لجنة تفكيك التمكين والثوريون: اللهم أحمني من أصدقائي، أما أعدائي فأنا كفيل بهم
تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT
(تشكو قحت وأضرابها لطوب الأرض عن الفلول وكيدهم للثورة حتى حملوهم وزر الحرب القائمة يريدون بها العودة إلى دست الحكم. وحاشاهم في قحت وأضرابها ذكر الخدمات السخية التي قدموها هم هؤلاء أنفسهم لهؤلاء الفلول خلال الفترة الانتقالية الموءودة. فلا أعرف خدمة بذلوها طوعاً أشد نكيراً عليهم من تبنيهم “تظلم” الفول من لجنة التمكين بحذافيره من فرط لين ركبهم.
وكتبت يومها أنقد ذلك الفرار الجماعي واوضح السياسة التي من ورائه. وآمل بإعادة نشر هذه الكلمات أن تأخذ تقدم نفسها بالشدة حيال عورتها خلال الحكومة الانتقالية لأن أكثر لوثتهم بالكيزان هذه الأيام إنما هو وظيفة لامتناعهم الغليظ عن اقتحام تجربة الحكومة الانتقالية بجراءة وشفافية).
توقفت طويلا عند مذكرة وجوه القلم والرأي والمهن التي مهروها بتوقيعاتهم في ١٦ سبتمبر 2021 الجاري تزكية للصحفي عبد الرحمن الأمين لرئاسة مفوضية الفساد المزمع قيامها. وبدت لي المذكرة لأول وهلة كطريق غير موفق لتسمية مفوض ليكون على رأس مؤسسة للثورة. فهذه محاصصة بالثقل الرمزي لمن وقعوا على المذكرة. وهو نهج رغبنا في تفاديه. ثم من يضمن ألا يقع ما يعرف ب”نسخ القط” أي أن يستنسخ آخرون من ذوي الثقل الرمزي المذكرة في تزكية غير عبد الرحمن. وعدد هذا الاستنساخ في الليمون. ونختلق مواجهة نحن في غنى عنها.
ولو كنت مكان أهل المذكرة لترددت طويلاً في تزكية مثل عبد الرحمن من سودانيي المهجر للوظيفة، أي وظيفة. فلو تسنى لهم مطالعة حِجاج الثورة المضادة (talking points) لعرفوا أن الامتناع عن ترشيح مثله بعد عامين من الثورة أولى ناهيك بأنه قد يعوز المزكون الدليل على نجاح من سبقه منهم إلى الوظيفة العامة في الثورة. ورغبت أن نتخلص من عادة الحشد المعارض التي صلحت لزمانها ونحن حيال إدارة الدولة. فقد أزعجتني مذكرة مثل هذا نادت بفصل وزيرة التعليم العالي احتجاجاً على موضوع هين جداً.
وما قرأت ديباجة المذكرة حتى بدت لي كخطة سياسية ماكرة لاستبدال لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو واسترداد الأموال. فلم تذكر المذكرة لجنة التفكيك بتاتاً وإن طاعنتها هنا وهناك. وستجد أن مفهوم المذكرة لمفوضية الفساد هو نفسه المفهوم الذي تعمل به لجنة إزالة التمكين. فجاء في ديباجة المذكرة وجوب تفكيك “مافيا الفساد” التي تشكلت في ظل نظام الإنقاذ وتعيق الانتقال الديمقراطي. وهو ما تقوم به ليومنا لجنة تفكيك التمكين في إطار تفويضها بتأمين التحول الديمقراطي من شرور هذه المافيا العائدة للإنقاذ. وكان آخر ما قامت به هو التربص بحسابات أفراد منها في المصارف أرادوا تسريب أموالهم المودعة لغيرهم تأميناً له من غائلة التفكيك.
غير خاف إن أهل المذكرة ضربوا صفحاً عن لجنة التفكيك لأسباب لم يصرحوا بها وإن كانت مما لا يضوى له نار. ورتبوا لاستبدالها بمفوضية محاربة الفساد مما أوقعهم غير محتسبين في خرق الوثيقة الدستورية التي قضت بتكوين لجنة لتفكيك نظام الإنقاذ سياسياً واقتصادياً وكادراً في نفس الوقت الذي فيه دعت لقيام مفوضية لمحاربة الفساد تختص بفساد المرحلة الانتقالية وما بعدها. وسبق لدوائر سياسية في اليمين واليسار أن دعت، وقد تحرجت كل بسببها من أداء لجنة التفكيك، إلى الإسراع بتكوين مفوضية الفساد قطعا لطريق لجنة التفكيك القائمة وحكماً عليها بالموت، ولكن عن سكات، لا حد شاف لا دري.
