صحيفة التغيير السودانية:
2025-05-11@14:02:41 GMT

ذكرى وأطماع!!

تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT

ذكرى وأطماع!!

طيف أول:

والرغبة تصب في نهاية الحرب

في وقت يهطل فيه مطر الزوال

والحلم يملأ الأمكنة بالنور

وينبت الشعور الذي لا يموت

قد يسقط ألف حاكم، ولكن لن يسقط وطن سيما أنه لم يعرف الانحناء..

وسبعون عاما تمر على تأسيس قوات الشعب المسلحة بعظمتها وجبروتها وسيرتها المشرفة وضباطها الأوفياء سيرة عطرة خلدها التاريخ في مؤسسة عسكرية تصّدر جيشها قائمة أفضل الجيوش إفريقيا، ووقفت شامخة عندما قال قائدها (أرضا ظرف) وقتما سلمت حكومة الكويت حوافز للضباط السودانيين.

حتى جاءت الإنقاذ، ونخرت عظمها واعتلى قيادتها الفريق عبد الفتاح البرهان أسوأ الجنرالات الذين كتبوا اسمهم من دم الشعب السوداني.

ووقف على منصة الذكرى بالأمس بخطاب مرتبك متناقض سيطرت على كلماته المعلبة صبغة سياسية واضحة، وتلاشت فيه مظاهر الهيبة، وكشفت تفاصيله أنه لا يمثل لا الجيش ولا الشعب السوداني، ولكنه يجسد صورة حاكم أغراه بريق السلطة للحد الذي جعله بنية استمراره في الحرب يسيء، لشعبه ولقواته في آن واحد.

ويلقي القائد كلمة مكررة ضعيفة أظهرته وكأنه مقيد تنقصه الحرية، مارس فيها الشكوى كما فعل ذلك في أول يوم حرب حدث الناس فيها عن الغدر الذي مارسته قوات الدعم السريع وقائدها محمد حمدان دقلو، ولكنه عجز عن كشف ملامح الحل الذي يخرج الناس من ظلمات هذا الغدر فالمواطن لا ينقصه أن يعيد له البرهان “حدوته” ما فعله الدعم السريع به، ولكن تنقصه كلمة وقرار يخرجه من هذا الجحيم.

وظهر البرهان وكأنه يتوارى من جيشه، ومن فلوله ولم يخاطب جنوده وضباطه في قلعة عسكرية، واكتفى بخطاب أكد فيه ملامح المرحلة البائسة التي أوصل بها الجيش والشعب إلى هذا الدرك السحيق

سبعون عاما كان ينتظر الشعب فيها أن يحتفل مع جيشه في قلب الخرطوم، ويرتدي الأطفال الزي العسكري ليعبروا فيه عن فرحتهم بالانتصار والعودة إلى الديار، ولكن استحى البرهان أن يواجه قواته، ويخرج إلى الملأ ليقول كلمته.

فالمؤسسة العسكرية تظل واقفة شامخة، ولكن يظل البرهان هو العود الذي أعوج فانحنى معه ظله.

ليخسر، كل شي من حوله أنصاره ومعارضيه، ليس بسبب خذلانه المتكرر للمؤسسة العسكرية أو للشعب السوداني، ولكن لأنه أصبح القائد الذي لا قيمة لحديثه ولا طعم.

ولأن اللسان كلمة وقرار، لذلك لم يعد أحد مهتما بما يقوله سيما أن الجميع ينتظره لأكثر من عام ليفعل شي من أجل الوطن والمواطن فلا حقق نصرا، ولا استجاب للسلام.

ولكنه ظل أسيراً في مربع الهلامية التي يعيش فيها طوال فترة حكمه يظن أنها المنطقة الآمنة التي تقيه شر الفتن التي يتحدث عنها، ويقول أنها تحيق بالسودان، ولو أراد البرهان أن يقطع الطريق أمام الطامعين في البلاد كما يقول.

لخرج معلنا موافقته التامة للسلام دون نقصان، ووافق على خيار التفاوض، ولكنه يريد أن تكون البلاد قبلة لأطماع الطامعين الذين ما كانوا ليظهروا أطماعهم إلا عندما أظهر الحكام ضعفهم، ولو أن قول الحقيقة يشفع فالبرهان هو أكثر الطامعين في البلاد!!

