(عدن الغد)خاص:

تتميز أغلب مناطق مديرية بروم وميفع بموقعها الخلاب وعلى شاطئ بحر العرب وشاطئها الرملي المميز الذي يبلغ طوله حوالي (80) كم، وتعد أحد المديريات المستحدثة بعد قرار رئيس الجمهورية رقم (23) لسنة 1999م، بعد أن كانت مراكزها ومناطقها وقراها تتبع إدارياً مديرية المكلا في الشرق ومديرية حجر في الشمال، إذ يعمل غالبية سكانها في صيد الأسماك والبعض في الزراعة، والتي يبلغ عدد سكانها وفقاً لإسقاطات السكانية لعام 2022م حوالي (31.

648) نسمة، وتقع على مساحة تقدر بحوالي (2.256) كم2.

موقع (عدن الغد) اتجه إلى مبنى ديوان السلطة المحلية بمديرية بروم وميفع، وحاور رجل المديرية الأول الأكاديمي الدكتور خالد بن حسن سعيد الجوهي الذي تم تكليفه بإدارة المديرية حسب قرار محافظ محافظة حضرموت الأستاذ مبخوت مبارك بن ماضي رقم (74) لسنة 2022م بتاريخ 18/9/2022م الذي عمل فور تكليفه على حلحلة ومتابعة بعض المشاريع، ونشاطات وعمل المكاتب التنفيذية والخدمية ومراقبتها لإنجاز أعمالها أول بأول، نتابع ذلك الحوار من خلال ثنايا الأسطر الآتية:

حاوره/ عبدالعزيز بامحسون

• منذ توليكم قيادة السلطة المحلية، ما هي أبرز المشاريع المهمة التي سعيتم إلى تنفيذها خلال الفترة الماضية؟

هناك مشاريع في المديرية نعمل على إنشائها أو نستكمل تنفيذها لعل أبرزها:

ربط الخزان الجديد سعة (400) لتر مكعب في عاصمة المديرية (بروم) بآبار المياه والشبكة العامة بكلفة تقارب على (101,000) دولار، كون هذا الخزان أنشئ منذ أكثر من (15) عاماً ولم يستخدم، بل كان الاستخدام على الخزان القديم الذي ظهرت عليه عدد من التشققات وأيضاً آيل للسقوط وسوف نسعى لإعادة ترميمه، ومشروع إعادة تأهيل شبكة الصرف الصحي ببروم بكلفة تقارب (70.000) دولار بتمويل السلطة المحلية بالمديرية حيث العمل جارٍ فيه، وبناء وتأثيث غرفتين للطوارئ التوليدية بالمركز الصحي ببروم والتي تكفلت السلطة المحلية بالمحافظة الكلفة الإنشائية ووزارة النفط والمعادن بتأثيث وتجهيز غرفتي الطوارئ بكلفة تقدر بأكثر من (22) مليون ريال وهنا نشكر ونقدر الدور الفاعل الذي لعبه معالي وزير النفط والمعادن الدكتور سعيد سليمان الشماسي في إنجاح هذا المشروع الحيوي النبيل.

وفي منطقة حصيحصة هناك مشروع يخدم قطاع شريحة الصيادين وهو البدء في العمل في مركز الإنزال السمكي بكلفة تقارب على مليون دولار بتمويل من منظمة (GIZ) الألمانية ولا زال العمل جارٍ فيه، وإعادة تأهيل الوحدة الصحية بمنطقة بروم بتمويل السلطة المحلية بالمديرية (البرنامج الاستثماري) بكلفة تقدر بـما يقارب من  (18.000) دولار، وتأهيل وصيانة عبّارات ومجاري السيول من الخط العام من بروم إلى ميفع بكلفة تقدر بـ (15.000) دولار (البرنامج الاستثماري) بتمويل من السلطة المحلية بالمديرية، كما تم إعادة تأهيل مشروع كهرباء ميفع من خلال تحسين الشبكة الداخلية وتوفير عدد من المعدات المهمة والضرورية مثل المولدات وتنظيم هيكلة المشروع إدارياً ومالياً، وبناء فصلين دراسيين ومكتب للمعلمين ودورات مياه وحوش لتنفيذ الأنشطة دراسية في منطقة شرمة بميفع بتمويل من منظمة ائتلاف الخير للإغاثة الإنسانية بالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي (WFP)  ، كما تم استكمال شبكة كهرباء مناطق وادي المحمديين بمؤسسة الكهرباء بساحل حضرموت إلى حين ربط التيار الكهربائي، وإعادة تأهيل المركز الصحي بوادي المحمديين وإعادة تأهيل الوحدة الصحية بمنطقة العلا بوادي المحمديين وصيانتها وربط المركز والوحدة بمنظمة اليونيسيف (البنك الدولي) التي تتولى تمويلهما في موازناتها التشغيلية.

• هل هناك مشاريع متعثرة، وكيف سيتم معالجتها؟

لا شك إن مديرية بروم وميفع وهي من أكثر مديريات حضرموت الساحل فيها مشاريع متعثرة منذ ما يربو على أكثر من (10) سنوات والبالغ عددها ما يقارب من (12) مشروع، وأسباب تعثرها كثيرة وخصوصا التمويل المحلي بالمديرية منها؛ عدم استكمال ثلاثة فصول دراسية مع قاعة اجتماعات وأثاث مدرسي بمجمع بروم التعليمي للبنات، و(6) فصول دراسية مع ملحقاتها بمدرسة السيدة أروى بردفان بميفع، والوحدة الصحية بظلومة،  ومشروع رصف الساحة العامة في منطقة ميفع والبعض الآخر تمويلها مركزياً سواء من المحافظة أو الحكومة ومن أبرز تلك المشاريع المتعثرة: مجمع الدوائر الحكومية بعاصمة المديرية (بروم) ، وسفلتة خط طريق الغبر ــ غيضة البهيش بطول (5) كم تقريباً، وبناء مجمع تعليمي بميفع من (26) فصل دراسي، وشق طريق الخربة ــ وادي المحمديين، وربط التيار الكهربائي لمنطقة وادي المحمديين، وبناء منشآت نادي النصر الرياضي ببروم، وغيرها من المشاريع.    

وحقيقة منذ الوهلة الأولى لتكليفنا بإدارة المديرية قمنا بحصر هذه المشاريع وسعينا مع الجهات ذات العلاقة لضرورة وضع حلول سريعة لهذه المشاريع، وبعد جهود متواصلة تم رفعها للجهات المعنية بالمحافظة، وعلى ضوء ذلك أصدر المكتب التنفيذي بالمحافظة قراراً بتشكيل لجنة برئاسة وكيل المحافظة للشئون الفنية المهندس أمين بارزيق وعضوية المدير العام لمكتب وزارة التخطيط والتعاون الدولي والمدير العام لمديرية بروم وميفع، وعلى ضوء ذلك اجتمعت اللجنة وقامت برفع التصورات بشأن حل هذه المشكلات لهذه المشاريع المتعثرة.

• كيف تقيّمون مستوى إداء ونشاط المكاتب التنفيذية والخدمية بالمديرية؟

حقيقة تقييمنا لمستوى أداء ونشاط المكاتب التنفيذية جيد، حيث يعقد المكتب التنفيذي اجتماعاته بشكل منتظم حسب ما تحدده اللوائح المنظمة، ووضع الخطط والبرامج الخاصة بالمكاتب التنفيذية خاصة ما يخص البرنامج الاستثماري بالمديرية، أضف إلى ذلك قمنا بعدة نزولات ميدانية على المكاتب لمراقبة سير العمل والانضباط الوظيفي، وحل قضايا المواطنين أول بأول وعدم التسويف، ولا زالت لدينا طموحات أكبر بشأن استحداث مكاتب لفروع مكاتب الوزارات بالمديرية، وأيضاً استحداث محكمة ونيابة عامة في المديرية تلبي طموحات أبناء المديرية لحل الكثير من المشكلات لنتمكن من حلحلة الكثير من القضايا العالقة والشائكة، وقد تم في الأيام القريبة الماضية فتح فرع لمكتب الأوقاف والإرشاد بالمديرية، كما قمنا بالتواصل مع مدير عام مكتب ضرائب ساحل حضرموت لأجل فتح مكتب بالمديرية.  

