إطلاق سراح بعض الأسرى".

"عندما نفذت حماس هجوم الطوفان كان لها عدة أهداف، تحققت كلها تقريباً، أهمها قتل أكبر عدد من الجنود والمستوطنين، وأسرهم، واستخدامهم أوراق مساومة لضمان إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، ومثّل قتل عشرات آلاف الفلسطينيين في غزة، مناسبة لتشويه سمعة الاحتلال، وإدانته في الساحة الدولية، وإعادة إشعال النقاش العالمي حول الدولة الفلسطينية، واعتراف العالم بها" استرسل المقال ذاته.


وتابع: "في نهاية المطاف، سعت الحركة للبقاء على قيد الحياة بعد الحرب، والحفاظ على مكانتها الحاكمة في المجتمع الفلسطيني، والتمتع بثمار الجهود الدولية الحتمية لإعادة بناء غزة".

وأشار إلى  أنه: "منذ البداية، أدركت حماس أنها لا تستطيع مجاراة القوة العسكرية للاحتلال، وأدركت جيداً أن ردّه سيكون ساحقاً، لكنها عملت على تحويل هذا الردّ العنيف إلى أصل استراتيجي يمكن استخدامه ضده، عبر الاستعانة بحلفائها وأصدقائها حول العالم، أولهم الأمم المتحدة ومؤسساتها في غزة، وبدأت بإصدار قرار تلو الآخر لإدانة الاحتلال..".

وأوضح أنّ: "الحليف الثاني للحركة هو المحور الإيراني لمساعدتها في التصدّي للعدوان الاسرائيلي، حيث انضم حزب الله والحوثيون بسرعة لمهاجمة الاحتلال، وأطلق الحزب أكثر من عشرة آلاف صاروخ وقذيفة وطائرة بدون طيار، ما تسبّب بأضرار واسعة النطاق، وإجلاء أكثر من 140 ألف مستوطن، وجمع الحوثيون بين الهجمات المباشرة على الاحتلال، وتعطيل حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، فيما هاجمت إيران، دولة الاحتلال بمئات الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار".

وأضاف: "الحليف الثالث لحماس هي مجموعات إسلامية، منتشرة في مختلف أنحاء العالم، حيث نجحت الحركة بحشد الدعم الشعبي، وملايين المتظاهرين ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي، ومهاجمته، والضغط على حكوماتهم لفرض عقوبات عليه".

وأكد أنّ: "الحركة شوّهت سمعة الاحتلال، وانضمت إليها هيئات الأمم المتحدة، بما فيها الجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان وسلسلة من: المقررين الخاصين، ومحكمة العدل الدولية، وصولا لإصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب آنذاك، يوآف غالانت، بوصفهم مجرمي حرب".


وأردف: "فرضت العديد من حكومات العالم، بما فيها إدارة الرئيس السابق جو بايدن، وبريطانيا، وكندا، وهولندا، وأستراليا، ودول أخرى، حظراً كاملاً أو جزئياً على تصدير الأسلحة أو المكونات للاستخدام العسكري للاحتلال".

ولفت أنّ: "هدفا آخر من أهداف حماس في طريقه للتحقق من خلال تزايد عدد الدول المعترفة بفلسطين، بلغ عددها تسعة، وهي: أرمينيا، سلوفينيا، أيرلندا، النرويج، إسبانيا، جزر البهاما، ترينيداد، وتوباغو، جامايكا وبربادوس، مع احتمال انضمام فرنسا وبريطانيا لها".

وختم بالقول إنّه: "إذا استمرت الأحداث في مسارها الحالي، فلا شك أن حماس ستنتصر في الحرب، وتحقّق كل أهدافها من الهجوم، وسيكون هذا بمثابة كارثة بالنسبة للاحتلال".

مقالات مشابهة

  • تعرف على موسكو أكبر مدن أوروبا وقلب روسيا النابض
  • بغداد ترد على عقوبات الكونغرس.. لا وصاية أمريكية ولا هيمنة إيرانية
  • المرزوقي : إسرائيل ستختفي إما عبر دولة ثنائية القومية أو حرب تدمر المنطقة بأكملها
  • معلوف لـ «الأسبوع»: ترامب يستخدم سياسة «العصا والجزر» في محادثاته مع إيران
  • نائب إطاري:”إيران غير مهيمنة على العراق” ههههههههههههههههههههههه
  • أخبار العالم | احتجاجات عارمة ضد العدوان على غزة في إسرائيل.. زلزال بقوة 5.5 ريختر يضرب إيران
  • إيران: لا نسعى لامتلاك أسلحة نووية لكن لن نوقف التخصيب
  • الملك يستقبل أعضاء من الكونغرس الأمريكي
  • البريزات يستقبل وفداً من الكونغرس الأمريكي ويبحث سبل التعاون المشترك
  • كيف يعزّز فشل إسرائيل العسكري في غزة من مكاسب حماس الاستراتيجية والدولية؟