خلاف بين نتنياهو وفريقه المفاوض وعائلات الأسرى غاضبة
تاريخ النشر: 3rd, August 2024 GMT
كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن خلافات كبيرة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وفريقه المفاوض وقادة الأجهزة الأمنية، مشيرة إلى أن نتنياهو غير معني بإبرام صفقة تبادل، في وقت أعلن فيه مكتب نتنياهو أن وفد التفاوض سيتوجه إلى القاهرة في اليومين المقبلين، وقد أثار الكشف غضب عائلات الأسرى الإسرائيليين التي طالبت بإطلاع الجمهور على من يعرقل الصفقة.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر تأكيدها أن فريق المفاوضات قال لنتنياهو إن شروطه بشأن محور نتساريم ستجهض صفقة التبادل. وذكرت أن فريق التفاوض أكد لنتنياهو أن شروطه تخالف عرضا وافقت عليه إسرائيل سابقا.
وفي السياق، نقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن مسؤولين بفريق التفاوض قولهم إن تقديرات قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تشير إلى أن نتنياهو غير معني بإبرام صفقة تبادل، في حين كشفت الصحيفة عن نشوب مشادة كلامية بين نتنياهو وكبار قادة أجهزة الأمن خلال اجتماع ناقش صفقة تبادل الأسرى يوم الأربعاء الماضي.
وقد حضر الاجتماع كل من وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي ورئيس الموساد ديدي برنيع، ورئيس الأمن الداخلي (الشاباك) رونين بار، ومسؤول ملف الأسرى والمفقودين في الجيش، وطالبوا نتنياهو بأن يبدي موقفا واضحا وصريحا بشأن ما إذا كان يريد إتمام الصفقة أم لا، بدلا من أن "يثير جنون العالم"، على حد تعبيرهم.
وأكد المصدر أن الهوة تبدو سحيقة بين نتنياهو وقادة الأجهزة الأمنية، ووصفها بأنها الأكبر على الإطلاق بين أي رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل وقادة أجهزته الأمنية.
تأتي هذه التطورات في حين أعلن مكتب نتنياهو أن وفدا إسرائيليا سيتوجه إلى القاهرة مساء السبت أو الأحد لاستكمال صفقة التبادل مع الفصائل الفلسطينية، التي تشمل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة وإطلاق سراح المحتجزين، دون ذكر مزيد من التفاصيل بهذا الخصوص.
من جانبه قال القيادي في حماس سامي أبو زهري لوكالة رويترز ردا على الإعلان الإسرائيلي "نتنياهو لا يريد وقف الحرب، وهو يستخدم هذه الإعلانات الفارغة للتغطية على جرائمه ومحاولات الإفلات من تداعياتها".
يأتي ذلك في حين لم يصدر عن الوسيطين المصري والقطري أي تعليق بشأن استئناف مفاوضات صفقة تبادل الأسرى، خاصة أن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران فجر الأربعاء، ألقى بظلال سلبية على إمكانية ذلك.
وقال رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إن نهج الاغتيالات السياسية والتصعيد بغزة يدفع لتساؤل عن كيفية إجراء مفاوضات فيها طرف يقتل من يفاوضه.
من جانبها وصفت عائلات الأسرى الإسرائيليين التسريبات عن مساعي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للانسحاب من الصفقة بـ"المخيفة"، مشددة على أنها لن تسمح بإهمال المحتجزين.
وطالبت العائلات فريق التفاوض والقادة الأمنيين بإطلاع الجمهور على من يعرقل الصفقة وذرائعه. كما دعت الإسرائيليين إلى الوقوف كالجدار للدفاع عما أسمته الواجب الوطني لإعادة الأسرى.
وذكرت العائلات أن وزير الدفاع يوآف غالانت أكد سابقا أن تل أبيب أضاعت الفرصة لإبرام صفقة.
وكانت عائلات الأسرى الإسرائيليين بغزة تأمل أن يعلن نتنياهو خلال خطابه بالكونغرس الأميركي في 24 يوليو/ تموز الماضي، موافقته على اتفاق لتبادل أسرى مع حماس، لكنه لم يفعل، مما أثار استياء عائلات الأسرى والمعارضة التي تدعو منذ أشهر إلى رحيل حكومة نتنياهو وإجراء انتخابات مبكرة.
وتتهم المعارضة وعائلات الأسرى نتنياهو بوضع عراقيل أمام مقترح الاتفاق للحيلولة دون انهيار حكومته وفقدان منصبه، إذ يهدد وزراء اليمين المتطرف بالانسحاب منها وإسقاطها إذا قبلت باتفاق ينهي الحرب على غزة.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تشن إسرائيل بدعم أميركي مطلق حربا مدمرة على غزة خلفت زهاء 130 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.
وتواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، ولتحسين الوضع الإنساني المزري بغزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الأجهزة الأمنیة عائلات الأسرى بین نتنیاهو صفقة تبادل
إقرأ أيضاً:
مكالمات الواتساب بين الحرية الفردية والقيود الأمنية والتجارية
في عام 2009م استطاع الأمريكيّ براين أكتون، والأوكرانيّ بان كوم أن يكتشفا برنامجا يسهل عمليّة التّواصل بين البشر، بعيدا عن تكاليف الرّسائل النّصيّة، وبرامج التّواصل المليئة بالإعلانات، وجعلا له اسم «What’s up» إشارة إلى التّرحيب والتّواصل، كما جعلاه ميسّرًا.
وتطوّر من الرّسائل النّصيّة إلى سهولة الاتّصال الصّوتيّ والمرئيّ، ليصبح هذا البرنامج من أكثر البرامج التّواصليّة استخداما على مستوى العالم، وأصبح عابرا للجغرافيا سهل التّعامل لا يكلّف شيئا، ولا يرتبط بالإعلانات المزاحمة والمزعجة أيضا، ولا يحتاج إلى مبالغ لتحميله أو توثيقه. يستخدمه الغنيّ والفقير، الكبير والصّغير على حدّ سواء، كما يحمل شيئا من الخصوصيّة؛ نتيجة التّشفير بين الطّرفين، وسهولة حذف المحادثات، أو توقيتها لتنحذف بذاتها.
هناك من الدّول من منعت هذا البرنامج كليّا، كالصّين وروسيا وكوبا وإيران قبل الحرب الأخيرة، وأنتجت برامج اجتماعيّة تواصليّة لها خصوصيّتها القطريّة. وأسباب منعها تكمن في الجوانب الأمنيّة بشكل أكبر، وساعدها في توفير برامج بديلة الثّقلُ السّكانيّ. كما أنّ بعضها ليست منفتحة بشكل كبير على السّياحة الخارجيّة، ومع هذا نجد في هذه الدّول من يتجاوز هذا المنع عن طريق استخدام كاسر الحجب VPN؛ حيث إنّ الواتساب أصبح عالميّا، ويكاد المتفرّد اليوم في برامج التّواصل الاجتماعيّ من حيث السّهولة مع وجود برامج أخرى كالفيس بوك وأكس والإنستغرام وتك توك والتّلجرام، وبرامج لها خصوصيّات في العلاقات الاجتماعيّة أو التّجاريّة، بيد أنّ الواتساب يحمل خطّا أفقيّا واسعا يجمع عوالم قطريّة مختلفة، وجعل الشّرق والغرب عالما واحدا متقاربا على بعضه.
لهذا اضطّرت بعض الدّول إلى السّماح باستخدامه، ورفع الحجب عنه، كما فعلت إيران بعد الحرب الأخيرة. كما أنّ بعض الدّول لم تستطع إنزال العقوبات المترتبة على استخدام كاسر الحجب VPN؛ حيث إنّ فئة كبيرة من المجتمع تستخدمه، ولا تلتفت إلى قوانين المنع والعقوبات المترتبة عليه.
كما أنّ هذه الدّول لا يمكن لها متابعة الجميع ومحاسبتهم على فتح الكاسر، ورأت أنّ الضّرر الأمنيّ أكبر، فسهلت على فتح هذا البرنامج وما يماثله من برامج، أو فتح بعضها بشكل جزئيّ.