والقادة الأقوياء في العالم كله الذين أجبرتهم الخيارات، ذهبوا إلى الموت، ومنحوا شعبهم الكرامة، إلا الجنرال السوداني منح شعبه الموت، وطفق يبحث عن الكرامة التي لن يحصل عليها، وهو يجدد إصراره على حرب خلفت ملايين النازحين وآلاف اللاجئين الذين يصارعون الجوع في دور الإيواء، حتى إن البرهان لم يذكرهم في كلمته، ولم يوجه لهم أي رسالة؛ لأنه لا يعرف عن معاناتهم شي

ولكن هل ما عادت كلمة البرهان وخطاباته ساحرة لافتة لها آذان صاغية!! فالرجل بعد أن كانت تلاحقه دعوات النصر أصبحت تطارده لعنات الشعب بعد أن أدرك الناس أنه ما زال يقتل فيهم الأمل يوميا فرجل استباح دماء شعبه في حرب لم يحقق فيها ربحا، لن يهمه إن ماتت بداخل المواطن الف أمنية، وانتحر بداخله الف حلم وعشم.

فكم من المواطنين الذين يقتلهم البرهان معنويا يوميا، دون أن تحصي عددهم الأمم المتحدة، وليتها كانت هناك منظمات تحصي ضحايا القتل المعنوي!!

وقائد يرهن التفاوض بالالتزام ببنود اتفاق جدة الاتفاق الذي لم يلتزم به لا الدعم السريع ولا الجيش فكلاهما خرقه، ومارس انتهاكات واضحة لبنوده، فإن كان البرهان يريد تنفيذ الاتفاقيات لسلامة شعبه لذهب إلى التفاوض.

لأنه يعلم الحقيقة أن الحرب لن تجعل الدعم السريع يلتزم بالاتفاقيات باعتباره قوة فوضوية متمردة، ولكنها قابضة فلطالما أن السلاح لن يؤديها وينزع قوتها، فإن التفاوض هو الحل للسيطرة عليها.

ولكن البرهان لا يريد السلام وحده. يريد السلطة معه!!

وتتزامن أعياد الجيش مع انطلاق مباحثات جنيف، والتي من المتوقع أن تأتي بقدرات ستقع كالصاعقة على رؤوس فلول النظام البائد، فكل الفاعلين في ملعبها أكدوا أنهم سيحررون هدفا في مرمى السلام.

لذلك أن خطاب البرهان لا ينظر إليه العالم سوى أنه قرص تخدير للمهوسين في الميدان الذين كلما جاءت الأخبار تحكي عن التفاوض مارسوا أبشع ما عندهم على الأرض انتقاما من المواطن، وشهدت أمس الميادين معارك جنونية متفلتة في عدد من المدن استهدفت المواطنين الأبرياء.

ولكن مهما بلغت الحاجة إلى مزيد من الدماء فإن القادم سلام لا يفصلنا عنه سوى قرار.

طيف أخير

الممرات الآمنة لهروب فلول النظام البائد عبر بورتسودان هي التي سيفتحها الجنرال قريبا

فما زالت الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت إن لم تكن الساعات.

الوسومصباح محمد الحسن

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: صباح محمد الحسن الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

الحركة الإسلامية تدفع الدولة السودانية للفناء

 

