أبحرتُ في أعماق اللغة العربية من جميل الكلمات حتى تلك التي تُعبر عن القُبح والدناءة وانعدام المروءة وتنطلق من بين حروفها اللعنات، تجولت وجاب عقلي في غياهب الظلم وحُطام نفوس المستبدين وفي دروب المتجبرين المنقوشة قباحاتهم على جدران التاريخ بدماء الأبرياء من أبناء أمة اجتمعت على نهشها كل الأمم، بفضل من أُسندت لهم إدارة شؤونهم قهرا وغصبا.
ولكنني وعلى مدار أشهر الإبادة التي هي لمرتكبيها من حثالة الأمم عبادة، وأيام التوحش والتلذذ بسفك الدماء التي أصبحت في عرفهم عادة، لم أجد ما أستطيع من خلاله وصف قادة أمة عربية يقال عنهم إنهم عرب ودينهم الإسلام بالكلام والسلام.
قد أتفهم نظرية خوف الدول الضعيفة وخضوعها أمام الدول الأقوى -بغض النظر عن أنهم أنفسهم بظلمهم واستبدادهم واستهداف كل طاقة أو فكر أو همة، حتى جرفوا بلاد العرب من خير أبنائها وكوادر تقود بفكرها وعلمها أمم أخرى- وبالتالي تجنب الحرب لحماية العرش وتلبية ما يشتهيه كل كرش، ولكن هذا لا يمنع من موقف مؤقت يحفظ به ماء وجهه أمام نفسه بالتهديد مثلا بتجميد علاقات أو سحب بعثات أو وقف التبادل التجاري رفضا لقتل الأطفال أو التجويع أو استهداف المدارس أو المستشفيات! مجرد موقف لا يترتب عليه لا حرب ولا ضرب ولا أزمات، فقط مجرد عتاب بين إخوة في الشر لا يفضي إلى خصومة لا سمح الله! فلنقل إن هناك ردة عن العروبة وأنها اجتثت روابطها، ماذا عن الإنسانية؟ أين الضمير؟ هل أنتم فعلا بشر؟ فإذا كان بداخلكم شيء من الإسلام، ماذا عن مشهد نسف المساجد وتدنيس العصابات الصهيونية لها وحرق مصاحف اعتقد أنه يوجد منها نسخ في مكاتبكم ومنازلكم؟ ألا يستحق المصحف موقف؟ لا يقبل بهذه الوحشية وانعدام الإنسانية غير المسبوقة إلا معتنقو الصهيونية الذين لا يعترفون بإنسانية لبشر إلا إذا كان يهوديا أما غيره فقتله واستباحته ركن من أركان التعبد والتقرب إلى الله. مجموعة بشرية أنتجت أحقر صور العسكرية على مر التاريخ، وخلفها مجتمع لا يوجد فيه قلب يتألم أو نفس واحدة تشعر بتأنيب ضمير، ولا حتى صوت يصدح بأن ما تقوم به قواتهم في غزة جرائم ضد الإنسانية ويشهد بانعدام الأخلاق، بل على العكس تماما فهم صف واحد يروي عطشهم دماء الأطفال ويروق لهم تمزيق أجسادهم البريئة وحرق المرضى داخل المستشفيات والمصلين في المساجد والكنائس، هذا المجتمع الذي يصفه الغرب كذبا بالمدني، المدنية من أمثال هؤلاء براء، أُس مصائب الكون وأصل البلاء، شرذمة من القتلة الأغبياء أتت بهم قوى الغرب من كل الدنيا وأسكنتهم أرض فلسطين.
لم يقتصر ما لا يمكن وصفه بكل كلمات اللعنات مجتمعة من قبح عند صمت الأصنام للسادة الحكام، والانصياع التام لأوامر نتنياهو عندما أمرهم بأن يخرسوا، وفشلهم في إدخال حفنة من الطعام أو الماء لمن يقتلون على مدار الساعة بعجز تام. بل كشفت مواقع إخبارية غربية وعربية عن جسور جوية وبرية وبحرية تربط الكيان بعدد من الدول العربية؛ لا تتوقف عن إرسال كل أنواع السلع لقتلة أطفال العرب وأعدائهم الأزليين!
