مدارس غزة.. فصول يومية من مجازر الاحتلال
تاريخ النشر: 22nd, August 2024 GMT
لا يكاد يمر يوم إلا ويرتكب الاحتلال الإسرائيلي مجزرة جديدة في مدرسة، أو أكثر، من تلك التي أصبحت آخر ملاذ للنازحين في قطاع غزة.
وكما تتشابه المجازر في إيقاع العشرات بين شهيد وجريح، تتشابه إدعاءات الاحتلال في أنه يستهدف مسلحين داخل المدرسة، ويتشابه -أيضا- الصمت الدولي المطبق.
واليوم الأربعاء، كان النازحون الذين اكتظت بهم مدرسة صلاح الدين التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) غربي مدينة غزة على موعد مع مجزرة جديدة استشهد فيها 7 أشخاص وأصيب آخرون.
وقال شهود عيان إن طائرات حربية إسرائيلية قصفت المدرسة، وهي العاشرة التي تؤوي نازحين ويستهدفها جيش الاحتلال منذ بداية أغسطس/آب الجاري.
وقبيل هذه المجزرة بدقائق شنت قوات الاحتلال غارات على محيط مدرسة أبو نويرة في بلدة عبسان شرقي مدينة خان يونس.
أما أمس الثلاثاء، فأعلن الدفاع المدني في غزة -في بيان- أن طواقمه انتشلت 12 شهيدا بعد قصف إسرائيلي استهدف مدرسة مصطفى حافظ التي تؤوي مئات النازحين في حي الرمال غربي مدينة غزة.
وذكر شهود عيان أن القصف الإسرائيلي تسبب في انهيار أحد مباني المدرسة التي كانت تؤوي قرابة 700 نازح معظمهم أطفال ونساء.
وتعقيبا على ذلك، اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) المجزرة "تأكيدا على دموية حكومة تل أبيب المتطرفة وإصرارا منها على مواصلة حرب الإبادة في القطاع، وتعمد لاستهداف المدنيين بمراكز الإيواء والنزوح".
وحمّلت الحركة -في بيان- الرئيس الأميركي جو بايدن وإدارته "المسؤولية الكاملة عن استمرار هذه المجازر ضد شعبنا". وتابعت: "لم تكن (هذه المجازر) لتستمر لولا التواطؤ الأميركي الكامل، والدعم السياسي والعسكري الذي تقدمه لحكومة المتطرفين الصهاينة".
وطالبت المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومؤسساتها بـ"العمل الجاد لوقف هذه الجرائم والانتهاكات المستمرة بحق المدنيين العزل"، داعية "محكمة الجنايات الدولية لتوثيق هذه المجزرة، وملاحقة قادة الاحتلال على هذه الجرائم غير المسبوقة في تاريخنا المعاصر".
وخلال الأيام العشرة الأولى من أغسطس/آب الجاري، قصفت إسرائيل 8 مدارس تؤوي نازحين؛ ما أسفر عن استشهاد أكثر من 179 فلسطينيا، بينهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى مئات الجرحى، وفق بيانات رسمية فلسطينية.
والمجزرة الأكبر خلال أغسطس/آب وقعت باستهداف الجيش الإسرائيلي مدرسة التابعين وسط غزة في 10 من الشهر الجاري؛ فاستشهد أكثر من 100 مدني وأصيب عشرات، بينهم أطفال ونساء.
فأين يذهبون؟ولعل أكثر سؤال يتردد مع كل مجزرة تستهدف النازحين الذين تقطّعت بهم السُبل، ونزحوا مرة تلو الأخرى، هو: أين يذهبون؟
يقول المستشار الإعلامي لوكالة الأونروا عدنان أبو حسنة إنه لا مكان آمنا في قطاع غزة، "فأين يذهب من كانوا في المدرسة التي قُصفت؟".
وأضاف أبو حسنة للجزيرة أن المدارس التابعة للوكالة يُفترض أن تكون محمية وفق القانون الدولي، مشيرا إلى أن غياب المساءلة سابقة خطيرة ويشجع على الاستمرار في ما يتم اقترافه.
أما المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فاعتبر أن "قصف مدرسة صلاح الدين مثال آخر على حقيقة ألا أماكن آمنة في قطاع غزة".
مبررات متكررة
ومع كل مجزرة يرتكبها بحق النازحين، يسارع جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى نشر روايته التي تدّعي أن ثمة مسلحين في المدرسة المستهدفة، وهي رواية بقدر ما أصبحت "ممجوجة" من كثرة تكرارها، فإن الاحتلال بما يملكه من طائرات ومسيّرات لم يستطع أن يُقدّم ولو صورة واحدة لهؤلاء المسلحين "المزعومين" في مراكز الإيواء.
ومع المجزرة الأكبر في حق مدارس النازحين؛ وهي مجزرة مدرسة "التابعين"، زعم الاحتلال أن "عناصر حماس استخدموا مقر القيادة بالمدرسة للاختباء والترويج لاعتداءات إرهابية مختلفة ضد قوات الجيش وإسرائيل".
وفي هذا السياق، قال المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة إن جيش الاحتلال يستبق قصف أي مدرسة ببيانات جاهزة لا أساس لها من الصحة، مؤكدا أن "لدى الجيش الإسرائيلي خطة لتصفية وإبادة الشعب الفلسطيني".
وطالب الثوابتة -في حديث للجزيرة- المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال لوقف استهداف المدنيين في غزة.
وفي أعقاب مجزرة مدرسة التابعين، أجرت مؤسسة "الحق" الفلسطينية تحقيقا استقصائيا أوليا كشف أن الباحثين الميدانيين من المؤسسة لم يتعرفوا على أي معدّات أو مواد تدعم ادعاءات الاحتلال بوجود مركز قيادة داخل مُصلى المدرسة أو احتمالية توظيفها مقرا نشطا للمقاومة.
مفاوضات على وقع المجازر
ولعل المفارقة الأبرز مع تواصل هذه المجازر بحق النازحين، هي أنها تأتي في الوقت الذي يستمر فيه "ماراثون المفاوضات" منذ نحو 10 أشهر.
مفاوضات شملت عشرات الجولات والاجتماعات ومئات التصريحات دون أن تحقق أي نتيجة عملية لوقف الحرب أو حتى المجازر بحق المدنيين النازحين.
فإسرائيل ترفض وقف إطلاق النار، بل وتصر على أن لها الحق في القصف وقتما تشاء وإبقاء قوات لها داخل قطاع غزة حتى مع توقيع الاتفاق مع حركة حماس، وهو أمر ترفضه الحركة بالكلية، وتشدد على أن أي اتفاق ينبغي أن يتضمن وقف الحرب وانسحاب الاحتلال بالكامل من القطاع.
ويرى مراقبون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستخدم هذه المفاوضات في إطار إدارة الحرب واستمرارها وليس إنهاءها.
دمار شاملودمّر الاحتلال الإسرائيلي منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى السابع من أغسطس/آب 2024 أكثر من 117 مدرسة وجامعة تدميرا كليا، و332 مدرسة وجامعة جزئيا، حسب مركز الإحصاء الفلسطيني.
ووفقا لـ19 خبيرا ومقررا أمميا مستقلين معينين من مجلس حقوق الإنسان في جنيف في أبريل/نيسان 2024، فقد دمّر الاحتلال أكثر من 80% من مدارس غزة، وخلال 6 أشهر فقط قتل أكثر من 5479 طالبا و261 معلما و95 أستاذا جامعيا، وأصيب أكثر من 7819 طالبا و756 معلما.
ولجأ سكان قطاع غزة إلى الاحتماء بالمدارس التي اعتبروها محمية بموجب القانون الدولي الإنساني، لكن الاحتلال الإسرائيلي قصفها كما قصف المستشفيات وباقي الأماكن المدنية، بل حتى المواقع التي أعلنها "مناطق آمنة" ودعا السكان إلى النزوح إليها.
وأدان مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي للمدارس التي تؤوي آلاف النازحين، فقد قصف الاحتلال خلال الفترة بين الرابع يوليو/تموز والعاشر من أغسطس/آب 2024 فقط نحو 21 مدرسة، مما أسفر عن استشهاد المئات، معظمهم من النساء والأطفال.
وفي هذا الرابط رصد لأبرز المدارس التي قصفها الاحتلال الإسرائيلي حسب توزيع المحافظات في غزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الاحتلال الإسرائیلی أغسطس آب قطاع غزة أکثر من
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يتعمد استهداف خيام النازحين والمستشفيات وإبادة عائلات بأكملها
حماس: المجاعة تهدد حياة أكثر من 2.25 مليون فلسطيني نصفهم من الأطفال
الثورة / متابعات
قتل جيش العدو الإسرائيلي، أمس، عشرات الفلسطينيين وأصاب عددا آخر، في سلسلة هجمات أوقعت إحداها مجزرة بحق عائلة كاملة، ضمن الإبادة المستمرة منذ 20 شهرا.
وارتفعت حصيلة جريمة الإبادة الجماعية والعدوان، الذي تشنه قوات العدو الصهيوني على قطاع غزة إلى 54,321 شهيدا، و123,770 مصابا، منذ السابع من أكتوبر 2023م.
وأفادت مصادر طبية، بأن من بين الحصيلة 4,058 شهيدا، و11,729 إصابة، منذ 18 مارس الماضي، أي منذ استئناف العدو الإسرائيلي عدوانه على القطاع عقب اتفاق وقف إطلاق النار.
ووصل إلى مستشفيات قطاع غزة خلال الـ 24 ساعة الماضية، 72 شهيدا، و278 إصابة، نتيجة المجازر والاستهدافات الصهيونية المتواصلة، وهذه الإحصائية لا تشمل شمال القطاع لصعوبة إلى الضحايا حيث ما زال عدد كبير منهم تحت الأنقاض والركام، وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
وقالت مصادر طبية، إن القصف استهدف منزل ومركبة وخيام نازحين، فضلاً عن تجمعات مدنيين توجهوا لاستلام مساعدات إنسانية، في مناطق متفرقة من قطاع غزة.
وذكرت المصادر الطبية أن 7 فلسطينيين من عائلة استشهدوا في قصف استهدف منزلًا مأهولًا يعود لعائلة “نصر” في بلدة جباليا شمال غزة.
كما استشهد فلسطينيان وأصيب عدد آخر جراء قصف مركبة في بلدة عبسان الكبيرة شرق مدينة خان يونس جنوب القطاع، حسب مصادر طبية.
وفي خان يونس أيضاً، استشهد 3 فلسطينيين جراء غارتين جويتين استهدفتا خيام نازحين بمنطقة المواصي غرب المدينة، وفق المصادر نفسها.
من جهة أخرى، أفادت مصادر طبية باستشهاد فلسطيني وإصابة عدد آخر جراء استهداف جيش الاحتلال مدنيين أثناء توجههم لاستلام مساعدات غذائية من نقطة أقامها الجيش الاحتلال في منطقة الشاكوش شمال غرب مدينة رفح جنوب القطاع.
كما أصيب عدد من الفلسطينيين برصاص جيش الكيان أثناء توجههم إلى مركز توزيع مساعدات آخر في منطقة “نتساريم” وسط غزة، وفق مصادر طبية فلسطينية.
كما استشهدت، عصر امس، سيدة فلسطينية حامل وجنينها وزوجها، بعد قصف صهيوني استهدفهم في دير البلح وسط قطاع غزة.
وأفادت مصادر محلية في تصريحات صحفية باستشهاد المواطن خليل عبدالناصر الخطيب وزوجته الدكتورة آية مدحت المدهون وهي حامل بالشهر التاسع، في قصف استهدفهم قرب دوار الأقصى بدير البلح.
وأشارت المصادر إلى أن محاولات الأطباء في مستشفى شهداء الأقصى لم تنجح في إنقاذ الجنين ليعلن لاحقاً عن استشهاده مع والدته ووالده.
كما أصيب عدد آخر من المواطنين جراء القصف الصهيوني الذي استهدف مجموعة مواطنين قرب دوار الأقصى بدير البلح.
إلى ذلك قال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إن الوضع الصحي والإنساني في القطاع بلغ مرحلة الانهيار الشامل، بفعل سياسات الإبادة الجماعية التي يواصلها العدو الإسرائيلي.
وأوضح مدير عام المكتب إسماعيل الثوابتة في حديث صحفي أمس أن أزمة غذاء كارثية ومجاعة تواجه قطاع غزة، بسبب منع العدو إدخال الغذاء بشكل ممنهج، ما أدى إلى مجاعات فعلية.
وأشار إلى أن غياب النظافة وتسرب مياه الصرف الصحي أدى إلى تفشي الأوبئة والأمراض الجلدية والهضمية في مراكز الإيواء المكتظة.
وبين أن تدمير مصادر المياه والكهرباء بشكل شبه كامل، جعل الخدمات الأساسية غير متوفرة لغالبية السكان.
واعتبر أن هذا الوضع لا يمثل فقط كارثة إنسانية، بل هو جريمة مستمرة ضد الإنسانية ترتقي إلى الإبادة الجماعية وفقًا لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948م.
وأضاف أن العدو الإسرائيلي تعمّد منذ بدء جريمة الإبادة على القطاع ارتكاب المجازر بحق المواطنين والعائلات الفلسطينية في القطاع، وارتكب 15 ألف مجزرة بغزة منذ بدء الإبادة.
وذكر أن من بين هذه المجازر 14 ألف عائلة تعرضت للمجازر، و2,483 عائلة أُبيدت ومُسحت من السجل المدني بعدد 7,120 شهيدًا، و5,620 عائلة أُبيدت ومُتبقي منها ناجي وحيد بعدد 10,151 شهيدًا.
وتابع “هذا النمط من الاستهداف يعكس نية واضحة للإبادة الجماعية، ويتناقض تمامًا مع قواعد القانون الدولي الإنساني، وخاصة اتفاقيات جنيف الأربع، التي تحظر الهجمات ضد المدنيين والعائلات المحمية”.
وحول استهداف المستشفيات، أكد الثوابتة أن الاستهداف المنهجي للمستشفيات ومراكز الإيواء وقتل الأطفال ليس عشوائيًا، بل هو جزء من استراتيجية ممنهجة لفرض أقصى درجات الألم والدمار، لأهداف مركبة.
وشدد على أن ما يجري في غزة ليس مجرد عدوان عسكري، بل هو جريمة إبادة جماعية موصوفة وممنهجة، ترتكبها سلطات الاحتلال، في ظل صمت دولي مخزٍ، وغياب للمساءلة الدولية.
وطالب الثوابتة الجهات الدولية المختصة، وعلى رأسها المحكمة الجنائية الدولية والأمم المتحدة، بالتحرك فورًا لوضع حد لهذه الإبادة ومحاسبة مرتكبيها.
من جانبها حذّرت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” أمس، من تفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، في ظل التوسع المتواصل لحالة المجاعة التي تهدد حياة أكثر من 2.25 مليون مواطن، يشكّل الأطفال نصفهم، وسط استمرار المجازر الإسرائيلية.
وشددت الحركة في بيان إلى أن آليات إدخال المساعدات الحالية تمثل “تلاعبًا إجراميًا” بالاحتياجات الإنسانية، وتُدار ضمن سياسة ممنهجة لاستخدام التجويع كسلاح لإخضاع الفلسطينيين وفرض وقائع ميدانية تخدم الاحتلال.
ودعت “حماس” مجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسؤولياته القانونية والإنسانية بفرض وقف فوري للعدوان، وكسر الحصار، وضمان دخول المساعدات عبر الآليات الأممية المعتمدة.
وطالبت الدول العربية والإسلامية بالتحرك الفوري لوقف ما وصفته بالإبادة، وتسيير قوافل الإغاثة دعماً لصمود الشعب الفلسطيني، ورفض محاولات التهجير وتصفية القضية.
كما ناشدت “حماس” الفعاليات الشعبية وأحرار العالم، بتصعيد التضامن مع غزة، وتكثيف الضغط الدولي بكافة الوسائل حتى إنهاء العدوان ورفع الحصار ووقف سياسة التجويع.
ومنذ أكتوبر 2023م ترتكب كيان الاحتلال الصهيوني بدعم أمريكي مطلق جريمة إبادة جماعية بقطاع غزة خلّفت أكثر من 177 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.