الحركة الإسلامية تدفع الدولة السودانية للفناء
صلاح شعيب

للأسف ما تزال المواجهة العسكرية في البلاد تسير من تصعيد كبير إلى تصعيد أكبر. والمردود لكل هذا المزيد مما يلوح في الأفق من شبح انهيار الدولة ما لم يحدث اختراق إن لم تكن معجزة. فالاستقطابان المدني والعسكري العميقان اللذين مزقا وحدة الشعب السوداني بعد الحرب أفشل أي مسعى في السابق لإحداث التسوية بين طرفي القتال.
حتى الآن ما تزال حكومة بورتسودان – بضغط من قادة الحركة الإسلامية – تتعنت للتسوية في مقابل إبداء الدعم السريع الموافقة دوماً للعودة إلى طاولة المفاوضات. وبالمقابل ليس لدى القوى المدنية المركزية الآن ما تقدمه لإطفاء النيران غير المزيد من الافتراق، وقلة الحيلة، وضعف التأثير. وعلى صعيد المجتمعين الإقليمي، والدولي، لا نعثر البتة على جدية لحمل المتقاتلين على وقف إطلاق النار.
ووسط هذه التحديات تشتعل الميديا بخطاب التخوين، والعمالة، والكراهية، والبذاءة، كآخر سقوف للتعاطي مع الأزمة. وبالتزامن تراجعت فاعلية كبار السياسيين، والمثقفين، ورجالات المجتمع الحكماء، والذين فضلوا الانزواء في ظل تفاقم مناخ الابتزاز، والمزايدة.
إن المسؤول الأول عن كل هذه الحرب هو رأس الدولة، والإسلاميون من خلفه. فالحكمة السياسية للبرهان غابت منذ بدايات مسؤوليته الرئاسية الشرفية، وسعى بالتعاون مع المكون العسكري للوقوف ضد المكون المدني لفض الاعتصام الذي شاركت فيه فيالق إسلاموية داعشية من خلف المشهد. ولكن ثوار ديسمبر أجبروا البرهان وحميدتي على الرضوخ لمطالبهم حتى تمخضت الوثيقة الدستورية. ولكن المكون العسكري لم يتعظ. فعرقل الحكومة الانتقالية، وفضل التعاون السري مع قيادات الحركة الإسلامية. ولما حانت ساعة الصفر فرض البرهان وحميدتي الانقلاب الذي أفشله نضال ثوار ديسمبر.
مرة ثانية لاحت فرصة لإنقاذ الوضع بالاتفاق الإطاري، ولكن البرهان خدع القوى السياسية في الوقت الذي كان يدبر مع الإسلاميين للتخلص من الدعم السريع الذي أبدى موافقته لدعم الاتفاق الإطاري. وهكذا خلص التآمر ضد الحل التفاوضي إلى الحرب للتخلص من قوة الدعم السريع كخطوة أولى لإنهاء كل ما يتصل بثورة ديسمبر، ومؤسساتها، وخطابها، وأحزابها، ورموزها.
الآن..حصد البرهان، والإسلاميون، ثمار مشروعهم الحربي الذي أدّى إلى الكوارث الإنسانية التي لا تُخفى آثارها على أحد. فالتدمير غير المسبوق الذي يقوم به الدعم السريع للمنشآت العسكرية والحيوية كرد فعل على قصف الجيش لمناطق سيطرته ربما يؤدي إلى شل حركة البلد تماماً. وهذا ينذر بكارثة إنسانية لم تشهدها البشرية من قبل، وستكون متضاعفة عشرات المرات عما هو عليه حال السودان من كوارث.
ما تزال الفرصة سانحة لإنقاذ السودان، ومواطنيه، إذا توفرت قدرات سياسية داخلية لإيقاف الحرب مدفوعة بضغط دولي على المكونات الإقليمية الداعمة للطرفين. وبغير ذلك فإن المتوقع هو تحقيق مشروع الحركة الإسلامية القائم على تفتيت البلاد إذا لم يعودوا للسلطة مرة ثانية. وهذه هي كل قصة الحرب بلا رتوش، أو مكياج فكري، أو فقهي، ولا يفهمها إلا من أوتي البصارة بتاريخ ودوافع الإسلاميين.
لقد ظللنا منذ بدء الحرب ندعو الرأي العام، وعقلاء السودان، للضغط من أجل إيقاف الحرب اللعينة، وكشف مخططات الحركة الإسلامية لمحو تراث ثورة ديسمبر، والعودة إلى السلطة. وسنظل في هذا الموقف إلى آخر لحظة تسبق الانهيار التام لوحدة البلاد.

الوسومالاتفاق الإطاري البرهان الحركة الإسلامية الدولة السودانية القوى السياسية ثوار ديسمبر صلاح شعيب

مقالات مشابهة

  • من يقولون أن علي كرتي هو المتحكم في البرهان
  • بوتين يقترح إجراء محادثات مباشرة مع أوكرانيا في إسطنبول ولكن.. دون شروط مسبقة
  • في ذكرى ميلاده.. الراحل صلاح أبو سيف موظف غزل المحلة الذي أصبح رائد الواقعية بالسينما المصرية
  • العدوان على السودان .. الشعب سينتصر
  • في ذكرى ميلاده.. غريب محمود نجم الكوميديا الذي أضحك الأجيال ورحل على خشبة المسرح
  • الأمراض التي قد يشير إليها الطفح الذي يصيب أكبر عضو في الجسم
  • الحركة الإسلامية تدفع الدولة السودانية للفناء
  • وردنا للتو.. رسالة عاجلة من الرئيس المشاط لكافة أبناء الشعب اليمني.. إليكم ما جاء فيها
  • باحث: الهدنة الروسية الأوكرانية تشهد هدوءًا محدودًا ولكن لا تُحَل المشكلة
  • في ذكرى رحيله.. أحمد مظهر فارس الشاشة الذي خيّل له الفن والفروسية (بروفايل)