حتى مصر العروبة والشهامة والشجاعة التي لطالما حملت راية الأمة وتبنت قضاياها، وقدمت لقضية فلسطين عشرات الآلاف من خيرة أبنائها وجادت بخيراتها نصرة لأم القضايا في ضمير شعبها -بشهادة كل أهل النضال وفي مقدمتهم الشيخ الشهيد أحمد ياسين- ووجهة كل مناضليها؛ أصبحت خارج التغطية بفضل نظام لم يكتف بالمشاركة في تجويع أهلنا في غزة بل كشف موقع عربي بوست مؤخرا عن تنامي غير مسبوق لحركة نقل البضائع والسلع من مصر إلى الكيان المحتل عبر ميناء دمياط وميناء بورسعيد!
كيف لي أن أصف حرب إبادة جماعية لم يرها العالم قط حتى في أعتى عصور التوحش والقتل؟ وهنا لا أدافع عن سفاحي الماضي أو أسعى لوصفهم بأن لديهم قليلا من الإنسانية منعتهم من ارتكاب مثل ما يُرتكب الآن في غزة، ربما عدم تطور آلة القتل في تلك العصور كما هي عليه الآن حالت دون ارتكاب مثلها، ولكن كما نقول في مصر "اللي خلف مامتش"، فسفاحو اليوم من نسل قتلة الماضي، تتبدل العصور وتتعاقب الأزمنة ولكن رايتهم واحدة وغايتهم مجرمة تسعى لها نفوس دائما وأبدا مظلمة!
على الرغم من كل هذه الأهوال بوصول عدد القتلى إلى أكثر من 40 ألف إنسان غالبيتهم من النساء والأطفال وإصابة ما يقرب من 100 ألف وتدمير حوالي ٩٠٠ مسجد و٣ كنائس وأغلب المستشفيات وكافة المؤسسات الحكومية الخدمية وتدمير البنية التحتية ونسف ٧٠ في المئة من المنازل في غزة، لا زالت آلة القتل والتدمير مستمرة وخلفها حفنة من الإرهابيين أمثال وزير مالية الكيان سموتريتش ووزير أمنه بن غفير، ومن على شاكلتهما من الذين لا يتورعون في التشجيع على الإرهاب وتشكيل قطعان المستوطنين الإرهابيين وإطلاق يدهم على الفلسطينيين، ولا يجدون رادعا يجعلهم يترددون ولو للحظة في دعوات متكررة بضرب غزة بالنووي وكأنها لم تُستهدف بما يعادل ٥ أضعاف القنبلة النووية كالتي أطلقتها حليفتهم أمريكا راعية الإرهاب في العالم على هيروشيما! لا يتحدثون إلا عن تجويع من ينجو من القتل والقصف حتى الموت من سكان غزة ثم تهجير من سيتبقى منهم وإعادة احتلال غزة!
وكما لم أجد في وصف القبح كلمات تعبر عن حقارة حثالة الأمم وخيانة القادة الرمم عجزت أيضا عن وصف أهل غزة وما يجوب في خواطرهم وهم في أهوال أمام أعين عالم لا يستوعبها عقل ولا تداوي جراحها أنهار من الكلمات! من يعيد لهم من تمزقت أجسادهم من فلذات الأكباد؟!
