البنك المركزي والسوداني.. تأثير مصارف سياسيين متنفذين وضغوط دولية تحد من فعاليتهما- عاجل
تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT
بغداد اليوم - بغداد
كشف أستاذ الاقتصاد الدولي نوار السعدي، اليوم الاثنين (5 آب 2024)، عن وجود دوافع سياسية وراء تجاهل البنك المركزي لبعض قرارات رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني.
وقال السعدي، لـ"بغداد اليوم": "يبدو أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يواجه صعوبات كبيرة في إنفاذ توجيهاته على البنك المركزي، وهذه الصعوبات تتجلى في عدة جوانب، منها ان البنك المركزي يعاني من ضغوط خارجية شديدة، خاصة من الفيدرالي الأمريكي الذي يفرض عقوبات ويضع قيودًا على التعاملات المالية، مما يعقد قدرة البنك على تنفيذ سياسات نقدية فعالة".
وبيّن أن "البنك المركزي العراقي يواجه مجموعة من العوائق التي تؤثر بشكل مباشر على قدرته في تنفيذ توجيهات رئيس الوزراء، أولها ضغوط دولية كبيرة تأتي من الفيدرالي الأمريكي الذي يفرض عقوبات على بعض المصارف العراقية ويضع قيودًا صارمة على حركة الدولار، وهذه الضغوط تجعل من الصعب على البنك المركزي اتخاذ خطوات فعالة لإدارة سعر الصرف بشكل مستقل، والثانية ان البنك يعاني من مشكلات هيكلية داخلية مثل الفساد وسوء الإدارة خاصة بما يخص بيع الدولار، وهذه التحديات تجعل من الصعب على الحكومة تحقيق أهدافها الاقتصادية بخصوص استقرار سعر الصرف، وتزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي العراقي بشكل عام".
واكد السعدي أن "هذه المشكلات تجعل من الصعب تطبيق السياسات النقدية بشكل ناجع، حيث تُستخدم الموارد المالية في أغراض غير قانونية أو تُهدر بسبب الفساد، وثالثًا، تأثير بعض المصارف التي تمتلكها جهات ذات نفوذ سياسي وأمني كبير يلعب دورًا في تعقيد الأمور، وهذه المصارف قد تكون مقاومة للتغييرات التي يفرضها البنك المركزي، مما يحد من قدرة البنك على فرض الإجراءات المطلوبة لتحقيق الاستقرار المالي والنقدي".
وتابع أستاذ الاقتصاد الدولي ان "هناك دوافع سياسية وراء تجاهل البنك المركزي لبعض قرارات السوداني، وبالنظر إلى التداخل بين السياسة والاقتصاد في العراق، وهذه الحالة أصبحت متلازمة في النظام العراقي من بعد 2003 ولغاية الان، حيث بوجد تأثير من المصالح السياسية التي تلعب دورًا في تحديد السياسات الاقتصادية".
وختم السعدي قوله ان "تأثير هذه المصالح السياسية قد يؤدي إلى تعارض بين أهداف الحكومة في استقرار سعر الصرف والقرارات التنفيذية للبنك المركزي، وهذا التداخل قد يساهم في تفاقم الأزمات الاقتصادية ويزيد من تعقيد جهود الحكومة في تحقيق الاستقرار المالي، مما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا ويؤثر على نتائج السياسات الاقتصادية التي تتبعها الحكومة".
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: البنک المرکزی
إقرأ أيضاً:
البنك المركزي يرسم ملامح استقرار نقدي صلب وثقة متجددة بالدينار
صراحة نيوز-استعرض محافظ البنك المركزي الأردني، الدكتور عادل الشركس قراءة معمقة لمشهد الاستقرار النقدي في المملكة، مؤكدًا أن ارتفاع الاحتياطيات الأجنبية إلى أكثر من 24.6 مليار دولار لم يكن نتاج ظروف طارئة أو تدفقات مؤقتة، بل حصيلة نهج متكامل في إدارة السياسة النقدية، قائم على الاستباقية والمرونة وحسن توظيف أدوات البنك بما يواكب المتغيرات العالمية ولا يكتفي بردّ الفعل.
وبيّن الشركس أن منظومة الاستقرار النقدي في الأردن أثبتت متانتها وقدرتها على الصمود أمام ضغوط مالية وإقليمية غير مسبوقة، بدءًا من الاضطرابات التي شهدتها الأسواق العالمية خلال السنوات الثلاث الماضية، مرورًا بتقلبات أسعار الفائدة، وصولًا إلى التوترات الجيوسياسية التي ألقت بظلالها على المنطقة.
وأشار إلى أن تعزيز الاحتياطيات الأجنبية من نحو 18 مليار دولار إلى أكثر من 24.6 مليار دولار خلال فترة زمنية وجيزة يعكس قوة القاعدة الاقتصادية الأردنية، ونجاح النظام المالي في توليد فوائض مستدامة من العملات الأجنبية عبر مسارات متعددة، شملت الصادرات الوطنية، وتحويلات العاملين في الخارج، وإيرادات السياحة، والاستثمار الأجنبي المباشر، إضافة إلى التدفقات الطبيعية للقطاع المصرفي.
وشدّد على أن حماية الاستقرار النقدي لم تكن أمرًا مفروضًا بحكم الواقع، بل نتيجة إدارة حصيفة تستند إلى استقلالية مؤسسية راسخة، مكنت البنك المركزي من اتخاذ قراراته بعيدًا عن الضغوط الآنية والاعتبارات قصيرة الأمد، موضحًا أن السياسة النقدية تدار وفق نهج علمي دقيق يراقب التطورات العالمية وتحركات البنوك المركزية الكبرى، واتجاهات أسعار الفائدة والتضخم والسيولة.
وأكد أن استقلالية البنك المركزي ليست مجرد نص قانوني، بل ممارسة يومية تعزز قدرته على حماية الدينار والحفاظ على مستويات قوية من الاحتياطيات والائتمان، معتبرًا أن هذه الاستقلالية شكلت أحد أبرز مصادر قوة الاقتصاد الوطني، وعنصرًا محوريًا في تعزيز ثقة المستثمرين المحليين والأجانب.
وأوضح أن السياسة النقدية الأردنية اعتمدت منذ سنوات طويلة على مبدأ الاستباقية وتحصين السوق المحلية من الصدمات الخارجية، ما أسهم في ترسيخ الثقة بثبات الإطار النقدي، لافتًا إلى أن استقرار الدينار منذ عام 1995 لم يكن شعارًا، بل التزامًا استراتيجيًا بنيت عليه سياسات البنك في إدارة أسعار الفائدة والاحتياطيات وتنظيم العمل المصرفي.
ولفت إلى أن قوة الدينار تمثل ركيزة أساسية لبيئة الأعمال في الأردن، إذ تمنح المستثمرين القدرة على التخطيط طويل الأمد دون مخاطر تقلبات سعر الصرف، كما تعزز تنافسية المملكة في استقطاب رؤوس الأموال، مدعومة بالتصنيف الائتماني الإيجابي، والملاءة المرتفعة للقطاع المصرفي، والأطر الرقابية المتقدمة.
وتحدث الشركس عن التحول النوعي الذي يشهده القطاع المالي الأردني بدعم من بنية تكنولوجية متطورة، مؤكدًا أن منظومة المدفوعات الرقمية باتت جزءًا محوريًا من الدورة الاقتصادية، حيث تجاوزت قيمة تعاملات نظام “إي فواتيركم” 21 مليار دولار سنويًا، فيما تخطت تعاملات “كليك” 17 مليار دولار، إلى جانب التوسع في استخدام البطاقات البنكية والمحافظ الإلكترونية.
وبيّن أن هذه التحولات الرقمية لم تكن مجرد تحديث تقني، بل مشروع اقتصادي شامل أسهم في تسريع حركة الأموال، وتنشيط القطاعات الإنتاجية، وتسهيل العمليات التجارية والخدمية، ما عزز ثقة المؤسسات والمستثمرين بكفاءة البنية المالية الأردنية.
وأشار إلى أن البنك المركزي أولى ملف الأمن السيبراني أهمية قصوى، من خلال بناء منظومة رقابية صارمة لحماية البنية التحتية المالية، موضحًا أن الأردن يعد من الدول الرائدة إقليميًا في هذا المجال عبر توظيف تقنيات متقدمة، وتدريب الكوادر، وإخضاع الأنظمة لاختبارات دورية.
وتطرق إلى تطورات أسعار الفائدة، مؤكدًا أن السياسة النقدية تراعي الارتباط التاريخي بين الدينار والدولار، مع الأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الاقتصادية المحلية من حيث النشاط والسيولة وتوجهات الائتمان، مشددًا على أن أي قرار يهدف أولًا إلى صون الاستقرار النقدي.
وكشف الشركس أن الاقتصاد الأردني ينتقل تدريجيًا من مرحلة التعافي إلى مرحلة النمو الحقيقي، مع توقعات ببلوغ النمو نحو 3 بالمئة عام 2026، وتجاوزه 4 بالمئة بحلول 2028، لافتًا إلى أن الاحتياطيات الأجنبية الحالية تغطي نحو 110 بالمئة من التزامات المملكة وفق معايير صندوق النقد الدولي.
وختم بالتأكيد على أن نمو الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 36 بالمئة خلال النصف الأول من العام، وتراجع معدل الدولرة إلى 17.9 بالمئة بعد أن كان 24 بالمئة، يعكسان تنامي الثقة بالدينار والسياسة النقدية، مشددًا على أن قوة الاقتصاد الأردني باتت تقاس بقدرته على إدارة المخاطر واحتواء الصدمات وتوفير بيئة مستقرة ومحفزة للاستثمار.