ما بين «شيفرة دافينشي» وحفل افتتاح الأولمبياد.. «العشاء الاخير»: الكأس المقدسة وعودة المسيح
تاريخ النشر: 5th, August 2024 GMT
ما بين «شيفرة دافينشي» وحفل افتتاح الأولمبياد.. «العشاء الاخير»: الكأس المقدسة وعودة المسيح
علاء الدين بشير
اعادنى الجدل الذى اشتعل قبل ايام عقب حفل افتتاح اولمبياد باريس والمقال المنشور الذى شرح قصة (العشاء الاخير) اخر وجبة تناولها المسيح مع تلاميذه، الى رواية الكاتب الامريكى دان براون الشيقة جدا والتى تحولت إلى إنتاج سينمائى ضخم وممتع جدا (شيفرة دافينشى) واستندت بصورة أساسية على لوحتى دافينشى (الموناليزا) و(العشاء الاخير) فرغم أن الرواية والفيلم يبدآن كقصة بوليسية تقليدية بجريمة قتل فى متحف اللوفر بباريس ولكنهما يغوصان بك فى عوالم من الأسرار والرموز الدينية الغامضة التى استدعت لها الشرطة الفرنسية استاذا لعلم الرموز الدينية بجامعة هارفارد هو البروفيسور الأمريكى روبرت لانغدون، الذى جسد دوره ببراعة النجم (توم هانكس) ليفك طلاسم الجريمة الغامضة.
فى سردية الرواية والفيلم فإن لوحة (العشاء الاخير) تحتوى على أسرار كثيرة اخفاها أحد رواد عصر النهضة فى اوروبا الرسام الايطالى الشهير ليوناردو دافينشى بضربات فرشاته على الخطوط وألالوان والشخوص الذين ضمتهم اللوحة وهم حواريى المسيح. وهو نهج بحسب النقاد والفنانين التشكيليين دأب عليه دافينشى فى كل اعماله الفنية.. وكان سر اسرار اللوحة هو وجود مريم المجدلية إلى جوار المسيح على جهته اليمنى، ومعلوم للكثيرين من هى مريم المجدلية فى الرواية التاريخية للمسيحية.
لكن المفاجأة أن التفسير الذى جاءت به الرواية والفيلم هو أن المسيح تزوجها سرا فى سياق العطف عليها كمستضعفة ومنبوذة ليرفع مكانتها عند نفسها وأنجب منها طفلا لكنها لم تستطع إقناع المجتمع فى ذلك الوقت بعد قتل وصلب المسيح بأنها كانت زوجة له وأن حملها كان منه فلاحقها الاتباع والمعارضين من أجل قتلها فظلت تهرب فيما انتدب مجموعة من خلصاء المسيح انفسهم من أجل إخفائها وحمايتها وتطور هؤلاء ليصبحوا هم فرسان الهيكل الذين اشتهروا فى التاريخ بانهم حماة السر.
والسر بحسب الرواية هو ما عرف بـ(الكأس المقدسة) فى المسيحية والتى تحتوى (الدم الملكى) والتى فسرها المؤلف بانها الجسد الذى احتوى سلالة المسيح. وأوضح أن ذلك هو السر الذى ظلت تتناقله الأجيال وتحميه فى الجمعيات السرية التى انبثقت عن فرسان الهيكل.
واضافة الى قيم التواضع والمساواة ونصرة المستضعفين تلخص سردية الرواية والفيلم الصراع القديم والمستمر ما بين العلم والدين والذى كان تجدد فى عصر النهضة وما عرف بالصراع مع الكنيسة.
ويقول المؤلف دان براون على لسان العجوز اللورد تيبينغ الثرى والنبيل الانجليزى الذى هام بسر الكأس المقدسة لسنوات ووظف كل ثروته من أجل كشف سرها، إن كشف ذلك السر للعلن من شأنه ضرب الرواية الدينية المقدسة للمسيحية وفكرتها عن الحياة السامية الرفيعة التى ظل يرعاها الفاتيكان والكنيسة العالمية والتى الهمت الناس وجيشت الاتباع عبر القرون ويفتح الباب لانتصار العلم وتصوره للحياة.
بالطبع يتناقض خيال المؤلف الابداعى فى (شيفرة دافينشى) مع الرواية الدينية التاريخية المعروفة فى كل الأديان التى تؤكد ان المسيح كان بتولا مترهبنا لم يتزوج وليس له ذرية وكذلك مع الفهم الجديد للإسلام الذى جاء به الأستاذ محمود ويقوم على أن المسيح القادم محمدى ومن آل البيت النبوى وليس إسرائيليا، كما أن فهم الأستاذ وضع إطارا مرجعيا جديدا وعميقا لفهم العلاقة ما بين العلمين المادى التجريبى والروحى التجريبى وقال إنهما ليسا ضدين.
ويمكن من خلال أدوات الفكرة الجمهورية المعرفية استيعاب وتقعيد كل تلك الأفكار الثورية التى هام بها خيال مؤلف الرواية او داعبت خيال الرسام الشهير ليوناردو دافينشى فى عصر النهضة.
وقد آثار إنتاج هوليود للفيلم قبل نحو عقدين من الزمان جدلا دينيا وسياسيا وفكريا كبيرا جدا أكبر مما اثارته الرواية وأصدرت الكنائس فى اوروبا وامريكا وفى الشرق الاوسط وافريقيا والجمعيات المسيحية والمجامع الفقهية الإسلامية بيانات شاجبة لمحتوى الفيلم ومحاولة تزوير الرواية الدينية السامية للمسيح والمسيحية وأشعل ذلك سجالات فكرية فى كبريات الصحف والمجلات العالمية وأذكر انا ان مجلة نيوز ويك الأمريكية الشهيرة جعلت من قضية الفيلم موضوعا لغلاف أحد اعدادها فى ذلك الوقت وكان محورا رئيسيا واساسيا فى ذلك العدد.
ولا يزال دافينشى واعماله وخاصة لوحة (العشاء الاخير) وما تضمنته من أسرار تلهم كثير من التيارات الاجتماعية وجماعات الرفض والجمعيات السرية فى اوروبا وامريكا وقد تجدد ذلك السجال والجدل الذى اشعله إنتاج الفيلم قبل عقدين فى حفل إفتتاح أولمبياد باريس قبل أيام حيث تضمنت إحدى فقراته الراقصة تجسيدا للوحة (العشاء الاخير) من راقصين يدعون للمثلية الجنسية الأمر الذى أشعل غضبا كبيرا فى أركان العالم المختلفة لا يزال محتدما.
ويقال عن الفنان العبقرى دافينشى صاحب المواهب الكبيرة والمتعددة انه كان يعتنق عقيدة سرية تقوم على مفاهيم ثورية فى المسيحية لم يكن بمقدوره الإفصاح عنها فى ذلك الوقت لأنها تصادم سلطة الكنيسة وتتعارض مع كثير من المفاهيم الراسخة فى اليهودية والمسيحية لذلك عمل على تضمين أعماله الفنية افكاره ومفاهيمه الخاصة تلك والتى اعتبرت اسرارا أضفت الغموض على لوحاته وكتبت لها الخلود وجعلتها تباع فى المزادات العالمية بمئات ملايين الدولارات وتصبح إيقونات لتيارات وتوجهات فكرية إصلاحية راديكالية كما جرى مع لوحة (المسيح مخلص العالم) التى بيعت قبل نحو ست سنوات فى دار مزادات كرستيز بنيويورك بنصف مليار دولار كاغلى لوحة فى العالم وأكدت المخابرات الأمريكية أن مشتريها الخفى هو ولى العهد السعودى، الأمير محمد بن سلمان.
