بدءا من "الكهرباء المقطوعة" وصولا الى جدار الصوت الذي يغزو سماء لبنان، الى المواجهات العسكرية ، من دون إغفال الهزات الأرضية من حين الى آخر، وما بات لافتا، ردة فعل اللبناني مع كل أزمة يمر بها، بحيث يحول المصيبة الى "نكتة " يضحك عليها إلى درجة السخرية.

يتفاجأ كُثر من المتابعين كيف أن الشعب اللبناني بمختلف طبقاته وأعماره يتمكّن من تقبل الأزمات .

حسّ الفكاهة لدى اللبنانيين يكمن وراء سرّ المواجهة، فتعمد الأغلبيّة إلى تغليب السخريّة على الجدّية، فيطرحون أزماتهم وأوجاعهم من باب النكتة، فتكون النكات هنا السبيل للإنتصار على الألم وسوء الأحوال.

ومن هذا المنطلق نرى ارتفاعًا ملحوظًا في استخدام اسلوب السخرية والنكت، خاصة على السوشيال ميديا، ففور وقوع أي كارثة امنية، او صحيّة او اقتصادية، تشهد تلك المواقع غزوًا بمظهر الاستهزاء والسخرية، فالضحك وسيلة علاجية اعتمدت في علاجات اضطراب ما بعد الصدمة .

والإحباط النفسي غالباً ما يتم التعبير عنه من خلال النُكتة وخفة الدم التي تعتبر المتنفس الأهم، وهناك تفاعل واندماج في النكات والنهفات بين الفئات العمرية كافّة. والسوشيل ميديا و"قفشاتها" تتكلّم وحدها عن ذلك، وهو مسرح آخر تتجلّى عليه "ميزة" التناقضات اللبنانية. 

ما هو سر الضحك والممازحة الطارىء على يوميات اللبناني؟ لماذا تحوّل الى شخص غير مبال بشيء يلجأ، مع كل مصيبة الى التهكم عبر صفحات وسائل التواصل الاجتماعي من خلال الهاشتاغ والصور المركبة والأفكار المضحكة؟ 

يفسر ذلك استاذ علم النفس حسن شكر بأن اللبناني يحب الحياة والفرح بطبعه، وأن أكبر دليل على ذلك هو الحفلات التي تُقام رغم الأزمات، حيث تزخر المطاعم والمقاهي بالرواد، وتنظم المهرجانات الفنية والثقافية، مما يوحي بأن اللبنانيين تأقلموا مع الظروف الصعبة ويعيشون حياتهم بشكل طبيعي.

ويلفت إلى أن "الشعب بمعظمه يُعاني، وبالتالي إطلاق النكات هدفه السخرية من واقعنا،  أي التخفيف من حدة الأزمة، لكن لا أستبعد،  في ظل الأوضاع المهيمنة، أن يخسر اللبناني السيطرة على نفسه، وأن يحتفظ اللبنانيون  بروح الدعابة في كل الأحوال، مؤكدا أن في لبنان لا يخلو أي حوار  من روح الدعابة، وإلا فإنه يعتبر حوارا ناقصاً".

وأكد شكر أن الأمر تخطى كونه مجرد كلماتٍ تُخفف من وطأة الأحداث السياسية، بل أصبح لدى البعض أسلوبًا اجتماعيًا لا يُفرقون فيه بين موقف قد يتحمل السخرية وآخر لا يقبلها ولا تجوزُ فيه بشكلٍ من الأشكال.

وأوضح أن خلفية لجوء اللبنانيين إلى السخرية من الوضع الاقتصادي المتأزم، سببها أنه عندما يضحك الناس على شيء ما، فذلك راجع في الغالب إلى أنهم لا يستطيعون تغيير أي شيء في الواقع. و "إنها ببساطة طريقة للتعامل مع الوضع".

وأكد شكر ان الشعب اللبناني يحمل في "العقل الباطن الجماعي" كل معاناته منذ الحرب العالمية الاولى وما تخللها من "مجاعة وخوف ومرض وموت" الى الحرب الاهلية والصدامات الطائفية .

وبيّن أن آلام الشعوب وتقلّبات الحكم والسياسة مادّة خصبة لفن النُكتة السياسية والإجتماعية، فالنُكتة وليدة أشكال سوسيولوجية محددة تاريخياً واجتماعياً، على صعيد آخر، إنّ الضحك الناتج عن سماع نكتة يخفّف الأوجاع بعد ان ينتج الجسم هرمونات الاندروفين التي تقتل الالم، كما أنّ النكات المضحكة ترفع من قدرات جهاز المناعة.

ويأمل شكر بتوقف المعارك قريباً وعودة المغتربين اللبنانيين لزيارة وطنهم، فكثيرون منهم يُحجمون عن القدوم بسبب مخاوف من إغلاق المطار، مما يسبب لهم التوتر والقلق.

وأوضح الشاب علي البالغ 27 عاما أن الضحك أصبح يُعتمد كعلاج للتغلّب على القلق والاكتئاب. فنحن شعب "المهضوم" و"الغاضب" نواجه واقعا لبنانيا مختلفا. نخلق "النكتة" من تحت تاسع أرض. اللبناني شعب "عيّيش" وبحثُنا عن سُبل المرح والتسلية لا يتوقّف. 

وأكد أن انتشار السخرية بهذا الشكل الواسع يفقد قيمة الأحداث وأهميتها والشعور بخطرها الحقيقي فترى الشعوب تظلُ تسخر من المنظومة السياسية، حتى تراهم يُسرقون حقوقهم وعلى العلن وتُنهب كل ثرواتهم بل وهم يضحكون.

وقال أن من يتصفح مواقع التواصل الاجتماعي يدرك أن هذا الشعب، بالرغم من كل ما حل به من مصائب، يحاول معالجة أزماته باللجوء إلى الضحك، لعله يفرغ الغضب داخله والحزن الظاهر في عينيه وغيرهما من المشاعر السلبية أو على الأقل تخفيف حدتها.

في ما يلي عينة من ردود الفعل الساخرة الصادرة عن اللبنانيين:

"إذا ظل الوضع هيك، رح بلش إسحب من مصاري الـ monopoly".

"نحنا شعب إذا بتقلوا محلات دفن الموتى رح تسكر بكرا... بيركض بيشتري 10 توابيت احتياط".

جربتوا تاخدوا لبنان عند شيخ؟

النفق تحت الارض مضوي اكتر من نفق المطار.

أنا برأيي لبنان يطلع ع أفريقيا سنتين ثلاثة.. يأمن حالو ويرجع.

أصبح الشعب اللبناني غير مبال ولا يتأثر، فمع كل أزمة تتحول مواقع التواصل الاجتماعي إلى مهرجانات من الضحك يعبر اللبناني من خلالها عن عمق ما يتراكم داخله من معاناة وهذا مؤلم اكثر. فالضحك والبكاء في الوقت عينه صعب جداً، يزداد وجع الروح وتتراكم الألأم نتيجة تجاهل الحلول الممكنة لإنقاذه مما ابتُلي به.

  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

الشوبكي .. زيارة الرئيس اللبناني إلى الأردن فرصة استراتيجية لتفعيل تصدير الطاقة إلى لبنان

#سواليف

قال الباحث الاقتصادي المتخصص في شؤون الطاقة، #عامر_الشوبكي، إن زيارة #الرئيس_اللبناني إلى المملكة الأردنية الهاشمية ولقاءه اليوم بجلالة الملك عبد الله الثاني، تمثل فرصة استراتيجية لإطلاق تعاون عربي ثلاثي في #قطاع_الطاقة، داعيًا إلى استثمار هذه الزيارة لإعادة تفعيل مشروع #تصدير #الكهرباء و #الغاز من #الأردن إلى #لبنان عبر سوريا.

