أبوظبي للتراث تواصل استقبال طلبات المشاركة في «أمير الشعراء»
تاريخ النشر: 6th, August 2024 GMT
أعلنت هيئة أبوظبي للتراث عن استمرار إقبال الشعراء بشكل كبير على التسجيل من أجل الترشح للمنافسة في الموسم الـحادي عشر من برنامج «أمير الشعراء» عبر الموقع الرسمي للبرنامج «princeofpoets.ae».
وأوضحت الهيئة أنه سيتم الاستمرار في قبول الطلبات حتى 15 أغسطس الجاري، ليتم بعدها فرز طلبات الترشيح وتقييم القصائد من قبل لجنة التحكيم، تمهيدا لمرحلة مقابلة الشعراء لاختيار 20 متأهلا إلى الحلقات المباشرة في مسرح شاطئ الراحة بأبوظبي للتنافس على لقب «أمير الشعراء».
وكانت المسابقة شهدت في موسمها الماضي فوز أول شاعرة باللقب في تاريخ مواسمها التي سيطر الشعراء الرجال عليها خلال السنوات الماضية.
ويلقي برنامج أمير الشعراء الضوء على دور إمارة أبوظبي في توطيد التفاعل والتواصل الشعري بين الشعوب والثقافات، وتعزيز الحراك الثقافي العربي، باعتبارها منبرا يجمع أبناء لغة الضاد.
أخبار ذات صلةكما يدعم البرنامج جهود النهوض بالشعر الفصيح واللغة العربية، وإبراز الانتماء إلى الثقافة العربية وإحياء تراثها الشعري عن طريق اكتشاف المواهب الشعرية الجديدة ودعمها.
وكشفت هيئة أبوظبي للتراث أنه يمكن للراغبين في المشاركة ببرنامج «أمير الشعراء» الاطلاع على شروط التسجيل المفصلة عبر الموقع الإلكتروني لكل برنامج، موضحة أن أبرز شروط التسجيل تتمثل في أن لا يقل عمر المتقدم عن 18 عاما ولا يزيد على 45 عاما، وأن يرسل قصيدة عمودية لا تزيد أبياتها على 20 بيتا ولا تقل عن 8 أبيات، أو قصيدة تفعيلة لا يزيد عدد مقاطعها على مقطعين، دون أن يتجاوز عدد سطور كل مقطع 15 سطرا ولا يقل عن 10 سطور.
وأشادت الهيئة بإقبال الشعراء على التسجيل للمشاركة في البرنامج، حيث يشهد الموقع الرسمي حركة تسجيل مستمرة منذ فتح باب التسجيل منتصف يوليو الماضي.
ويحصل الفائز بالمركز الأول في البرنامج على لقب «أمير الشعراء»، وبردة الشعر، والخاتم الذي يرمز إلى لقب الإمارة، وجائزة نقدية قيمتها مليون درهم، ويحصل الفائز بالمركز الثاني على جائزة 500 ألف درهم، والفائز بالمركز الثالث على جائزة 300 ألف درهم، والفائز بالمركز الرابع على جائزة 200 ألف درهم، والفائز بالمركز الخامس على جائزة 100 ألف درهم.
المصدر: وامالمصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: هيئة أبوظبي للتراث أمیر الشعراء على جائزة ألف درهم
إقرأ أيضاً:
من بغداد إلى القاهرة.. دروس الروح الأدبية في منافسات الشعراء
كان بين شاعري العراق الكبيرين جميل صدقي الزهاوي ومعروف الرصافي خلاف كبير وخصومة شديدة، ويردّ بعض الرواة هذا الخلاف إلى اعتداد الزهاوي بشعره وتعاليه على شعراء العراق الآخرين، وليس أدلّ على ذلك من قول الزهاوي في حضور الرصافي:
وللشعر في بغداد روحٌ جديدةٌ
وللشعر أعباءٌ أقومُ بها وحدي
وفي منتصف العشرينيات من القرن الماضي، يحدث أن يأتي لزيارة بغداد، وللإقامة فيها فترة من الوقت، المجاهد العربي التونسي عبد العزيز الثعالبي، وما إن يحطّ في الفندق الملكي حتى يتوافد للترحيب به معظم أدباء العراق.
