محللون: الصراعات الداخلية بإسرائيل تنذر بحرب أهلية
تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT
القدس المحتلة– عادت الصراعات الداخلية بإسرائيل لتطفو على السطح مجددا، وذلك في ذروة الانتظار الذي يعيشه المجتمع الإسرائيلي ترقبا للرد الإيراني، وبعد 10 أشهر من الحرب على قطاع غزة، في وقت يسأل فيه الإسرائيليون أنفسهم ما الذي يجب أن يخشوه أكثر: حربا بين إسرائيل وإيران أم حربا داخلية بين التيارات السياسية والمعسكرات الحزبية والطوائف الدينية.
وتجلّت الخلافات من خلال التوتر بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت، بشأن كل ما يتعلق بأولويات الحرب على غزة وإعادة المحتجزين الإسرائيليين، ورفض الحريديم الخدمة العسكرية بالجيش لأسباب دينية، وإعلان وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير شروعه بتغيير الوضع القائم بالمسجد الأقصى لمصلحة اليهود، والتهديد بتفكيك الحكومة في حال تم وقف الحرب.
وتُجمع قراءات لمحللين إسرائيليين على أن خلافات نتنياهو وغالانت تأتي استمرارا لتلك التي تفجرت بينهما عام 2023 على خلفية خطة الحكومة للتعديلات على الجهاز القضائي، وكذلك تباين الموقف بينهما بشأن أولويات الحرب، فلا يزال رئيس الوزراء يروج لـ"النصر المطلق"، وهو ما وصفه وزير الدفاع بـ"الهراء"، وكرر موقفه الداعم لصفقة التبادل وإعادة المحتجزين.
في خضم تصاعد الصراعات الداخلية، يسعى وزير القضاء ياريف ليفين لإعادة تشريع التعديلات بالجهاز القضائي الإسرائيلي، والتي كانت عُلّقت بضغط من معسكر المعارضة وحركة الاحتجاج عقب الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس على مستوطنات "غلاف غزة" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
من جهته، يقول بن كسبيت المحلل السياسي في صحيفة معاريف إن "ليفين أدرك اللحظة المناسبة لإعادة الانقلاب القضائي المجنون. وكأن الانقسام الداخلي والضعف في مجال التكنولوجيا والاقتصاد والأكاديميا لم يكن كافيا بالنسبة له. ففي اللحظة التي ننتظر فيها وابل الصواريخ من حزب الله وإيران، يستغل الفرصة لإرسالنا للجحيم بالتعديلات القضائية".
ويعتقد أن حكومة نتنياهو تتطلع لإقصاء كل مسؤول لا يتناغم مع مصالح ائتلافها، مشيرا إلى أنهم يخططون لإقالة المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف، وطرد غالانت، إما بعد أو قبل أن يقيلوا رئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي أو رئيس الشاباك رونين بار، أو كل المسؤولين عن الكارثة التي حلت بإسرائيل.
من وجهة نظر محللة الشؤون السياسية في الموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل" طال شنايدر، فإن ما تشهده إسرائيل من خلافات وصراعات داخلية أشبه بجبهة حرب أهلية تعكس عمق الشرخ بالمجتمع الإسرائيلي، وذلك رغم التهديدات الوجودية لمشروع "الدولة اليهودية".
وأوضحت شنايدر أن الإسرائيليين يعرفون جيدا أن نتنياهو لا يتحدث مع غالانت ويسعى لشيطنته داخل حزب الليكود، والبحث عن بديل له في منصب وزير الدفاع، قائلة "لقد أضيفت طبقة أخرى إلى الخلاف السياسي الأبشع والأكثر عدوانية في تاريخ البلاد، حيث يتهم رئيس الوزراء وزير دفاعه بتبني خطابات معادية لإسرائيل".
وأشارت إلى أن النخبة السياسية في إسرائيل عرفت توترات وصعوبات على مر التاريخ، خاصة في المحور بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع، لكن تقول شنايدر إن "المزيج المميت من حرب الاستنزاف والصرعات الداخلية لم تشهده إسرائيل في السابق".