ويبين هذا القتل المخاتل أوضح ما يكون في عبارة في المذكرة دعت إلى “تفكيك حيوي” للفساد بتشكيل “مفوضية حقيقية لمكافحة الفساد بحسب المعايير العالمية، وبسلطات كاملة، وبعضوية شخصيات نزيهة ومستقيمة وعادلة”. فالإيحاء هنا فاضح: إن اللجنة القائمة للتفكيك غير حقيقية ولا تحتكم إلى معايير عالمية، ولا سلطات لها كاملة (؟)، والأعضاء فيها غير نزيهين ولا مستقيمين ولا عادلين. فإن لم يكن هذا طعناً في لجنة إزالة التمكين فكيف يكون الطعن؟ لقد صدعوا برأيهم في لجنة إزالة التمكين صدعاً طابقوا في أكثره مطالب الثورة المضادة ولم يكلفوا أنفسهم مع ذلك حتى مجرد ذكر اللجنة. فاللبيب بالإشارة يفهم.
ووجد أهل المذكرة بغيتهم لقيادة اللجنة في الصحفي عبد الرحمن الأمين الذي لم يكف عن تبخيس لجنة التفكيك بالعبارة الصريحة مثل قولة إن كل ما نسمعه عنها “عبارة عن تخدير لا أكثر ولا أقل”. وله صبر عجيب على الترفع عن ذكرها في برامج تلفزيونية طويله بينما يخوض في تكليفها الثوري خوضاً كما سنرى.
عبد الله علي إبراهيم
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: عبد الرحمن
إقرأ أيضاً:
بروكسل تحذر أوكرانيا: تجميد 50 مليار يورو إذا استمرّ التدخل في مكافحة الفساد
وجهت المفوضية الأوروبية تحذيرًا صارمًا إلى الحكومة الأوكرانية، مهددة بتعليق كامل للمساعدات المالية المقررة ضمن “صندوق الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا”، إذا استمرت كييف في التدخل بعمل الهيئات المستقلة لمكافحة الفساد.
وبحسب تقرير لصحيفة “فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ” الألمانية، فإن هذا التحذير جاء بعد محاولة جرت في 21 يوليو لسلب الاستقلالية الفعلية من المكتب الوطني لمكافحة الفساد والنيابة المتخصصة بمكافحة الفساد، ما أثار قلقاً واسعاً في أروقة الاتحاد الأوروبي.
وأكدت النائبة الأوكرانية ونائبة رئيس الوزراء السابقة إيفانا كليمبوش-تسينتسادزه تلقي السلطات الأوكرانية للوثيقة الرسمية من بروكسل، والتي تنص على أن “كل القسط القادم من المساعدات مهدد بالتجميد الكامل” إذا لم يُحل النزاع المؤسسي القائم مع الأجهزة المعنية بمكافحة الفساد.
وكان الاتحاد الأوروبي قد وعد بتقديم 50 مليار يورو لأوكرانيا حتى عام 2027، مخصصة لدعم الميزانية العامة، لكن المفوضية الأوروبية ترى أن أي تدخل في استقلالية الأجهزة الرقابية يمثل تهديدًا جوهريًا لثقة الشركاء الدوليين في الحكومة الأوكرانية.
ووفقًا لمصادر الصحيفة، خلص خبراء المفوضية الأوروبية إلى أن التدخلات الأخيرة تمثل “أخطر تهديد لمنظومة مكافحة الفساد الأوكرانية منذ إنشائها”، محذرين من أن محاولات كييف تقييد عمل هذه الهيئات “تحمل سمات صراع مؤسسي داخلي”.
كما رفضت المفوضية الأوروبية تبريرات الحكومة الأوكرانية بشأن “تأثير روسي محتمل” على المكتب الوطني لمكافحة الفساد، معتبرة أن هذه المزاعم غير مقنعة ولا تستند إلى أدلة.
وفي ردها على استفسار الصحيفة، أعربت المفوضية عن “قلقها البالغ” إزاء التعديلات التشريعية الأخيرة ومحاولات الحكومة فرض السيطرة على الهيئات المستقلة، مؤكدة على ضرورة حماية استقلالية هذه الأجهزة كشرط لاستمرار الدعم المالي والسياسي الأوروبي لكييف.
ويأتي هذا التصعيد في وقت حساس، حيث تواجه أوكرانيا تحديات داخلية وخارجية متفاقمة، في ظل استمرار الحرب مع روسيا، وتراجع الدعم الغربي على خلفية قضايا فساد واحتكاكات مؤسسية داخلية.