أخذ أدباء العراق يعدّون العدّة لإقامة حفل تكريم للشيخ الثعالبي، وكان لا بد من مشاركة شعراء العراق الكبار في ذلك الحفل.
ويروي الأستاذ عبد الرزاق الهلالي قصة طريفة مرتبطة بحفل التكريم، وبطلاها الشاعران الكبيران الرصافي والزهاوي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الأكاديمي العراقي عبد الصاحب مهدي: ترجمة الشعر إبداع يهزم الآلةlist 2 of 2قصص "جبل الجليد" تناقش الهوية والاغتراب في مواجهة الخساراتend of listومختصر القصة أن اللجنة التي قامت على وضع برنامج الحفل ذهبت إلى الرصافي وطلبت منه أن يُسهم في تكريم الزائر المجاهد بقصيدة من عنده، فوافق، ولكنه سأل أعضاء اللجنة: هل فاتحتم الزهاوي بهذا الموضوع؟ فقالوا: لا، ولكننا سوف نفاتحه.
وهنا يقول الرصافي بروحٍ أدبية عالية:
سيسألكم الزهاوي إن كنتم فاتحتموني في الأمر أم لا، وإذا عرف أنكم قد فاتحتموني بالموضوع، فإنه سوف يردّ طلبكم ويعتذر عن المشاركة في تكريم الثعالبي… ولهذا أقول لكم: قولوا إنكم لم تفاتحوني… بل اكتفوا به وحده… وعند ذلك سيفرح وسيلبّي طلبكم.
وهنا يقول أحد الأعضاء القائمين على الحفل مستغربا: ولكن ماذا سنكتب في برنامج الحفل؟ هل نشطب اسمك يا أستاذ؟
فيُجيب الرصافي بروحٍ أدبية عالية، وبتواضع جمّ يحتوي على إنكار الذات من أجل المصلحة العامة: ليكن برنامج الحفل خاليا من اسمي.
وبعد أن يُلقي الزهاوي قصيدته، يُعلن عريف الحفل عن مشاركتي بهذه المناسبة.
إعلانويؤكّد الأستاذ عبد الرزاق الهلالي حدوث ذلك يوم الاحتفال، حيث ظل اسم الرصافي غير وارد في البرنامج، وما إن ألقى الزهاوي قصيدته قائلا:
وقفتُ وحيدًا بالعزيز أرحِّبُ
فأنشدُ للتكريم شعرًا فأطرِبُ
حتى وقف عريف الحفل قائلًا بلهجة كان قد اتُّفِق عليها:
والآن يتقدّم الشاعر معروف الرصافي الذي أبى إلا أن يشارك في تكريم الثعالبي، فيُلقي قصيدة بهذه المناسبة.
وهنا وقف معروف الرصافي منشدا:
أتونسُ إنّ في بغداد قومًا
ترفُّ قلوبهم لك بالودادِ
وما إن بدأ الرصافي بإلقاء قصيدته حتى نهض الزهاوي عن كرسيه منزعجا، وخرج غاضبا غضبا شديدا!
نبل الأدب الشعريوقفتُ طويلا عند هذه القصة الطريفة التي تدل بوضوح على تسامح الرصافي وإيثاره وتواضعه، فيوافق على شطب اسمه من برنامج الحفل، بل على عدم كتابة اسمه أصلا، وذلك لغايتين نبيلتين في نفسه: أولاهما إنجاح حفل التكريم للمجاهد الكبير الذي يحلّ ضيفا على بغداد، وثانيتهما حرصه على مشاركة زميله الزهاوي رغم ما بينهما من جفوة وخصومة، حتى لو أدى هذا الحرص إلى عدم ذكر اسم الرصافي في منهج الاحتفال.
استوقفني هذا الموقف الرائع من الرصافي لأقول في نفسي:
ليت أدباءنا وشعراءنا على طول العالم العربي وعرضه يأخذون درسا من معروف الرصافي، فيتخلّون عن حساسيتهم المفرطة، وتدابرهم العجيب، ومنازعاتهم الشللية، والأيديولوجية الضيقة الأفق.