• حدثونا عن الحالة الأمنية في المديرية؟

لا شك أنه في الجانب الأمني ومن أجل تعزيزه نسعى لتوفير مجموعة من الأجهزة والآليات، وأيضاً قمنا بعمل تنسيق مشترك بين المعسكرات الموجودة في المديرية من أجل ترسيخ وتعزيز الجانب الأمني وهي (الأمن العام، معسكر الحمراء، لواء بارشيد، نقطة الشقين، وخفر السواحل) والتواصل بينهم من خلال إيجاد غرفة عمليات مشتركة للحصول على المعلومات الدقيقة وهم جميعاً يعملون كفريق واحد، كون المديرية مترامية الأطراف وحدودية، أيضاً نسعى لإنشاء مركز لمكافحة المخدرات بالمديرية وذلك حسب لقائنا مع العميد عبدالله لحمدي مدير إدارة مكافحة المخدرات بساحل حضرموت على أن يكون هذا المركز في منطقة ميفع لأن المديرية مرشحة لتزايد ظاهرة انتشار المخدرات وترويجها بحكم إنها منطقة ساحلية ومفتوحة، كما اتفقنا مع الفريق الأمني الأمريكي الذي زار المديرية على دعمنا بعدد من القوارب والطرادات الخاصة لقوات خفر السواحل وتوفير المعدات الحديثة للمراقبة والمتابعة البحرية وتأمين الأمن البحري من أي تهريب سواء بشري أو أسلحة أو مخدرات من أجل تأمين سواحل المديرية والذي وعدونا بتنفيذها، أيضاً تم الاتفاق مع قيادة أمن المديرية بضرورة وجود الدوريات الليلية وتكثيفها في أرجاء مناطق المديرية ومنع ظاهرة السهر من قبل الشباب والأطفال إلى ساعات متأخرة من الليل.

• مبنى الثانوية العامة في منطقة الهجلة، هُجرت منذ عدة أعوام، هل يمكن أن يستفاد منها كمصلحة عامة في الوقت الحالي، وماذا عن روضة الأطفال ببروم؟

كما تعلمون أن مبنى الثانوية العامة مجهز ولكنه تنقصه الكثير من الخدمات مثل وصول التيار الكهربائي والمياه والصرف الصحي وعدم وجود الكثافة السكانية في هذه المنطقة وبُعده عن مركز المديرية، ولكن قبل فترة وأثناء الأعمال الجارية لإعادة تأهيل مجمع الرازي ببروم تم استغلال هذا المبنى للدراسة لطلاب مجمع الرازي كحل مؤقت، ولكن حالياً تستفاد منه إدارة التربية بالمديرية لحفظ الأثاث والكتب الدراسية، ولكن عندما يكون هناك توسع سكاني في المنطقة سوف نسعى إلى إعادة الدراسة فيه.

أما بالنسبة لروضة الأطفال اعتقد إنها شبه مكتملة ممكن نقول إنها جاهزة بنسبة (90) %، ولم ينقصها إلا القليل مثل تركيب البوابة الرئيسة والطلاء والكهرباء، وهناك توجيهات صريحة من قبل السلطة المحلية بالمحافظة لمكتب وزارة التربية بالمحافظة بإلزام مقاول المشروع لاستكمال المبنى وتجهيزه، والذي من المتوقع تجهيزه خلال الفترة القادمة إن شاء الله.

