إخوتي أصبحوا أبنائي.. محنة أيتام غزة
تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT
وجد الشاب الغزي أحمد الخضري، البالغ من العمر 24 عاما، نفسه "أباً" فجأة، بعد أن حمّلته الحرب الجارية بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، مسؤولية إخوته الذين فقدوا والديهم، كحال الكثير من أطفال القطاع الذين أصبحوا أيتاما بسبب الحرب.
وتولى الخضري مسؤولية شقيقته وإخوته الذكور الثلاثة، بعد مقتل والديهم، عندما دمرت غارة إسرائيلية منزلهم، حسب صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.
وأصيبت شقيقته مسك في القصف، حيث قضت بعض الوقت في العناية المركزة قبل أن تتعافى من إصابات في الرأس، كما فقد شقيقه عبد الرحمن ساقه عندما تعرض المستشفى الذي لجأ إليه للهجوم.
وقال الخضري إنه قدم موعد زفافه، حتى تتمكن خطيبته من الانتقال إلى خيمتهم للمساعدة في رعاية شقيقته مسك، التي "تعاني من تشنجات ونوبات شديدة من الغضب والبكاء".
ووصف شعوره "بالانكسار" عندما لم يتمكن من توفير الطعام لمسك، مضيفا: "لقد رغبت في بعض الدجاج المشوي، ولم أستطع إحضاره لضيق ذات ليد".
وختم بالقول: "أصبح أشقائي أطفالي، وكل ما أريده هو أن يكونوا سعداء وبصحة جيدة".
ومع مرور أكثر من 10 أشهر من الحرب، فإن عدد الأيتام في قطاع غزة وصل إلى 19 ألف طفل، وفقا لتقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف".
وكان المتحدث باسم المنظمة، كاظم أبو خلف، قد ذكر في وقت سابق، أن هناك ما يقرب من "19 ألف طفل في قطاع غزة فقدوا الأب أو الأم أو كليهما، أو انفصلوا عن آبائهم وأمهاتهم جراء الحرب"، مشيراً إلى أن الرقم المذكور "تقديري"، لا سيما وأنه لا توجد طريقة لتحري الدقة، وأن "يونيسف" تسعى للم شمل بعض الأطفال، بذويهم.
ووفقا لتقرير "فاينانشال تايمز"، فقد حرمت الحروب المتعددة التي عصفت بقطاع غزة على مر السنين، الكثير من الأطفال من أمهاتهم وآبائهم، لكن مسؤولين حقوقيين أكدوا أن الحرب الحالية "تسببت بوجود أعداد كبيرة من الأيتام".
وكانت الحرب قد اندلعت في السابع من أكتوبر، عقب هجمات غير مسبوقة لحركة حماس، المصنفة إرهابية في أميركا ودول أخرى، على إسرائيل، مما أدى إلى مقتل نحو 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وبينهم نساء وأطفال، وفقا لبيانات رسمية.
في المقابل، ردت إسرائيل بقصف مكثف وعمليات عسكرية برية، نجم عنها مقتل أكثر من 40 ألف شخص، أغلبهم من النساء والأطفال، حسب وزارة الصحة في قطاع غزة.
وبالإضافة إلى الارتفاع الكبير في أعداد الأيتام خلال الحرب الحالية، مقارنة بالحروب السابقة، فإن التحديات أصبحت أكثر صعوبة هذه المرة.
فالأقارب على استعداد لاستقبال الأطفال الذين فقدوا والديهم، لكن القيام بذلك يصبح أكثر صعوبة عندما يكون هؤلاء الأوصياء معوزين ويعيشون في خيام وملاجئ مؤقتة، كما حال معظم سكان قطاع غزة في الوقت الحالي.
وفي هذا الصدد، أوضح طارق أمطيرة، المدير العام لمؤسسة التعاون، وهي منظمة غير حكومية فلسطينية دعمت الأيتام من الحروب السابقة، إن الاحتياجات هذه المرة "كانت من نوع مختلف".
وأضاف: "في الماضي على الأقل، كانت البنية التحتية للتعليم والصحة سليمة. والآن النظام معطل".
واستطرد: "هناك أطفال أيتام أصيبوا بإصابات خطيرة. وواجه بعضهم صدمات شديدة وهم لا يعرفون أين هم. إن توفير أي نوع من الراحة لهؤلاء الأطفال أمر صعب للغاية في الوضع الحالي".
من جانبه، أكد المتحدث باسم "يونيسيف"، كاظم أبو خلف، أن منظمته تعمل على مساعدة الأطفال الأيتام، لكنه أكد أن جميع الأطفال في القطاع يحتاجون إلى المساعدة، مردفا: "هناك 625 ألف طفل خسروا عامًا دراسيًا".