ليتهم يأخذون درسًا ليجربوا التحلّي بالإيمان، بالتواضع وإنكار الذات في سبيل إثراء الحركة الأدبية والإعلاء من شأنها، فيتنافسون بروح أدبية عالية على رفدها بشتى الأصوات والتجارب والإبداعات، وبخاصة على صعيد الشعر، إذ لا داعي إلى التزاحم على إمارة شعر وهمية، لا وجود لها الآن إلا في خيال شاعر مُصاب بالاستعلاء النرجسي، بعد أن انقطعت بين طموحه وغروره تلك الشعرة الدقيقة المُسمّاة بشعرة معاوية!
ما أحوجنا إلى أن نأخذ الدرس من موقف شاعرنا الرصافي، تاركين الزهاوي يخرج من صدور بعض الشعراء المعاصرين منزعجا وغاضبا.
أما الذين يُصرّون -وهم مُغرمون بالنجومية- على الاعتداد المتزايد، والادعاء الذاتي بحمل أعباء الشعر العربي، متمثّلين بقول الزهاوي:
وللشعر أعباءٌ أقومُ بها وحدي
فهؤلاء نقول لهم: لا تُبالغوا في تلميع أسمائكم تلميعا دعائيا.. فالذهب لا يُلغي دور المعادن الأخرى وأهميتها، ثم لا تنسوا المثل القائل: "ليس كل ما يلمع ذهبا".
نخلص من هذه الواقعة الثقافية إلى ضرورة تواضع الشعراء، وضرورة احترام الشاعر لمكان زميله ومكانته، فلا أحد منهما يُلغي تجربة الآخر، فلكلّ شاعر تجربته وشهرته وجمهوره.
قد تتولّد الغيرة لدى شاعر من شاعر آخر لما يلقى من حفاوة واهتمام، ولكن هذه الغيرة لا تصل إلى المعاداة أو مقاطعة الواحد منهما للآخر.
وهذا يُذكّرنا بموقف شاعر النيل حافظ إبراهيم من مبايعة الشعراء لزميله أحمد شوقي على إمارة الشعر العربي، لينال لقب "أمير الشعراء"، حيث في البداية تخلّف حافظ إبراهيم عن الحضور، معتقدًا أنه أحقّ باللقب من شوقي، فهو شاعر الشعب، وشوقي -في نظره- شاعر القصر.
إعلانولكن حافظ إبراهيم، حين شعر بإجماع الشعراء المجتمعين في القاهرة على مبايعة شوقي، راجع نفسه، وتذكّر المودة التي تجمعه بزميله أحمد شوقي، فسارع إلى الذهاب ليشارك في المبايعة، ويلقي قصيدة صادقة ورائعة، يُعلن قبلها عن المبايعة، قال فيها مخاطبا شوقي:
أميرَ القوافي قد أتيتُ مبايعًا
وهي وفودُ الشوقِ قد بايعتْ معي
رغم التنافس الخفي أو الظاهر بين الشاعرين شوقي وحافظ على صعيد الوصول إلى القصيدة الأقوى والأجمل، لم يكن هذا التنافس يؤدي إلى استعلاء أحدهما على الآخر كما حدث بين الرصافي والزهاوي، بل إن الود بينهما كان يقود إلى الممازحات الشعرية التي تأتي ثقيلة في بعض الأحيان، من دون أن تؤدي إلى خصومة، كما كان يحدث بين جرير والفرزدق في معارضاتهما الهجائية في العصر الأموي.
فهذا حافظ إبراهيم يهجو أحمد شوقي ممازحا:
يقولونَ إن الشوقَ نارٌ ولوعةٌ
فما بالُ شوقي أصبحَ اليومَ باردًا
فيردّ عليه أحمد شوقي هاجيا ومداعبا:
وحمَّلتُ إنسانًا وكلبًا أمانةً
فضيَّعها الإنسانُ والكلبُ حافظُ
ومع هذا، فإن أحمد شوقي لا يتردّد في رثاء زميله حافظ إبراهيم عند رحيله، بقصيدة مطلعها:
قد كنتُ أُؤثِرُ أن تقولَ رثائي
يا مُنصفَ الموتى من الأحياءِ