• ماذا عن دور السلطة المحلية في دعم ورعاية شباب ناديي نصر بروم وشباب ميفع؟

في هذا الجانب حقيقة إننا نسعى إلى إيجاد واعداد دراسات فنية لنادي نصر بروم من خلال رفع أرضية ملعب كرة القدم وتعشيبه بالعشب الصناعي مع إنشاء قناة لتصريف مياه الأمطار والسيول، وبناء مدرجات للملعب باتجاه المنشأة على أن تبقى المساحة المحاذية للبحر مفتوحة لتضفي جمالاً للمنشأة المطلة على البحر بكلفة تقدر بحوالي (400) مليون دولار، والذي سيكون هذا المشروع بتمويل من وزارتي النفط والمعادن والشباب والرياضة والشركة اليمنية للغاز وجهات أخرى، ونتمنى أن ينفذ هذا المشروع في القريب العاجل وهنا نثمن جهود معالي وزير النفط والمعادن الدكتور سعيد الشماسي الذي لعب دور كبير في متابعة المشروع بنزول فريق فني من وزارة الشباب والرياضة على أرض الواقع لمعاينة الموقع، أيضاً هناك دراسات يتم الاعداد لها للتفكير في إيجاد صالة للأفراح كمشروع استثماري لنادي نصر بروم في مقر النادي بحيث تكون هذه الصالة مزدوجة للأفراح وصالة رياضية.

أما بالنسبة لنادي شباب ميفع سنسعى من أجل توفير حافلة للنادي وتسوير موقع النادي للحفاظ عليه من العبث ومستقبلاً متابعة الجهات المعنية لبناء مبنى للنادي.          

• كيف تنظرون للمسيرة التنموية في مديرية بروم وميفع اليوم؟

على الرغم من الظروف الاستثنائية التي تعيشها البلاد منذ فترة طويلة إلا أننا وبحمد لله أن العملية التنموية تسير بشكل جيد، وخير شاهد على ذلك المشاريع التي تنفذ على أرض الواقع سواء بتمويل محلي أو مركزي.

لهذا فإننا ننظر بنظرة تفاؤل تجاه المسيرة التنموية بالمديرية وفي ظل وجود الشراكات الفاعلة مع المجتمع والمنظمات المحلية والدولية، والسعي في بناء علاقات شراكة فعالة مع القطاع الخاص كشركاء في التنمية لتحقيق التنمية المحلية المستدامة.

* ماذا عن خططكم المستقبلية دكتور خالد؟

هناك خطط مستقبلية سنفعّلها إن شاء الله، متى ما تحصلنا على دعم لها والتعاون في تنفيذها، حيث توجد لدينا دراسات لبعض هذه المشاريع والبعض في إعداد الدراسات اللازمة لها منها؛ تأهيل الشوارع الرئيسة لمناطق المديرية والاهتمام بالجوانب الجمالية وسوف نبدأ بعاصمة المديرية بروم ثم بقية مناطق المديرية وعمل المجسمات الجمالية والإنارة والتشجير والحدائق العامة، واستكمال هيكلة مشروع مياه ميفع ليرتقي إلى مستوى أفضل، كما نبشر أبناء المديرية أننا موعودون بوصول محولات كهربائية خلال الأسابيع القادمة والذي سيتم تركيبها في منطقة الشقين لكي يتم ربط المناطق الواقعة ما بعد بروم إلى مناطق وقرى ميفع بالتيار الكهربائي عبر مؤسسة الكهرباء بساحل حضرموت.

* لكل عمل جاد صعوبات، ماذا عن الصعوبات لديكم؟

هناك عدة صعوبات تواجهنا منها؛ ضعف الاعتمادات المالية التي لا تفي بتغطية احتياجات المديرية المترامية الأطراف وذات المساحة الجغرافية الشاسعة، وهناك مشاريع متعثرة منذ فترة طويلة ونحاول بقدر الإمكان إلى إيجاد التمويل اللازم لها لاستكمالها، وتباعد مناطق المديرية عن بعضها البعض من مركز المديرية، وعدم توفر مبنى حكومي، وضيق المبنى الحالي المستأجر والنقص في الكادر الوظيفي لديوان السلطة المحلية والمكاتب التنفيذية بالمديرية.

