واشنطن- بعثت الاغتيالات الإسرائيلية الأخيرة برسائل إلى كل من حزب الله وحركة حماس، وإلى إيران، مفادها أن لإسرائيل يدا طولى قد تصل لبيروت أو طهران، إلا أن ذلك لا يعني في نظر الكثير من خبراء أميركيين تحدثت إليهم الجزيرة نت، استعادة إسرائيل إستراتيجية الردع التي تمتعت بها لعقود سابقة على عملية طوفان الأقصى.

واعتبر الكثير من الخبراء العسكريين أن هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول يعد بمثابة "ضربة في مقتل" لنظرية الردع الإسرائيلية، والتي تستهدف إفشال أي تفكير عربي بإمكانية شن هجمات عسكرية على إسرائيل، عدا عن هزيمتها أو إلحاق خسائر ضخمة بها.

وتصورت إسرائيل أن تسليحها بأحدث ما تمتلكه الترسانة الأميركية والأوروبية، إضافة إلى رادعها النووي، كفيل بتحقيق هذا الهدف، إلا أن نتائج عملية طوفان الأقصى والتي قتل فيها ما يقرب من 1200 إسرائيلي، وأُسر ما يزيد على 250 آخرين، تعد خسائر ضخمة جدا بالمعايير الإسرائيلية، خصوصا عند مقارنتها بنتائج الحروب السابقة ضد الجيوش العربية.

إسرائيل تترقب

وبعد ما يقرب من 10 أشهر على بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تترقب منطقة الشرق الأوسط المزيد من التصعيد، في ظل فشل إسرائيل بفرض نظريتها للردع، رغم الدعم العسكري والاستخباري والسياسي والمالي الأميركي الواسع.

وبحسب الخبراء فإن فشل إسرائيل باستعادة الردع يظهر في ترقب وقوع هجمات من حزب الله قد تطال مدنا رئيسية داخل إسرائيل، وفي ترقب قيام إيران بالرد على اغتيال إسماعيل هنية داخل أراضيها، كما يظهر باستمرار توقف قدرتها على الشحن عبر البحر الأحمر إلى ميناء إيلات، الذي أصبح شبه متوقف عن العمل بسبب هجمات الحوثيين المستمرة.

وفي حديث سابق للجزيرة نت، أشار الخبير العسكري والمفتش السابق عن أسلحة الدمار الشامل في العراق سكوت رايدر، إلى فشل نظرية الردع الإسرائيلية لاعتبار أن "الردع لا يعمل إلا إذا اعتقد الأشخاص الذين تحاول ردعهم أنهم سيعانون من عواقب تفوق بكثير أي فائدة يعتقدون أنهم سيكسبونها".

وقال إن الولايات المتحدة فشلت أيضا في ذلك مع استمرار تعرض قواعدها في سوريا والعراق والأردن لهجمات، كما فشلت إسرائيل في ردع حركة حماس أو حزب الله أو حتى جماعة الحوثيين في اليمن عن شن هجمات ضدها، واعتبر رايدر أن عصر الردع التلقائي في الشرق الأوسط قد انتهى.

واتفق السفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأوسط، والخبير بالمعهد الأطلسي، مع الطرح السابق، وقال ماك للجزيرة نت "إن الاغتيالات الأخيرة لن تعيد الردع لإسرائيل، خاصة مع ترقب رد فعل حزب الله، وضعف إمكانية الانفراج وتحقيق الهدوء على الحدود الإسرائيلية اللبنانية".

وفي حديث للجزيرة نت، اعتبر مدير الأبحاث في مركز ديمقراطية الشرق الأوسط سيث بايندر، أن إسرائيل فشلت باستعادة الردع، وأن سياسة العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني ليست ردعا.

وأضاف "لكن من المهم أيضا التأكيد على أن الردع إستراتيجية فاشلة، وقد ثبت ذلك في 7 أكتوبر، ولا يمكن أن يتحقق السلام والأمن الحقيقيان إلا من خلال دعم حقوق جميع شعوب المنطقة، بما في ذلك حق الفلسطينيين بتقرير المصير".

نجاحات تكتيكية فقط

لم تغير الاغتيالات الأخيرة من خريطة توازن القوى في منطقة الشرق الأوسط، في الوقت الذي تخشى فيه إدارة جو بايدن من انتقام إيران لمقتل إسماعيل هنية وفؤاد شكر بطريقة قد تشعل حربا إقليمية يمكن أن تورط الولايات المتحدة، بينما هي تركز مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية على جهود خفض التصعيد، رغم وعود تحركها عسكريا لدعم إسرائيل حال اندلاع أي مواجهات جديدة.

وتعقيبا على سؤال من الجزيرة نت حول إذا ما كانت الاغتيالات الأخيرة قد مكّنت إسرائيل من استعادة الردع الذي فقدته، رد المسؤول السابق بالبنتاغون والمحاضر بكلية الدفاع الوطني ديفيد دي روش بالنفي.

وقال "لا، هذه العمليات هي نجاحات تكتيكية وستضر بقدرة وكلاء إيران على العمل بكفاءة، لكن التدمير الكامل للبنية التحتية العسكرية لحماس -أي قدرتها على إبراز القوة داخل إسرائيل- سيكون كافيا لاستعادة الردع".

ومن جانبه، قال بهجت جودت، خبير الشؤون الدولية بكلية الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون، في حديث للجزيرة نت، إن إسرائيل لم تستعد الردع، وإن الإجراء الإسرائيلي الأخير المتمثل بالاغتيالات يدعو إلى الانتقام من قبل حزب الله وحماس وإيران، "ومن شبه المؤكد أن إيران ومحور المقاومة سيحاولون الانتقام ومهاجمة إسرائيل في الداخل أو الخارج، ولن تتوقف دائرة العنف".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الشرق الأوسط للجزیرة نت حزب الله

إقرأ أيضاً:

هل تعيد إسرائيل سيناريو مافي مرمرة مع السفينة مادلين؟

قال ناشطون ومحللون -تحدثوا لبرنامج "ما وراء الخبر"- إن إسرائيل سترتكب جريمة حرب وتعتدي على القانون الدولي في حال قامت بالهجوم على السفينة "مادلين" المتجهة إلى غزة لكسر الحصار عن أهلها، وأشاروا إلى أن التاريخ الإسرائيلي في التعامل مع سفن أسطول الحرية يؤكد أنها ستنفذ تهديداتها ضد "مادلين".

وتواصل هذه السفينة التضامنية طريقها نحو القطاع الفلسطيني في محاولة ليس فقط للاقتراب أكثر من معاناة سكانه، وإنما كذلك لإيصال صوتهم إلى عالم يتفرج على ما يقترف بحقهم من مجازر وتجويع وتهجير.

ولم يستبعد الناشط البرازيلي تياغو أفيلا، وهو من ضمن فريق السفينة مادلين، أن يتعرضوا في أي وقت لهجوم إسرائيلي، وقال إنهم يتوقعون أن "تمارس إسرائيل جريمة حرب بأن تهاجم مهمة إنسانية مدنية" واصفا الذين على متن السفينة بأنهم مجموعة من المدنيين من 7 بلدان يحاولون أن يخرقوا الحصار ويفتحوا ممرا إنسانيا.

وذكّر بأن "إسرائيل ارتكبت جرائم متعددة وفرضت حصارا لمدة 18 عاما، بالإضافة إلى خطتها لتنفيذ إبادة جماعية منذ 8 عقود، والآن تفرض حصارا مطبقا، فلا طعام ولا قطرة ماء تدخل إلى غزة، وحتى عملية توزيع المساعدات جعلتها عسكرية".