هناك من الدّول من منعته جزئيَّا فيما يتمثّل بحظر المكالمات. ويغلب تعليل هذا لأسباب تجاريّة، كما في الإمارات وعُمان. وفي بعض الدّول يسمحون، ولكن مع بعض التّقييدات المبطئة للاتّصالات، وهذا يؤثّر على المدى البعيد على المجالات التّواصليّة والسّياحيّة. فالعالم ـ كما أسلفت ـ يستخدم هذا البرنامج في التّواصل الدّاخليّ والخارجيّ، وهو يمثّل حقّا من حقوقه الفرديّة؛ لكونه يدفع لشركات الاتّصال مبلغا من المال بشكل شهري، أو لأجل الاشتراك. فلا معنى لحصره في المكالمات أو ما يسمّى بالاتّصال الصّوتيّ عبر شبكة الهاتف، فهذا أقرب إلى الاحتكار واستغلال حاجة المستخدم.
فهناك دول فقيرة، أو مستوى دخلها أضعف بكثير من دول الخليج مثلا، لكن نجد خيارات الاتّصال في برامج التّواصل -ومنها الواتساب- ميسرة بشكل كبير، كما أنّ تكلفة الاشتراك منخفضة، وفيها خيارات متعدّدة، وهذا تجده مثلا في الهند وسيريلانكا وتايلند وغيرها.
وأمّا تأثيره على الجانب السّياحيّ فيعود إلى أنّ العديد من السّائحين يأتون من دول لا يوجد لديها الحجب الكلّيّ أو الجزئيّ للواتساب، فهم يتواصلون مع أهاليهم، أو مع مجموعات المسافرين معها، كما يقضون أعمالهم في بلادهم، ومنهم تجّار وروّاد أعمال يكثرون من الاتّصال؛ فهنا هم أمام خيارين: إمّا أنّ يكتفوا بشريحة هاتف بلدهم إذا كانت تعمل في الحدود الجغرافيّة التي فيها تقييد على اتصالات الواتساب، أو برامج التّواصل الاجتماعيّ عموما، وهذا يضعف من الاشتراك في شركات الاتّصال بالبلد المزار،وإما أن يضطّروا إلى استخدام كاسر الحجب، كما يعطي صورة سلبيّة عن البلد، ومقدار الحريّات الفرديّة المعقولة فيه.
أمّا تأثيره على الجانب الأمنيّ بدعوى التّشفير فهناك برامج عديدة أكثر خصوصيّة، ويصعب متابعتها لحذفها الرّسائل مباشرة، وتتيح التّواصل الفرديّ والجمعيّ بكلّ سهولة وسريّة مطلقة.
كما أنّه يصعب اليوم كسر الحواجب؛ لهذا كثر تحميل الكاسر في الهواتف.
على أنّ غالب الاستخدام للواتساب وغيرها من وسائل التّواصل الاجتماعيّ يكون لأسباب اجتماعيّة وتعارفيّة ومعرفيّة، ولقضاء حوائج تجاريّة أو ماليّة. وهي تسهل على النّاس التّواصل بينهم، وتفتح لهم خيارات أكثر من الاتّصال الصّوتيّ عبر شبكة الهاتف فقط.
وأنا شخصيّا مع الإبداع في إيجاد برامج تعارفيّة محليّة على المستوى القُطريّ، أو على مستويات قطريّة متقاربة تحمل خصوصيّات جغرافيّة معينة، لكن في الوقت ذاته لا يمكن أن نعزل أنفسنا عن العالم؛ فالعالم اليوم يعيش ـ نتيجة الشّبكة العالمية ووسائل التّواصل الاجتماعيّ ـ في قرية متقاربة رقميّا، وإن تباعدت جغرافيّا.
ويشكّل الواتساب اليوم أكثر وسيلة رقميّة جعلت البعيد قريبا منّا، وسهلت التّواصل مع الجميع. فبعدما كان الإنسان يتواصل مع أهل بلده وقريته أصبح يتواصل مع عوالم أوسع وهو جالس في بيته. مستخدم برنامج الواتساب عادة تجده يعيش مع أصدقاء من أقطار مختلفة من العالم حسب مواهبه وميولاته يسامرهم ويسامرونه في اللّحظة ذاتها؛ فلا معنى لحصر الواتساب في الرّسائل المكتوبة، فهو بحاجة أن يتواصل معهم هاتفيّا بكلّ سهولة. وقد يعيش من أبنائنا وإخواننا في الخارج طلبا للعلم، أو كان موظفا في غير بلده، أو سائحًا في أقطار العالم، وهذا أيضا بحاجة أن يراسل عائلته وأصدقاءه في بلده عن طريق هذا البرنامج صوتًا وصورة، وهذه من الحقوق الفرديّة في الفضاء المفتوح للنّاس جميعا.