وأخيرا أود أن أقول بصوت أصحاب الضمائر والعقول إلى خدم الصهاينة وعلى الشعوب فحول:
غزة يا خلق فيها ناس
وابن الكلاب في ايده فاس
أحد من ناب الديابة
بيحش روس كل الغلابة
والعرب واقفين معاه
ما هي أمة حكماها الـكلاب
ميشفش ناسها غير عذاب
ملهاش نصيب بين الأمم تتهنى يوم ولا ليها باب
شوفتوا الهباب؟! حتى باب الستر نفسه استكتروه كسروه علينا
الضباع تدخل تنقي كام فريسة
ملهاش تمن في وسط هيصـة
وكمان تقطع فــ الجتت
واللي لسه ابن الشهور
طفل أجمل مــــالزهـور
لموه حتت
وهلما جره.. يا أمة عرة دم ناسها فكل حتة
ارخص ف عين الغرب من مزااااج البسكلتة
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات العربية غزة جرائم فلسطين فلسطين غزة العرب جرائم صمت الاحتلال سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد سياسة صحافة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة
إقرأ أيضاً:
وزيرة الشؤون الاجتماعية في سوريا: العمل الجبان الذي استهدف مصلّين داخل بيت من بيوت الله هو اعتداء على جميع السوريين
دمشق-سانا
توجهت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في سوريا السيدة هند قبوات بأحرّ التعازي لعائلات الضحايا الأبرياء، الذين سقطوا في التفجير الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار إلياس في منطقة الدويلعة بدمشق.
وأشارت الوزيرة قبوات إلى أن هذا العمل الجبان الذي استهدف مصلّين داخل بيت من بيوت الله، هو اعتداء على جميع السوريين، لا على طائفة بعينها.
وأكدت أن مثل هذه الجرائم لن تنجح في زعزعة وحدتنا أو ضرب نسيجنا الاجتماعي المتماسك، لافتة إلى أن سوريا ستبقى وطناً لجميع أبنائها، من مختلف المكونات الدينية والاجتماعية، كما كانت دائماً.
وشددت وزيرة الشؤون الاجتماعية على أنه وفي هذه اللحظات العصيبة، نحتاج إلى التمسك بقيمنا المشتركة: المحبة، التعايش، والتسامح.
وزيرة الشؤون الاجتماعية 2025-06-23Hassan Nasrسابق وزير التربية والتعليم السوري يناقش مع وفد من الكنائس مستقبل المدارس المستولى عليها انظر ايضاً الوزيرة قبوات تلتقي أعضاء المنظمات والجمعيات الأهلية والعاملين في مديرية الشؤون الاجتماعية في حمصحمص-سانا أكدت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات أن الوزارة تولي أهمية لتطبيق مبدأ العدالة …
آخر الأخبار 2025-06-23وزيرة الشؤون الاجتماعية في سوريا: العمل الجبان الذي استهدف مصلّين داخل بيت من بيوت الله هو اعتداء على جميع السوريين 2025-06-23وزير التربية والتعليم السوري يناقش مع وفد من الكنائس مستقبل المدارس المستولى عليها 2025-06-23نائب وزير الاقتصاد والصناعة السوري يبحث الواقع الاقتصادي في محافظة حماة 2025-06-23إيطاليا تدين الهجوم الإرهابي على دمشق وتؤكد وقوفها إلى جانب الشعب السوري 2025-06-23صوفان: الاعتداء الآثم على الأبرياء في كنيسة مار إلياس بدمشق محاولة دنيئة للعبث بالسلم الأهلي وأمن البلاد 2025-06-23وزير الإدارة المحلية والبيئة السوري يدين التفجير الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بدمشق 2025-06-23“إعلان إسطنبول” يدعو لاستدامة الدعم السياسي والمالي لسوريا 2025-06-22الرئيس اللبناني يدين بشدة الهجوم الإرهابي في دمشق 2025-06-22بلجيكا تدين الهجوم الإرهابي على كنيسة مار إلياس بدمشق 2025-06-22وزير السياحة السوري يدين التفجير الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار إلياس بدمشق
صور من سورية منوعات “آبل”: الذكاء الاصطناعي يفتقر للتفكير العميق 2025-06-22 اليابان: تطبيق إلكتروني جديد يتنبأ بالسكري 2025-06-22فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |