أشاد مواطنون بدور الاستشارات الأسرية في علاج مشكلات أسرية وزوجية كبيرة ومثلت دعما حقيقيا للأسرة في كثير من الأحيان، فيما أكد مختصون أن التعامل مع الاستشارات الأسرية يتم بسرية تامة، وأنها عالجت فعليا العديد من الحالات الزوجية التي كانت على وشك الانفصال أو الطلاق، مؤكدين على ضرورة أخذ المشورة من أصحاب الاختصاص لضمان المصداقية وتقديم الإرشادات المناسبة لهم للحفاظ على توازن الأسرة واستقرارها بدلا من أخذها من مواقع التواصل الاجتماعي.

تقول سارة بنت عبدالله المعولية (أم لأربعة أبناء): للأسف البعض ينظر إلى الاستشارات الأسرية من منظور أنه من العيب أن يلجأ الزوجان إليه لحل مشكلة زوجية متجاهلين الفائدة التي قد يحصلون عليها من زيارتهم وما أرغب في قوله إن مراكز الاستشارات الأسرية دائما تتعامل مع الاستشارات بسرية تامة فليس عيبا أن تطلب المساعدة في حل مشكلة عجزت انت في حلها أو فشلت في التعامل معها بالطريقة الصحيحة وتترك حلها أفضل بين أيدي المختصين لأنه هدفهم مساعدة الزوجين حتى ينعما بحياة سعيدة.

يقول سالم بن عمر العمري (أب لخمسة أبناء): الآن مع زيادة الوعي أصبح الكثير من الناس لا يترددون في طلب الاستشارة من ذوي الخبرة والاختصاص في المجالات كافة لأنها تسهل أمور الحياة، فالاستشارات الأسرية تسهم وبشكل فعال في تبسيط الكثير من الأمور التي قد نراها صعبة بسبب قراءتنا واعتقاداتنا الخاطئة لها؛ فهي تجعل من المشكلات أقل تعقيدا إذا ما طبقت بالشكل الصحيح وتجعل الفرد قادر على التعامل مع المشكلات المستقبلية بطرقة واعية وناضجة.

وتوضح زينب بنت أسعد الحضرمية (ربة أسرة): إن المختصين في مجال الاستشارات الأسرية دائما ينظرون إلى المشكلة بعين الخبرة ويهدفون إلى حلها بطرق ووسائل تتناسب والمراجع على عكس الأشخاص الذين لا يملكون الخبرة لأنهم قد يفتقدون الكثير في الأمور الحياتية، فليس من الخطأ طلب الاستشارة لحل مشكلة أسرية قد تؤثر سلبا في حياتك وقد يؤدى إلى تفكك الأسرة أو الانفصال بين الزوجين فيبقى الضحية الأطفال.

على عكس ذلك يقول محسن بن زكريا البلوشي (أب لطفلين): أنا أرفض تمامًا اللجوء إلى الاستشارات في حال واجهت أسرتي أي مشكلة، وأفضل حلها مع أفراد عائلتي، دون اللجوء إلى أشخاص غرباء، لأن لديهم الحلول التي تتناسب مع نظام حياتي وظروفي بالإضافة إلى شخصيتي.

الإصلاح الأسري

قالت عائشة النظيرية أخصائية نفسية واستشارية علاقات زوجية: حققت مراكز الاستشارات الأسرية نجاحا في التقليل من حدة المشكلات الأسرية والتخفيف من عدد حالات الطلاق، كما شهدت حالات على نية الانفصال التام باعتقادها أن خيارها صحيح وبعد الزيارة تتغير وجهة نظرهم ويسعون إلى بناء أسرة حقيقية، فمراكز الاستشارات الأسرية تنظر إلى حجم المشكلة بعناية ودقة سواء كانت بسيطة أو عميقة، وفي حالات نادرة يرفض الطرفان الإصلاح وفي بعض الحالات يكون الطلاق هو الحل الأنسب لها بوجود تفاهم جيد بين الأم والأب حتى لا يدمر كيان الأسرة ويكون الأطفال هم الضحية، حتى الطلاق الناجح يحتاج إلى استشارة. فالاستشارات الأسرية أدت دورا كبير في الإصلاح الأسري والتقليل من حالات الطلاق وحل المشكلات الأسرية واستقرار وضع الحياة الزوجية.