وتصر وكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية على أن وقف إطلاق النار أمر بالغ الأهمية للبدء بمعالجة الاحتياجات الهائلة للأطفال في غزة، بما في ذلك أولئك الذين ليس لديهم آباء.
لكن حتى هذا من غير المرجح أن يخفف من محنة الأيتام في غزة، إذ قالت ألكسندرا سايه، رئيسة السياسة الإنسانية والدعوة في منظمة إنقاذ الطفولة الدولية: "يبدو مستقبل هؤلاء الأطفال قاتمًا للغاية".
وتابعت: "إن الحجم الهائل للأطفال الذين فقدوا عائلاتهم يجعل من غير المفهوم، الحديث عن قدرة المجتمع عن التعامل مع هذه المسألة".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: أطفال غزة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
بأي ذنبٍ قُتلوا؟ صرخة من خان يونس بعد مقتل تسعة أطفال من عائلة الطبيبة آلاء النجار
بينما كانت الطبيبة آلاء النجار تمارس عملها في مستشفى الأطفال الرئيسي جنوب قطاع غزة، بلغها نبأ قصف منزلها في خان يونس يوم الجمعة في غارة إسرائيلية. أسرعت إلى موقع القصف لتكتشف أن زوجها وأطفالها العشرة كانوا تحت الأنقاض. اعلان
من بين أفراد العائلة الذين كانوا في المنزل، لم ينجُ سوى زوجها الطبيب حمدي النجار، وطفلها آدم البالغ من العمر 11 عامًا، فيما قضى أبناؤها التسعة، الذين تتراوح أعمارهم بين سبعة أشهر واثني عشر عامًا، في الغارة.
وصف إسماعيل النجار، شقيق الطبيب حمدي، المشهد المروّع قائلاً إن معظم جثث الأطفال كانت متفحمة بالكامل. وأضاف: "هؤلاء الأطفال أبرياء. أخي طبيب لا ينتمي لأي تنظيم. ما الجريمة التي ارتكبها هو وأطفاله حتى يتم استهدافهم بهذه الطريقة؟".
وقعت الغارة بعد دقائق من عودة الطبيب حمدي إلى المنزل، عقب إيصاله زوجته إلى مستشفى ناصر القريب. كان إسماعيل أول من وصل إلى الموقع بعد القصف، ليجد شقيقه وابن أخيه آدم ينزفان. تمكّن من إخراج الطفل من تحت الركام ونقله إلى المستشفى قبل وصول فرق الدفاع المدني والإسعاف، ثم عاد ليساعد في البحث عن بقية الأطفال.
وصلت آلاء إلى موقع الدمار بينما كانت عمليات البحث لا تزال جارية. فوجئت برؤية المنزل وقد سُوِّي بالأرض. قال إسماعيل إن آلاء لم تُبدِ أي ردة فعل في البداية، وراحت تفتّش بيأس بين الركام عن أطفالها.
منذ وقوع الكارثة، أمضت الطبيبة آلاء وشقيق زوجها وقتهما إلى جانب سريرَي ابنها وزوجها في مستشفى ناصر، حيث يرقد الأخير في وحدة العناية المركزة متأثراً بإصاباته البليغة.
وقالت الدكتورة آلاء الزيان، طبيبة الأطفال في مستشفى ناصر، إن جثامين الأطفال وصلت إلى المشرحة متفحمة وممزقة داخل كيس واحد. وأشارت إلى أن الطبيبة آلاء تحلت بهدوء استثنائي أمام هذه المحنة، وتمسكت بالدعاء أملاً في شفاء ابنها وزوجها.
Relatedاللجنة الدولية للصليب الأحمر تعلن مقتل متعاونين اثنين معها في ضربة على منزلهما في قطاع غزةيوميات غزة: قصفٌ وجوعٌ وطوابيرُ أمام المطابخ الخيرية لمن استطاع إليها سبيلاالجوع ينهش أطفال غزة: طوابير لا تنتهي وأيادٍ صغيرة تمتدّ بحثًا عن كسرة خبزجرائم بحقّ الأطفالكانت إسرائيل قد استأنفت هجومها في آذار/مارس بعد انتهاء وقف إطلاق النار، متعهدة بمواصلة العمليات حتى "تدمير" الحركة أو نزع سلاحها، وإعادة الأسرى المحتجزين.
وتتعرض الدولة العبرية لاتهامات بانتهاك القانون الدولي الإنساني جراء استهدافها المدنيين، ولا سيما الأطفال، في قطاع غزة، ما يشكل بحسب الناشطين الحقوقيين جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فقد تجاوز عدد الأطفال الذين قُتلوا منذ بداية الحرب في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، 16,503 طفلًا. وارتفعت حصيلة الضحايا الإجمالية إلى 53,977 قتيلاً و122,966 جريحًا حتى الآن.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة