رُفَاةُ المُحَارِب
تاريخ النشر: 22nd, August 2024 GMT
قصة قصيرة
سعود بن حمد الطائي
في الأعوام الأخيرة من القرن الماضي جاء وفد ياباني إلى غرفة تجارة وصناعة عُمان وقدَّم لنا بعد انتهاء زيارته دعوة رقيقة لزيارة اليابان.. كان الوفد قد ترك انطباعًا إيجابيًا فقد كانت مُعاملته حسنة ورغبته جيِّدة في توطيد علاقته مع الذين حضروا وقابلوا أعضاء الوفد وكان لذلك الانطباع الجيد الأثر الأكبر في قبول الدعوة والذهاب إلى اليابان.
وقد أعد لنا اليابانيون برنامجا حافلا لزيارة المنشآت الصناعيّة والمعالم الآثاريّة الشهيرة واشتمل على قسمين: الأول خُصِّص لزيارة الكثير من الشركات والمصانع ولقاءات عديدة مع المُصدِّرين ورجال الأعمال؛ أما القسم الثاني فقد خُصِّص للجانب الثقافي والإرث التاريخيّ؛ لكي تكتمل في مخيلة الوفد الصورة الحقيقية لشعب تجاوز الصعاب وخرج من الحرب والدمار كطائرٍ فِينيقيّ من زمن بعيد.
ورغم أنَّ العاصمة (طوكيو) هي العاصمة الحالية لليابان إلا أنها كانت إلى زمن قريب ميناءً صغيرًا ومنفى للقادة الذين تخشى السُّلطة المركزيّة في (كيوتو) من نفوذهم وتأثيرهم على صانعي القرار وقد قرَّر أحد القادة المنفيين البقاء في طوكيو عندما آلت الأمور إليه وأصبح حاكمًا على اليابان ورغم ذلك فقد بقيت كيوتو عاصمة روحية وخلجة فؤاد لكل اليابانيين رغم انحسار الأضواء وانتقال السلطة إلى طوكيو.
كان برنامج الزيارة إلى (كيوتو) من الصعب أن يختفي من ذاكرتك لسنين عديدة؛ فالبداية كانت من معبد (هونونجي)؛ وهو المعبد الذي انتهت بين جدرانه القديمة حياة أحد جنرالات اليابان العِظَام الذي قامت على يديه جهود توحيد اليابان بعد سنين من التمزُّق والنزاعات القبلية، ولمَّا أوشكت جهوده أن تكتمل امتدت إليه يد الغدر، وأنهت تلك الجهود الكبيرة بين تلك الجدران.
ثم كانت الزيارة الثانية لقلعة (نيجو 1603) التي تضم بين جوانحها واحدة من أجمل البحيرات الملكية من الطراز الرفيع، وتَبِعتها الزيارة الثالثة إلى بحيرة (بيوا) وجسر (سيتا) الذي يربط بين كيوتو وتلك البحيرة الجميلة. وقبل أن تنتهي هذه الزيارة اقترب مني الدليل السياحيّ وسألني وهو يُشير إلى وسط البحيرة:
هل شاهدت شيئًا؟
نظرت إلى البحيرة.. لا لم أشاهد شيئًا غريبًا!!
فقال لي الدليل: في قاع هذه البحيرة رُفاة مُحارب قديم اسمه (سنجن تاكيدا)، وقد كان مُحاصِرًا لـ(كيوتو)، وكانت على وشك أن تُسّلِّم مفاتيحها إليه لولا أن أحد المُحاصَرين كان يعزف نايًا سحريًا، كلما اقترب الليل فأحبَّ ذلك المُحارب أن يستمع عن قرب لذلك النَّاي السحريّ، فاقترب من السور على غفلة من حُرّاسه، فَشَاهده من أعلى السور أحد الرماة فرماه بسهمٍ غادرٍ أحدث فيه جُرحًا غائرا ونزيفا قاتلا، وقبل أن تتوقف نبضات قلبه وتتبعثر أحلامه طلب من المُقربين منه أن يضعوه في تابوت من الخشب وأن يُلقوه في قاع البحيرة؛ لكي يبقى قريبا من المدينة التي كان يحلم بدخولها والانطلاق منها لإعادة توحيد اليابان.
وبعد مرور أعوام كثيرة على تلك الزيارة كبر ابن لي، وبعد أنْ تخرّج من الثانوية العامة، أحببتُ أن أكافئه على جهده واجتهاده برحلة إلى النمسا وعاصمتها الجميلة (فيينا) وزيارة (زيلامسي) إحدى القرى الحالمة في (جبال الألب) وتجري في عروقها بحيرة زرقاء جميلة كجمال الصِّبا والطفولة البريئة، وكأنَّ أحد آلهة العشق والجمال (كيوبيد) له حضور لإغراق الزائرين في حب هذه البحيرة بسهامه النافذة إلى قلوب العابرين، وكان في أحد جوانبها مكتب خشبيّ كأنما أُقيم على عجل لتأجيرِ القواربِ الخفيفة لتأخذك إلى وسط البحيرة في أجواء رومانسية وخيال جامح تدفعه برفق موجات البحيرة الناعمة.