وأضافت النظيرية: من أبرز المشكلات في الزيجات الجديدة عدم الصبر وعدم التفهم وعدم القدرة على تحمل المسؤولية وربما عدم تجهيز الأم والأب لأبنائهم أن يكونوا أزواجًا صالحين متحابين، أحيانا النموذج غير الصحيح للأم والأب في العلاقة الزوجية وأيضا تأثير أدوات التواصل الاجتماعي على النساء والرجال على حدٍّ سواء وتفعيل لدور الأنانية للرجل والمرأة، يشعر أنه هو الأول ثم الباقون، بينما الأسرة كيان واحد يقدم كل منهما لتكون الحياة أفضل ويجب على الأبوين أن يكون تنازل بينهما.

حلول كارثية

وأوضحت النظيرية أن هناك مواقع استشارية زوجية غير مختصة وجودها مؤلم جدا وضرر كبير على الأسرة والمجتمع، وللأسف بعض المواقع تضع المشكلة وتطلب من الأشخاص البحث عن الحلول التي تهدم البيوت، بالتأكيد إذا الموقع لا يتابعه مختصون فلا يكون هناك أي مصداقية مثل هذه المواقع. لذلك يجب التأكد من الأشخاص الذين يقدمون الحلول، لأنه عندما تأتي الحلول من الجمهور أو المتابعين، كل يدلوا بدلوه، هنا تتفاقم المشكلة وتكون الحلول كارثية وهذا ما شهدته في بعض المواقع التي تقدم حلولًا قد تنصح بالانفصال رغم أن المشكلة جدا بسيطة أو إنهاء علاقة أو أخبار طرف ليس من الصحيح أبدا اللجوء إليه.

المشكلات الزوجية

من جهتها قالت روان بنت سالم المحاربية، أخصائية نفسية بعيادة همسات السكون: أثبتت الاستشارات الأسرية نجاحها في معالجة الكثير من الحالات، حيث إنها بيئة آمنة وحيادية تتيح للأزواج التعبير عن مشاعرهم ومشكلاتهم، من خلال التقنيات المعتمدة مثل التواصل الفعال وحل النزاعات، و يمكن للعديد من الأزواج أن يتعلموا كيفية إدارة خلافاتهم وتحسين علاقتهم، وهناك بيانات ودراسات تشير أيضًا إلى انخفاض معدل الطلاق بين الأزواج الذين يتلقون استشارات أسرية مقارنةً بالآخرين.

وبينت المحاربية: أن المشكلات الزوجية عادة تكون بسبب قلة التواصل وعدم القدرة على التعبير عن المشاعر أو احتياجات كل طرف، وأحيانا بسبب الضغوط المالية والقلق الذي يمكن أن يؤثر سلبًا على العلاقة، كما أن تغير توقعات الأدوار التقليدية يمكن أن يؤدي إلى صراعات بالإضافة إلى اختلافات في الأولويات والقيم الحياتية، مشيرة إلى أن المختص يتعامل مع هذه المشكلات من خلال الاستماع النشط وإعطاء كل طرف الفرصة للتعبير عن وجهة نظره ومساعدة الأزواج على تحديد ما يريدون تحقيقه من الاستشارات وتعليمهم استراتيجيات فعالة للتواصل وحل النزاعات.

وذكرت المحاربية: أن مواقع التواصل الاجتماعي تختلف مصداقيتها في تقديم الاستشارات الأسرية، ومن المهم التحقق من مؤهلات المستشارين والتأكد من أنهم معتَمدون ولديهم خلفية علمية في هذا المجال، وقراءة مراجعات وتجارب الآخرين يمكن أن تعطي فكرة عن فعالية تلك المواقع. ومقارنة بين مواقع تحترم خصوصية المستخدمين وأخرى قد لا تكون آمنة رغم أن هذه المواقع قد تقدم نصائح قيمة، إلا أنها لا تحل محل العلاج وجها لوجه، ففي بعض الأحيان المشكلات الزوجية المعقدة مما لا يمكن أن تُعالج بالاستشارة عبر الإنترنت، لذا من الأفضل الجمع بين النوعين من العلاج، خاصة في الحالات الصعبة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الاستشارات الأسریة یمکن أن