• قبل أن نختتم معكم هذا الحوار، هل لكم من كلمة أخيرة دكتور خالد؟

في الأخير نوجه كلمة لمواطني المديرية أننا وبإذن الله سنعمل جاهدين على متابعة كل المشاريع المتعثرة وتنفيذها إلى واقع ملموس، وإيجاد مشاريع تنموية أخرى في كافة المجالات لما من شأنه نقل المديرية إلى وضع أفضل، كونها تعتبر مفتاح المحافظة من الجهة الغربية، وسيعود الفضل بعد الله لمعالي وزير النفط والمعادن الدكتور سعيد الشماسي وللسلطة المحلية بالمحافظة ممثلة بمحافظ محافظة حضرموت الأستاذ مبخوت مبارك بن ماضي والأمين العام للمجلس المحلي الأستاذ صالح العمقي ووكيل المحافظة للشئون الفنية المهندس أمين بارزيق وجهودهم واهتماماتهم الملموسة ورعايتهم ودعمهم وما قدموه وما سيقدمونه  لهذه المديرية لتطويرها نحو الأفضل.

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: السلطة المحلیة مناطق المدیریة هذه المشاریع فی المدیریة بتمویل من فی منطقة من خلال من أجل

إقرأ أيضاً:

السفير خالد البقلي وإلينا بانوفا يكتبان: يحرسون الأمل وسط الصراع.. حان الوقت لتمكين حفظة السلام التابعين للأمم المتحدة لمجابهة تحديات الغد

تُحيي الأمم المتحدة هذا العام الذكرى السنوية الثمانين لإنشاء المنظمة الدولية، وفي قلبها عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام التي تتفرد بكونها أحد أبرز وأقوى تجليات التعاون الدولي متعدد الأطراف. فعلى مدى ما يقرب من ثمانية عقود، ساهمت جهود وتضحيات أصحاب الخوذ الزرقاء في إنقاذ الأرواح وتغيير حياة الناس إلى الأفضل –لتساعد البلدان على عبور المسار الصعب من الحرب إلى السلام. 

يشارك حاليا أكثر من 76 ألفا من الأفراد المدنيين والعسكريين والشرطيين في 11 بعثة حول العالم؛ فمن قبرص إلى لبنان، ومن جمهورية إفريقيا الوسطى إلى جنوب السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية، يمد أولئك الرجال والنساء الشجعان شريان حياة إلى الملايينمن الأشخاص الذين يعيشون في بعض من أكثر سياقاتالعالم هشاشة، على الصعيدين السياسي والأمني. 

بيد أنه في ضوء تلك الضغوط المتنامية، من الضروري إعادة التفكير في دور عمليات حفظ السلام داخل البنية الأوسع للسلم والأمن الدوليين. ولقد كان فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي مُحقا حين شدد على أن "حفظ السلام يُمثل أداة حيوية للمجتمع الدولي ولكنه لا ينبغي أن يُنظر إليه باعتباره الوسيلة الوحيدة لصون السلام." كما زاد على ذلك بتأكيده على أن حفظ السلام "لا يُمكن أن يكون بديلا عن الدبلوماسية الوقائية، أو جهود الوساطة، أو بناء السلام أو الإجراءات السياسية والاقتصادية والاجتماعية اللازمة لمعالجة الأسباب الأساسية وعلاج الانقسامات المجتمعية."، ونبه السيد رئيس الجمهورية على أن "حفظ السلام لا ينبغي أن يكون هو الاستجابة التلقائية أو الفورية لكل أزمة." 

ولهذا فإن موضوع احتفالنا باليوم الدولي لحفظة السلام التابعين للأمم المتحدة لهذا العام، وهو "مستقبل حفظ السلام" – يكتسب أهمية بالغة ويأتي في التوقيت المناسب تماما. فاليوم يواجه حفظة السلام تهديدات متصاعدة وغير مسبوقة؛ إذ تغيرت طبيعة الصراعات فصارت أطول أمدا، وأكثر دموية وتعقيدا. كذلك، فلم تعد الصراعات محصورة داخل حدود البلد الواحد، وسرعان ما تتسع رقعتها عبر الحدود، وما من تعقيد المشهد هو الإرهاب والجريمة المنظمة والحرب السيبرانية وانتشار المعلومات المغلوطة والمضللة فضلًا عن تنامي استخدام التقنيات والتكنولوجيات الحديثة في الصراعات. ليس هذا كل شيء، فتغير المناخ يُعمق من عدم الاستقرار في مناطق هشة بالفعل. وفي ظل تفاوت التوجهات داخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أضحى التوافق أمرا أكثر صعوبة –فصار نسق التحرك بطيئا في وقت ما أحوجنا فيه إلى العمل العاجل. 

ولقد عبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن ذلك بوضوح بقوله، "إن ثمة نقصا في الثقة، داخل الدول والأقاليم، وفيما بينها... تشخيص قاتم للوضع، ولكن لا بد لنا أن نواجه الحقائق." ومن بين أكثر المسائل إلحاحا هي التباين المتنامي والمستمر بين المهام الملقاة على عاتق بعثات حفظ السلام والموارد المتاحة لها للاضطلاع بتلك المهام. إن هذا يُقوض فاعلية عمليات حفظ السلام ويدفعبها في أوضاع "حيث يكاد لا يكون هناك سلام لحفظه". 

إن ميثاق المستقبل الذي اعتمدته قمة المستقبل في 2024، يضعنا أمام لحظة للمراجعة – لكنه يمنحنا الفرصة أيضا. فهو يؤكد أن عمليات السلام يُمكن أن يُكتب لها النجاح فقط إذا استندت إلى الإرادة السياسية واستراتيجيات شاملة تجتث أسباب الصراع من جذورها. كما أنه يُشدد على نحو صحيح على الحاجة لدعم بعثات حفظ السلام بالتمويل الكافي، على نحو مستدام ويُمكن التنبؤ به. 

كما ويخول ميثاق المستقبل إجراء مراجعة شاملة لعمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام – وهي فرصة لإعادة التفكير وإصلاح نموذج حفظ السلام. فالسياقات شديدة الخطورة التي يغصُّ بها عالمنا اليوم تستلزم أن يكون لدى بعثات حفظ السلام من الأدوات المناسبة والشراكات والاستراتيجيات ما يُمكنها من حماية المدنيين وتقديم الدعم الفعال لبناء السلام. 

إن مصر، التي تحتفل هذا العام بمرور 65 عاما على مشاركتها الفعالة في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام، قد أظهرت ولا تزال، التزاما قويا ومستداما وراسخا إزاء أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة. فمنذ أسهمت قواتها لأول مرة في عملية الأمم المتحدة لحفظ السلام في الكونغو في العام 1960، نشرت مصر ما يزيد عن 30 ألفا من حفظة السلام في 37 مهمة لحفظ السلام عبر 24 دولة، لتكون في مصاف كبريات الدول المساهمة بأفراد نظاميين في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام. وتنشر مصر حاليا 1205 من حفظة السلام، من بينهم نساء، يخدمن في خمس بعثات في أنحاء متفرقة من قارتنا الإفريقية. 

ومن المشهود أن يكون سجل الخدمة والتضحيات المصري موضع اعتراف وتقدير العالم، وهو ما يُعبر عنه إعادة انتخاب مصر كمقرر للجنة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بعمليات حفظ السلام وانتخابُها مؤخرا كعضو في لجنة الأمم المتحدة لبناء السلام، فضلا عن اختيارها كمُيسر مشارك للمراجعة الدورية لهيكل بناء السلام لعام 2025، في كل من الجمعية العامة ومجلس الأمن. 

إن قيادة مصر في حفظ السلام تمضي لأبعد من المساهمة بقوات؛ إذ تلعب دورا فعالا في صياغة التفكير الاستراتيجي حول جهود إصلاح عمليات حفظ السلام. وقد اضطلعت مصر بدور ريادي بتقديمها لرؤية لعمليات حفظ سلام تراعي السياقات المختلفة وتتسم بالابتكار والشمول، وذلك من خلال مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام – وهو مركز تميز أفريقي. ويُركز مركز القاهرةفي جهوده على الحاجة إلى الوقاية وحماية المدنيين وبناء الشراكات الإقليمية، جنبا إلى جنب مع تعزيز مشاركة المرأة في حفظ السلام، اتساقا مع أجندة المرأة والسلام والأمن. ومن خلال منتدى أسوان السنوي، الذي يُنظمه مركز القاهرة، تستمر مصر في دعم الحلول الأفريقية وتعمل على تعزيز التآزر بين حفظ السلام وبناء السلام. إن هذا العمل، الذي يجري بتعاون وثيق مع الأمم المتحدة في مصر، لهو مثال قوي على فعالية التعاون فيما بين بلدان الجنوب العالمي وقيمة الحلول الاقليمية. وتُترجم مصر ذلك عمليابمساهمتها الفعالة في تدريب حفظة السلام النظاميين الأفارقة والدوليين من خلال منشآت خاصة تُديرها وزارة الداخلية عبر مركز المركز المصري للتدريب على عمليات حفظ السلام، ووزارة الدفاع، من خلال جهاز الاتصال بالمنظمات الدولية. 

كذلك، فإن مصر داعم قوي لمبادرة الأمين العام للأمم المتحدة، "العمل من أجل السلام" (A4P). وفي العام 2018، نظمت مصر مؤتمرا تاريخيا رفيع المستوى كان هدفه تحسين فاعلية عمليات حفظ السلام. وقد أثمر ذلك الحدث عن "خارطة القاهرة لعمليات حفظ السلام"، وهي إطار عمل راسخ من الالتزامات المشتركة التي اعتمدها الاتحاد الأفريقي لاحقا، في العام 2020. 

وهذا العام، وفيما نتذكر 4430 من حفظة السلام الذين جادوا بأرواحهم في سبيل السلام، فإننا ينبغي أن نذهب لأبعد من مجرد إحياء اليوم، وذلك بالعمل على صون المبادئ التي قدم حفظة السلام التضحية الكبرى في سبيلها. لقد جاد أكثر من 60 شهيدًا من حفظة السلام المصريين بأرواحهم أثناء خدمتهم ضمن عمليات الأمم المتحدة في أنحاء العالم، وهو تذكير قوي بالمخاطر المتنامية التي يخوض حفظة السلام غمارها – وبواجبنا الجماعي نحو ضمان ألا يُتركوا أبدا من دون الوسائل التي تُمكنهم من أداء مهمتهم. 

جددت مصر التزامها القوي بتعزيز عمليات حفظ السلام الأممية في مؤتمر الأمم المتحدة الوزاري لحفظ السلام لعام 2025 والذي انعقد مؤخرا في برلين في مايو الجاري، وذلك من خلال خطط لنشر حفظة السلام، وإعداد ضباط يتمتعون بأعلى مستويات التدريب. وتعهدت بتوفير قدرات متخصصة، ونشر أفراد مؤهلين في بعثات الأمم المتحدة، وبتعزيز التدريب بالتنسيق مع الشركاء الدوليين. كما وسلطت مصر الضوء على أهمية استغلال ما توفره التكنولوجيا الحديثة من فرص لتعزيز كفاءة وفاعلية بعثات حفظ السلام الأممية، استنادا إلى الدروس المستفادة من عمليات الانتقال الإقليمية، وتعزيز التكافؤ بين الجنسين – وشددت على اعتزامها تحقيق نتائج تفوق أهداف الأمم المتحدة لمشاركة المرأة في الأدوار النظامية. 

وبينما تواصل الأمم المتحدة مواجهة التحديات الهائلة،وفي سياق إقليمي تخيم عليه نزاعات متعددة، تقف مصر راسخة كشريك مستقر يُعتمد عليه لصون السلم والأمن الدوليين. ليس هذا فحسب، بل عبرت مصر عن استعدادها لتوفير كافة أوجه الدعم لمبادرة الأمم المتحدة 80 هذا العام من أجل إنجاحها من خلال العمل على ضمان الفعالية والترشيد للمساعدة في مواجهة التحديات المالية الحادة التي تواجه الأمم المتحدة وحفظ السلام. وفي هذا الصدد، فإن استعداد مصر وجاهزيتها لاستضافة وكالات الأمم المتحدة وبرامجها ومكاتبها التي قد تكون بصدد نقل مقراتها بموجب مبادرة الأمم المتحدة 80، هو موضع تقدير واحترام. 

إن موقع مصر الاستراتيجي – في ملتقى الطرق بين إفريقيا وآسيا وأوروبا والشرق الأوسط – يجعلها مركزا طبيعيا للتواصل والتعاون. وتوقيتها المركزي وقربها من مناطق الأزمات الرئيسية يجعل منها موقعا مثاليا وفعالا يساهم في تقليل النفقات، ويقلل زمن الرحلات ويُسهم في سلاسة التنسيق. كما تٌقدم مصر نفاذًا مباشرا للبحرين الأحمر والأبيض المتوسط عبر قناة السويس – وهي شريان حياة حيوي للتجارة العالمية – فتوفر بذلك ربطًا بحريا لا يُضاهى. فضلًا عن مطاراتها الدولية وقربها الجغرافي من مناطق الصراع بما يعزز اجمالًا من أهميتها كمركز للدبلوماسية، والاستجابة للأزمات، وجهود حفظ السلاموتقديم المساعدات الانسانية. 

هذا وتستضيف مصر العديد من المنظمات والمكاتب الدولية والإقليمية، بما في ذلك مقر جامعة الدول العربية، مع أكثر من 140 من السفارات المُمثلة في القاهرة، لتظل بذلك مركزًاجيوسياسيًا، في ظل تواجد أممي قوي بالفعل، وبنية تحتية عصرية، ومستويات أمان تحظى بتقدير شديد. 

يشير الأمين العام للأمم المتحدة، بأن "العالم يحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى الأمم المتحدة - والأمم المتحدة تحتاج إلى أن يكون عملها في حفظ السلام كاملَ العُدّة للتعامل مع حقائق اليوم ومواجهة تحديات الغد." ومع إدراكنا لما تتعرض له بعثات حفظ السلام من ضغوط، فإننا بتجديد العزيمة متعددة الأطراف، وبإتاحة الموارد الكافية، والإصلاحات الجريئة، نستطيع تمكين حفظة السلام ليبقوا قوة لا غنى عنها من أجل السلام والاستقرار، والأمل في عالم مضطرب. وتظل مصر بالتعاون مع الأمم المتحدة في صدارة الأمم التي تقدم هذا الدعم. 

 

مقال رأي مشترك، بقلم السفير خالد البقلي، مساعد وزير الخارجية للشؤون متعددة الأطراف والأمن الدولي 

إلينا بانوفا، المُنسقة المُقيمة للأمم المتحدة في مصر 

مقالات مشابهة

  • مرشح السودان يفوز بمقعد المدير التنفيذي القطري في مجموعة بنك التنمية الإفريقي
  • رئيس بعثة حج الجمعيات: نثمن جهود المملكة في توعية الحجاج بالجرائم الإلكترونية
  • المدير العام لقوات الجمارك بالإنابة يقف على سير الأداء بمطار بورتسودان الدولي
  • السلطة المحلية بالبيضاء تدين جريمة استهداف العدو الصهيوني مطار صنعاء وتدمير طائرة اليمنية
  • السفير خالد البقلي وإلينا بانوفا يكتبان: يحرسون الأمل وسط الصراع.. حان الوقت لتمكين حفظة السلام التابعين للأمم المتحدة لمجابهة تحديات الغد
  • الوزير الأول الكيني يدعو OCP إلى تسريع إنشاء مصنع للأسمدة في كينيا
  •  وفد من بوركينافاسو يزور عين ماضي لتجديد البيعة للخليفة العام للطريقة التيجانية
  • قيادة السلطة المحلية بالحديدة تنعي عضو مجلس النواب علي الخبال
  • الوزير الحجار استقبل وفداً إماراتياً لبحث التعاون وتطوير المشاريع
  • المدير العام لقوات الشرطة يتفقد قوات الإحتياطي المركزي القطاع الاول امدرمان ويمتدح جهود قوات الإحتياطي المركزي في معركة الكرامة الوطنية