أخذنا أحد هذه القوارب وجلست في مقعده الخلفي.. وتركت القيادة لابني.. كانت السحب والغيوم مُنهمكة في حديث متقطع مع شمس صيفيّة ناعمة وعندما أصبح القارب في وسط البحيرة تباعدت بعض الغيوم، وتركت الشمس وحيدة في السماء فأرسلت أشعتها صافية دافئة نحو قاع البحيرة فبدا واضحًا ما يُمكن للعين أن تراه، وإذا بصندوق خشبيّ قديم بين تلك الرمال الذهبية!! تفاجأت به، وأمعنت النظر في بعض الكتابات الظاهرة على مقدمّته، وكانت بعض الكتابات واضحة قليلا؛ فكانت كلمات يابانية لرفاة ذلك المحارب (سنجن) الذي وُضِعت رفاته في (بحيرة بيوا) عام 1572م.
أخذتني الحمى، وسرت في جسدي قشعريرة مفاجئة.. وطلبتُ من ابني أن يُسرع في العودة إلى ضفة البحيرة ولم ألتفت إلى الوراء.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مصر تفوز على اليابان للكرة الطائرة البارالمبية ويواجه استراليا في كأس العالم بأمريكا
فاز منتخبنا الوطني للكرة الطائرة البارالمبية ، على نظيره منتخب اليابان بثلاثة أشواط نظيفة ، في إطار منافسات الدور الأول بكأس العالم والذي تستضيفه مدينة إنديانا بوليس الأمريكية خلال الفترة من 9 الى 18 أكتوبر الجاري .
وجاء فوز منتخبنا على اليابان بنتيجة أشواط 10/25 ، 11/25 ، 22/25.
ويخوض منتخبنا مباراة ثانية في الفترة المسائية اليوم أمام نظيره الاسترالي في الجولة الثالثة لمجموعته في الدور الأول ، وذلك في تمام الساعة الثالثة فجر الثلاثاء بتوقيت القاهرة.
وكان منتخبنا قد استهل مشاركته في البطولة بالفوز على الهند بثلاثة أشواط نظيفة.
من جانبه أكد الدكتور سامح سالم نائب رئيس الاتحاد المصري البارالمبي للكرة الطائرة ورئيس البعثة، أنه عقد إجتماع مع اللاعبين والجهاز الفني عقب المباراة الأولى لحثهم على استمرار الروح العالية ، وتحقيق الفوز في باقي مباريات البطولة حتى حصد اللقب، وهو ما حدث في مباراة اليابان بالفعل.
وقال الدكتور سامح سالم :"أن كل امور البعثة تسير على ما يرام في أمريكا، وأنه يقوم بتزليل كل العقبات من أجل يكون تركيز الجهاز الفني واللاعبين في المباريات والفوز فقط" وشدد الدكتور سامح سالم على أن اتحاد الكرة الطائرة البارالمبي لديه خطة طموحة بدأ تنفيذها قبل بطولة أفريقيا بكينيا ، التي توج بها منتخبنا يوليو الماضي وتستمر حتى اولمبياد لوس انجلوس 2028 ، وحصد ميدالية بارالمبية رابعة، وتعد بطولة كأس العالم والمنافسة على لقبها أحد أهم المراحل في هذه الخطة".
ويلعب منتخبنا في المجموعة الاولى بكأس العالم ، والتي تضم معه منتخبات الهند ، اليابان ، استراليا ،كرواتيا ، البرازيل ، وهولندا .
و تضم المجموعة الثانية منتخبات أمريكا ، كازاحستان ، فرنسا ، إيطاليا ، تايلاند ، كندا ، وبولندا.
وتضم البعثة 12 لاعبا هم : هشام صلاح قائد الفريق ، أشرف زغلول ،
عبد النبى حسن ، محمد الحناوى ، حسام مسعود ، السيد موسى ، أحمد خميس ، أحمد فضل ، زكريا السيد ،
مطاوع أبو الخير ، حمادة حسن ، وأحمد زكرى
والجهاز الفني بقيادة الدكتور وجيه حمدي مديرا فنيا ، ويعاونه محمد بشير مدرب عام ، محمد سعد مدرب، وأمين عبد المنعم مديرا إداريا.
ويعد منتخب الكرة الطائرة البارالمبي افضل منتخب جماعي في تاريخ مصر الاولمبي و البارالمبي ، وذلك كونه المنتخب الوحيد الذي استطاع حصد ثلاث ميداليات بارالمبية في 2004 و 2016 و 2024 ، كما استطاع حصد ثلاث ميداليات كأس عالم في 2006 و2010 و 2023 ، بالإضافة ميداليتين كأس عالم للقارات في 2012 و 2016 ، و8 بطولات امم افريقيا متتالية.