وقالت المحللة السياسية إن "أحد أكثر الجوانب المخيفة في الحرب هو أن يهاجم نتنياهو وغالانت بعضهما بعضا بشكل علني وصارخ، في وقت تتواصل فيه الهجمات على إسرائيل من 7 جبهات، واحتجاز 115 رهينة لدى حماس، والانتظار بتوتر رد إيران وحزب الله".
تأجيج النيران
الطرح ذاته استعرضه محلل الشؤون الحزبية في صحيفة "هآرتس" يوسي فيرتر، الذي أوضح أن غالانت يظهر علنا ازدراءه المطلق لنتنياهو، الذي اختار مرة أخرى تأجيج النيران بينهما في وقت تشهد فيه البلاد أياما مصيرية وسط الترقب للرد الإيراني، وكذلك الانتظار بفارغ الصبر لما ستفضي إليه مفاوضات صفة التبادل التي اعتبرت الفرصة الأخيرة لإعادة المحتجزين الإسرائيليين.
وسط المشهد الضبابي والهواجس الإسرائيلية من حرب إقليمية في حال كان الرد الإيراني على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، موجعا للجبهة الداخلية الإسرائيلية، يقول فيرتر "في لعبة التخمين التي تدفع إسرائيل إلى الجنون، من سيهاجم أولا، الإيرانيون أم حزب الله، يأتي الجواب من وزارة الدفاع: غالانت يهاجم نتنياهو".
وفي مواجهة التحديات العديدة التي تواجه إسرائيل، يقول فيرتر "كان من المتوقع أن يترفع نتنياهو تصريحات غالانت أو يتجاهلها أو يصدر رسالة أكثر عقلانية، ففي النهاية هو رئيس الوزراء. لكنه غير قادر، فهو متعال ومتعجرف، وكل من لا ينحاز إلى شعاراته يعد تخريبيا، وخائنا للدولة، وهدفه التشهير والتحريض".
ويعتقد أن "الإذلال المستمر" الذي يوجهه لوزير الدفاع لا ينعكس داخليا فحسب، بل خارجيا أيضا، قائلا إنه "جزء من جملة مكونات ذلك الردع البالي والمتآكل، وهو أيضا الجزء السيئ إلى الأسوأ في علاقات إسرائيل مع الغرب وأميركا".
وخلص إلى القول "في إسرائيل نعيش في فقاعة حمضية معزولة عن العالم الخارجي، في ظل اتساع الانقسام الداخلي، والانقلاب الهادئ لليمين المتطرف، والإعلام الذي لا يريد دعم الشعب والتحديات التي يعيشها، نحن غافلون عن حقيقة أن إيران وحزب الله لا يرتدعان عن مهاجمة إسرائيل".
خراب ثالث
حيال هذا الواقع، يبدي رئيس حركة "بنيما" الحاخام شاي بيرون، وزير التعليم الإسرائيلي الأسبق، قلقه من احتدام الصراعات الداخلية في إسرائيل والتي رحلتها أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لتعود هذا الصراعات والخلافات مجددا بعد مرور أكثر من 10 أشهر على الحرب، دون تحقيق أهدافها أو إعادة المحتجزين.
وتحت عنوان "ذكرى خراب الهيكل هو الوقت المناسب لنقول كفى للحرب الداخلية"، كتب بيرون مقالا في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، حذر خلاله من تصاعد الخلافات الداخلية بإسرائيل وتعميق الشرخ المجتمعي والانقسام السياسي والاستقطاب الحزبي والديني، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه أن يفضي إلى حرب أهلية داخلية.
وكتب بيرون "لسنوات عديدة، عشت بشعور معين، إنه لن يكون هناك خراب ثالث، نحن هنا وإلى الأبد. لكن في العامين الماضيين بشكل عام، ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول على وجه الخصوص، تصدع شيء ما في ثقتي بنفسي. أشعر أحيانا أنه بقدر ما نحارب أعداءنا، فإننا نستمر بالقتال الداخلي، لقد أصابنا الجنون".