وأكد أفيلا أنهم حاليا على بعد 140 ميلا من غزة، ولكنهم لايزالون في المياه الدولية، ويودون الانتقال إلى المياه الإقليمية الفلسطينية وليس الإسرائيلية، كما أوضح أن إسرائيل لو قامت باعتراض السفينة فستكون قد خرقت أمر محكمة العدل الدولية وارتكبت جريمة جريمة حرب. وتوقع أن يصلوا إلى المياه الإقليمية الفلسطينية بعد ظهر الاثنين.

إعلان

وعن إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأنه أمر الجيش بمنع وصول السفينة، قال الناشط البرازيلي إنهم يعلمون أن "إسرائيل ترتكب فظاعات ضد الشعب الفلسطيني" وباستطاعتها أن تقتل جميع من على السفينة لو أرادت، مؤكدا أن لديهم إجراءات للطوارئ لحماية أنفسهم.

ومن جانب آخر، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن القوات البحرية أجرت تدريبا قبالة سواحل أسدود على كيفية الاستيلاء على سفينة "مادلين".

وأكد أفيلا أنهم لا يملكون أي ضمانات من أي دولة، رغم أن هدفهم هو تقديم الطعام للأشخاص الذين يجوعون حتى الموت، وأن الحكومات يتعين عليها أن تتصرف قبل فوات الآوان.

وقالت اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة اليوم إن "مادلين" التابعة لها تواجه "تشويشًا إسرائيليًا خطيرًا" في حين أكد طبيب فرنسي على متن السفينة أن مُسيّرة تحلق فوقها منذ ساعات.

شلل عربي

ومن جهته، قالت النائبة في البرلمان السويدي لورينا دلغادو إن إسرائيل قامت تاريخيا بالهجوم على نشطاء مدنيين، وفعلت ذلك مع أي محاولة لكسر الحصار عن الفلسطينيين، وأضافت أن الشعب الفلسطيني يتعرض لإبادة جماعية، وعندما تمنع إسرائيل سفينة "مادلين" من الوصول لغزة فهي ترتكب جريمة.

واعتبرت أن "إسرائيل ليست دولة ديمقراطية لأنها تحتل دولة أخرى، وهي تطبق نظام الفصل العنصري الذي يتناقض مع القيم الديمقراطية" متوقعة أن يستمر النشاط الداعم لفلسطين بالدول الغربية، معربة عن أملها أن تتصرف الحكومات وفقا للقوانين الدولية.

ومن جانبه، قال الباحث بجامعة السوربون الدكتور محمد هنيد إن "مادلين" نجحت معنويا بخروجها من المرافئ الأوروبية والتوجه نحو قطاع غزة، وتوقع أن تعيد إسرائيل نفس سيناريو 2020 عندما هاجمت سفينة "مافي مرمرة" التابعة لأسطول الحرية وتسببت في قتل 9 أشخاص وجرح آخرين.

وقد انتقد هنيد الصمت العربي إزاء ما يحدث في قطاع غزة، وقال إن تحرك المجتمع المدني الغربي يقابله حالة من الشلل العربي سياسيا ومؤسساتيا ومدنيا.

إعلان

مقالات مشابهة

  • ما هو النموذج الليبي الذي تريد إسرائيل تطبيقه مع إيران؟
  • تقرير دولي: الدبلوماسية المصرية تزداد توهجًا ونشاطًا مع تعقُّد أزمات الشرق الأوسط
  • ماذا نعرف عن الجولة الجديدة من المفاوضات النووية التي تأتي مع تحذير إيران لإسرائيل؟
  • زاخاروفا تسخر من زيلينسكي.. يتوسل العالم للحصول على السلاح
  • «السوربون أبوظبي» تستضيف مؤتمر «جمعية محاضري القانون البيئي»
  • مسؤول بصندوق النقد: التوترات التجارية تخلق طبقات جديدة من التعقيد بالشرق الأوسط
  • هل تعيد إسرائيل سيناريو مافي مرمرة مع السفينة مادلين؟
  • وزير الخارجية يبحث مع نظيره التركي تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط
  • الإمارات مركز بارز للتكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط
  • اليمن في مواجهة إسرائيل .. استراتيجية الردع والتحرير