إقرأ أيضاً:

المطلقة والأرملة.. بين الصورة النمطية والمسؤولية المجتمعية

 

 

صالح بن سعيد الحمداني

في مقالين سابقين كتبتُ عن الطلاق والخُلع من واقع المجتمع والحياة، واليوم أُعرِّج بشكلٍ مختصر على موضوع أعتبره جزءًا وركنًا مهمًا من نفس الموضوعين السابقين، لعلنا نسلّط الضوء عليه ونفتح باب الحديث، وإن كان هناك من سبقنا لذلك، إلّا أن لكلٍ منّا وجهة نظره الخاصة، اختلافنا أو اتفاقنا لا يُفسد ذلك من الودّ قضية.
نُعرّج اليوم، لعلنا نضع حرفًا أو كلمةً تكون مفتاح خيرٍ ونور أملٍ يجد طريقه ويلامس القلوب، حيث إننا نجد بأنّ قضايا المرأة في المجتمعات العربية لا تزال مثار جدلٍ واسع، ولا سيّما حين يتعلق الأمر بتجاربها بعد الطلاق أو الترمّل، فحالات الطلاق والترمّل لا تُعدّ مجرد وقائع اجتماعية عابرة؛ بل هي تجارب إنسانية ذات أبعادٍ متعددة، قصة فيها ما يعصر القلب ويتخللها الألم والاختبار، كما تحتوي في ذات الوقت على إمكاناتٍ للنمو وإعادة البناء.
غير أن المعضلة الأساسية تكمن في الكيفية التي يتعامل بها المجتمع مع المرأة في هاتين الحالتين، سواء من حيث النظرة أو من حيث الواجبات المفترضة تجاهها.
فالنظرة المجتمعية الموروثة التي تُشكِّل للمطلقة والأرملة أحد أبرز التحديات التي تؤثر سلبًا على قدرتهنّ على الاندماج وإعادة التوازن لحياتهنّ؛ فالمطلقة غالبًا ما تُوصم بالفشل أو بالتقصير، وتُحمّل مسؤولية تفكك العلاقة الزوجية بصرف النظر عن ظروف الطلاق وأسبابه، وكأنّ المجتمع يُملي عليها أن تتحمّل أعباءً وظروفًا تفوق طاقتها، حفاظًا على الصورة الاجتماعية التقليدية.
في المقابل، تُعامَل الأرملة بوصفها ضحية تستحق الشفقة، إلا أن ذلك لا ينعكس في دعمٍ فعليّ؛ بل غالبًا ما يُفرض عليها حزنٌ اجتماعيٌّ طويل الأمد، وكأنّ حقّها في حياةٍ جديدة قد انتُزع منها بحكم العُرف.
ولو نظرنا إلى التمييز والعزلة الاجتماعية، فالممارسات الاجتماعية تُظهر أن المرأة المطلقة أو الأرملة تتعرض غالبًا للعزلة الاجتماعية، سواء على مستوى العلاقات الشخصية أو التفاعلات المهنية، صديقاتها المتزوجات قد يبتعدن عنها بدافع الحذر أو الغيرة، وبعض الأسر تتعامل معها وكأنها عنصر تهديد لاستقرارها الأسري، أما في بيئة العمل فقد تواجه نظرة دونية أو تساؤلات غير مهنية بشأن وضعها الاجتماعي، مما يضيف عبئًا نفسيًا على تجربتها المهنية.
في كثير من الأحيان، تعيش المرأة المطلقة أو الأرملة تحت وطأة تدخلات الأهل والمجتمع في أدق تفاصيل حياتها، حتى في أبسط القرارات مثل تربية أبنائها، تجد نفسها محرومة من الراحة والسكينة، وكأنها بحاجة دائمة إلى وصاية، فقط لأنها فقدت الزوج، سواء بالطلاق أو بالوفاة، وكأن البعض ينظر لها نظرة نقص، متجاهلًا أنها قد تكون أكثر وعيًا وخبرة بالحياة من كثيرين حولها.
هذه الوصاية المفروضة عليها ليست بالضرورة لحمايتها، بقدر ما هي انعكاس لعادات اجتماعية تفرض التحكم في مسار حياتها، دون تقديرٍ لقدرتها على إدارة شؤونها وأبنائها بحكمةٍ واقتدار، وهذا لدى البعض رغم تطور الفكر والوعي في وقتنا الحاضر.
ولو طرحنا سؤالًا: هل هناك حاجة إلى الدعم المؤسسي والمجتمعي؟ نجد الإجابة: نعم، من منظور إنساني وقانوني، تحتاج لذلك، فإنَّ المطلقة والأرملة تتمتعان بكامل الحقوق المدنية والاجتماعية والاقتصادية، وعليه فإن من الواجب على مؤسسات الدولة والمجتمع المدني تطوير برامج شاملة لتمكين هذه الفئة، تشمل الرعاية النفسية والتأهيل المهني والدعم الاقتصادي، ولا ينبغي أن يكون التعامل معهنّ من منطلق الشفقة، بل من منطلق الاعتراف بكرامتهنّ الإنسانية، واستحقاقهنّ لفرصٍ متكافئة.
وللأسرة والإعلام دورٌ إيجابي في إعادة التوازن؛ حيث تؤدي الأسرة دورًا جوهريًا في إعادة بناء شخصية المرأة بعد فقدان شريكها، فالاحتواء والدعم النفسي والتوقف عن إلقاء اللوم عوامل أساسية في عملية التعافي، وفي المقابل يُلقى على وسائل الإعلام دورٌ محوري في إعادة تشكيل الصورة النمطية، من خلال تقديم نماذج إيجابية لنساء ناجحات تجاوزن التحديات بعد الطلاق أو الترمّل، بعيدًا عن الصور السطحية التي تُكرّس الألم أو التمرّد كسماتٍ حصرية لهنّ.
وتأسيسًا لما سبق، نجد التمكين الاقتصادي كركيزةٍ أساسية، فلا شكّ أن الاستقلال المالي يشكل أداة جوهرية في حماية كرامة المرأة، ويمنحها القدرة على اتخاذ قرارات حرة ومستقلة، وقد أثبتت تجارب العديد من النساء اللواتي بدأن مشاريعهنّ الخاصة أو التحقن بوظائف نوعية، أن التمكين الاقتصادي ليس ترفًا؛ بل ضرورة لحياةٍ كريمة ومتوازنة.
ونلخّص ذلك ونقول: لا تحتاج المرأة المطلقة أو الأرملة إلى شفقة، بقدر ما تحتاج إلى فهم ووعيٍ عميق بطبيعة تجربتها الإنسانية، إنّ التغيير في النظرة المجتمعية لا يتحقق إلا بإرادة جماعية تُقرّ بأن الكرامة الإنسانية لا تُنتقص بحكم الوضع الاجتماعي؛ بل تتعزّز بالاحترام والإنصاف والتمكين. ولعلنا جميعًا عاجلًا أم آجلًا نحتاج إلى مجتمعٍ يتّسم بالرحمة والعقلانية، لا بالتحامل والوصم.