وخلص للقول إن "الخراب والتدمير يبدأ من الداخل، التاريخ يثبت ذلك. في كل مرة غادرنا بلدنا، كان هناك عدو يشعل النار ويحرق المنزل. لكن الجناة الرئيسيين كانوا نحن. الإسرائيليون هم أخطر عدو لأنفسهم. ليس فقط يجب استعادة الردع ضد الأعداء، الأهم هو الردع الداخلي، وفهم أننا نعرض أنفسنا للخطر".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الصراعات الداخلیة رئیس الوزراء وزیر الدفاع حرب أهلیة
إقرأ أيضاً:
من هو رائد سعد القيادي في "حماس" الذي أعلنت إسرائيل اغتياله؟
أعلنت إسرائيل السبت أنها اغتالت رائد سعد القيادي في الجناح العسكري لحركة "حماس" في غارة نفذتها بقطاع غزة.
وأفاد الدفاع المدني في غزة بمقتل خمسة فلسطينيين في غارة جوية استهدفت سيارة في منطقة تل الهوى بجنوب غرب مدينة غزة.
ولدى سؤاله من وكالة فرانس برس، قال الجيش الإسرائيلي إنه لم يتم تنفيذ سوى ضربة واحدة في المنطقة أسفرت عن مقتل القيادي العسكري في حماس.
ونددت حركة حماس في بيان بما اعتبرته "إمعانا في الخرق الإجرامي لاتفاق وقف إطلاق النار".
وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس في بيان مشترك "ردا على تفجير عبوة ناسفة لحماس أدّت إلى إصابة قواتنا اليوم أمر رئيس الوزراء ووزير الدفاع بالقضاء على الإرهابي رائد سعد".
ووصف نتنياهو وكاتس سعد بأنه "أحد مهندسي" هجوم 7 أكتوبر 2023 الذي أشعل فتيل الحرب في غزة.
وأوضح الجيش الاسرائيلي أن سعد كان يدير المقر العام لصنع الأسلحة التابع لكتائب القسام ويشرف على "تعزيز قدرات" الحركة.
وأشار مصدر عسكري إلى أن سعد "كان هدفا للتصفية منذ فترة طويلة"، مضيفا أن "الغارة التي أسفرت عن اغتياله، نُفذت بناءً على معلومات جديدة حصلت عليها المخابرات الإسرائيلية حول مكان وجود سعد"، وفقما ذكر موقع "تايمز أوف إسرائيل".
وبحسب موقع "أكسيوس" الإخباري، لم تُبلغ إسرائيل الولايات المتحدة مسبقا بالغارة الجوية التي شُنّت يوم السبت.
ونشر الجيش الإسرائيلي فيديو لعملية استهداف سعد الذي وصفه بأنه شغل عدة مناصب عليا في حماس، وكان مقربا من مؤسس الحركة أحمد ياسين الذي اغتيل عام 2004، ومحمد الضيف ومروان عيسى.
وذكر الجيش أن سعد أسس لواء مدينة غزة التابع لحماس، وقاده، وشارك في تشكيل القوة البحرية للحركة، ثم عُيّن لاحقا رئيسا لقيادة العمليات.
وأضاف الجيش أن سعد شارك في صياغة وإعداد الخطة التي اعتمدتها حماس في هجوم السابع من أكتوبر 2023.
وأقيل سعد من منصبه كقائد للعمليات عام 2021 من قبل يحيى السنوار، وذلك بسبب خلافات شخصية بينهما.
وبعد ذلك، شغل سعد مناصب أخرى في الجناح العسكري لحماس، ومؤخرا كان رئيسا لمقر تصنيع الأسلحة التابع للحركة.
وحسبما قال الجيش الإسرائيلي، فإن سعد كان مسؤولا عن "إنتاج جميع أنواع الأسلحة للجناح العسكري لحماس قبل هجوم 7 أكتوبر، ولاحقا عن إعادة تأهيل قدرات حماس الإنتاجية للأسلحة خلال الحرب".
وحمّل الجيش سعد المسؤولية عن مقتل العديد من الجنود الإسرائيليين في قطاع غزة "نتيجة العبوات الناسفة التي صنعتها قيادة إنتاج الأسلحة خلال الحرب".
ونجا سعد من عدة محاولات اغتيال إسرائيلية، كان آخرها في يونيو 2024.
ويُعتقد أن سعد كان في مستشفى الشفاء بمدينة غزة عندما داهمت إسرائيل المركز الطبي في مارس من ذلك العام، إلا أنه تمكن على ما يبدو من الفرار حينها.