لقد اجمع الكل على عبقرية دافينشى وفى نقاش مع الاخ الفنان والشاعر العوض مصطفى قبل 4 سنوات تقريبا رفعه إلى مصاف أنبياء الحقيقة.
albbabiker@gmail.com
3 أغسطس 2024
الوسومالأستاذ محمود محمد طه العشاء الأخير المسيح الموناليزا توم هانكس شيفرة دافنشي علاء الدين بشيرالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الأستاذ محمود محمد طه العشاء الأخير المسيح الموناليزا توم هانكس العشاء الاخیر فى ذلک ما بین
إقرأ أيضاً:
البابا: الكنيسة تفتح أبوابها لكل من يسعى إلى معرفة المسيح
افتتح قداسة البابا تواضروس الثاني اليوم المؤتمر الدراسي للمعهد العالمي للدراسات اللاهوتية والمسكونية (GETI 2025) التابع لمجلس الكنائس العالمي، وألقى قداسته كلمة في الجلسة الافتتاحية رحب خلالها بالحضور من قيادات المعهد وبالمشاركين في المؤتمر.
كما ألقى محاضرة في أولى جلسات المؤتمر. أعرب في مستهلها عن ترحيبه بوجودهم في رحاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، لافتًا إلى أن الكنيسة القبطية تسعد دومًا بأن تفتح أبوابها لكل من يسعى إلى معرفة المسيح، وأنها تقدّم من قلبها محبةً حقيقيةً لكل إنسان، لأنها تحمل في عمقها تعليم السيد المسيح القائل: "بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي إن كان لكم حب بعضًكم لبعض." (يوحنا ١٣: ٣٥)
كما نوه إلى أن المؤتمر يقام في دير الأنبا بيشوي، حيث عاش الآباء النساك منذ القرن الرابع الميلادي، رافعين أياديهم إلى السماء من أجل العالم كله.
وأضاف: "أصلى أن يكون هذا المؤتمر منبر محبة وسلام، وأن تكونوا أنتم صوت المسيح الحي في هذا الجيل."
وفي محاضرته تناول قداسته "خمسة دروس يمكن أن نتعلمها من مجمع نيقية، وهي:
١- الإيمان لا يقاس بالعمر: معطيًا المثل على ذلك من خلال الشاب أثناسيوس الذي وقف أمام رجال العلم واللاهوت، وأمام أباطرة وأمراء، وتكلم بإيمان عميق وغيرة حارة، ومن يومها، قال الحاضرون عنه:" تكلم ألكسندروس بفم أثناسيوس." وهكذا أصبح هذا الشاب هو صوت الكنيسة كلها، ولسان الإيمان القويم في زمنٍ كثُر فيه الجدل والشك. وبينما كان العالم يرى فيه شابًا صغيرًا، رآه الله ركيزة للإيمان القويم، أعطاه حكمة الشيوخ وشجاعة الأنبياء، فصار وهو في ريعان الشباب صوتًا للحق في وجه العالم كله، حتى لُقِّب بـ "أثناسيوس ضد العالم."
٢- أثناسيوس كان صاحب رؤية ورسالة:
أثناسيوس لم يكن خطيبًا فصيحًا فقط، بل كان لاهوتيًا عميق الفكر، درس الكتاب المقدس، وفهم سرّ التجسد، وكتب عنه في مؤلفه العظيم "تجسد الكلمة" وهو بعدُ في ريعان الشباب، وهو الكتاب الذي صار منارةً لاهوتيةً على مرّ الأجيال، يشرح فيه سرّ حبّ الله المتجسد، لكن إلى جانب علمه، كان إنسانًا روحيًا عاش مع القديس أنطونيوس الكبير اب جميع الرهبان. جمع بين النور العقلي والنور القلبي، فصار فكره مشرقًا، وروحه ملتهبة. وحين وقف أمام مجمع نيقية، لم يواجه الهراطقة بعنفٍ أو انفعال، بل واجههم بالروح وبقوة المنطق وإشراق الفكر، ولولا استنارته اللغوية والفكرية، لاختلط الإيمان وضاع المعنى. وهكذا كان أثناسيوس صاحب رؤية ورسالة، لم يفكّر في خلاص نفسه فقط، بل صار شعلة نورٍ تُنير للآخرين الطريق. كتب كتبًا ورسائل كثيرة، ولم تكن حبرًا على ورق، بل نارًا في قلوب المؤمنين.