 

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • أمير منطقة الرياض يستقبل المدير التنفيذي السابق لجمعية ابن باز للتنمية الأسرية
  • أمير الرياض يستقبل المدير التنفيذي السابق لجمعية ابن باز للتنمية الأسرية
  • قانوني: عقد المحاماة الموحد سند تنفيذي يقلص النزاعات ويبدأ ب ”العمالي“
  • تسهيلات جديدة لتسوية النزاعات.. حوار مفتوح وشراكة حقيقية مع نقابة الصيادلة بالقليوبية
  • بعد أن تصدرت “الترند” وأنهالت عليها الإشادات.. تعرف على الأسباب التي دفعت الفنانة فهيمة عبد الله لتقديم التهنئة والمباركة لزوجها بعد خطوبته ورغبته في الزواج مرة أخرى
  • أمين الفتوى يحذر من الحلف بالطلاق: اتقوا الله في النساء
  • "التضامن الاجتماعي": نعمل على حوكمة منظومة الأسر البديلة لضمان أفضل رعاية للأطفال فاقدي الرعاية الأسرية
  • المطلقة والأرملة.. بين الصورة النمطية والمسؤولية المجتمعية
  • دراسة: تصنيع السيارات بالمغرب الأقل كلفة في العالم
  • دراسة تحذّر: الفقر والنزاعات الأسرية تؤثر على نمو «دماغ» الأطفال