وأوضح الشوبكي في تصريح صحفي أن الأردن يمتلك فائضًا كبيرًا في إنتاج الكهرباء يتجاوز 2000 ميغاواط نهاراً، فيما يبلغ العجز في شبكة الكهرباء اللبنانية اكثر من 2000 ميغاواط، وهو ما يجعل الأردن قادرًا على تلبية جزء مهم من #احتياجات #لبنان من #الكهرباء، بأسعار منافسة تقل بكثير عن كلفة المولدات الخاصة في الاحياء والتي تعمل بالديزل باهض الثمن مع انبعاثات مسرطنة، وتتجاوز الاسعار في بعض المناطق 30 سنتًا أمريكيًا للكيلوواط الواحد.

وأضاف أن الأردن يمكنه تزويد لبنان بالكهرباء المنتجة من مصادر غازية ومتجددة وصخر زيتي، عبر شبكات الربط القائمة مع سوريا، والتي جرى تشغيلها جزئيًا في السنوات الماضية، لكن المشروع توقف سابقًا بسبب قانون قيصر والعقوبات المفروضة على دمشق، والتي عطّلت أي عبور للطاقة عبر الأراضي السورية.

مقالات ذات صلة من يقف وراء “عصابة أبو شباب” في غزة؟ 2025/06/10

وأكد الشوبكي أن هذا العائق قد تراجع فعليًا اليوم بعد تخفيف القيود الدولية على الحكومة السورية، مما يفتح الباب أمام إعادة تفعيل الربط الثلاثي (الأردن – سوريا – لبنان)، سواء للكهرباء أو للغاز الطبيعي.

وأشار إلى أن الأردن يستطيع أيضًا تصدير الغاز الطبيعي إلى لبنان من خلال خط الغاز العربي، الذي يمر من العقبة إلى سوريا ثم إلى محطة دير عمار في طرابلس، وهو ما يُخفف الاعتماد على الوقود السائل، ويُوفر بدائل اقتصادية وبيئية أفضل.

وفي ما يخص آلية السداد، أوضح الشوبكي أن لبنان أحرز تقدمًا في مفاوضاته مع صندوق النقد الدولي، كما حصل مؤخرًا على قرض من البنك الدولي بقيمة 250 مليون دولار مخصص لإصلاح قطاع الكهرباء، مما يوفر مصادر تمويل محتملة لاستيراد الطاقة، إلى جانب إمكانية الاتفاق على آلية سداد مرنة بين الحكومتين تشمل الدفع المباشر أو المؤجل أو عبر منح إقليمية.

ودعا الشوبكي إلى التحرك الفوري من الجانب الأردني لتقديم هذه المبادرة رسميًا، وتشكيل لجنة فنية حكومية تبحث تفاصيل الربط الكهربائي وتصدير الغاز، مشددًا على أن نجاح هذه الخطوة سيُعزز دور الأردن كمركز إقليمي للطاقة ويدعم استقرار لبنان الاقتصادي والاجتماعي في واحدة من أخطر مراحله منذ الحرب الأهلية، بالضافة الى تخفيف عبئ الاستطاعة الفائضة والتكاليف الباهضة للنظام الطاقي الآمن باقصى درجاته والمتوفر في الاردن.

مقالات مشابهة

  • فضل الله دان العدوان على إيران: ندعو اللبنانيين إلى تعزيز وحدتهم في مواجهة ما قد ينتج عنه
  • الخارجية اللبنانيّة أدانة الإعتداء الإسرائيليّ على إيران
  • توقيف وزير الاقتصاد اللبناني السابق بشبهات فساد
  • اللقاء اللبناني السرّي في القاهرة
  • «اليونيفيل» والجيش اللبناني يوقعان مذكرة تعاون
  • رئيس الوزراء اللبناني يبحث الأوضاع في الجنوب مع مسؤولة أممية
  • لجنة الإِبداع اللبناني: زيارتُهُم في بَلْداتهم
  • سلام والمبعوث الفرنسي يبحثان تطورات الجنوب اللبناني
  • الشوبكي .. زيارة الرئيس اللبناني إلى الأردن فرصة استراتيجية لتفعيل تصدير الطاقة إلى لبنان
  • الحاج: وقف الهدر أولًا قبل زيادة الأسعار على اللبنانيين