٣- أهمية روح الخدمة والتكريس:
أثناسيوس الشاب، لم يجلس في الصفوف الأولى، بل خدم في صمتٍ كشمّاسٍ مرافق لأستاذه البابا القبطي ألكسندروس، فاتضح أن تواضعه هو الذي رفعه، وأن صمته هو الذي نطق بالإيمان، وقف بوجهٍ مملوءٍ هدوءًا وسلامًا، ليشهد أن المعرفة بلا محبة تُنفخ، أما المحبة فتبني.
٤- قوة التلمذة الروحية:
من بين الدروس المهمة التي نتعلّمها من مجمع نيقية، يسطع أمامنا درس التلمذة.
ذلك المجمع العظيم لم يُظهر فقط صلابة الإيمان وعمق الفكر، بل كشف أيضًا عن قيمة التلمذة الصادقة، التي بها تنتقل نعمة الله من جيلٍ إلى جيل، ومن قلب الأب إلى قلب الابن، كما تنتقل الشعلة من مصباحٍ إلى آخر. فلقد دخل أثناسيوس إلى مجمع نيقية لا كصاحب رأيٍ أو مكانة، بل كـ تلميذٍ أمينٍ للبابا القبطي ألكسندروس. كان لا يزال شابًا، لكنّه يحمل في قلبه روح الطاعة، يستمع، ويكتب، ويخدم في صمتٍ عميق. ومن هذه الطاعة خرجت القوة، ومن هذا الصمت خرج النور الذي أنار المسكونة.
٥- احتمال الضيقات بشكر فالعالم ليس ورديًّا: حين وقف البابا ألكسندروس في زمنٍ مضطرب، انقسمت فيه العقول، وتكلم آريوس، لم يكن الصراع مجرد فكرٍ ولاهوت، بل كان صراعًا على قلب الكنيسة نفسها، على الإيمان الذي سُلِّم مرة للقديسين، وقف البابا القبطي ألكسندروس، لا بسيفٍ في يده، بل بسلامٍ في قلبه وكلمة حقٍ على شفتيه، يحتمل الهجوم، ويصبر على الافتراء، لقد حمل هذا الأب العظيم همَّ الدفاع عن الإيمان المستقيم ، ومعه تلميذه الشماس أثناسيوس، وتكلما لا بدفاعٍ عن فكرة، بل بشهادةٍ عن حياةٍ عايشاها في الإيمان.
لقد احتمل أثناسيوس من أجل الإيمان ما لم يحتمله كثيرون، فقد نُفي خمس مرات، وتنقل بين البراري والبلدان، مطاردًا من ملوكٍ وأباطرةٍ وجيوشٍ، لكنه لم يُبدّل موقفه، ولم يُساوم على إيمانه، بل بقي صامدًا، ثابتًا كمن يرى ما لا يُرى.
كان يمكنه أن يشكو، أو يصمت خوفًا، لكنه كان يرى في كل نفيٍ دعوة جديدةٍ للصلاة، وفي كل ألمٍ فرصةً للشركة مع المسيح المتألم، وفي كل حرمانٍ مجدًا خفيًّا يُختبَر بالإيمان.
وتستضيف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ولأول مرة خلال الشهر الجاري أعمال المؤتمر السادس لمجلس الكنائس العالمي، وذلك بمركز لوجوس بالمقر البابوي بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون.
ومن المنتظر أن يشارك في المؤتمر ممثلو الكنائس المسيحية في العالم.